* كن قدوة حسنة:
أيها الأب العزيز.. إن عين الولد بك معلقة، ونفسه بك مرتبطة، فأنت قدوته وإمامه، وحجته على ما يفعل، فكن قدوة حسنة له في إيمانك بالله وعبادتك له عز وجل،
وكن قدوة في أخلاقك وآدابك وحسن تعاملك، كن قدوة بكل ما تحمله كلمة قدوة من معانٍ،
من خلال سلوكك العملي مع أولادك، إمامك في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم.
* كن عادلاً:
إنك لن تستطيع أن تحكم بين اثنين في قضية عابرة إذا لم تكن عادلاً، فما بالك بمن تشغلك قضيته طوال حياتك؟! إنك لن تستطيع أن تحقق ما ترى إذا شعر الولد أنك تفضل أخاه عليه؛
فهذا هو الجور الذي لا يرضاه الطفل، كما لم يرضه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
* كن له بعض أوقاته:
أيها الأب وأيتها الأم.. لا عذر لكما عند الله، ثم لا حجة لكما عند الطفل بعدم وجود الوقت المخصص للجلوس معه؛ فهذا حقه: 'وأعط كل ذي حق حقه'
, وهذه أمانة المسئولية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}, فيا من تترك ولدك لغيرك يربيه؛ لا تبكِ غدًا على تجنيه؛ فلقد أضعته ولدًا فأضاعك شيخًا.
* كن مسامحًا:
إن كثرة العتاب واللوم على كل صغيرة وكبيرة عما قليل سوف يأتي بنتائج عكسية، فلا ينتصح الولد ولا يقلع،
ثم تسقط بعدها هيبتك ومكانتك عنده، ثم يتركك ولا يسمع منك شيئًا،
وهذا أنس رضي الله عنه يخدم النبي صلى الله عليه وسلم عشرًا فما سمع منه أفًا، وكما قال الشاعر:
إذا كنت في كل الأمور معاتباً .... صديقك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
فما بالك بولدك؟!
* كن ذكيًا:
في استغلال الأوقات المناسبة، والأحداث الجارية؛ لطبع ما تريد من قيم وأخلاق في نفس ولدك، كما لو طرقت على الحديد وهو ساخن،
فما تلقيه في روع الفتى حينئذ ينطبع في قلبه مباشرة، فلا تمحوه الأيام ولا الآلام،
والرسول صلى الله عليه وسلم يردف ابن عباس رضي الله عنهما خلفه على حمار، وهو مسرور لكونه خلف خير الخلق على دابة واحدة, فيعلمه كلمات لا ينساها قلب الفتى،
ولا تنساها الأمة بأسرها من بعده.. 'يا غلام إني أعلمك كلمات؛ احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك،
إذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء فلن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك,
وإن اجتمعوا على أن يضروك فلن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف'.
وكذلك الرسول صلى الله عليه وسلم يدرك الغلام قبل أن تنطبع العادات السيئة في نفسه فيقول في الموقف ذاته الذي يرى فيه السلوك الخاطئ:
'يا غلام سمّ الله تعالى، وكل بيمينك، وكل مما يليك', فلا ينساها الغلام أبدًا فيقول: 'فما زالت تلك طعمتي بعد'.
* كن قصّاصا:
للقصة سحر في النفوس، فهي تجعل الطفل يغوص معها، ويعايش أبطالها، فعليك أيها الأب وأنت أيتها الأم خاصة العناية برواية القصص للأولاد.
والقرآن الكريم ثلثه من قصص الأولين، والسنة النبوية بها الكثير من القصص النبوي الصحيح،
واجعل هذه القصص للتدبر والاعتبار ثم العمل, وليست عند النوم فقط, قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الأَلْبَابِ}.
* كن صبورًا:
في الاستماع لحاجات ولدك ورغباته، واعلم أنك تتحدث مع طفل له حدود وقدرات عقلية محدودة؛ فخاطبه على قدر عقله،
وإمامك صلى الله عليه وسلم يحتمل ويصبر على عائشة وهى متكئة على ظهره تنظر للعب الحبشة،
حتى قالت: حتى أكون أنا الذي أسأمه, ثم تعلّق رضي الله عنها بقولها: فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، الحريصة على اللهو.
* كن صاحبًا:
أيها الأب، أيتها الأم. فليكن كل منكما صاحبًا يكن ساحبًا، فللصحبة أثر عظيم جدًا في نفس الولد، وتجعل قلبه كالصفحة البيضاء: ينطبع عليها كل ما يريده الأب والأم،
وهذه الصحبة ليست منك للولد فقط، ولكن من غيرك أيضًا له؛ فأصدقاء السوء يهدمون ما تبنيه أنت أيها الأب؛ فاشغل وقت ولدك بصحبتك له،
واستيقظ قبل أن يُسرق طفلك وأنت عنه غافل, فصحبتك تدخل السرور على قلبه،
وتجعله يحكي لك كل أموره، وتصبح سريرته لك علانية، فصاحبه وشجعه وامدحه، وأكثر من الثناء عليه؛
فما ترك ابن عمر رضي الله عنهما صلاة القيام بعدما سمع كلمة الحبيب صلى الله عليه وسلم: 'نعم الرجل عبد الله لو كان يصلى من الفجر'.
* كن مراقبًا:
أيها الأب.. لا تلقِ البذرة ثم تتركها وتذهب، وتقول: ها أنا ذا زرعت. ولكن انتظر الحصاد،
فسوف تأتي من خلفك آفات الشر والفساد تأكل محصولك قبل أن تجني ثماره، فكن مراقبًا في أخلاقه - وخاصة خلق الصدق - فالكذب أساس الرذائل،
ولما أراد الرسول أن يحجب الرجل عن كل الشرور قال: 'لا تكذب'. وكن مراقباً له في أصدقائه ورفاقه، كن مراقبًا له في تكوينه الجسدي وخلواته،
كن على حذر أن يكون هناك من يحاول هدم بنائك الذي بنيته في سنين، مع دوام الاستعانة بالله تعالى أول وآخر الأمر.