تتجه أغلب الشعوب العربية إلى السعي الحثيث من أجل التغيير السياسي.والحصول على قدر من المكتسبات في حراكها المتواصل ضد أنظمتها القمعية المتسلطة.وحق لها ذلك فإذا كان الله من فوق سبع سموات أمر بعدم الإكراه في الدين الحق.فكيف يريدنا هؤلاء المستحكمين بالعباد والبلاد أن نسبح بحمد سياساتهم الفاشلة التي لم تجلب لنا إلا الويلات والخزي والعار.رشوة مستفحلة في كافة دوائر الدولة.هجرة جماعية نحو الخارج طوعا أو كرها.بطالة وفقر وجهل وأمية وتفتيت لأوصال الأمة.وتضييع أقدس الأقداس القدس الشريف.وهلم جرا.
فإذا إتفقنا على أن الديمقراطية حق شرعي لنا لامزية لحاكم أو مسؤول فيها.فإنني أطرح السؤال التالي.ثم ماذا بعد الديمقراطية؟أنكتفي بها ؟
الجواب بمنتهى البساطة لا.((..فليس بالديمقراطية وحدها يحيي الإنسان ياصديقي..)).هب مثلا أننا بلد ديمقراطي نحاسب المسؤول ولنا حرية الفكر والإعلام ونتداول سلميا على السلطة ونمارس كل أبجديات الديمقراطية.فهل سنحقق الإكتفاء الذاتي من الغذاء وهل سنستخرج خيراتنا الباطنية بمجهوداتنا الذاتية. وهل سنتحكم بالتكنولوجيا ونغزو الفضاء ولا يستطيع الموساد الكشف عن عوراتنا وإستباحة دمائنا؟ وأخير هل سنحرر الأقصى الشريف؟
خذ مثلا لبنان التي يقال عنها أنها البلد الديمقراطي الوحيد بالعالم العربي.وأن ديمقراطيتها مثال يحتذى به.أليس بها من الهزات السياسية ما يعلم به إلا الله؟وهجرة الشباب بها نحو الدول الأروبية يشكل رقما قياسيا بل ظاهرة ملفتة للإنتباه.وهو مقسم طائفيا ومتجاذب سياسيا بين قوى إقليمية ودولية عديدة.
ياسادة الديمقراطية حلم نتمناه ونسعى لأجله لكن ليس هو منتهى طموحاتنا.أمامنا تحديات أصعب من الديمقراطية ولربما لن نمارس الديمقراطية بدونها.أهمها تحرر العقول وتغيير السلوكيات المنافية للشرع والعرف.علينا أن نرتقي لما هو أسمى.أن نتثقف أن نتحضر.فدراسات علماء الإجتماع والنفس حبلى بالأبحاث التي تديننا.نريد ان نستثمر في الإنسان قبل الإستثمار في العقار.نريد أن نشبع حاجاتنا الروحية والعقلية قبل الحاجات المادية.الديمقراطية في مرحلة ما ستصبح تحصيل حاصل أو على الأقل ستصبح في متناولنا والحصول عليها سيكون بأقل جهد وأقل تكلفة بشرية.طبعا إذا ما وصلنا لمرحلة التشبع الفكري والحضاري والأخلاقي