القراء الكرام ، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركته...
قبل أمس إلتقيت بأحد الذين توظفوا في قطاع وزارة المالية من أبناء بلدة العالية وكان موضوع حديثنا - المحضرة القرءانية وأساليب التربية والتحفيظ - فقال عندما كنت تلميذا في إحدى المحاضر لتحفيظ القرءان الكريم ولما إنتهيت من حفظ الأحرف الهجائية بكامل الحركات قال لي المدرس غدا سوف ننتقل بك الى حفظ سورة الفاتحة إن شاء الله وكنت أخاف كثيرا من المدرس الذي فارقت الإبتسامة وجهه منذ إنتمائه الى سلك مدرسي القرءان الكريم ، جئت في الغد وأحد وجهي لوحتي الخشبية ممحوا بالماء والصيصال - الحجر الطيني - وفكرت لي نفسي في الهروب من المحضرة ، فبدأت أبتعد قليلا قليلا من المدرس وأتقرب من الباب شيئا فشيئا الى أن أصبحت قاب قوسين أو أدني من الشارع وأغتنمت فرصة إنهماك المدرس مع أحد التلاميذ وانطلقت كالسهم نحو الدار فوجت والدي لقد انتهى من وجبة الضحى بعد أن رجع من القنسة - مقلع الحجارة - على أن يعود إليها ثانية لتلبية طلبات المواطنين من إحضارالحجارة الجبسية لتكملة بناء مساكنهم المنجزة أصلا من المواد المحلية مثل الطين والحجارة والجبس ، فقال الوالد مرحبا بولدي لقد حفظت لوحتك وجئت الآن سآخذك معي الى القنسة لتلعب وتمرح وتشاهد الطيور ففرح الولد لذك...وما هي إلا لحظات حتى لحق زبانية المحضرة بأمر من المدرس لإحضار الهارب فتفاجأ الوالد وقال : ما تريد يا لزهر؟ فقال أريد الهارب من المحضرة إبراهيم لقد دخل للدار توا وكنت أقتفي آثار قدميه وهو يجري.....فشعر إبراهيم بالذعر واصفر وجهه حيث عالجه والده بلطة قوية على وههه كادت تمحو كل معالم الشم والإبصار....وسقط مغشيا عليه فدفقت عليه الأم دلو ماء بارد من الحاسي - البئر- فاستفاق وكأنه بعث للحياة من جديد وقال الوالد لإبراهيم تعال معي الى المحضرة ورمى به على ظهر الشاحنة وسار به الى أن وصل وكان أبوه طويلا رحمه الله فأمسك به كالجدي الحديث الولادة من رقبته ورمى به بين التلامييذ على الأرض أمام المدرس الذي هو الآخرأشبعه كفا ولطما ثم قال الوالدي أنا أعرف إبني جيدا لا زال بحاجة الى قهوة الصباح وبدأ معه الشوط الثاني الذي تمثل في الركل والرفس واللطم حتى إزرورقت وجنتاه وقال له : أعدها ثانية إن كنت بطلا...وأخرج من جيبه ورقة نقدية حمراء اللون قيتها 20 دنانير جزائري وكانت لها قيمة أعطاها لمدرس القرءان الكريم وقال له : إن عاود ولدي الكرة ثانية فأعد له السينايو من جديد الى أن يستقيم....قال إبراهيم فمن ذلك الوقت لم تسول لي نفسي الهروب من المحضرة الى أن توفي المدرس رحمه الله ، وكنت أحفظ لوحتي يقظة ومناما حبا متراكبا .....أنظروا يرحمكم الله معاشر القراء ولاحظوا الفرق بين ما كانت عليه أجيال الأمس وأجيال اليوم .
من إعداد لمدون / تيجاني سليمان موهوبي
mouhoubi51blogspot.com