الَمفَاتِيحُ العَشَرَة
لِحُسنِ العِشرَة
الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذه عشرة مفاتيح أنثرها بين يديكِ –أختي المسلمة- لتعرفينها، وتفهمينها، وتعملين بها في بيتكِ ومع زوجكِ وأبنائكِ لعشرة طيبة، وحياة هانئة، وسعادةٍ واستقرار، قال تعالى
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)،(الروم:21).
أسأل الله أن يجعل هذه المفاتيح مفاتيح خير، وأن ينفع بها وبكِ، إنه سميع مجيب.
((المفتاح الأول))
تقوى الله عز وجل، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا *يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) ،(الأحزاب:70-71).
فبالتقوى يُصلح الله الأعمال، ويغفر الذنوب التي تجعل المرء ثقيلاً عن أداء الطاعات، فيقل الأداء الحيوي والإيجابي في التعامل مع أفراد الأسرة، فالتقوى أن تعمل بطاعة الله على نور وهدى من الله(أي اعلمي) رجاء رحمته، وأن تترك معصيته على نور وهدى من الله مخافة عذابه.
فاتقي الله يا أمة الله في زوجكِ وأبنائكِ وأهل بيتكِ لتحصلي على أول المفاتيح العشرة.
((المفتاح الثاني))
الصدق والإخلاص في المحبة والعشرة بالمعروف،
فهي صمام أمان للأسرة، ومنها تنطلق المعاملة بين أفراد البيت، فإخلاصكِ لزوجك نابع من محبتكِ له، ومحبتكِ له تدفعكِ لحسن عشرته، وبذلك يعمر البيت وتُبنى له دعائم ومقومات الحياة الطيبة. قال تعالى
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)،(الروم:21).
((المفتاح الثالث))
المداومة على الأذكار اليومية، والتحصينات الشرعية وتعويد الصغار عليها، مثل أذكار الصباح والمساء، وأدعية دخول المنزل والخروج منه، ودخول الحمام والخروج منه، وما يقال عند الأكل والفراغ منه، مثل قول
بسم الله) عند الأكل والشرب واللباس والطهي والغسل.فذكر الله يشرح الصدر، قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)،(الرعد:28).
ولا تهملي تحصين البيت والأولاد بالأدعية والأذكار الشرعية الواردة الصحيحة من الكتاب والسنة التي تقي بإذن الله تعالى من شر الشيطان وأعوانه.
قال صلى الله عليه وسلم:" لا تجعلوا بيوتكم مقابر فإن الشيطان يفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة" مسند الإمام احمد7808.
وقال صلى الله عليه وسلم:" مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت" صحيح مسلم 779.
عندها تحصنين نفسكِ وبيتكِ وأهلكِ من الشرور، وتحصلين على المفتاح الثالث لسعادة النفس وطمأنينتها وانشراحها.
((المفتاح الرابع))
المحافظة على النظافة في البدن والثوب والمسكن، وكوني أمام زوجكِ حسنة المظهر، وكذلك اهتمي بنظافة أبنائكِ وحسن مظهرهم.
واحرصي على إعداد أشهى الأطعمة التي يرغبها زوجكِ- دون إسراف- والحرص على سؤاله عمَّا يحب أن تقدمي له بين الحين والآخر.
قال صلى الله عليه وسلم:"لوتعلم المرأة حق الزوج لما قعدت ما حضر غداؤه وعشاؤه حتى يفرغ منه" المعجم الكبير333.
وعليكِ أن تقومي بكل خدمة في الدار تقدرين عليها من طهي للطعام وغسل للثياب، وما يحتاج إليه المنزل من ترتيب واهتمام، كما كان عليه نساء الصحابة "رضي الله عنهم أجمعين" .
((المفتاح الخامس))
الحشمة وعدم التبرج بزينة، خاصةً عند الخروج، فيجب أن يكون خروجكِ مصحوباً بالتستر والاحتشام وعدم التبذل.كذلك عدم إبراز المحاسن وإظهار ما أوجب الله تعالى عليكِ ستره، قال تعالى
وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ،(النور:31).
