الاستيلاد الانتقاء أو الانتخاب الدقيق للنباتات والحيوانات وغيرها من الكائنات والمزاوجة بينها بغرض تحسين خصائص نسلها.
ورغم أن الشعوب قامت باستيلاد النبات والحيوان لآلاف السنين، إلا أن الاستيلاد لم يصبح علمًا إلا في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي. وقد حدث هذا التغيير عندما تراكمت المعلومات التي حصل عليها العلماء حول الكيفية التي ترث بها الكائنات الحية الصفات المميزة من أبويها. انظر: الوراثة، علم؛ الوراثة.
وينقسم الاستيلاد إلى نوعين: استيلاد انتقائي واستيلاد خلطي. ويشتمل الاستيلاد الانتقائي على تحديد أكثر أفراد النوع الواحد فائدة والسماح لأفضلها لتصبح أمهات للجيل الجديد. وينطوي الاستيلاد الخلطي على المزاوجة بين الأفراد المنتقاة لإنتاج أفضل نسل ممكن. ويطلق على الاستيلاد الخلطي اسم التهجين إذا كانت الأفراد من نوعين أو صنفين مختلفين أو كانت هجينة؛ أي مولدة من نوعين مختلفين أو صنفين مختلفين من نوع واحد. ويستعين الكثير من المولدين بأجهزة الحاسوب لتساعدهم في تحديد أحسن الأفراد لاستيلادها.
أغراض الاستيلاد. يتم الاستيلاد عادة لغرض خاص، مثل إنتاج النبات والحيوان، الذي ينمو بدرجة أسرع، أو الذي يمكنه التكيف في المناخ الذي يعيش فيه. فعلى سبيل المثال، تم استيلاد أنواع مختلفة من القمح خصيصًا، كي تنمو في مناخ استثنائي. وعن طريق الاستيلاد يمكن زيادة حجم الكائن الحي وقوته ومقاومته للأمراض. فقد هجن المولدون في أمريكا الشمالية على سبيل المثال، عنبًا استورد من أوروبا مع العنب الوطني، لإنتاج نوع من العنب يقاوم أمراضًا معينة.
استيلاد النبات. الهدف من استيلاد النبات الحصول علي أطعمة مطورة، ذات جودة عالية، أو ذات ألياف طبيعية. ومعظم النباتات التي يزرعها الناس ويأكلونها، نتاج لاستيلاد وتربية نباتات برية منتقاة. وكل النباتات التي يزرعها الناس تقريبًا تم تطويرها وتنقيتها بالاستيلاد.
وقد نتج أهم تطور في مجال استيلاد النبات من الجمع بين الاستيلاد الانتقائي والتهجين. ولعل الذرة الشامية المهجنة خير مثال للمحصول المنتج بالتهجين المتكرر لنباتات منتقاة. كما أن استخدام الاستيلاد الانتقائي وحده أصبح أكثر نجاحًا بصفة عامة في القمح والشعير والأرز والقطن.
استيلاد الحيوان. تولد الأبقار والخيول والأغنام والكلاب بالاستيلاد الانتقائي لإنتاج صفات متميزة، يرغب فيها المولد نفسه. ويبحث المولدون عن الخيول والكلاب التي تتميز بالسرعة ولها شعر ذو لون خاص، أو شكل معين. وتستولد معظم الأبقار والأغنام من أجل الحصول على الجودة العالية بأقل التكاليف.
ويستغرق إحداث التغييرات عن طريق الاستيلاد وقتًا أطول في الحيوان عنه في النباتات. ويرجع السبب في ذلك إلى أن الحيوانات أكبر عمرًا من النباتات عند توالدها، كما أن نسلها أقل. وبناء عليه، يحاول المولدون في العادة، تحسين خاصية واحدة في حالة الحيوان في كل مرة. فمثلاً يصعب تربية بقرة تتميز بإنتاج ممتاز من اللبن واللحم. وبالتالي يركز أغلب مولدي الأبقار إما على اللبن فقط أو اللحم وحده. ويطلق على سجل أنساب الحيوان الأصيل شجرة النسب (السلالة). ويدفع المولدون في الغالب أسعارًا عالية مقابل شراء الحيوانات ذات الأصل الأفضل، خاصة إذا تميز الحيوان بالصفات والمميزات التي يبحثون عنها. ويرغب المولدون الحيوانات التي تتمتع بأصول جيدة، لأنها ستلد حيوانات جيدة.
ويستخدم كثير من المولدين التلقيح الاصطناعي من أجل تحسين جودة السلالة. ويتولى المولدون جمع المني (السائل المحتوي على النطاف) من ذكر جيد الخصائص ثم يضعونه في الأعضاء التناسلية لأنثى. ويمكن تجميد المني وتخزينه لاستخدامه مستقبلاً، أو نقله لاستخدامه في مكان آخر. ويستخدم التلقيح الاصطناعي على نطاق واسع لاستيلاد الأبقار والدواجن، وإلى مدى محدود بالنسبة للحيوانات الأخرى. وتسمح هذه الطريقة لأفضل الذكور أن ينتج مزيدًا من النسل، أكثر من إنتاجها عن طريق التزاوج الطبيعي.
كذلك طور المولدون طريقة زيادة عدد الصغار من أنثى من أصول جيدة المستوى. وتشتمل هذه العملية التي تسمى نقل الجنين، نقل بيضة مخصبة من أنثى ذات جودة عالية إلى أخرى بصحة جيدة ولكنها قليلة القيمة. وتعطى الأنثى ذات الأصل الطيب عقارًا مخصبًَا كي تنتج عددًا من البيض أكثر من المعدّل الطبيعي. وتحمل الإناث قليلة القيمة الأجنة المخصبة أثناء فترة التطور قبل الولادة، ثم تتم عملية الولادة.
وبالرغم من أن نقل الجنين يسمح للأنثى ذات الأصل الطيب، بالحصول على عدد من الأنسال كل عام، إلا أنها عملية كثيرة التعقيد، ومكلفة أكثر من التلقيح الاصطناعي.