فإنَّ الموتَ مقدمٌ على الكلِّ : الظالمِ والمظلومِ ، والقويِّ والضعيفِ ، والغنيِّ والفقيرِ ، فلست بِدعاً من الناسِ أنْ تموت ، فقبلك ماتتْ أممٌ وبعدك تموتُ أممٌ .
ذكر ابنُ بطوطة أنَّ في الشمالِ مقبرةً دُفن ألفُ ملِكٍ عليها لوحةٌ مكتوبٌ فيها :
وسلاطينُهم سلِ الطين عنهمُ والرؤوسُ العظامُ صارتْ عظاماً
إنَّ الأمرَ المذهل في هذا : غفلةُ الإنسانِ عنْ هذا الفناءِ المداهمِ له صباح مساء ، وظنُّه أنهُ خالدٌ مخلَّدٌ منعَّمٌ ، وتغافلُه عن المصيرِ المحترمِ وتراخيه عن النهايةِ الحقَّةِ لكلِّ حيٍّ : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾، ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ ﴾.
لما أهلك اللهُ الأمم ، وأباد الشعوب ، ودمَّرَ القُرى الظالمةَ وأهلها ، قال–عزَّ مِنْ قائل-: ﴿ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً ﴾؟! انتهى كلُّ شيءٍ عنهمْ إلا الخبرَ والحديث هل عندكمْ خبرٌ منْ أهلِ أندلسٍ