هما : فوق وتحت ..
هرب إبليس من هاتين الجهتين بالذات .. ولم يقل سآتي لهم من فوقهم أو من تحتهم ، لأنه يعلم أن الجهة العليا تمثل الفوقية الإلهية ..
وأن الجهة السفلى تمثل العبودية البشرية حينما يسجد الإنسان لله .. ولذلك ابتعد إبليس عن هاتين الجهتين تماماً.
ومن العجب أنك إذا نظرت إلى أبواق الإلحاد فى كل عصر .. تجدها تأتى من الجهات التى يأتي منها الشيطان .. يقولون:
تقدمي جهة الأمام ..ورجعي جهة الخلف ويميني جهة اليمين ويساري جهة اليسار ..
نقول لهم نحن لسنا في أية جهة من هذه الجهات.
لا تقدميين ندعو إلى التحلل والفجور ..
ولا رجعيين نقول هذا ما وجدنا عليه آباءنا .
ولا يساريين ننكر الدين ونناصر الكفر ..
ولا يمينيين نؤمن بالرأسمالية واستغلال الإنسان ..
ولكننا أمة محمدية فوقية كل أمورنا من الله
وما دامت أمورنا من الله سبحانه وتعالى فنحن لا نخضع لمساوٍ لنا ولكننا نخضع لله العلى القدير وما دمت تخضع لأعلى منك فلا ذلة أبداً بل عزة ورفعه مصداقا لقوله تبارك وتعالى
يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ(
سورة المنافقون
ونحن أمة محمدية فوقية .. نعلن عبوديتنا وخضوعنا لله .. ونتبع منهج السماء ..
ولذلك فقد تميزنا عن البشر جميعاً لأن كل إنسان فى الدنيا لا يخضع لله سبحانه وتعالى ولا يأخذ منهجه عنه فهو خاضع لمنهج بشرى وضعه مساوٍ له من البشر ..
والنفس البشرية لها هوى تريد أن تحققه .
لذلك فهى تضع المنهج الذى يمكنها من أن تتميز به على الناس ..
المنهج الذى تستفيد منه هى وحدها..
وقد يكون المنهج من وضع مجموعة أفراد أو طبقة ..
نقول أن مناهجهم لفائدتهم .. ولكن الله سبحانه وتعالى يضع منهجه ليعطيك خيراً ..
لا ليأخذ منك الخير لأنه جل جلاله مصدر الخير كله وهو ليس محتاجاً لما تملك ولا ما يملك البشر.
اذن العدل والخير والعزة هى منهج السماء فالله لا يأخذ منك ولكن يعطيك ولا يذلك ولكن يعزك.
على أن هناك لفتة .. لا بد أن ننتبه إليها .
فهذه الفوقية هى التى جعلت الله سبحانه وتعالى يختار أمة أمية ..
ليجعل فيها آخر صلة للسماء بالأرض ويختار من هذه الأمة رسولاً أمياً ..
أي كما ولدته أمه لم يأخذ ثقافة من مساوية..لم يتثقف على الشرق أو على الغرب ولم يقرأ لفلان فيتأثر به .. أو لفيلسوف فيتبعه ولكن الذى علمه هو الله جل جلاله