كلاسيكيات وديربيات كروية تبدأ بصافرة وتنتهي بحرب
السلام عليكم.......الموضوع طويل شوي...اطلب منك رحابة صدر ...ومتابعة كاملة للموضوع و بروية
**********************************************************
ما لا شك فيه أن مباريات الديربي أو الكلاسيكو تكتسي طابعا خاصا بها، وهذه الخصوصية نابعة في الغالب من عوامل غير رياضية بالمرة، فالحساسية الموجودة في أشهر ديربيات وكلاسيكو كرة القدم، نابعة في الغالب من أمور سياسية، أو طائفية، أو حتى اجتماعية
فهناك ديربيات تقوم على صراع سياسي، وأخرى صراع ديني، في حين يغلب على أعتى الديربيات وأشهرها الصراع الاجتماعي الطبقي، بين طبقات الأثرياء، والطبقات البسيطة، ويبقى أغرب ما في الديربيات، تلك التي بدأت بصافرة حكم، وانتهت بإعلان حرب .
سباق الأحصنة الذي أصبح رمزا لتنافس الجيران
يرجع أصل تسمية ديربي، إلى مدينة ديربي الانجليزية، أين كان يتواجد تاجران ثريان يقيمان سباقات للجياد للتنافس بينهما، وشيئا فشيئا، أصبحت كلمة ديربي كناية عن تنافس بين فريقين من مدينة واحدة، إلى أن أصبحت لفظا مرادفا لمباراة كرة القدم التي تجمع فريقين من منطقة واحدة، سواء ناديين من مدينة واحدة، أو منتخبين من نفس القارة أو الجهة، في حين أن الكلاسيكو يكون برسم المباريات التي تجمع فريقين اكتست مبارياتهما البينية طابعا خاصا ومميزا مع مرور الزمن، سواء لقوتهما أو تنافسهما أو حتى لأسباب سياسية .
كلاسيكو اسبانيا بين المتمردين ونظام الجنرال، الأشهر عالميا
يبقى الكلاسيكو الاسباني على قمة مباريات الكلاسيكو عالميا، لما يجمع قطبي الكرة الاسبانية برشلونة وريال مدريد من تنافس رياضي في الظاهر، في حين أن ما خفي كان أعظم، فالأصل في خصوصية هذه المواجهة ليست رياضية تماما، وإنما هي مزيج من الصراع السياسي والثقافي بين إقليم كاتالونيا الذي كان في وقت ما يطالب بالانفصال عن اسبانيا ممثلا بفريق برشلونة، ونظام الدكتاتور فرانكو ممثلا بفريق العاصمة الفريق الملكي ريال مدريد، فخلال عهد فرانكو الذي امتد بين بداية الحرب العالمية الثانية ومنتصف السبعينات، كان سكان إقليم كاتالونيا ممنوعون من التحدث بلغتهم المحلية، كما كانوا محرومين من ممارسة خصوصياتهم الثقافية، وكان الملعب متنفسهم الوحيد للتعبير عما يختلج في نفوسهم من شعور بالاضطهاد، فكانت مباريات فريقهم الأول برشلونة ضد فريق ريال مدريد الذي يمثل الدولة الاسبانية، والذي عرف عن الجنرال فرانكو عشقه له، فرصة للتعبير عن خصوصياتهم، وكانت أهمية الفوز عندهم، في كونه فوزا أمام فريق الجنرال فرانكو، وليس فريق ريال مدريد فقط، والأمر نفسه استمر إلى اليوم، في ضل غياب الجنرال، ودخول اسبانيا إلى نادي الديمقراطيات ولو أنه تراجع نسبيا .
