لم يكن الانفجار المعلوماتي فاتحة خير على الإنسان، ربما تمدن شكلا واستهلاكا، ولكنه تراجع خلقا وإنسانية، وتجسد سوء استغلال التكنولوجيا في وسيلة "الإنترنت"، إذ تصور البعض أنه لا حاجة للأخلاق في العالم الإلكتروني، لأنه مجرد فضاء رقمي. ولكن هيهات.. فحاجة الإنسان إلى التحلي بحسن الخلق تتصل بكل حواسه وأفعاله وخبراته.
ان الإنترنت هي وسيلة للاتصال، وهو وسيلة للتفاعل والتعامل بين الأشخاص والمؤسسات والهيئات المختلفة. وعند استخدام أي وسيلة اتصال، ينبغي الالتزام بمجموعة من الأخلاق والآداب العامة. ومن هذا المنطلق، جاء مفهوم آداب الإنترنت.
لا بد أن نحاول فهم أبعاد وتأثيرات هذه الأداة التي أصبحت متاحة أمامنا، وأصبح الكثيرون يستخدمونها، وأصبحت هي الملاذ الوحيد للبعض فصار لزامًا أن نتعلم "أخلاقيات وفقه الإنترنت" بالمعنى الواسع للمعرفة، وليس من الناحية الشرعية فحسب.
التأثيرات السلبية على الأخلاق
- على أخلاق النشء:
تفيد الإحصاءات بأن 63% من المراهقين المرتادين للمواقع الجنسية؛ لا يدري أولياء أمورهم طبيعة ما يتصفحونه على الإنترنت، علما بأن أكثر مرتادي المواد الإباحية تتراوح أعمارهم ما بين 12 و17 سنة. وللأسف، تمثل الصفحات الإباحية أكثر فئات صفحات الإنترنت بحثا وطلبا بلا منافس
- على فتور العلاقة الإنسانية:
إدمان الوسائل الإباحية التي تتيحها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يجر تبعات أسرية وخيمة كتفكك الروابط الزوجية، ، وتفشي الزنا، وعواقب أسرية واجتماعية غير حميدة مشابهة.
- على ارتفاع معدلات الجريمة:إن السمة الموحدة لمقترفي القتل الجماعي هي كونهم غالبا ما يقدمون على جرائمهم لأسباب جنسية في بادئ الأمر. ثم تتطور عملياتهم الإجرامية بعد حين من إدمان الجنس إلى التعذيب والقتل وفعل الفاحشة في جثث الأموات وغير ذلك من الجرائم المريعة.
- في ترويج تجارة الجنس:
قد تمثل شبكة الإنترنت اكبر مصدر لتجار الدعارة والفحشاء في الوقت الحاضر وتعد أكثر هذه الطرق نجاحا في هذا الصدد .
- تسليع المرأة:
إن المشاهد للإعلانات التي تبثها محطات التلفزة العربية تخاطب الغرائز والعواطف ربما بنسبة تصل إلى 100% في بعض المحطات التلفزيونية، وقد تكون أقل من ذلك في بعض المحطات الأخرى.
مكانة الأخلاق في الإسلام
على كل مسلم أن يحسب حساب "الأخلاق"، إذ جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إتمام مكارم الأخلاق هدفًا لبعثته وغاية لرسالته، وكفى بذلك تنويها وتشريفا لقيمة الأخلاق في دعوته؛ حيث قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
وأثنى الله على قدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم في كتابه الحكيم: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ
فلا يكفي المسلم أبدًا أن يكون ذا علم غزير ومعرفة بأصول دينه وفروعه، وإنما يجب أن تتحول هذه المعرفة إلى عمل، وأن يترجم هذا العلم إلى سلوك، وإذا لم يعمل المسلم بعلمه كان وبالا عليه
هناك نوعان من الأخلاق، وهما: الأخلاق النفسية والاجتماعية، وكلاهما مطلوب.
الأخلاق النفسية: هي التي تتعلق بصلة الإنسان بالله.
وثانيها: صفاء النفس والتخلص من الكبر والإعجاب وتخلقها بالحياء والزهد بما عند الناس، والصبر على المصائب، والاستمرار على المجاهدة، وغيرها.الأخلاق الاجتماعية: وهي التي تتعلق بتعامل الإنسان مع سائر الناس. منها أخلاق يتعامل بها الإنسان مع جميع الناس مسلمين أو غير مسلمين. ومنها أخلاق يتعامل بها الإنسان المسلم مع إخوانه المسلمين، أو مع أقاربه. كالرحمة، والرفق، والحلم، والتواضع، والأمانة، والصدق، والتسامح، والعدالة، والإيثار، والمواساة، والكرم وغيرها.
بناء الفرد المسلم لا يتحقق إلا بالتزكية. والمجتمع المسلم لا بد أن تسوده الأخلاق الاجتماعية الإسلامية.
وأختتم القول ببيت لأمير الشعراء رحمه الله:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت **** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.