إدارة الوقت
تعريف الوقت وتحديد مفهومه :
لا تعمل الإدارة من فراغ، بل تمارس عملها في إطار محدد، وتعتمد على عناصر محددة من أجل القيام بهذا العمل ومنها الوقت الذي "يعدّ أكثر المفاهيم صلابة ومرونة في الوقت نفسه، حيث يعيش الأفراد في مجتمع واحد، وكل فرد يستخدم عبارات تختلف عن الآخر عندما تتحدد علاقته بالوقت". إن اختلاف الرؤية للوقت تحدد أسلوب التعامل معه، وهي المسئولة عن بعض الأنماط السلوكية للناس تجاه الوقت.
إن الاستخدام السليم للوقت يبين عادةً الفرق بين الإنجاز والإخفاق، فمن بين الأربع والعشرين ساعة يومياً يوجد عدد محدد منها للقيام بالأعمال، وهكذا فإن المشكلة ليست في الوقت نفسه، وإنما ماذا نفعل بهذه الكمية المحدودة منه؟ إن الاستفادة من كل دقيقة شيء مهم، لإنجاز الأعمال بأسلوب اقتصادي وفي الوقت الصحيح، فالوقت يسير دائماً بسرعة محددة وثابتة، ومن ثمّ ينبغي للفرد أن يحافظ على الوقت المخصص له. فكمية الوقت ليست مهمة بقدر أهمية كيفية إدارة الوقت المتاح لنا، وبالإدارة الفعَّالة يمكن الوصول إلى استخدام أفضل للوقت، والقدرة على الإنجاز الكثير في كمية الوقت نفسها.
"إن الذين ينظرون إلى الوقت بعين الاهتمام هم الذين يحققون إنجازات كثيرة في حياتهم الشخصية والمهنية، وهم الذين يعلمون أن الوقت قليل لتحقيق كل ما يريدون. وعلى الع** من ذلك فإن المرء الذي لا يهتم كثيراً بالإنجازات ينظر إلى الوقت على أنه ذو قيمة قليلة".
وتبقى مشكلة الوقت مرتبطة دائماً بوجود الإنسان، إذ يختلف مفهومها طبقاً لاختلاف الدوافع والاحتياجات وطبيعة المهام والأعمال المطلوبة، وتؤثر الثقافات والتقاليد والعادات أيضاً بصورة مباشرة أو غير مباشرة على تحديد شكل العلاقة بين الإنسان والوقت.
ومن أجل توضيح مفهوم هذا المورد النادر في حياة الإنسان، فإننا سنقوم بتحديد خصائصه.
خصائص الوقت:
قد يكون من الصعب تحديد تعريف دقيق للوقت، فبالرغم من أن مفهوم الوقت معروف للجميع، إلا أنه يمكن من خلال تأمل سير الحياة ومطالعة أحداث التاريخ، ملاحظة أن الوقت يتميز بجملة من الخصائص، يمكن إيضاحها، فقد "رأى بعض العلماء منذ زمن قديم أن الوقت يمر بسرعة محددة وثابتة، فكل ثانية أو دقيقة، أو ساعة تشبه الأخرى، وأن الوقت يسير إلى الأمام بشكل متتابع، وأنه يتحرك بموجب نظام معين محكم، لا يمكن إيقافه، أو تغييره، أو زيادته أو إعادة تنظيمه"."وبهذا يمضي الوقت بانتظام نحو الأمام دون أي تأخير أو تقديم، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إيقافه أو تراكمه أو إلغاؤه أو تبديله أو إحلاله". إنه مورد محدد يملكه الجميع بالتساوي، فبرغم أن الناس لم يولدوا بقدرات أو فرص متساوية فإنهم يملكون الأربع والعشرين ساعة نفسها كل يوم، والاثنين والخمسين أسبوعاً في السنة، وهكذا فإن جميع الناس متساوون من ناحية المدة الزمنية، سواء أكانوا من كبار الموظفين أم من صغارهم، من أغنياء القوم أم من فقرائهم، ولذلك فالمشكلة ليست في مقدار الوقت المتوفر لكلٍ من هؤلاء، ولكن في كيفية إدارة الوقت المتوفر لديهم واستخدامه، وهل يستخدمونه بشكل جيد ومفيد في إنجاز الأعمال المطلوبة منهم، أو يهدرونه ويضيعونه في أمور قليلة الفائدة.
ونظراً لأن الوقت مورد نادر، لا يمكن تجميعه، ولأنّه "سريع الانقضاء وما مضى منه لا يرجع ولا يعوَّض بشيء، كان الوقت أنفس وأثمن ما يملك الإنسان، وترجع نفاسته إلى أنه وعاء لكل عمل وكل إنتاج، فهو في الواقع رأس المال الحقيقي للإنسان فرداً ومجتمعاً". ومن هذا المنطلق يعد الوقت أساس الحياة، وعليه تقوم الحضارة فصحيح أن الوقت لا يمكن شراؤه أو بيعه أو تأجيره أو استعارته أو مضاعفته أو توفيره أو تصنيعه، ولكن يمكن استثماره وتعظيمه، فأولئك الذين لديهم الوقت لإنجاز أعمالهم ولديهم أيضاً الوقت للتمتع بأنشطة أخرى خارجة عن نطاق العمل، تعلموا الفرق بين الكمية والنوعية، فهم يستثمرون كل دقيقة من وقتهم. ولذا "فإدارة الوقت لا تنطلق إلى تغييره، أو تعديله أو تطويره، بل إلى كيفية استثماره بشكل فعّال، ومحاولة تقليل الوقت الضائع هدراً دون أي فائدة أو إنتاج، إلى جانب محاولة رفع مستوى إنتاجية العاملين خلال الفترة الزمنية المحددة للعمل".
تعريف إدارة الوقت وتحديد مفهومها :
تزداد أهمية إدارة الوقــت في حياة الفرد الشخصية وفي المنظمــات، بدءاً من المديرين في الإدارة العليــا إلى المشرفين في الإدارة الدنــيا. وفي مجــال الإدارة (المجال الذي يهم دراستنا)، يعد الوقت من أكثر المصطلحات صعوبة عند محاولة تحديده.
وعندما يكثر الحديث في الوقت الحاضر عن ندرة الموارد، ينبغي أن يؤخذ بالاهتمام مسألة الاقتصاد في أندر مورد وهو وقت المديرين الأكفياء.