واسبانيول الوطنيين ضد برشلونة الانفصاليين
وإذا كان أنصار فريق برشلونة معروفون تاريخيا بانتمائهم إلى المعسكر الانفصالي، فان الجيران اسبانيول برشلونة على العكس تماما، والتسمية توضح ذلك، فديربي برشلونة هو الآخر لا يقل سياسة عن الكلاسيكو الاسباني، فكما هو معروف أنصار فريق برشلونة ينتمون إلى المعسكر الذي كان في وقت ما يطالب باستقلال مقاطعة كاتالونيا عن الدولة الاسبانية، في حين الجار اسبانيول برشلونة هو فريق يميل أكثر إلى التمسك بالوحدة مع اسبانيا، وبالطبع لقاء ديربي الفريقين كان سياسيا أكثر منه رياضيا، بين المعسكر الكتالوني والمعسكر الوطني الاسباني، غير أن الطابع السياسي لهذا الديربي تراجع في المواسم الأخيرة، وأصبح رياضيا أكثر، خصوصا بعد تراجع المد الانفصالي داخل الإقليم الشرقي لاسبانيا .
ديربي الباسك سياسة وسياسة وأخيرا كرة قدم
ديربي الشمال الاسباني، أو ديربي إقليم الباسك المطالب بالاستقلال عن اسبانيا، ديربي سياسي بكل المقاييس، فاللقاء الذي يجمع فريقي مدينتي بلباو وسان سيباستيان أتلتيكو بيلباو وريال سوسيداد، يجري في أجواء ودية تضامنية كبيرة بين أنصار الفريقين اللذان تجمعهما الرغبة في الاستقلال عن اسبانيا وتكوين دولة باسكية مستقلة، وما يمكننا ملاحظته خلال هذا الديربي هو تواجد العلم الباسكي الأحمر المخطط بالأخضر والأبيض بشكل لافت، في تعبير من الباسكيين عن رغبتهم في تشكيل كيان مستقل، من خصوصيات الديربي الباسكي، هو عدم لعب أي لاعب أجنبي أو اسباني في فريق أتلتيكو بيلباو الذي يقتصر اللعب فيه على اللاعبين الباسكيين فقط، وهي القاعدة التي تخلى عنها ريال سوسيداد، الذي يضم في صفوفه عددا كبيرا من اللاعبين الأجانب والاسبان، إلى جانب الباسكيين .
الديربي الأقدم عالميا، قصة صراع ديني
ديربي مدينة غلاسكو عاصمة اسكتلندا، أحد أقدم ديربيات كرة القدم، حيث يرجع تاريخه إلى سنة 1888، الأصل في خصوصية هذا الديربي مستمدة من الخصوصية الدينية لبريطانيا بصفة عامة، والتي ميزها صراع ديني بين الطائفتين المسيحيتين الكاثوليكية والبروتستانتية، ففريق غلاسكو رينجرز يمثل الجالية البروتستانتية الموالية للتاج البريطاني، في حين يمثل فريق سلتيك الطائفة الكاثوليكية التي تميل أكثر إلى ايرلندا، تنافس الفريقين وبعدما برزت خفاياه الدينية بشكل واضح، أصبح فصلا من فصول الصراع الاتني في المملكة المتحدة، والذي قد تجد فيه كل شيء إلا الرياضة، حيث أن الحساسية بين جماهير الفريقين تبلغ درجات خطيرة جدا، مما جعل الأمر يخرج من بين أيدي اتحاد كرة القدم الاسكتلندي، ومن أمثلة ذلك، حادثة وقعت سنة 2006، حين قام الحارس البولوني لفريق سلتيك أرتير بوريك بالقيام بحركة التثليث المسيحية الكاثوليكية أمام مدرجات مناصري الرينجرز، ووصل الأمر حينها إلى العدالة التي أنذرت الحارس البولوني بتهمة استفزاز المشاعر الدينية للبروتستانت .
