.حمد لله، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله و صحبه تسليما.
إخواننا القابضين على دينهم،
كالقابض على الحمر، من أجزل الله ثوابهم، فيما لقوا في ذاته، و صبروا
النفوس و الأولاد في مرضاته، الغرباء القرباء إن شاء الله، من مجاورة نبيه
في الفردوس الأعلى من جناته، و ارثو سبيل السلف الصالح، في تحمل المشاق، و
إن بلغت النفوس إلى التراق، نسأل الله أن يلطف بنا، و أن يعيننا و إياكم
على مراعات حقه، بحسن إيمان و صدق، و أن يجعل لنا و لكم من الأمور فرجا، و
من كل ضيق مخرجا، بعد السلام عليكم، من كتابه إليكم من عبيد الله أصغر
عبيده، و أحوجهم إلى عفوه، و مزيده، عبيد الله تعالى أحمد ابن بوجمعة
المغراوي ثم الوهراني، كان الله للجميع بلطفه و ستره، سائلا من إخلاصكم و
غربتكم حسن الدعاء، بحسن الخاتمة و النجاة من أهوال هذه الدار، و الحشر مع
الذين أنعم الله عليهم من الأبرار، و موكدا عليكم في ملازمة دين الإسلام
آمرين به من بلغ من أولادكم. إن لم تخافوا دخول شر عليكم من إعلام عدوكم
بطويتكم، فطوبي للغرباء الذين يصلحون إّذا فسد الناس، و إن ذاكر الله بين
الغافلين كالحي بين الموتى، فاعملوا أن الأصنام خشب منجور، و حجر جلمود لا
يضر و لا ينفع، و أن المُلك ملك الله ما اتخد الله من ولد و ما كان معه
من إله. فاعبدوه، و اصطبروا لعبادته، فالصلاة ولو بالإيماء، و الزكاة ولو
كأنها هدية لفقيركم أو رياء، لأن الله لا ينظر إلى صورتكم و لكن إلى
قلوبكم، و الغسل من الجنابة ولو عوما في البحور، و إن منعتم فالصلاة قضاء
بالليل لحق النهار، و تسقط في الحكم طهارة الماء، و عليكم بالتيمم ولو
مسحا بالأيدي للحيطان، فإن لم يمكن فالمشهور سقوط الصلاة و قضاؤها لعدم
الماء و الصعيد إلا أن يمكنكم الإشارة إليه بالأيدي و الوجه إلى تراب طاهر
أو حجر أو شجر مما يتيمم به، فاقصدوا بالإيماء، نقله ابن ناجي في شرح
الرسالة لقوله عليه السلام : فأتوا منه ما استطعتم. و إن أكرهوكم في وقت
صلاة إلى السجود للأصنام أو حضور صلاتهم فأحرموا بالنية، و أنووا صلاتكم
المشروعية، و أشيروا لما يشيرون إليه من صنم، و مقصودكم الله، و إن كان
لغير القبلة تسقط في حقكم كصلاة الخوف عند الإلتحام، و إن أجبروكم على شرب
الخمر، فاشربوه لا بنية إستعماله، و إن كلفوا عليكم خنزيرا فكلوه ناكرين
إياه بقلوبكم، و معتقدين تحريمه، و كذا إن أكرهوكم على محرم، و إن زوجوكم
بناتهم، فجائز لكونهم أهل الكتاب، و إن أكرهوكم على إنكاح بناتكم منهم،
فاعتقدوا تحريمه لولا الإكراه، و أنكم ناكرون لذلك بقلوبكم، ولو وجدتم قوة
لغير تموه. و كذا إن أكرهوكم على ربا أو حرام فافعلوا منكرين بقلوبكم، ثم
ليس عليكم إلا رؤوس أموالكم، و تتصدقون بالباقي، إن تبتم لله تعالى، و إن
أكرهوكم على كلمة الكفر، فإن أمكنكم التورية و الإلغاز فافعلوا، و إلا
فكونوا مطمئني القلوب بالإيمان إن نطقتم بها ناكرين لذلك، و إن قالوا
اشتموا محمدا فإنهم يقولون له ممد، فاشتموا ممدا، ناوين أنه الشيطان أو
ممد اليهود فكثير بهم. و إن قالوا عيسى ابن الله، فقولوها إن أكرهوكم، و
انووا إسقاط مضاف أى عبد اللاه مريم معبود بحق. و إن قالوا قولوا المسيح
ابن الله فقولوها إكراها، و انووا بالإضافة لملك كبيت الله لا يلزم أن
يسكنه أو يحل به، و إن قالوا قولوا مريم زوجة له فانووا بالضمير ابن عمها
الذي تزوجها في بني إسرائيل ثم فارقها قبل البناء، قاله السهيلي في تفسير
المبهم من الرجال في القرآن. أو زوجها الله منه بقضائه و قدره. و إن قالوا
عيسى توفي بالصلب، فانووا من التوفية و الكمال و التشريف من هذه، و
إماتته و صلبه و إنشاد ذكره، و إظهار الثناء عليه بين الناس، و أنه
استوفاه الله برفعه إلى العلو، و ما يعسر عليكم فابعثوا فيه إلينا نرشدكم
إن شاء الله أن يديل الكره للإسلام حتى تعبدوا الله ظاهرا بحول من غير
محنة و لا وجلة، بل بصدمة الترك الكرام. و نحن نشهد لكم بين يدي الله أنكم
صدقتم الله و رضيتم به. و لا بد من جوابكم. و السلام عليكم جميعا. بتاريخ
غرة رجب عام عشرة و تسع مائة، عرف الله خيره.
منقولة عن كتاب سقوط غرناطة ومأساة الأندلسين
واصل الوثيقة مكتبة الفتكان