يقول دراكر (1) (Drucker) : " الوقت هو أندر الموارد فإذا لم تتم إدارته فلن يتم إدارة أي شيء آخر"، فالإدارة الجيدة للوقت مفيدة من جهة التوفير في تكاليف المشروع، ومن جهة استخدام الموارد الأخرى للمنظمة أيضاً. ولو قمنا بتحليل عناصر الإنتاج ( الموارد المالية، الآلات والمعدات، المواد الخام، الوقت، الموارد البشرية ) للاحظنا أن عنصر الوقت هو العنصر الإنتاجي الوحيد الموزع بعدالة بين البشر بخلاف العناصر الإنتاجية الأخرى، و مع ذلك من يستخدم هذا العنصر بكفاءة وفعالية ؟ وكيف؟ إن الموارد البشرية داخل المنظمة هي المعنية بضرورة حسن استخدام هذه العناصر الإنتاجية المتاحة بالكفاءة والفعالية المطلوبتين، ولذا فإن كفاءة أداء هذا العنصر يع** بالنتيجة كفاءة الأداء التنظيمي للمنظمة. فلكل منظمة أهداف محددة تسعى لتحقيقها من خلال تكريس استثمار جميع الموارد والإمكانيات المتاحة لديها بما فيها الوقت.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
(1) بيتر دركر: ولد في فيينا عام 1909م، نشر أول بحث له في اقتصاديات البنك الدولي بلندن عام 1929م، استقر به الحال في الولايات المتحدة وعمل في مجموعة البنوك البريطانية ثم استشاري إداري في أكبر الشركات الأمريكية الرائدة، ثم أستاذ السياسة والفلسفة بجامعة بننقتون، وأستاذ الإدارة بجامعة نيويورك، له عدد من الكتب والبحوث المنشورة.
وعلى الرغم من هذه الأهمية الكبيرة للوقت، فإنه أكثر العناصر أو الموارد هدراً وأقلها استثماراً، سواء من المنظمات أو من الأفراد العاديين، ويعود ذلك لأسباب عدّة قد يكون من أهمها عدم الإدراك الكافي للتكلفة المباشرة المترتبة على سوء استثماره.
ويعرّف ملائكة إدارة الوقت فيقول: "هي تخطيط استخدام الوقت وأسلوب استغلاله بفاعلية، لجعل حياتنا منتجة وذات منفعة أخروية ودنيوية لنا ولمن أمكن من حولنا وبالذات من هم تحت رعايتنا".
وبناء على ذلك، يُعدّ مفهوم إدارة الوقت من المفاهيم المتكاملة، والشاملة لأي زمان أو مكان أو إنسان. فإدارة الوقت لا تقتصر على إداري دون غيره، ولا يقتصر تطبيقها على مكان دون آخر، أو على زمان دون غيره .
وقد ارتبط مفهوم الوقت بشكل كبير بالعمل الإداري من خلال وجود عملية مستمرة من التخطيط والتحليل والتقويم لجميع النشاطات التي يقوم بها الإداري خلال ساعات عمله اليومي، بهدف تحقيق فعالية مرتفعة في استثمار الوقت المتاح للوصول إلى الأهداف المنشودة.
الوقت في الفكر الإداري :
برزت بشكل واضح في أوائل هذا القرن أهمية الوقت في نظريات الإدارة. ذلك أنّه "ما من حركة تؤدى إلا ضمن وقت محدد، وما من عمل يؤدى إلا كان الوقت إلى جانبه، فالإدارة حركة وزمن أو عمل ووقت". "إن قضية التنمية في المقام الأول قضية وقت وقضية إنتاج. وإن الأمر في حاجة إلى التعامل مع الوقت على أنه مورد لابد من استثماره لتحقيق النتائج المطلوبة لرفاهية شعوبنا، ويقع عبء ذلك في الدرجة الأولى على عاتق كل فرد منا"
فالعبرة ليست في إنفاق الوقت، بل في استثماره، مثله مثل أي رأس مال نجد أن الوقت إذا أنفقناه ضاع، أما إذا استثمر فسينمو ويؤتي ثماره في مستقبل حياتنا، وللأجيال القادمة، فمن الضروري على كل مدير أن يسأل نفسه السؤال التالي:
هل أنا أقوم بالأشياء الصحيحة ؟
قبل أن يسأل:
هل أنا أقوم بالأشياء بطريقة صحيحة؟
إذ أن الوقت ليس هو المشكلة في حد ذاته، ولكن المشكلة هي كيف نستثمره، فالوقت شيء لا بد من أن نختبره ونعيشه.
إن مفتاح إدارة الوقت هو أن يستطيع المدير السيطرة عليه أو إدارته، وإنّ الاستثمار الأمثل للوقت سيؤدي إلى:
• تحقيق الإنسان فرداً كان أو منظمة لأهدافه.
• التزام أكثر بالقضايا الإدارية الهامة والطويلة الأمد
• تطوير أفضل لقدرات الإنسان.
• تخفيف القلق والضغط والتوتر.
إذاً من المفيد أن ننظر إلى إدارة الوقت بأنها عمل الأشياء الصحيحة بطريقة صحيحة، أي أنها إدارة الوقت بفعالية، إذ ينصب الاهتمام على ما يجب أن يفعله المدير، ثم السرعة في التنفيذ وليس الع**. وبذلك نصل إلى تحديد معنى الفاعلية في إدارة الوقت على أنها: إنجاز الإنسان لأهدافه من خلال الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة.
الوقت في القرآن الكريم :
نبّه القرآن الكريم على أهمية الوقت كثيراً في سياقات مختلفة وبصيغ متعددة منها الدهر، الحين، الآن، اليوم، الأجل، الأمد، السرمد، الأبد، الخلد، العصر... وغير ذلك من الألفاظ الدالة على مصطلح الوقت والتي بعضها له علاقة بالعمل وطرقه، وبعضها له علاقة بالإدارة وتنظيمها، وبعضها له علاقة بالكون والخلق، وبعضها يرتبط بعلاقة الإنسان بربه من حيث العقيدة والعبادة، وقد تَلمَّس الباحث ذلك من خلال ما يلي:
أولاً: الوقت من أصول النعم
إن نعم الله على العباد لا تعد ولا تحصى، قال جل شأنه: [وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا].(1) ومن أَجَلِّ النعم وأعظمها نعمة الوقت، الذي هو من أصول النعم، فالوقت هو "عمر الحياة، وميدان وجود الإنسان، وساحة ظله وبقائه ونفعه وانتفاعه، وقد أشار القرآن إلى عِظمِ هذا الأصل في أصول النعم، وألمح إلى عُلوّ مقداره على غيره، فجاءت آيات كثيرة ترشد إلى قيمة الزمن ورفيع قدره وكبير أثره". يقول الله عز وجل في معرض الامتنان وبيان عظيم فضله على الإنسان: [وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ * وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ]. (2) "فامتن سبحانه في جلائل نعمه بنعمة الليل والنهار، وهما الزمن الذي نتحدث عنه ونتحدث فيه ويمر به هذا العالم الكبير من أول بدايته إلى نهاية نهايته".
قال تعالى مؤكداً امتنانه علينا بهذه النعم: [وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ].(3) فهذه المخلوقات العظيمة والآيات الباهرة مسخرة من لدن خالقها ومدبر أمرها لخدمة الإنسان ومنفعته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
(1) سورة إبراهيم الآية [34].
(2) سورة إبراهيم الآيات [33 - 34].