أرسنال وتوتنهام، ديربي الظلام
من أهم فرق مدينة لندن، أرسنال، توتنهام، تشيلزي، فولهام، وويستهام، قد يتبادر لذهن الكثيرين أن الديربي الأسخن هو ذلك الذي يجمع تشيلزي بالأرسنال، غير أن الواقع غير ذلك، فديربي لندن الأول هو تلك الحرب الكروية التي بدأت ودية سنة 1887 بين توتنهام وأرسنال، في مباراة انتهت قبل وقتها بعدما عم الظلام الملعب وكان توتنهام متفوقا بهدفين لواحد، وحينذاك لم تكن العلاقة بين الفريقين تتعدى حدود الرياضة، إلى غاية سنة 1913، حينما انتقل الأرسنال إلى ملعبه الشهير الهايبري والذي كان قريبا جدا من معاقل السبيرز وهي تسمية فريق توتنهام، مما أثار غيض توتنهام وأشعل فتيل الحرب الكروية بين فريقي شمال لندن، حرب كانت أشرس معاركها سنة 1919 مباشرة بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، حينما قرر الاتحاد الانجليزي لكرة القدم، رفع أندية القسم الأول من 18 إلى 20 فريقا، فبعدما ضمن الجار الآخر لهما تشيلزي مقعدا باحتلاله المرتبة 19 في البطولة، وضع المقعد الثاني للتصويت، بين فريقي بارنسلي وتوتنهام صاحب المرتبة الثالثة في القسم الثاني، غير أن صاحب المرتبة السادسة في نفس القسم الأرسنال، ترشح وفاز بالمقعد الذي كان قاب قوسين أو أقرب من السبيرز، مما جعل أنصار هذا الأخير يتهمون رئيس المدفعجية برشو أعضاء الاتحاد الانجليزي لأجل حجز المقعد المؤهل للقسم الأول، بعدها استمرت الحرب الكروية بين الفريقين وأنصارهما، وكان الاتحاد الانجليزي يضطر في كل مرة إلى إقامة مبارياتهما دون حضور الجمهور، وأغرب ما في أمر هذا الديربي، وأكثر ما زاد من احتكاك جماهيرهما، أن الفريقين لعبا منذ الخمسينات في نفس القسم، فلم يسقط الأول إلا ولحقه الثاني، ونفس الأمر في الصعود، باستثناء موسم 1977-1978 الذي لعباه في قسمين منفصلين عن بعضيهما .
مانشستر يونايتد، ومانشستر سيتي، صراع الألوان وساعة العار
الصراع بين فريقي مدينة مانشستر، مانشستر يونايتد ومانشستر سيتي له طابع خاص، يرجع إلى بداية القرن الماضي، وينتظر أن يتطور أكثر هذا الموسم بعدما أصبح فريق مانشستر سيتي أحد المنافسين لجاره مانشستر يونايتد على لقب البطولة الانجليزية، تاريخيا بدأ الصراع بين الفريقين بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، بعدما استمروا أكثر من نصف قرن في علاقات ودية نوعا ما، وبلغت ذروة الصراع سنوات السبعينات، حينما بدأ مانشستر سيتي في التراجع، مقابل صعود أسهم جاره اليونايتد، وكانت المباراة المسماة بمباراة "دنيس لاو" بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، فدنيس لاو كان لاعبا في مانشستر يونايتد، وقضى 11 موسما كاملا مع الشياطين الحمر، وأراد اختتام مسيرته الكروية مع الجار مانشستر سيتي، وفي ختام الموسم الذي لعبه لاو مع الستيزن، التقى الفريقين في المباراة الختامية، حيث كان الشياطين الحمر ملزمين بالفوز لتفادي الهبوط إلى القسم الثاني، وفي الدقيقة الثمانيين من المباراة، تلقى دنيس لاو الكرة أمام مرمى فريقه السابق مانشستر يونايتد، وبحركة رياضية جميلة، قذفها بكعبه مسجلا هدفا جميلا جدا، ووسط فرحة زملاءه، كان مسجل الهدف دنيس لاو مصدوما، بعدما أدرك أنه دفع فريقه الذي لعب له 11 موسما إلى القسم الثاني، وعقب المباراة صرح لاو بأنه سجل هدفا لم يكن يريد أن يسجله، وأن تلك المباراة كانت الأسوأ له طيلة مشواره الكروي، ولم يعد بعدها للعب في البطولة الانجليزية، بعدها صام مانشستر سيتي عن التتويج باللقب البطولة الانجليزية منذ سنة 1969 والى يومنا هذا، وفي رد فعل استفزازي من أنصار الجار مانشستر يونايتد، قام هؤلاء بوضع ساعة في ملعبهم الشهير الأولد ترافورد، يبدأ التقويم فيها من آخر لقب ناله الستيزن، أما الموسم الماضي فقد كان انتقال الأرجنتيني كارلوس تيفيز من مانشستر يونايتد إلى الجار مانشستر سيتي حلقة جديدة من الصراع، حيث لم يتقبل الشياطين الحمر الطريقة التي خطف بها جيرانهم لاعبهم المهم جدا في الفريق، ففي الوقت الذي استقبل فيه أنصار مانشستر سيتي لاعبهم الجديد بنصب لوحات كبيرة بشوارع مدينة مانشستر تحمل ألوان فريقهم الأزرق السماوي، كان رد فعل أنصار مانشستر يونايتد بتلطيخ تلك اللوحات بألوان فريقهم الحمراء، في حين حرب التصريحات تبقى قائمة بين مدربي ولاعبي الفريقين حتى يومنا هذا .
