تتوالى الأحداث في عالمنا العربي متسارعة حيث لا يكاد يمر علينا يوم إلا ونصحو على خبر جديد من أي دولة عربية كانت.والملاحظ أن هذه الأحداث في مجملها عنيفة فمن شهر ديسمبر((كانون الاول))من السنة الفارطة سجلت عدة صدامات بين الشعب والسلطة.ظاهر هذه التحركات مطالب إجتماعية وباطنها سياسي بإمتياز يتعلق بالمشاركة السياسية الفاعلة والتداول السلمي على السلطة إختصارا الشارع العربي يطالب بالديمقراطية الحقيقة.لأن الشعب العربي مهيأ نفسيا للقيام بثورة عارمة ضد كل رموز السلطة بإعتباره فقد الثقة في ممثليه على مستوى الرئاسة((بالنسبة للنظم الجمهورية))ورئاسة الوزراء ومجلس الامة والبرلمان.
هذا التحرك والحراك المستمر ليس نابع من عدوانية الفرد العربي كما قد يتوهم الغير.إنما هو سلوك إضطر إليه شبابنا بعد ما يئسوا من التسويفات والوعود بالتغيير والإنفتاح المزعوم.ألم تقم حركة مماثلة من قبل في نهاية الثمانينات بعد سقوط جدار برلين وزوال الثنائية القطبية في حركة أطلق عليها عالميا التحول الديمقراطي فماذا كان حظنا كعرب من هذا التحول؟لاشيئ ملموس يمكن البناء عليه.كل ما في الأمر أن الأنظمة العربية قامت بتغيير جلدها والتكيف مع المرحلة فمثلا في الجزائر أزيح حزب جبهة التحرير من الحكم وإنظم للمعارضة كهيكل لكن الاشخاص والافكار لم تتغير.جاء عبد العزيز بوتفليقة للسلطة كمرشح مستقل إلا انه يعتبر من الحرس القديم ألم يكن وير خارجية من قبل؟ ألم يكن في صفوف حزب جبهة التحرير إذا مالفرق؟ وتونس أزيح الرئيس الحبيب بورقيبة في نوفمبر1987وجاء زين العابدين بن علي تحت شعار التغيير.فهل غيرشيئا؟
إذا الشعب العربي يختزن في ذاكرته هذه التجارب التي لم تأتي بالملموس لذلك أتوقع أن الحراك الحالي سيكون أكثر حدة لأنه أعطى لهذه الديناصورات المتحجرة على كراسييها فرصة لكنها فضلت الانغلاق على نفسها.نحن يا سادة مقبلون على مرحلة أتوقع ان التغيير سيكون فيها أكثر وضوحا وشمولا مما سبق.فهذه المرة لن نستورد نماذج خارجية فقد صار لنا نموذجنا الحي.مع بعض الخصوصية في كل بلد طبعا.
الحراك الشعبي في حد ذاته شيئا طبيعيا يحدث مع كل المجتمعات الحية.لكنه هذه المرة سيكون تحركا واعيا لن ينتهي بوعود وتطمينات بل بنتائج ملموسة. شعوب مثلنا كانت تحت الإستبداد السياسي لكنها اليوم تنعم بالديمقراطية والنمو خذ مثلا في أمريكا اللاتينية مثل البرازيل والأرجنتين والتشيلي كلها انظمة تسير نحو الديمقراطية وفي أسيا هناك ماليزيا الهند كوريا الجنوبية وغيرهم كثير فهل نحن أقل منهم حتى نتخلف عن الركب؟