(3) سورة النحل الآية [12].
وقال تعالى: [وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا](4) أي يخلف أحدهما صاحبه إذا ذهب هذا جاء الآخر فما فات الإنسان من العمل في أحدهما يدركه في الآخر. كما وصف نفسه سبحانه بأنه مالك الزمان والمكان وما يحل فيهما من زمانيات ومكانيات فقال: [وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ](5) أي "له جل وعلا ما استقر في الليل والنهار، وهو المالك لكل شيء".
ثانياً: القسم بالوقت
ورد التنبيه في القرآن الكريم إلى عظم الوقت بأن أقسم الله به في مواطن كثيرة من كتابه العزيز، ومن ذلك قوله عز وجل: [وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ](6) وقوله: [وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى](7) وقوله: [وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ* وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ](
وقوله: [وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ](9)وقولـه: [وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ](10) وقوله: [وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى](11) وقوله: [فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ * وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ] (12)
فنلاحظ من الآيات السابقة أن الله عز وجل أقسم بالوقت (العصر) الذي هو الدهر والزمان، كما أقسم ببعض أجزائه، فالليل صنو النهار والفجر أول النهار والشفق أول الليل والضحى ما بين الغدو والزوال، ولله سبحانه أن يقسم بما شاء من مخلوقاته، قال الفخر الرازي في تفسير قول الله تعالى: [وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ] "إن الدهر والزمان في جملة أصول النعم فلذلك أقسم الله به - ولأن الزمان والمكان هما أشرف المخلوقات عند الله - كان القسم بالعصر قسماً بأشرف النصفين من ملك الله وملكوته". ويقول الشيخ يوسف القرضاوي: "من المعروف لدى المفسرين، وفي حس المسلمين، أن الله إذا أقسم بشيء من خلقه، فذلك ليلفت أنظارهم إليه، وينبههم على جليل منفعته وآثاره ".
خُلق الإنسان لغاية نبيلة وهدف سامٍ ألا وهو عبادة الله وإعمار الأرض، وبين هذا وتلك تدور حياة المسلم، فهو بين العبادة والسعي في الأرض، قال الله تعالى: [وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ].(1) أي "إلا ليقروا بعبادتي طوعاً أو كرهاً ".وقال سبحانه أيضاً: [وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ].(2) أي "جعلكم تعمرونها جيلاً بعد جـيل وقرنـاً بعد قرن وخلفاً بــعد سلف" وقد ارتبطت العبادات بمواعيد ومواقيت محددة من قبل العزيز الحميد، مما يرفع من أهمية الوقت في حياة المسلم، وعلى رأس تلك العبادات الصلوات الخمس، التي قال الله فيهن: [إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا].(3) أي " مفروضة لوقت بعينه".
وهي عبادة تتكرر في خمسة أوقات مختلفة من اليوم والليلة، مما يجعل المسلم في حال من الارتباط الوثيق بربه عز وجل الذي مكنه من العبادة والسعي في الأرض [فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ].(4) أي "إذا فرغتم من الصلاة فانتشروا في الأرض للتجارة والتصرّف في حوائجكم".
كذلك الزكاة لا تجب في المال حتى يتحقق فيه شرطان الأول أن يبلغ النصاب وهو القدر المشروع توفره لوجوب الزكاة فيه، والثاني أن يمضي عليه حول كامل أي سنة كاملة فإذا تحقق هذان الشرطان وجبت الزكاة في المال إذا كان من النقدين أي الذهب والفضة أو من عروض التجارة وهو كل ما أعده مالكه للبيع والشراء والمتاجرة، أما المزروعات فإن زكاتها تجب عند الحصاد، وقال الله تعالى: [وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ].(5) أي "ادفعوا زكاته يوم جذه وقطعه".
بعد ذلك يأتي الصوم الذي فرض في شهر رمضان من كل عام وهو مؤقت برؤية هلال شهر رمضان ابتداءً وانتهاءً، قال الله تعالى: [فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ].(6)
ثم يليه الحج الذي فُرض على المسلم في العمر مرة فنجده محدداً بوقت معلوم كما قال الله عنه: [الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ].(7)
هذا إضافة إلى الأذكار والنوافل التي يتعبد بها المسلمُ ربّه في كل صباح ومساء، بل في كل حين وعلى كل حال، تحقيقاً لقول الله تعالى: [فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ * وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ].(
وقوله سبحانه وتعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا] (9) وقوله: [إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ].(10) وقوله: [فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ].(11)
رابعاً: الوقت وتعاقب الأهلّة
ارتبط التقويم الإسلامي بالأشهر القمرية التي تبدأ ببزوغ الهلال وتنتهي باختفائه وبزوغه من جديد ليعلن عن ميلاد شهر جديد، وقد سُئل النبي (ص) عن فائدة ذلك فأجاب عنه المولى عز وجل في كتابه العزيز إذ يقول: [يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ].(12) أي "هي مواقيت لكم، تعرفون بها أوقات صومكم وإفطاركم، ومنسك حجكم". إذاً فالغاية من وجود الأهلّة أن يستعين بها الناس في التوقيت لأمور حياتهم وعباداتهم فالشهر هو أيام واليوم هو ساعات الليل والنهار، وبالأيام والشهور والأعوام يحدد الإنسان مواقيته ويحسبها، يدل علـى ذلك قولـه سبحانـه وتعالـى: [وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً].(13) وقوله: [هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ](14) أي "لتعلموا دخول السنين وانقضاءها وحساب أيامها".
الـــكــــيمـــاء
من علماء الكيمياء :
1- هو جابر بن حيان بن عبد الله الأزدي الكوفي الطوسي. أبو موسى، أو أبو عبد الله. كان معروفا بالصوفي لزهده. وهو المعروف في العالم اللاتيني المثقف خلال القرون الوسطى باسم (geber) . كان أبوه من دعاة بني العباس، وقد توجه إلى (طوس) بخراسان ليقوم بالدعوة السرية لهم، فولد له ولد دعاه (جابرا) ، ولم يمض زمن حتى قبض عامل بني أمية على حيان وقتله، وأرسل جابر إلى أعمامه في اليمن وهم من الأزد، فأتقن العربية وعلوم الدين. ولما آل الأمر إلى العباسيين قدم جابر إلى بغداد واتصل بالبرامكة ونال عندهم وعند الرشيد حظوة، وبعد نكبة البرامكة تحول جابر إلى الكوفة وأقام فيها. اشتغل جابر بالكيمياء وكان أشهر المشتغلين بها، وهو أول من استخرج حامض الكبريت وسماه (زيت الزاج) وأول من اكتشف (الصودا الكاوية) وأول من استحضر ماء الذهب والفضة بخلطهما بحامض الكبريت وحامض النتريك. وينسب إليه استحضار مركبات أخرى مثل كربونات البوتاسيوم وكربونات الصوديوم ويودور الزئبق والأنتيمون وسواهما.