ليفربول وايفرتون، ديربي العائلة الواحدة
مدينة ليفربول معروفة بنادييها العريقين، ليفربول وايفرتون واللذان يشتهر الديربي الذي يجمعهما بتسمية الميرسي سايد، ديربي ليفربول يختلف بشكل لافت جدا عن باقي الديربيات، ففي الوقت الذي يسري العنف والكره في معظم الديربيات كقاعدة عامة، يتميز ديربي الميرسي سايد بالود والتنافس الرياضي، وما زاد في ودية هذا الديربي، هو انتماء أنصار الفريقين إلى نفس العائلات، إذ لا يكاد بيت يخلو من أنصار الفريقين في مدينة ليفربول، فتجد في نفس العائلة ذوي القميص الأحمر مثلما قد تجد ذوي القميص الأزرق، ورغم حالة الود بين الفريقين، إلا أن التاريخ يشهد بمرور علاقتهما بتوتر خفيف سنوات الخمسينات، حينما تمت تسمية فريق ايفرتون بالفريق الكاثوليكي نسبة إلى ديانة مدربه ومعظم لاعبيه حينها، في حين لقب ليفربول بالفريق البروتستانتي، ومع ذلك فان حدة التنافر آنذاك لم تبلغ ذلك الحد الذي يميز علاقة فريقي مدينة غلاسكو، الرينجرز والسيلتيك، ويبقى تاريخ حادثة هيزل الشهيرة ببلجيكا، والتي توفي فيها عدد من مناصري ليفربول، إحدى أهم لحظات الوئام بين الجارين، حينما وقف أنصار ايفرتون إلى جانب جيرانهم في تأبين الضحايا بحديقة ستانلي التي تفصل معاقل الليفر عن ايفرتون .
ديربي ميلانو، الشيطان في مواجهة الثعبان
إذا كان الكلاسيكو الاسباني الكلاسيكو الأول عالميا، فان ما لا شك فيه، هو أن الديربي الأشهر عالميا هو ديربي مدينة ميلانو الايطالية، بين فريقي ميلانو والانتير، تأسس فريق ميلانو سنة 1899 على يد مجموعة من المهاجرين الانجليز، وخلال الفترة التي تلت ظهور هذا النادي، برز تيار داخله يطالب بجعله حكرا على اللاعبين الايطاليين فقط، مما أحدث شرخا داخل الفريق، فأسس بعض منتسبيه فريقا خاصا بهم أطلقوا عليه تسمية أنترناسيونالي ميلانو وكان ذلك سنة 1908، لتبدأ قصة صراع كروي وأكثر بين الفريقين، زاد من حدتها الصراع الاجتماعي، حيث يمثل ميلان الطبقة العاملة، في حين يمثل الانتير طبقة الأثرياء، ومع ذلك فقد جنت مدينة ميلانو نتائج ايجابية من هذا الصراع، الذي تعدى الحدود الايطالية، ووصل إلى العالمية، حيث تعتبر مدينة ميلانو المدينة الوحيدة في العالم، التي أحرز فريقين منها كأس الانتركونتينونتال، ويبقى ملعب جوزيبي ميازا أو السانسيرو كما يحلو للبعض تسميته مسرحا للمتعة الكروية التي يمثلها قطبا ميلانو، الانتير الذي يتخذ أنصاره صورة الثعبان رمزا لهم وميلان الذي يرمز له بالشيطان .
صراع اليمين واليسار، والزكارة على الطريقة الجزائرية
إذا كان ديربي ميلانو قويا، فان ما يميز ديربي العاصمة الايطالية روما يبقى أشرس مما يتوقعه العقل، فالعلاقة التي تجمع بين أنصار روما وجيرانهم أنصار لازيو، أقرب للعداء منه للتنافس، فببداية القرن الماضي، كان فريق لازيو الفريق الأقوى في روما، قبل أن تتحد ثلاث أندية سنة 1927 هي فوتودو – رومان وألبا، مكونة فريق روما حاليا، وحينها أصبح الفريق الوليد منافسا شرسا للازيو، وبالطبع كانت الظروف السياسية والاجتماعية سببا آخر للتنافس بين أنصار الفريقين، فأنصار لازيو المنتمين إلى الطبقات المتوسطة والثرية في معظمهم، يميلون إلى اليمين، في حين أن غالبية أنصار روما يساريون من الطبقات الاجتماعية البسيطة، ومن بين أطرف الأحداث التي شهدتها العلاقة بين الفريقين، ما حدث برسم موسم 1972-1973 حينما تعمد فريق روما الهزيمة أمام جوفنتوس، حتى يحرم جاره لازيو من التتويج بلقب الكالشيو، الذين كان حينها أقرب للفريق الأزرق، لو لم يتعمد روما الخسارة أمام جوفنتوس الذي أحرز حينها اللقب، أما على صعيد الأنصار، فقد كانت مشاهد العنف الحلقة الأضعف في إثارة هذا الديربي، حيث بلغ التنافر بينهما درجات مؤسفة، تجلت أكثر سنة 2004، حينما اضطر الحكم إلى إيقاف مباراة الديربي الرومي في بداية الشوط الثاني، بعدما تراشق أنصار الفريقين بالألعاب النارية، قبل أن تندلع مواجهات أكبر خارج الملعب، تسببت في خسائر مادية باهظة، وبالطبع لم تخلوا من الاعتقالات والمحاكمات للمشاغبين .
سباق بين جوفنتوس وتورينو على متن سيارات فيات
يعتبر فريقا تورينو وجوفنتوس، الفريقين الرئيسيان لمدينة تورينو، ورغم تراجع الفريق الأول في العقود الأخيرة، إلا أن مباريات الجارين بقيت على عهدها مع الحماس والإثارة، ومرة أخرى تدخلت الظروف الاجتماعية في إعطاء البعد الحماسي لهذا الديربي، فمدينة تورينو تعتبر المقر الرئيسي لشركة فيات لصناعة السيارات، مما دفع مئات آلاف الايطاليين للهجرة من مختلف المدن الايطالية نحو تورينو، للحصول على فرصة عمل في المصانع الضخمة لشركة فيات، ومع مرور الوقت بدا جليا تشجيع الغالبية العظمى من سكان تورينو الأصليين لفريق تورينو، في حين كانت النسبة الأكبر من مشجعي جوفنتوس من العمال المهاجرين القادمين من جنوب ايطاليا، ورغم الأزمات التي مر بها الفريقين في السنوات الأخيرة، يبقى ديربي مدينة تورينو، أحد أقوى وأفضل ديربيات ايطاليا، نظرا لتعصب أنصار الفريقين بشكل جلي ومتميز .
فريقين من مدينة واحدة، وقارتين مختلفتين
مضيق البوسفور الذي يقسم مدينة اسطنبول إلى جزء آسيوي وجزء أوروبي، يقسم فريقي المدينة الرئيسيين أيضا إلى فريق يقع في الجزء الشرقي الآسيوي وفريق يتركز في الجزء الغربي الأوروبي، فريق غلطة سراي، أسس سنة 1905 من طرف طلبة معهد سراي، وتمركز على الضفة الأوروبية من المضيق، وعلى الضفة المقابلة وبعد مرور سنتين، وبالضبط في سنة 1907 تأسس فريق فينربخشة، وكأغلبية الديربيات العالمية المعروفة، تدخلت ظروف غير رياضية البتة، في تسخين الديربي التركي، حيث كان الاختلاف الاجتماعي بين أنصار فنربخشة المنتمين إلى الطبقة العامة، وأنصار غلطة سراي المنتمين إلى طبقة الأثرياء ورجال المال والأعمال، دور كبير في تأجيج الصراع بين قطبي عاصمة الإمبراطورية العثمانية، ولازال وضع الفريقين هكذا إلى غاية يومنا هذا، ولو أنه دخلت ظروف مستجدة غيرت من وضعية الفريقين، ففنربخشة لم يعد فريق الفقراء فقط، بل تغلغل حتى في الأحياء الراقية .
