مكمن الخطر التالي قد يأتي من تصور البعض أنه لا يمكن بناء ليبيا دون علاقات خاصة مع الغرب. بالطبع لا يمكن معاداة دول الغرب التي ساعدت في حماية الشعب الليبي والتخلص من النظام البائد، لكن في الوقت نفسه، العلاقات الدولية التي تقوم على مبدأ المصلحة لا مكان فيها للمستضعفين والخائفين والمترددين.
ليبيا بها عوامل قوة متعددة يمكن من خلالها خلق سياسة خارجية مؤثرة وغير تابعة للغرب. كل ما يحتاجه الليبيون هو وجود نخب سياسية واعية، غير مستضعفة، تستطيع قراءة الواقع الدولي بشكل صحيح، ولا تتردد في اتخاذ قرارات وخطوات جريئة للدفاع عن مصالح ليبيا الوطنية، وتستخدم إمكانات القوة المتوفرة بشكل واع ومحسوب.
"
على صناع السياسة الخارجية الليبية الجدد وضع ثلاثة ثوابت في تعاملهم مع الغرب: لا لأي وجود أجنبي عسكري. لا لأي اتفاقيات عسكرية أو نفطية طويلة الأجل. تعدد الجهات التي تحصل على عقود إعمار ليبيا
"
وأتصور هنا أن على صناع السياسة الخارجية الليبية الجدد وضع ثلاثة ثوابت للمصلحة الوطنية الليبية في تعاملهم مع الغرب: -لا لأي وجود أجنبي عسكري من أي نوع على الأرض الليبية. -لا للتوقيع على أي اتفاقيات عسكرية طويلة الأجل مع دول غربية لإعادة بناء أو تأهيل الجيش أو الشرطة، ولا للاتفاق على تعاقدات نفطية طويلة الأجل مع الغرب قبل وجود برلمان ليبي منتخب انتخابا حرا وموافقته على مثل هذه الاتفاقيات والتعاقدات. -تعدد الجهات التي تحصل على عقود إعمار ليبيا وإعطاء الأولوية للدول العربية.
ويرتبط ما سبق بضرورة التعلم من التجربتين الأفغانية والعراقية، أي الحذر كل الحذر من اتخاذ مستشارين أو مدربين غربيين، أو الاعتماد على البرامج الغربية في مجال الاستشارات وإعادة التأهيل العسكري والتوعية المدنية وبناء المجتمع المدني، وكبديل لا بد من الاستفادة من العقول والخبراء الليبيين بالداخل والخارج، والانفتاح على الخبرات العربية ضمن أطر قائمة كالجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرها، والانفتاح على المنظمات الدولية التي تتسم بقدر من الحياد.
يقيني أن الشعب العربي الليبي قادر، بعون الله، على بناء دولة وطنية حديثة لا مكان فيها للاستبداد والوصاية من أي شخص أو جهة في الداخل، ولا مجال فيها للاستضعاف ولا للتبعية لأي جهة في الخارج.
المصدر: الجزيرة