2- ولد الدكتور : أحمد حسني زويل في 26 فبراير عام 1946 بمدينة دمنهور ونشأ في أسرة مصرية بسيطة، لأب يعمل مراقب فني بوحدة صحية بمدينة دسوق وهو أخ وحيد لثلاث أخوات بنات، تخرج من جامعة الإسكندرية/ كلية العلوم عام 1967 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وحصل على درجة الماجستير في ثمانية أشهر عن بحثه في علم الأطياف وهاجر عام 1969 وحصل على منحة من جامعة بنسلفانيا وحصل على درجة الدكتوراه في كيمياء الليزر عام 1973 وعرضت عليه ثمانية جامعات أميركية منحا دراسية فاختار جامعة (كالينك) وفضلها عن غيرها لحصول (25 ) أستاذا منها على جائزة نوبل ومنح (65) ألف دولار ومعملين وحجرة مكتب
دور الكيميائيين العرب في الرقي بالكيمياء
بدأت الكيمياء خرافية تستند على الأساطير البالية ، حيث سيطرت فكرة تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن نفيسة . وذلك لأن العلماء في الحضارات ما قبل الحضارة الإسلامية كانوا يعتقدون المعادن المنطرقة مثل الذهب والفضة والنحاس والحديث والرصاص والقصدير من نوع واحد ، وأن تباينها نابع من الحرارة والبرودة و الجفاف والرطوبة الكامنة فيها وهي أعراض متغيرة ( نسبة إلى نظرية العناصر الأربعة ، النار و الهواء و الماء والتراب)، لذا يمكن تحويل هذه المعادن من بعضها البعض بواسطة مادة ثالثة وهي الإكسير .
ومن هذا المنطلق تخيل بعض علماء الحضارات السابقة للحضارة الإسلامية أنه بالإمكان ابتكار إكسير الحياة أو حجر الحكمة الذي يزيل علل الحياة ويطيل العمر .
فعلم الكيمياء مر بحقبة من الزمن سادتها الخرافات و الشعوذة ولكن علماء العرب المسلمين هم الذي حرروها من ذلك الضجيج الفاسد الذي لا يعتمد على علم ، بل كان مصدرها الشيطان والبلبلة .
وبالفعل تأثر بعض العلماء العرب و المسلمين الأوائل كجابر بن حيان و أبو بكر الرازي [1] بنظرية العناصر الأربعة التي ورثها علماء العرب والمسلمين من اليونان . لكنهما قاما بدراسة علمية دقيقة لها ؛ أدت هذه الدراسة إلى وضع وتطبيق المنهج العلمي التجريبي في حقل العلوم التجريبية .
فمحاولة معرفة مدى صحة نظرية العناصر الأربعة ساعدت علماء العرب والمسلمين في الوقوف على عدد كبير جداً من المواد الكيماوية ، وكذلك معرفة بعض التفاعلات الكيماوية , لذا إلى علماء المسلمين يرجع الفضل في تطوير اكتشاف بعض العمليات الكيميائية البسيطة مثل :
التقطير[2] – التسامي[3] – الترشيح [4]– التبلور[5] - الملغمة[6] – التكسيد[7]
وبهذه العمليات البسيطة استطاع جهابذة العلم في مجال علم الكيمياء اختراع آلات متنوعة للتجارب العلمية التي قادت علماء العصر الحديث إلى غزو الفضاء...
الكيمياء عند العرب منذ نهاية القرن الثاني الهجري حتى نهاية القرن الرابع، نشطت حركة النقل والترجمة في الأقطار الإسلامية ولا سيما في بغداد مقر الخلافة العباسية، وقد عهد إلى المترجمين بنقل أهم المؤلفات اليونانية إلى العربية والتوفيق بينها وبين متطلبات الحضارة الفكرية الإسلامية، وذلك في علوم اعتبرها العرب ذات أهمية وفائدة كالكيمياء مثلاً. كانت تلك الخطوة الأولى التي خطاها العرب المسلمون في نقل وترجمة تراث اليونان إلى لغتهم الضاد. وأخذت هذه الخطوة ترتقي تباعاً عند العلماء المسلمين، فلم يعودوا مجرد نقلة، بل ناقشوا مبادئ هذا العلم، فطرحوا زائفه وأضافوا إليه مبتكرات جديدة يمكن اعتبارها أساساً قوياً في دعم هذا العلم، يقول درابر: "إنّ المسلمين هم الذين أنشأوا في العلوم العملية: علم الكيمياء، وكشفوا بعض أجزائها المهمة، من إختراعاتهم "ماء الفضة" حامض النيتريك، وزيت الزاج (حامض الكبريتيك) وماء الذهب (حامض النيتروهيدروكلوريك) وحجر جهنم (نترات الفضة) والسليماني (كلوريد الزئبق) والراسب الأحمر (أوكسيد الزئبق) وملح البارود (كربونات البوتاسيوم) والزاج الأخضر (كبريتات الحديد)، وهم الذين اكتشفوا الكحول والبوتاس وروح النشادر والزرنيخ والإثمد والقلويات. وهم الذين استخدموا ذلك العلم في المعالجات الطبية وصنع العقاقير، فكانوا أول من نشر تركيب الأدوية والمستحضرات المعدنية وتنقية المعادن وغير ذلك من المركبات والمكتشفات التي تقوم عليها معظم المصنوعات الحديثة كالصابون والورق والحرير والأصباغ، ودبغ الجلود واستخراج الروائح العطرية، وصنع الفولاذ وصقل المعادن، واعتمدوا في كل هذا على تجاربهم باستخدام آلات عديدة ووسائل كيمياوية مثل الإنبيق والميزان." لقد عالج كثير من العلماء المسلمين علم الكيمياء، ومنهم الإمام جعفر الصادق الذي ذكرت له رسالة في علم الصناعة والحجر، والكندي الذي مارس الصنعة وله فيها "كيمياء العطر" "تلوين الزجاج" وأبو بكر الرازي صاحب "الأسرار" و"سر الأسرار" و"صناعة الكيمياء أقرب إلى الوجود منها إلى الامتناع" ويستدل من كلامه أنه كان يتطلع إلى تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب وفضة كي ينشر الخير بين الناس. والفارابي الذي عالج قضية المعادن السبعة (الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص والقصدير والخارصين)، وقال إنها نوع واحد، وإن اختلافها إنما هو بالكيفيات والرطوبة واليبوسة واللين والصلابة. والمجريطي الذي يعتبر أحد رواد هذه الصناعة في المغرب العربي والمعروف بكتابه "غاية الحكيم"، وقد عرف علم الكيمياء جمهرة غفيرة من العلماء بسطوا آراءهم في مصنفاتهم، ولا يتسع مقام الإختصار للإحاطة بهم. لقد أعطى العلماء المسلمون علم الكيمياء أصالة البحث العلمي فكانوا أول من حقق هذا النصر العلمي الباهر، ويتفق علماء الكيمياء على وجه البسيطة على أن علماء العرب هم مؤسسو الكيمياء كعلم يعتمد على التجربة. وفي الواقع فإنّ علماء المسلمين هم الذين أوجدوا من علم الكيمياء منهجاً استقرائياً سليماً يستند على الملاحظة الحسية والتجربة العلمية، لأنها قوام علم الكيمياء وليس القياس كما هو معهود في العلوم البحتة، لذا نجد أن المعرفة الواضحة غير المشوبة بشيء من الغموض لا يمكن أن نحصل عليها دون الاعتماد على التجربة والاستقراء. لقد نهل العلماء المسلمون من المصادر المصرية والبابلية واليونانية والفارسية والهندية وغيرها، ولكنهم أبعدوا أنفسهم عن الغموض، واعتمدوا على الحقائق العلمية ودعموها بالتجربة، ولذا نجدهم أبعد الناس عن الخيال والخرافة اللذين كانا سائدين في حضارات العالم الأخرى. كما نجدهم أرسوا قواعد الكيمياء ولم يقبلوا شيئاً كحقيقة ما لم تثبته المشاهدة أو تحققه التجربة العلمية.