جبور ليس الخائن الأول في كرة القدم بعاصمة الإغريق .
الديربي اليوناني الأشهر يجمع فريقي العاصمة أثينا باناتينايكوس وأولمبياكوس، مشهد آخر من الصراع الاجتماعي بين مختلف طبقات المجتمع، ففريق باناتينايكوس كان في الماضي الفريق الأقرب إلى الطبقات الاجتماعية المحرومة، في حين كانت الطبقات الميسورة أكثر ميلا لأولمبياكوس، غير أن الواقع قد تغير، بحيث جعلت الظروف السياسية والاقتصادية اليونانية، من الفريقين حاليا في مرتبة واحدة، حيث دفعت شهرتهما وجماهيريتهما الطبقة السياسية والاقتصادية اليونانية للتنافس على استماتتهما، وبالتالي ضمان قدر أكبر من الشعبية، تتناسب وشعبية الأولمبياكوس والباناتينايكوس، ولا تتوقف ديربيات أثينا عند هذا الحد، بل يوجد فريق ثالث هو أيك أثينا الذي كان يلعب له الدولي الجزائري رفيق جبور بداية هذا الموسم والموسم الذي سبقه، والذي يجمعه ديربيان بجاريه، خصوصية ديربي الآيك والأولمبياكوس، برزت بشكل كبير منذ سنة 1996، حينما غادر المدرب بوسان بايفيتش فريق آيك بعدما صنع منه فريق الأحلام، والتحق بالجار أولمبياكوس لتدريبه، ومن هنا انقلب عشق أنصار الآيك للمدرب بايفيتش إلى حقد كبير وتهم بالخيانة، وهذا ما أجج علاقة أنصار الفريقين الأتينيين، فريق الآيك الذي يتركز وسط العاصمة، يسود علاقة أنصاره بنظرائهم من باناتينايكوس نوع من الهدوء، غير أن الأكيد هو اشتراكهم في كره أنصار أولمبياكوس بشكل كبير .
كلاسيكو فرنسا الأول، لا يكتمل إلا بحضور العلم الجزائري
كلاسيكو فرنسا الأول هو ذلك الذي يجمع فريق العاصمة باريس سانت جيرمان، في مواجهة فريق عاصمة الجنوب الفرنسي أولمبيك مرسيليا، في مواجهة تبقى تاريخيا مليئة بالأحداث المثيرة، فمثلا الهدف الذي سجله فرانك سوزي في الدقيقة الأخيرة من مواجهة الفريقين سنة 1989 كان كفيلا بمنح لقب البطولة الفرنسية لفريق الولاية الجزائرية رقم 49 كما يحلو للبعض تسمية مرسيليا، كما أن لقاءاتهما كانت محل للعديد من الأرقام القياسية، فنهائي كأس فرنسا سنة 2006 التي جمعت الفريقين وأحرزها الفريق الباريسي شوهدت من قبل 2.6 مليون شخص وهو رقم قياسي فرنسي، كما أن المباراة التي فاز فيها باريس سانت جيرمان الموسم الماضي في مارسيليا بأربعة أهداف لهدفين تابعها 2.45 مليون مشاهد، ترجع أسباب التنافس الكبير بين الفريقين، إلى بداية التسعينات، حينما قامت قناة كنال+ بالاستحواذ على الفريق الباريسي وقامت بضخ الأموال في تطوير الفريق، مما جعله منافسا خطيرا لفريق الرئيس بيرنارد تابي رئيس مرسيليا آنذاك، ومن أطرف الحوادث التي حصلت برسم نهائي الكأس الذي جمع الفريقين سنة 2006، ما قام به أنصار فريق أولمبيك مارسيليا وغالبيتهم من أبناء المهاجرين الجزائريين، حينما قاموا بتعليق الأعلام الجزائرية في الملعب، كرسالة استفزازية للرئيس شيراك حينها وأنصار فريق باريس سانت جيرمان المعروفون بمولاتهم للحكومة الفرنسية، عكس أنصار مارسيليا الذين تبقى نسبة هامة جدا منهم أبناء مهاجرين ناقمين على الحكومة الفرنسية .
