حمداً لله على السراء والضراء والصلاة والسلام على من عانى المرض والبلاء وعلى آله وصحبه أهل الصبر والرضا أما بعد:
فلقد تفشت الأمراض وتنوعت في هذا الزمان بل واستعصى بعضها على الأطباء مثل السرطان ونحوه رغم وجود العلاج إذ ما جعل الله داء إلا جعل له دواء لكن جُهل لحكمة أرادها الله ولعل من أكبر أسباب هذه الأمراض المعاصي والمجاهرة بها لذلك تحل بالعباد فتهلكهم بقول تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} ومنها امتحان الله لعباده في هذه الدنيا المليئة بالمصائب والأكدار الطافحة بالأمراض والأخطار.
ولما رأيت المرضى يصارعون الألم وأصحاب الحاجات يكابدون الآهات ويطرقون كل الأبواب ويفعلون كل الأسباب وقد تاهوا عن باب رب الأرباب وسبب القاهر الغلاب كانت هذه الكلمات أهديها لكل مريض لأبدد بها أشجانه وأزيل بها أحزانه وأعالج بها أسقامه فيا أيها المريض الحسير يا أيها المهموم الكسير يا أيها المبتلى الضرير سلام عليك قدر ما تلظيت بجحيم الحسرات عليك عدد ما سكبت من العبرات سلام عليك عدد ما لفظت من الآنات.
قطعك مرضك عن الناس وألبست بدل العافية البأس الناس يضحكون وأنت تبكي لا تسكن آلامك ولا ترتاح في منامك وكم تتمنى الشفاء ولو دفعت كل ما تملك ثمناً له.
أخي المريض: لا أريد أن أجدد جراحك وإنما سأعطيك دواء ناجحاً وسأريحك بإذن الله من معاناة سنين إنه موجود في قوله صلى الله عليه و سلم: «داووا مرضاكم بالصدقة» حسنه الألباني في صحيح الجامع
نعم يا أخي إنها الصدقة بنية الشفاء ربما تكون تصدقت كثيراً ولكن لم تفعل ذلك بنية أن يعافيك الله من مرضك فجرب الآن ولتكن واثقاً من أن الله سيشفيك أشبع فقيراً أو اكفل يتيماً أو تبرع لوقف خيري أو صدقة جارية.
إن الصدقة لترفع الأمراض والأعراض من مصائب وبلايا وقد جرب ذلك الموفقون من أهل الله فوجدوا العلاج الروحي أنفع من العلاج الحسي وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج بالأدعية الروحية والإلهية وكان السلف الصالح يتصدقون على قدر مرضهم وبليتهم ويخرجون من أعز ما يملكون فلا تبخل على نفسك إن كنت ذا مال ويسار فهاهي الفرصة قد حانت.
يذكر أن رجلاً سأل عبد الله بن المبارك رضي الله عنه عن مرض أصابه في ركبتيه منذ سبع سنين وقد عالجها بأنواع العلاج وسأل الأطباء فلم ينتفع.
فقال له ابن المبارك: اذهب واحفر بئراً فإن الناس بحاجة الماء فإني أرجو أن تنبع هناك عين ويمسك عنك الدم ففعل الرجل ذلك فبرأ . (وردت هذه القصة في صحيح الترغيب).
ويذكر أن رجلاً أصيب بالسرطان فطاف الدنيا بحثاً عن العلاج فلم يجده فتصدق على أم أيتام فشفاه الله.
وقصة أخرى يرويها صاحبها لي فيقول:
لي بنت صغيرة أصابها مرض في حلقها فذهبت بها للمستشفيات وعرضتها على كثير من الأطباء ولكن دون فائدة فمرضها أصبح مستعصياً وأكاد أن أكون أنا المريض بسبب مرضها الذي أرق كل العائلة وأصبحنا نعطيها أبراً للتخفيف فقط من آلامها حتى يئسنا من كل شيء إلا من رحمة الله!
إلى أن جاء الأمل وفتح باب الفرج فقد اتصل بي أحد الصالحين وذكر لي حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم: «داووا مرضاكم بالصدقة» فقلت له قد تصدقت كثيراً!
فقال تصدق هذه المرة بنية شفاء ابنتك وفعلاً تصدقت بصدقة متواضعة لأحد الفقراء ولم يتغير شيء فأخبرته فقال: أنت ممن لديهم نعمة ومال كثير فلتكن صدقتك بحجم مالك فذهبت للمرة الثانية وملأت سيارتي من الأرز والدجاج والخيرات بمبلغ كبير ووزعتها على كثير من المحتاجين ففرحوا بصدقتي ووالله لم أكن أتوقع أبداً أن آخر إبرة أخذتها ابنتي هي التي كانت قبل صدقتي فشفيت تماماً بحمد الله... فأيقنت بأن الصدقة من أكبر أسباب الشفاء والآن ابنتي بفضل الله لها ثلاث سنوات ليس بها أي مرض على الإطلاق ومن تلك اللحظة أصبحت أكثر من الصدقة خصوصاً على الأوقاف الخيرية... وأنا كل يوم أحس بالنعمة والبركة والعافية في مالي وعائلتي وأنصح كل مريض بأن يتصدق بأعز ما يملك ويكرر ذلك فسيشفيه الله ولو بنسبة وأدين الله بصحة ما ذكرت والله لا يضيع أجر المحسنين.
وخذ قصة أخرى ذكرها صاحبها لي حيث قال:
ذهب أخي إلى مكان ما و وقف في أحد الشوارع و بينما هو كذلك ولم يكن يشتكي من شيء إذ سقط مغشياً عليه وكأنه رمي بطلقة من بندقية على رأسه فتوقعنا أنه أصيب بعين أو بورم سرطاني أو بجلطة دماغية فذهبنا به لمستشفيات عدة ومستوصفات وأجرينا له الفحوصات والأشعة فكان رأسه سليماً لكنه يشتكي من ألم أقض مضجعه وحرمه النوم والعافية لفترة طويلة بل إذا اشتد عليه الألم لا يستطيع التنفس فضلاً عن الكلام فقلت له: هل معك مال نتصدق به عنك لعل الله أن يشفيك؟
قال: نعم . فسحبت ما يقارب السبعة آلاف ريال واتصلت برجل صالح يعرف الفقراء ليوزعها عليهم وأقسم بالله العظيم أن أخي شفي من مرضه في نفس اليوم وقبل أن يصل الفقراء شيء، وعلمت حقاً أن الصدقة لها تأثير كبير في العلاج.
........
سليمان بن عبد الكريم المفرج