ماهي كيمياء الفيمتو؟
في عام 1979م بدأ الدكتور أحمد زويل ومجموعته البحثية في معهد (كاليفورنيا للتقنية) محاولة استخدام نبضات من أشعة الليزر مع شعاع جزيئي في وسط مفرغ من الهواء لدراسة الكيمياء فائقة السرعة للمرحلة الانتقالية، إلا أن تقنية الليزر المتاحة في ذلك الوقت لم تمكنهم من ملاحقة الجزيئات المتفاعلة. وفي أوائل الثمانينيات أمكن لمجموعة بحثية في معامل (بل) في نيوجرسي الحصول على نبضات الليزر متناهية القصر، والتي يمكن أن تعمل في نطاق «الفيمتو ثانية». وقد أعطى ذلك للدكتور زويل سلاحه المرتقب لتنفيذ فكرته الفريدة والممتازة، لكي يباغت الجزيئات
أثناء وجودها في الفترة الانتقالية، ويعرف آليات تفاعلها، وليصبح أحمد زويل رائداً لما يسمى بـ(كيمياء الفيمتو). وفي عام 1990م نشرت مجلة العلم الأمريكية مقالة له بعنوان (ميلاد الجزيئات) والذي عرض فيها اكتشافه الجديد. لقد كانت أبحاث الباحثين الذين سبقوا العالم أحمد زويل تركز على دراسة حركات الجزيئات فور التحاقها ببعضها، أما أبحاثه فتقوم على دراسة حركة الجزيئات منذ ولادتها وقبل التحاقها ببعضها. ولا تستغرق هذه العملية سوى جزء من الثانية. حيث بدت عبقريته في إيجاد وسيلة جديدة تساعد على اختراق هذا الزمن، والتدخل لمعرفة تفاصيل حركة الجزيئات، وما يحدث لها في أقل من جزء من الثانية. وباستخدام أشعة الليزر وكاميرا متطورة ودقيقة جداً تمكن معها من تصوير ما يجري من تفاعل كيميائي بين الجزيئات في زمن قياسي جداً هو (الفيمتو ثانية). fs = (femtoseconds) وتساوي الفيمتوثانية = 1-15 من الثانية الواحدة أي واحد على مليون من البليون من الثانية. ونسبة هذه المدة من الثانية تعادل من الناحية الجيولوجية حوالي وتكمن أهمية هذا الإنجاز العلمي في استخدام أشعة الليزر كميكروسكوب قوي جداً وقادر على توضيح تفاصيل الصورة بحيث يمكن التدخل في أحرج الأوقات والتعامل مع أصغر الجزيئات بسرعة رهيبة، لتغيير مركباتها الكيميائية. وقد تمكن العالم أحمد زويل ومجموعته البحثية من تصوير الجزيء كصورة مجسمة بأبعادها الثلاثة، وليس ببعد واحد فقط. أهمية كيمياء الفيمتو يصعب أن نتحدث هنا عن مستقبل وأهمية (كيمياء الفيمتو) بالتفصيل، ولكن العالم أحمد زويل يقول: إن ما توصلت إليه هو تصوير حركة الجزيء، وهذا يفتح مجالات كثيرة في الكيمياء والطب والصناعة والزراعة، وهو اكتشاف يمكن أن نعالج به بعض الأمراض الخطيرة مثل السرطان والشلل والسكري، لأننا نستطيع أن نصور الخلايا الموجودة في جسم الإنسان، ونعرف إمكانية إصابة الجسم بمرض معين عن طريق التعرف على أخطاء الخلية. كما يمكن تصوير عملية الهدم والبناء في الخلية، وباستخدام زمن الفيمتو وأشعة الليزر يمكن إجراء بعض العمليات الجراحية وبعض التطبيقات في علوم الفضاء والاتصالات والإلكترونيات .
ابن ماجد
القسم الأول : ابن ماجد وحياته :
• أحمد بن ماجد ومولده :
ابن ماجد هو شهاب الدين أحمد بن ماجد بن محمد بن عمرو بن فضل بن دويك بن يوسف بن حسن بن الحسين بن أبي معلق السعدي بن أبي الركائب النجدي ، بحار وعالم من علماء البحر والفلك والمسلمين، عاش في النصف الثاني من القرن التاسع الهجري ، و أوائل القرن العاشر ، وقد أغفلت معظم المصادر العربية ذكر هذا الملاح العربي وتاريخ حياته ، غير أنه تحدث عن نفسه في مؤلفاته ومنها نعلم أن أصله يرجع إلى نجد في وسط شبه الجزيرة العربية (1) .
ومن ألقابه : ( ريس ) ، و ( معلم ) و ( ربان ) ، بل إن معاصريه يشيرون إليه بـ ( أسد البحار ) و ( ليث الليوث ) و ( ابن ربان البرين ) أي بر العرب و بر العجم .
أما عن مولده فمن المحتمل أنه ولد عام 840 هـ في جلفار من الخليج العربي وهي مدينة رأس الخيمة حالياً بدولة الإمارات العربية المتحدة … من أسرة اشتهر أفرادها بريادة البحر وحب الأسفار والملاحة ، فتعلق قلبه منذ الصغر بالبحر (2) .
• مكانة ابن ماجد :
كان ابن ماجد يلوح في أفق المشرق العربي … قبس يضيء مجاهل البحار والمحيطات بما كان يتوفر لديه من خبرة ودراية شخصية حلقت في سماء المعرفة و برزت في ميدان الاختراع والابتكار والتأليف .