ديربي الفقراء والأغنياء، قليل من الرياضة، وكثير من العنف
ديربي مدينة بيونس أيرس عاصمة الأرجنتين، يبقى الديربي الأشهر في أمريكا الجنوبية، حيث أنه يملك سجلا أسودا في أعمال العنف المتبادل بين أنصار فريقي ريفر بلايت وبوكا جونيورز، اللذان تفصل بين معاقلهما 7 كيلومترات فقط، ديربي بيونس أيرس وكغيره من الديربيات، استمد خصوصيته من ظروف بعيدة تماما عن الرياضة، فالفريقان اللذان تأسسا في حي واحد، هو حي لابوكا الفقير، برز الصراع بينهما، بشكل جلي بداية من سنة 1930، حينما انتقل فريق ريفر بلايت إلى معقل جديد، تمثل في حي نونيز الراقي، مما أشعل فتيل الصراع الاجتماعي، بين فريق الفقراء بوكا جونيورز، وفريق الطبقة العليا ريفر بلايت، لقاء فريقي بيونس أيرس العريقين سجل صفحات سوداء في تاريخ كرة القدم، حيث أصبح هذا الديربي مرادفا للشغب والعنف وحتى الموت، فالتاريخ لن ينسى أبدا ما حدث بين أنصار الفريقين سنة 1968، حينما بلغ التنافر بين أنصار الفريقين حدا مأساويا، حينما تبادلا التراشق بالألعاب النارية، مما خلف 74 قتيلا، وحوالي 500 جريحا .
العنصرية نقطة انطلاق الديربي البرازيلي الأشهر
يعتبر فريقا فلامينغو وفاسكو دا غاما، الفريقين الأكثر شعبية في مدينة ريو ديجانيرو البرازيلية، حيث يمتلكان ملايين الأنصار عبر مختلف أرجاء بلاد الصامبا، لعب فريق فاسكو دا غاما لأول مرة في بطولة القسم الأول لبطولة ناحية ريو دي جانيرو سنة 1923، وكان حينها الفريق الوحيد الذي يلعب في صفوفه لاعبون ذوي بشرة سمراء، وهو الأمر الذي أثار حفيظة أندية الطبقات الغنية في المدينة ممثلة في أندية، فلامينغو، فلومينينزي، وبوتافوغو، وكان اللقاء الأول الذي فاز فيه فاسكو دا غاما أمام جاره الغني فلامينغو، نقطة بداية التنافس التاريخي بين الفريقين اللذان يعتبران من بين أقوى الفرق اللاتينية والبرازيلية، وبالطبع سبب التنافس في هذا اللقاء، كان لكون فريق فاسكو فريقا يضم لاعبين سمرا، في بلد كان حينها غارقا في العنصرية .
والخونة يشعلون ديربي ساو باولو
ونبقى دائما في البرازيل، حيث يبرز ديربي مدينة ساو باولو بين فريقي بالميراس وكورنتيانس كأحد أقوى ديربيات أمريكا الجنوبية، وترجع حساسية هذا الديربي إلى سنة 1914، وهو تاريخ تأسيس فريق بالميراس، فهذه السنة شهدت قيام فريقي تورينو وفيريتشيلي الايطاليين بزيارة إلى مدينة ساو باولو البرازيلية، وحينها قررت مجموعة من المهاجرين الايطاليين المقيمين في ساو باولو والمنتمين إلى فريق كورنتيانز البرازيلي، تأسيس فريق رياضي يعنى بممارسة كرة القدم وكرة السلة، وبالفعل أسس فريق بالميراس تحت اسم الجمعية الرياضية الايطالية، واتخذ ألوان العلم الايطالي الأخضر، الأحمر والأبيض ألوانه الرسمية، حيث ثارت ثائرة أنصار كورنتيانس وأطلقوا تسمية الخونة على الفريق الجديد، ومن هنا انطلقت الحساسية والتنافس الكبير بين قطبي مدينة ساو باولو .
