أكد عدد من شيوخ الجزائر ودكاترتها المختصين في الفقه، في تصريح لـ"الشروق"، على صحة زواج الفتاة من المدخن، في رد منهم على فتوى أصدرها الشيخ أبو عبد السلام، حرم فيها هذا الزواج، وأحدث بلبلة وسط الشباب المعني بالزواج والتدخين، وقالوا إنه "زواج صحيح ولا علاقة للتدخين بصحته أو تحريمه"، مضيفين أن التدخين ليس شرطا من شروط عقد الزواج.
أكد الدكتور عبد الحليم قابة، في رده على سؤال الشروق حول رأي الشرع الإسلامي في صحة زواج الفتاة من مدخن، أن الزواج يعتبر صحيحا ولا علاقة له بالتدخين، مضيفا أن التدخين حرام، ومتعاطيه يعتبر عاصيا ويجب على المسلم أن يتركه ويتوب، والتدخين ـ يقول قابة ـ "ليس شرطا من شروط الزواج، وإلا لأصبحت الغيبة تبطل وتحرم الزواج أيضا"، وعلق على فتوى الشيخ أبو عبد السلام قائلا: "إنها جاءت في معرض النصح والإرشاد لا التحريم".
من جهته أكد الشيخ يوسف بن حليمة إمام وخطيب مسجد العربي التبسي بالعاصمة، أنه يجب عدم تحريم الزواج بسبب تدخين الزوج، وإلا لوجب تحريم الزواج من شارب الخمر ومقترفي المحرمات، ونحرم بذلك الكثيرين من الزواج، مضيفا أن هذه الفتوى لو جاءت من هيئة فتوى، وجاءت بإجماع، لعملنا بها وأصبحت دستورا، وفي تعليقه على فتوى الشيخ أبو عبد السلام، التي قال فيها إن الزواج من المدخن حرام، قال الشيخ يوسف: إنها جاءت بجانب إيجابي، وهو ترهيب الناس من آفة التدخين، غير أنه دعا لعدم التشدد فيها، حتى لا نخسر الكثير من الناس، وحتى ندعو لسبيل ربنا بالحكمة والموعظة الحسنة، ونسلك سبيل الدعوة بالتدرج، كما رأى الشيخ يوسف الذي قال إنه لا يشجع على التدخين بهذا الرأي، أن فتوى الشيخ أبو عبد السلام في هذه القضية لا تعد مرجعا في الفتوى، بل تعتبر فردية.
الشيخ موسى إسماعيل هو الآخر وافق الشيخين في ما ذهبا إليه، وقال إن زواج الفتاة من مدخن صحيح، والأمر يبقى مرتبطا بالزوجة، فيما إذا كانت تقبل به أم لا، وإذا حرمنا هذا الزواج فيجب تحريم الزواج من شارب الخمر أيضا.
وكانت فتوى الشيخ أبو عبد السلام التي نشرت في إحدى اليوميات الجزائرية والخاصة، بتحريم الزواج من مدخن، قد أحدثت ضجة بين أوساط الشباب، كما تناقلتها مواقع عديدة، فيما لجأ العديد من الشباب للبحث عن فتوى "مشرقية" في هذا الباب، تشفي غليله وتصحح زواجه أو تحرمه، قام الكثيرون ممن قرأ الفتوى بالاتصال بالشروق للاستفسار أو طلبا للنصيحة، كما طالبها العديد منهم بالاتصال بشيوخ الجزائر، لأخذ رأيهم في هذه الفتوى.
وتأتي فتوى الشيخ ردا على سؤال فتاة مقبلة على الزواج من مدخن، وفيما إن كان زواجها صحيحا أم لا، حيث كان رد الشيخ أبو عبد السلام، "أنّ الزواج من أعظم الوسائل الّتي يتّخذها المؤمن من أجل تحقيق العبودية لله جلّ وعلا.." وأضاف "أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر بتزويج البنت من ذي الخُلق والدِّين إذا تقدّم لخطبتها وقبِلته، فقال صلوات ربّي وسلامه عليه: »إذا أتاكم مَن ترضون دينه وخُلقه فزوّجوه«". ومن رد الشيخ على الفتاة بحكم الشرع في الزواج بمَن يدخّن السجائر، قوله إنه "محرّم. والدليل على ذلك قوله تعالى: »ولا تقتلوا أنفُسكم إنّ الله كان بكم رحيمًا«، وقوله سبحانه وتعالى: »ولا تُلقوا بأيديكم إلى التّهلُكَة وأحسِنوا إنّ الله يُحبّ المُحسنين«"، وذكّر الشيخ أبو عبد السلام بالأضرار الصحية لهذه الآفة للفرد المدخن، ولكل من حوله حتى تلويث الهواء.