و ها نحن نحلق مع شخصية أعطت المثل على أنها قدوة في السلوك والخلق الرفيع ، إنه أحمد بن ماجد العالم الذي اطلع على عدد من المؤلفات وخاض تجربة طويلة في الملاحة البحرية قبل أن يقدم لنا حصيلته العلمية في أكثر من خمسة وثلاثين أرجوزة كلها طريفة ومفيدة . <-- break --> لقد ظل اسم أحمد بن ماجد على ألسنة البحارة في خليج عمان والبحر الأحمر والمحيط الهندي قروناً عديدة بعد وفاته ، حتى أن السير ريتشارد بورتون ( Sir Richard Burton ) يذكر في كتاب الخطوات الأولى في شرق أفريقيا ( First Foots tepsin Africa ) أنه لما أبحر من عدن عام 1854م تلا البحارة سورة الفاتحة قبل الإقلاع ترحماً على روح الشيخ أحمد بن ماجد (3) .
• حياتــه :
اشتهر ابن ماجد بريادة البحر وحب الأسفار والملاحة ، فتعلق بالبحر منذ الصغر ، واكتسب مهارات أجداده ، واستطاع بفضل تجاربه العديدة و سعة علومه البحرية ، التوصل إلى اكتشاف أساليب جديدة في فنون الملاحة مستخدماً علم الفلك بشكل واسع ، بالإضافة إلى البوصلة المائية التي استخدمها لتحديد الاتجاهات والمسارات البحرية ، وقضى معظم حياته أستاذاً ومرشداً ملاحياً في غرب المحيط الهندي والبحر الأحمر ، وقد كان ذلك سبباً في ذيوع شهرته وتردد اسمه كعلم من أعلام البحر في ذلك الزمان ، ووصلت أخباره إلى شواطئ أوروبا حيث كان الأسبان والبرتغال يحاولون استكشاف طرق جديدة للوصول إلى الشرق والهند بصفة خاصة عن طريق الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح الذي كان يسمى بـ ( رأس العواصف ) آنذاك .
وقد كان ذلك بمثابة فترة حاسمة في التاريخ البحري حيث أدى تصادم النفوذ البحري العربي بالنفوذ الأوروبي إلى بداية عهد جديد … عهد التفوق الأوروبي من ناحية ، وتدهور النشاط البحري العربي من ناحية أخرى .
لا يوجد تاريخ ثابت لوفاة أحمد بن ماجد ، إلا أنه من المتصور قد عاش أكثر من ستين سنة بعد أن كتب آخر مؤلفاته ، وقد شكا في إحدى قصائده الأخيرة العواقب الوخيمة للوجود البرتغالي في المنطقة مما يدل على أنه كان يدرك الخطر الذي ستجره تلك السيطرة على مكانة العرب البحرية (4) .
• ابن ماجد يصف نفسه :
وحين يتحدث ابن ماجد عن نفسه ، و يتكلم عن ( المعالمة ) المشهورين في البحر يقول : " غير أن خبرتهم مع ذلك محدودة فهم لم يركبوا البحر إلا من سيراف إلى بر مكران ، وساروا يسألون عن كل بر أهله ويؤرخون ، وكان في زمانهم من المعالمة المشهورين عبد العزيز بن أحمد المغربي وموسى القندراني وميمون بن خليل ، فكان في زمانهم من النواخذة المشهورة أحمد بن محمد بن عبدالرحمن بن أبي الفضل بن أبي المصري .. فيأخذون من كل أحد بره وبحره ويؤرخونه فهم مؤلفون لا مجربون " .
وهو يزن نفسه بحق فيقول : " ونهاية المتقدم في الزمن بداية المتأخرين ( بعده ) وقد عظمنا علمهم وتأليفهم وأجللنا قدرهم بقولنا : أنا رابع ثلاثة ، وربما في العلم الذي اخترعناه في البحر ورقة واحدة تقيم ( تسوي ) في البلاغة والصحة والفايدة والهداية وعلى الطريق والدلالة ( في مسارب البحر ) بأكثر مما صنفوه " (5) .
• مغالطات حول أحمد بن ماجد :
- قصة إرشاد ابن ماجد لفاسكو دي جاما :
للأسف الشديد فإن كثيراً من المراجع تناولت حياة ابن ماجد بشكل فيه مغالطات واضحة نسوق منها على سبيل المثال لا الحصر :
× تشير المصادر العربية إلى أن أحمد بن ماجد تصادف وجوده في ماليندي أثناء زيارة فاسكو دي جاما، وأن الملاح البرتغالي حينما التقى به أعجب بغزارة علمه وشجاعته ، وطلب إليه أن يقوده في أول رحلة تتم عبر المحيط بين أوروبا والهند ، وكانت الدوافع العلمية هي الحافز الأساسي لقبول أحمد بن ماجد المهمة التي فتحت آفاقاً جديدة في تاريخ العالم البحري ، والتي جعلت منه شخصية تاريخية أسطورية .
وقد قامت شهرة أحمد بن ماجد في الغرب باعتباره المرشد الذي قدم مساعداته للبرتغاليين إلى الموانئ التجارية في جنوب الهند وأهمها ميناء ( كاليكوت ) واكتسب هذا الحادث أهمية خاصة في نظر المعلقين الشرقيين والغربيين على حد سواء باعتبار أن الوصول إلى الطرق بين شرق أفريقيا والهند بالالتفاف حول رأس الرجاء الصالح يمثل مفتاح السيطرة التجارية في هذه المياه .
وقد ذكر بعض المؤرخين خاصة ممن اعتمدوا على المصادر البرتغالية ، أن المرشد الذي قاد فاسكو دي جاما لم يكن عربياً وإنما كان هندياً مسلماً ، وذلك بالنظر كما يقولون إلى الفصول المواتية للإبحار بين شرق أفريقيا والبحر الأحمر من ناحية و جنوب الهند من ناحية أخرى ، غير أن هذا الرأي لا يصمد للحقائق لأننا نعرف أن أحمد بن ماجد كان يلم إلماماً تاماً بالطريق البحري المباشر بين المليبار والساحل الصومالي ، ويترتب على ذلك ضمنياً أن الملاحين والمرشدين العرب كانوا قادرين بالفعل على الإبحار فيه (6) .
× وتتفق المصادر التاريخية على أن فاسكو دي جاما بعد أن عبر رأس الرجاء الصالح ألقى مراسيه في ماليندي على الشاطئ الشرقي لأفريقيا ، وهناك بحث عن دليل ليرشده إلى الهند لعدم معرفته بنظام هبوب الرياح الموسمية في شرق أفريقيا والمحيط الهندي ، وقد أدى ذلك إلى تحطم بعض سفنه .
وقد عرَّف الكتَّاب البرتغاليون في القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي ابن ماجد باسم (ماليموكانا ) وهو التحريف للقبه العربي الذي يعني ( المعلم الفلكي ) .
