لا تعيش المبادئ إلا مع التضحيات ..
هل علمتَ أن رسولَنا صلى الله عليه وسلم وُضع السلى على رأسه ، وأُدميت عقباه ، وكُسرت ثنيته ، وشُجَّ رأسه ، وقُتِل أحبابه ، ورَبَط الحجرَ من الجوع على بطنه ، ونيل من جنابه الطاهر ، وحُبس في شعب أبي طالب ، وسَمِع السبَّ بأذنيه ، ورأى المكائد بعينيه ، وطُرد من دياره ، ورُمي بالجنون والسحر والكهانة؟
هل علمت أن عمرَ نُحر في المحراب ، ومُزِّق جسمه بالحراب !، وعثمانَ سالت مهجته بسيف الثوار على المصحف ، وهو في الثمانين .
وعلياً ضرب جبينه بسيف الخوارج ، حتى سال دمُ رأسِه من لحيته .
وابن تيمية رُمى في السجن ، وأهدر دمه ، وسُبَّ عرضه ، واتهم دينُه ؟!.. وغيرهم وغيرهم كثير ..
هل علمت ذلك؟ هل استوعبته جيدًا ؟
فكيف تنبت أشجار المبادئ والأفكار بلا مواقف ؟
كيف تعشق القلوب جباناً يعيش لبطنه ؟
كيف تحب الأمة حقيراً ليس له في التضحية تاريخ ، ولا في البطولة قدم ، ولا في الإقدام منبر ؟
ثم أين من حارب الرسل ، عليهم الصلاة والسلام ، أين ذكرهم ؟ ما عاقبتهم؟ أين من نصب العداء للمعصوم وأصحابه وأتباعه ومن سار على نهجه ؟ لقد ذهبت ريحهم ، وسفلت كلمتهم ، وقُطع دابرهم .
أما أصحاب المبادئ السامية فقد عاشت مبادئهم ، وانتشرت رسالتهم ، وانتصرت كتائبهم؛ لأنهم ثبتوا ثبات الجبال، ورسخوا رسوخ الحق، فما هو إلا وقت قصير، حتى أشرقت وجوههم على طلائع فجر الفرج، وفرحة الفتح، وعصر النصر والعزة.
نُسِخ تاريخُهم في القلوب ، وكُتب بمداد من نور ، ودوت أسماؤهم فوق المنابر ، وبلغت تعاليمهم الآفاق، أما أعداؤهم فيُلعنون في كل موسم، ويشتمون في كل مجمع .
سرى ذكرهم كالمسك ينشر في الورى وذكـر سواهم زكمة في الخياشمِ
( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون )