لم يعد أمرا غريبا أو مستهجنا أن يخطب الرجل أو المرأة لابنتهما، خاصة وأن هناك من النصائح "التراثية" ما يشجع على هذه الخطوة، كالمثل الشعبي القائل
"اخطب لبنتك وما تخطبش لابنك".
وربما سيصبح في حكم العادي بعد سنوات أن تتولى الفتاة بنفسها خطبة عريسها دون أن تستعين بأبيها أو عمها، فلا تعجب أيها القارئ إذا طرقت بابك يوما قريبتك أو جارتك وهي تحمل باقة ورد أو علبة حلوى وهي تقول لك:
إني خطبتك لنفسي!
لمن تدفع أكثر
ربما ستأخذ هذه الظاهرة - أي أن تخطب الفتاة عريسا لنفسها بدون وساطات- مراحل متعددة قبل أن تكتمل ملامحها- ومن بين المراحل التي اتضحت فيها الرؤية وأصبح بإمكاننا أن نتحدث عنها بدون تحفظ أن تقصد الفتاة إحدى العائلات التي تعلم بأن لها ابنا عازبا لتعرض نفسها عليها دون أن تنسى استعراض مواهبها وطيبتها و"أصابعها العشرة"
التي تجيد مختلف الصنعات، ولكن قلما تنجح الفتاة في إقناع العريس أو عائلته بهذه الطريقة التي توحي بأن الفتاة هانت على نفسها،
وهانت على أهلها فصارت تعرض نفسها للزواج، اللهم إلا إذا كانت تنتمي إلى عائلة ثرية تستطيع أن توفر لها الكماليات التي يعجز عنها ابنهم
أو أن تكون مغتربة وبإمكانها أن توفر أوراق الإقامة "للمخطوب"،
.
وطبيعي جدا أن الفتاة تفشل في إقناع أهل العريس بالزواج طالما أنها لا تمتلك "المؤهلات" المادية التي تجعل العريس يوافق عليها، وهذا ماحدث مع "حفيظة" التي "خطبت" ابن عمتها صاحب الطلعة البهية، ولكنه رفضها لأنها متوسطة الجمال وفقيرة الحال.
ماذا لوخطبتك امرأة؟
ماذا لو تقدمت امرأة لطلب يدك؟ كيف سيكون شعوك؟ وكيف ستتصرف؟
يقول احد الشباب
"أين المشكلة في أن تطلب المرأة الرجل؟ ألم تفعلها قبلها السيدة خديجة رضي الله عنها؟ صحيح أننا في مجتمع ذكوري لا يستسيغ هذه الفكرة، ولكنها لو طبقت بدون خلفيات أو عقد لأخرجت الكثيرات من الدوائر المفرغة، وقضت على ظاهرة العنوسة".
ويقول هشام حول هذا الموضوع: "قد أوافق على الزواج من امرأة تطلب يدي في حال إذا كانت تتوفر فيها المواصفات التي كنت سأبحث عنها أنا لو كنت أنا الخاطب،
فإذا "خطبتني" امرأة فلابد أن تكون جميلة، بالإضافة إلى التوافق الفكري والثقافي والانسجام العاطفي كل هذه الشروط مطلوبة لأقبل الزواج بمن تطلبني"،
لابد من وسيط
مع أنه يوجد في السيرة النبوية العطرة ما يعضد فكرة خطبة المرأة لنفسها،حيث تجمع كل الروايات على أن خديجة رضي الله عنها خطبت الرسول صلى الله عليه وسلم لما بلغها عنه من أمانة وشهامة في رعاية تجارتها التي ألقتها بين يديه الشريفتين،
إلا أن تطبيق هذه الفكرة في هذا العصر بالذات الذي انقلبت فيه المفاهيم، ليست مضمونة النتائج دائما،
فإذا أبدى الرجل موافقته على المرأة التي طلبته فربما سيأتي يوم ويعيرها بماضيها ويطول لسانه على أخلاقها وحيائها،
فمن رأت فيها القدرة على تحمل مثل هذه "الصفعات" التي تأتي بغتة أو بمقدمات، فلتبعث من يخطب لها من تراه مناسبا لا أن تذهب إليه بنفسها وتقول له "إني خطبتك لنفسي" فذلك ليس من الحياء في شيء.