وقد عرض فاسكو دي جاما على ابن ماجد آلاته البحرية المستخدمة عند البرتغاليين ، ولكن ابن ماجد لم يدهش لها ، بل عرض عليه الآلات البحرية التي طورها العرب ، ومنها آلات مثلثية مربعية الشكل لقياس ارتفاع الشمس ، وخصوصاً النجم القطبي ، كما أراه خرائط تفصيلية للمحيط الهندي وشرق أفر يقيا والجزيرة العربية قائمة على خطوط طول وعرض متوازية ، وهو شيء لم يعرفه الأوروبيون آنذاك ، كل هذا أدهش فاسكو دي جاما وازداد إعجابه بمرشده الملاحي فقرر الرحيل معه فوراً .
أما الأثر الذي تركته هذه الحادثة والنتائج التي ترتبت على هذا الإرشاد فهو ما لم يكن في حسبان ابن ماجد ، حيث اتهمه المؤرخون المسلمون بعدة اتهامات بعد أن ظهرت نوايا البرتغال الحقيقية في الشرق ، والمصائب التي وقعت على المسلمين بسببهم (7) .
× يقول المؤرخ المسلم قطب الدين النهروالي في كتابه ( البرق اليماني ) : فلا زالوا يتوصلون إلى معرفة هذا البحر إلى أن دلهم شخص ماهر يقال له أحمد بن ماجد ، صاحبه كبير الفرنج ، وكان يقال له ( الأملندي ) وعاشره في السكر فعلمه في الطريق في حال سكره ، وقال لهم لا تقربوا الساحل من ذلك المكان ، وتوغلوا في البحر ثم عودوا فلا تنالكم الأمواج ، فلما فعلوا ذلك صار يسلم من السكر كثيراً من مراكبهم ، فكثروا في بحر الهند (
. <-- break --> × غير أن ما قاله النهروالي عن شخصية ابن ماجد يجب أن يؤخذ بكثير من الحذر ، فيبدو أن ابن ماجد كان رجلاً متديناً وخاصة وأنه رجل عاصر المخاطر والمهالك في البحر ، فلا بد أن قلبه كان دائماً مع الله عز وجل ، ونلمس في كتاباته روح التدين العميق مثل قوله : " وينبغي للمعلم - يقصد ربان السفينة أو قائدها - أن يكون عادلاً تقياً لا يظلم أحداً مقيماً على طاعة الله ، متقياً الله حق اتقائه تعالى" .
يضاف إلى ذلك أنه من المستبعد أن يصدق فاسكو دي جاما رجلاً عاقره في الخمر ، وهو مقدم على شيء مجهول بالنسبة له يخاف مخاطره ، بل الأصوب أن يأخذ بكلام رجل عالم ذكي يثق بنفسه وقد وثق به فاسكو دي جاما .
والأرجح أن يكون ابن ماجد قد رضي أن يرشد أسطول فاسكو دي جاما إلى الهند بعد أن كلفه بذلك ملك مالندي واعتبر ابن ماجد ذلك تكريماً له ، كما أن التفكك السياسي الذي أصاب المسلمين في ذلك الوقت ساعد البرتغاليين كثيراً في تنفيذ أهدافهم ، ولا يمكن أن نلقي اللوم على شخص واحد هو ابن ماجد .
وكيفما كان الأمر فقد بقي فاسكو دي جاما ثلاثة أشهر في كاليكوت تبادل المحادثات والهدايا مع حاكم الثغر ، وأظهر له النوايا الحسنة والرغبة في التجارة فقط (9) .
وعلى كل فإن قصة ابن ماجد و فاسكو دي جاما تعرضت إلى النقد ودراسات كثيرة أثبت بعضها أن ابن ماجد لم يكن البحار الذي دلَّ فاسكو دي جاما الطريق إلى الهند .
× في معجم ( المنجد في اللغة والأعلام ) : ابن ماجد ( أحمد ) ( ت بعد 1498م ) : بحار ورائد عربي يقال أنه رافق فاسكو دي غاما إلى الهند (10) .
× في موسوعة المعرفة : كان البرتغاليون يسمونه ( المالندي ) أو ( الميرانتي ) ومعناها : أمير البحر ، وفي سفينة فاسكو ديجاما جانب من قصة هذا البحار العالمي العربي ، الذي استعان به فاسكو ديجاما ، في رحلته الشهيرة حول رأس الرجاء الصالح إلى الهند .
وفي مخطوطات معهد الدراسات الشرقية ( بليننجراد ) ، مخطوطة عربية كتبها ابن ماجد بالشعر في ثلاث فصول ، وصف فيها طرق الملاحة المختلفة عبر البحر الأحمر والمحيط الهندي ، في نهاية القرن الخامس عشر الميلادي وبداية القرن السادس عشر ، وتعد هذه المخطوطة بمثابة مرشد الملاح في تلك البحار ، والحق أنه لولا ابن ماجد ما استطاع البرتغاليون عبور المحيط الهندي لعظم أمواجه وشدة رياحه خصوصاً في موسم هبوب الرياح الجنوبية الغربية الممطرة .
وتستمر الموسوعة في شرح قصة الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح ، ذاكرة أن ساحل أفريقيا الغربي كان مجهولاً لدى الأوروبيين ، فقد أحاطت به الهواجس والأوهام ، وكان الأوروبيون يعتقدون أن السفن التي تصل إلى هناك لا تعود …
وفي عام 1486م أرسل البرتغال بعثة إلى الهند ، عن طريق مصر ، وفي طريق العودة توقف قائد البعثة وهو البحار ( كوفيلهام ) في جزيرة سقوط جنوبي شبه جزيرة العرب ، وهناك التقى بالبحار العربي ابن ماجد ، وسمع عن جزيرة القمر ، وهي جزيرة مدغشقر - اليوم - وعندما وصل إلى القاهرة سارع بإرسال خطاب إلى ملك البرتغال ، يحثه على إرسال بعثة للطواف من حول إفريقيا والوصول إلى جزيرة القمر ، وعرض معاونة ابن ماجد ، وفي عام 1498م أتم فاسكو ديجاما تلك الرحلة بنجاح بمعاونة ابن ماجد كما قدمنا (11) .
× وللأسف الشديد نجد كتاب اللغة العربية للصف الثاني الإعدادي يكرر الفكرة السابقة فيقول : ومما أ**به شهرة دولية واسعة ، إرشاده للملاح البرتغالي فاسكو دي غاما من ميناء ( مالندي ) في كينيا ، واجتيازه البحر دون أن يلقى عقبة أو مشقة ، حتى وصل إلى ( كاليكوت ) في الهند ، بفضل إرشاد الربان العربي ، ولقد كان ابن ماجد مخلصاً في صحبته للرحالة البرتغالي ، ولكن هذا الرحالة وقومه البرتغاليين استغلوا الكشوف الجغرافية لأغراضهم الاستعمارية في منطقة الخليج العربي ، وقد أسف ابن ماجد لذلك وسجل هذا الشعور في كتبه (12) .
× ويتكرر أيضا في كتاب التاريخ للصف الأول الثانوي : وفي مدينة ماليندي زوده حاكمها ببحار عربي ماهر هو : أحمد بن ماجد ليدله على الطريق إلى الهند ، حيث أوصله ( قاليقوت ) على الساحل الغربي للهند ، المسمى بساحل (الملبار ) وهناك عقد مع حاكمها اتفاقات تجارية … (13) .
