عنوان الموضوع يوحي لك بأنني سأتحدث عن التكاليف المتفاوتة للفحص الطبي بين الأطباء وإشفاقي على الطبقة الفقيرة والمعوزة في
المجتمع، وربما تراودت إلى ذهنك فكرة استعباد المريض وامتصاص جيبه بتلك المراجعات اللازمة أحيانا وغير اللازمة أحيانا كثيرة، حتى
يهلك المسكين نفسيا قبل أن يهلك من كثرة الأدوية صحيا.
ما أود الحديث عنه هو أخلاق هؤلاء الأطباء وخبراتهم، وكذا كفاءاتهم
المهنية التي لم يكن أحد ليشك في مصداقيتها في السابق، فقد كان المريض يشعر بتحسن لمجرد دخوله لعيادة الطبيب، وقبل تناوله لأي
دواء، فمن الواضح أن الطبيب في ذلك الزمان كان رمزا للأخلاق والمعاملة الحسنة وكل الصفات الإنسانية النبيلة، وقد كان يلقى احتراما
كبيرا لما يملكه من علم ولما يظهره من تمكن في العمل، وللأمانة التاريخية فإن الأطباء في ذلك الزمان قلة يعدون على أصابع اليد، إلى
أن جاء زمننا هذا وأصبح عدد الأطباء في جميع المجالات يتعدى أصابع اليدين و الرجلين معا، مما سبب للمريض تخبطا بين مختلف
التشخيصات، فتجده في حيرة من أمره أيا منها يصدق.
تردد المريض على أكثر من طبيب أمر طبيعي للغاية ومعقول جدا
فهو لا يثق في نتيجة تشخيص واحدة لأنه يعلم أن الطبيب في النهاية كان طالبا والطالب إما أنه نجيب مجتهد وإما أنه كسول لا مبالي، لذلك
فتشخيص الأول حتما لن يكون كتشخيص الثاني، ويجدر بي أن أذكر في هذا السياق أن طبيب اليوم ألغى صفات كثيرة كانت لدى طبيب
الأمس فمثلا تجده يذم بقية الأطباء ويشكك في مصداقيتهم مدعيا تمكنه الفريد، وأيضا تجد طبيبا في غرفة الفحص بسيجارة في فمه وهذا نفس
مبدأ علبة السجائر المكتوب عليها "التدخين يضر بالصحة".
" علمتني الحياة أن أحترم عقول البشر ولكن ألا أثق بها "، و" علمتني
الحياة أيضا أن أحترم المهنة التي اخترتها وأن أتقيد بقوانينها ".
كرافسة_حسناء من بسكرة