مباراة من 90 دقيقة، تنتهي بحرب أربعة أيام، 100 ساعة، و6000 قتيل
ويبقى التاريخ شاهدا على أحداث غريبة ومؤسفة، تسببت فيها كرة القدم، أو بالأحرى سذاجة بعض الأنصار، ومنهم النظام العسكري الذي حكم هندوراس نهاية الستينات، فبعدما تمكنت السلفادور من إقصاء جارتها الهندوراس سنة 1969 من تصفيات مونديال المكسيك 1970، لم يتمالك نظام العسكر في هندوراس نفسه، وخضع لعفوية الجماهير، وأعلن حربا حقيقية على الجارة السلفادور، حرب استعمل فيها كل ما أمكن من أسلحة ثقيلة، من المدافع إلى الطائرات، ولو أن هذه الحرب استمرت فترة قصيرة، إلا أن دوافعها كانت مؤسفة لحد كبير، لتكون فاتورة مباراة كروية من 90 دقيقة، حربا من أربعة أيام، 100 ساعة، مخلفة حوالي 6000 آلاف قتيل من الجانبين .
صافرة حكم تتسبب في 300 قتيل
ومن الذكريات السوداء التي عرفها تاريخ ديربيات أمريكا الجنوبية، ما حدث سنة 1964 برسم نهائي كأس ليبرتادوراس، في اللقاء الذي جمع المنتخب المضيف بيرو بضيفه الأرجنتيني، وبحضور حوالي 45 ألف متفرج، تقدم منتخب التانغو الأرجنتيني بهدف وحيد طيلة أطوار المباراة، وقبل النهاية بدقيقتين، تمكن المنتخب المضيف بيرو، من تعديل النتيجة بهدف رأى الحكم أنه سجل من وضعية تسلل فألغاه، وكان ذلك بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس، فأنصار المنتخب البيروفي الذين كانوا على أعصابهم، لم يهضموا قرار الحكم بإلغاء هدف منتخبهم، فتدافعوا نحو أرضية الميدان فرادا وجماعات واعتدوا على الحكم بالضرب، واختلط الحابل بالنابل فوق الميدان، وعلى المدرجات، بل وامتدت أعمال الشغب خارج الملعب، مما أدى إلى تدخل قوات مكافحة الشغب لإخماد الثورة التي أحدثتها الجماهير البيروفية، ولكن وللأسف الشديد، الحصيلة كانت ثقيلة جدا وبلغت حوالي 300 قتيل .
تصنيف للديربيات الأعنف في العالم
خصوصية مباريات الديربي جعلتها في الغالب تتميز بالعنف المبالغ فيه، وكثيرة هي الديربيات التي تنتهي في معظم الأحيان بأعمال شغب، وما حدث في بيرو سنة 1968، أو الأرجنتين سنة 1964، دليل على الطابع العنيف لبعض الديربيات، وهذا ما دفع قناة سي أن أن الأمريكية الشهيرة، لإصدار تصنيف لأعنف الديربيات في العالم، وتقدم ديربي مدينة غلاسكو بين السلتيك والرينجرز هذا التصنيف كأعنف ديربي في العالم، بسبب ما يصاحبه من تنافر طائفي بين أنصار الفريقين، في حين جاء ديربي روما بين لا روما ولازيو ثانيا، متبوعا بديربي بيونس أيرس، في حين جاء ديربي القاهرة بين الزمالك والأهلي رابعا، متبوعا بديربي اسطنبول بين فنربخشة وغلطة سراي، ثم ديربي أتينا بين باناتينايكوس وأولمبياكوس سادسا، وديربي بلغراد بين بارتيزان والنجم الأحمر سابعا، وديربي الدار البيضاء بين الرجاء والوداد ثامنا، أما المركز التاسع فاحتله ديربي البرازيل بين بالميراس وكورنتيانس، وآلت المرتبة العاشرة كعاشر أعنف ديربي، لديربي الأورغواي، بين ناسيونال مونتيفيديو، وبينارول، ولحسن الحظ لم يصنف أي من الديربيات الجزائرية ضمن هذا التصنيف .