× في موسوعة عباقرة الإسلام : وروى فاسكو دي غاما مرافقة ابن ماجد له في إحدى سفراته ، وكان يسميه ( كانا كان ) (14) .
× في كتاب جائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم : والأرجح أن يكون ابن ماجد قد رضي أن يرشد أسطول فاسكو دي جاما إلى الهند ، بعد أن كلفه بذلك ملك ماليندي ، واعتبر ذلك تكريماً له (15) .
- براءة أحمد بن ماجد :
& يستحق صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي - حاكم الشارقة - الشكر والتقدير ؛ لتصحيحه العديد من التشويهات المغرضة لتاريخ العرب ، وتثبيته لكثير من العلوم والأمجاد العربية التي حاول الأعداء والكارهون تزييفها ، أو نسبتها لغير أصحابها من علماء العرب الذين كانوا سباقين إلى صنع الحضارة والمجد .
& وكان كتابه ( بيان للمؤرخين الأماجد في براءة ابن ماجد ) خير دليل على ذلك ، حيث وثق الحقائق ، وأنهى مشكلة علمية، وتاريخية ، مفحماً المشككين والمقتنعين بما يقوله المستشرقون من دون الأخذ بما يقوله أقرانهم العرب، حيث ما زال يتشبث بعض أساتذة التاريخ إلى الآن بما جاء جهلاً وخطأ في كتاب (قطب الدين أحمد محمد النهروالي) - الهندي العربي الأصل - ( البرق اليماني في الفتح العثماني ) الذي صدر في نحو عام 1575م أي بعد مرور ثلاثة وثمانين عاماً على رحلة فاسكو دي غاما إلى الهند .
& يقول سموه تحت عنوان : المرشد الغجراتي : إن جميع المؤرخين البرتغاليين في القرن السادس عشر ، قد أجمعوا أن فاسكو داغاما قد استفاد من مساعدة مرشد غجراتي عندما أبحر من شرق أفريقيا إلى الهند عام 1498م وهي المرحلة الأخيرة من رحلة المشهورة من البرتغال إلى الهند والتي دلت القوى الأوروبية للدخول مباشرة إلى المحيط الهندي والخليج العربي (16) . <-- brak --> & واستدل سموه بشهادة مؤرخين من الغرب أمثال : كاستا نهيدا ، وباروس ، وفاريا إي سوزا ، وداميادي غويس.
& وأورد سموه الفقرة الخاصة بالمرشد المسيحي كما جاءت في مخطوطة ليوميات الرحلة الأولى بفاسكو داغاما : في يوم الأحد التالي والذي صادف 22أبريل صعد أمين سر الملك من السفينة ظافرة إلى ظهر السفينة ، ولأنه لم يكن أحد قد اقترب من سفينتنا خلال اليومين السابقين فقد قام القائد باعتقاله ، وأرسل إلى الملك طالباً منه إرسال المرشدين الذين وعد بإرسالهم إليه ، وفور تسلم الملك للرسالة أرسل له مرشدأ مسيحياً ، فأطلق القائد بعد إذ سراح الرجل النبيل الذي كان قد احتجزه في سفينته ، ولقد سررنا كثيراً بالمرشد المسيحي الذي أرسله الملك لنا (17).
& كان عمر ابن ماجد 75عاما عند وصول فاسكو دي جاما إلى المنطقة ، ثم انقطعت أخباره بعد بلوغه عامه الحادي والثمانين ، عام 906هـ - 1500م أي أنه انتقل إلى رحمة ربه في الوقت الذي هاجم البرتغاليون ميناء عدن وغيره من الجزر .
& لم يزر ابن ماجد ملندة ، ولم يدخلها بمركب في حياته ولا علاقة له البتة بملكها الزنجي أو العربي فكيف يجتمع بها بفاسكو داغاما ؟ ومن أين يتلقى الأخبار عنهم إذا لم يتصل بهم أبداً .
& لم تشر أي من المصادر البرتغالية المعاصرة لرحلات فاسكو دي غاما عن مرافقة أي عربي أو مسلم له في رحلاته فكل ما جاء في المصادر البرتغالية يشير إلى اسم ( كاتا ) كما ذكر المؤرخ البرتغالي (كاستا تهيدا ) المطبوع عام 1552م وكذلك المؤرخ ( كويش ) المطبوع عام 1566م في كتابه عن الملك البرتغالي مانويل فتردد الاسم نفسه في كتاب ( باروش ) المطبوع عام 1777م الذي جاء في الصفحة 38 من الكتاب قوله : لقد أقبل معهم أحدهم (Maure) من كاجارات يحمل اسم ( كانا ) فانضم إلى صحبتنا يلتمس المتعة والسلوان بقدر ما كان يتسول لإرضاء حاكم ماليندي الذي كان يبحث عن ربان يرشد البرتغاليين ، وهو الذي أبحر مع ديجاما في العام 1498م .
& وحملة تبرئة ابن ماجد توالت في الفترة الأخيرة في أكثر من مناسبة علمية مثل :
& ندوة ابن ماجد في معرض ا**بو لشبونة عام 1998م بمشاركة عدد من العلماء والمؤرخين البرتغاليين وبحضور الشيخ حامد بن زايد آل نهيان .
& وفي ندوة تاريخ العلوم عند العرب في اللاذقية برعاية الرئيس الراحل حافظ الأسد وحضور عدد من العلماء والمؤرخين العرب والأجانب وبمشاركة الدكتورة صالحة سنقر وزيرة التعليم العالي سابقاً .
& وكذلك في مؤتمر عُمان في التاريخ والذي أقيم تحت رعاية السلطان قابوس وحضور جمع من العلماء والسيد فيصل وزير التراث القومي .
القسم الثاني : جهوده وآثاره الأدبية :
• مؤلفات أحمد بن ماجد :
أما مؤلفات أحمد بن ماجد … كما رتبها الدكتور أنور عبد العليم (18) كالتالي : 1-أرجوزة بر العرب في خليج فارس ( 100 بيت ) .
2-أرجوزة في قسمة الجمة على أنجم بنات نعش ( 221 بيتاً ، ألفت سنة 900 هـ ) .
3-أرجوزة في النتخات لبر العرب ( 255 بيتاً ) .
4-أرجوزة مخمسة ( في شؤون البحر ، 17 بيتاً ) .
5-الأرجوزة المعربة ( 178 بيتاً ) عربت الخليج البربري وصححت قياسه ، ألفت سنة 890هـ .
6-البليغة في قياس السهيل والمرامح ( 64 بيتاً ) .
7-التائية ( 55 بيتاً ، من جدة إلى عدن ) .
8-تصنيف قبلة الإسلام في جميع الدنيا ، و تسمى تحفة القضا ( 295 بيتاً