((المفتاح السادس))
إقلال الخروج من البيت؛لأن المرأة الخرَّاجه الولاَّجة مذمومةً عند زوجها،وقد يؤدي بها ذلك إلى فقد الحياء، وقد تتعرض أيضاً للخطر والأذى، قال تعالى
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى)،(الأحزاب:33).
وإذا أردتِ الخروج لصلة أرحام أو لصلاة في المسجد أو مصلى أو لشراء دواء أو طلب علاج عاجل فاخرجي وأنتِ مستورة بلباس شرعي من قمَّة رأسكِ إلى أخمص قدميكِ مع ذي محرم ما أمكن.
والأفضل أن تأخذي إذناً مفتوحاً من زوجك بذلك حال الضرورة أو تخبرينه بطريقة ٍما في حال خروجكِ.
((المفتاح السابع))
لا تتفاخري على زوجكِ بجمالكِ، ولا تزدريه لقبحه، ولا تُعيَّريه بأمر يسيئه، أو بأهله وعشيرته، فإن ذلك من الأمور المنفِّرة والتي تحدث فجوةً بينكِ وبينه، وقد تنتقل هذه الخصلة إلى بناتكِ مستقبلاً، فيقل الاحترام و التقدير وتبدأ زهرة الحياة والأنس في الذبول شيئاً فشيئاً ما لم يأت ما يقومها.
قال تعالى
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ )،(الحجرات:11).
وتعلَّمي فنَّ الإبتسامة، والتسامح والعفو، والتغاضي عن الهفوات والزلات، وإياك وتتبع العثرات؛ فهي من الأسباب المكدرة لصفو حياة الأسرة.
((المفتاح الثامن))
ملازمة الصلاح في غيبة الزوج، والرجوع إلى اللعب والانبساط و أسباب الفرح في حضوره، وتجنبي التهجم والعبوس في وجهه، ورفع الصوت أمامه، وكثرة الكلام.
واحذري من الغيرة الزائدة التي لا سبب لها، أو التجسس عليه، فكل ذلك من معاول الهدم للحياة الزوجية الهادئة، لما تزرعه في النفس من شكوك وظنون كاذبة.
قال تعالى
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا)، (الحجرات:12)
((المفتاح التاسع))
حفظ الأسرار،وخاصة الأسرار الزوجية، قال صلى الله عليه وسلم:"إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه ،ثم ينشر سرها" صحيح مسلم1437
ولا تسمحي لأحد بالدخول إلى بيتك ممن لا يرغب الزوج بدخوله إلا بإذنه، أو إفشاء سره، وكذلك حفظ الأموال من التبديد والإهمال والإسراف، وحفظ الأولاد من الضياع والانحراف وسوء التربية، وذلك بحسن تربيتهم، وإبعادهم عن صحبة السوء.
ومن المهم جداً حثهم على الصلاة والمحافظة عليها، وتقديم النصح والوقوف بإيجابية في الأزمات والظروف التي قد تمر بأهل البيت، والصبر على المصيبة، والقناعة بما قسم الله تعالى.
قال صلى الله عليه وسلم:"عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر، وإن أصابته ضراء صبر وكان خيراً له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن" صحيح ابن حبان 2896
((المفتاح العاشر))
تطهير البيت من المنكرات والمعاصي مثل: الموسيقى والغناء والصور والأفلام والمسلسلات. وكذلك تعاطي التدخين والمسكرات والغيبة والنميمة، وإن كان هناك بعضها فجاهدي نفسكِ على تركها وإزالتها وإخراجها من البيت باللين والحكمة والموعظة الحسنة، قال تعالى
ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)
(النحل:125).
فالله تعالى يبدِّل السيئات إلى حسنات، ويتوب على من تاب وأناب،قال تعالى
إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) (الفرقان:70).
أختي الغالية.. هذه عشرة مفاتيح هامة أسأل الله تعالى أن تقودكِ إلى الحياة التي تطلبينها، والسعادة التي تحلمين بتحقيقها في مسكنكِ مع زوجكِ وأبنائكِ، وأهل بيتكِ.
والله تعالى أعلم.
منقول من مجموعة آل سهيل الدعوية