بسم الله الر حمن الر حيم اللهم صل على سيدنا محمد وآله
خطبة الجمعة ل 04 جمادي2 1435ـ = 04 / 04/2014
الموضوع : حول العلم والعلماء
الحــمد لله رب العالمين , الحمد لله الــذي خلق الإنسان علمه البيان , الحمد لله الـــذي علم بالقلم علم الإنـــسان مــــالم يعلم [ حمــــدا لمن زين الإنسان * بالعلم والآداب حيث كـــــان ]
واشـــــــهد أن لا اله إلا الله وحـــده لاشريك له أرســـل نبيه إلــى كافة الثقلين بشيرا ونذيرا , وهاديا إلى الله بإذنه وسرجا منيرا ، وخــاطبه ربه بـــــقوله فقالل: ( فاعلم انه لا اله إلا الله )
واشــــــهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورســـوله ، دعا أمته إلى العلم والتعلم ، وحث عـلى التعليم والمعرفة ، وجعل العلم من غايات رسالته حيث قال (وإنما بعثت معلما ) فاللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الــــــــــــــــــــــدين ,
أما بعد : / فيا عباد الله المومنين ، أوصي نفسي ......
إخوة الإيمان: لقد كرم الله تعالى الإنسان بالعلم والإيمان ، وأن الدرجات العلا في الدنيا والآخرة جعلها الله لأهل العلم والإيمان ، حيث يقول عز من قائل : ( يرفع الله الذين امنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ) ويقول : ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب ) إخوة الإيمان:لقَدِ اهتمَ الإسلامُ بالعلم اهتمامًا بالغًا، لأنهُ سبيلُ معرفةِ اللهِ تعالَى وتوحيدِهِ وعبوديتِهِ، ولأنَّ العلم أساسُ نَهضةِ الأممِ وتقدمِهَا وحضارتِهَا ، وهُوَ سببُ سعادةِ المرءِ فِي الدنيَا والآخرةِ، وليسَ غريبًا أنْ تنْزلَ أولُ آيةٍ مِنْ كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ تدعُو إلَى العلم والمعرفةِ وتنوِّهُ بقيمةِ القراءةِ، لأنَّهَا أعظمُ وسائلِ اكتساب العلم فقدْ قالَ تعالَى {اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}
ولقدْ أقسمَ اللهُ سبحانَهُ بالقلمِ ومَا يسطرُهُ، فقالَ {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} وحثَّنَا النبيُّ علَى طلبِ العلم ؛ وجعلَهُ طريقاً إلَى الجنَّةِ فقالَ:« مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ». ألاَ فهنيئًا لأهل ِالعلم هذهِ الوِراثةُ .
إخوة الإيمان: هَا هوَ سيدنا رسول الله يصوِّرُ مكانةَ العلم والعلماء فيقولُ:« إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَحَتَّى الْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ». ويقدِّمُ النَّبيُّ العلماء فِي إمامةِ المسلمينَ بأعظمِ أركانِ الدِّينِ، وهذا التَّقديمُ يدلُّ علَى عُلوِّ شأنِهِمْ، ورفعةِ قدرِهمْ، قالَ رسولُ اللهِ:« يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ»
وجعلَ الرَّسولُ العلم النَّافعَ دائمَ الثَّوابِ ، مستمرَ الأجرِ، ولوْ بعدَ موتِ صاحبِهِ، فقالَ: « إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ : إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ». وأخبرَ النَّبيُّ أنَّ اللهَ إذَا أرادَ بعبدٍ خيراً رزقَهُ العلم النَّافعَ فقالَ:« مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ»
إنَّ هذهِ الآياتِ والأحاديثَ تدفعُنَا وتحفِّزُ هممَنَا لطلبِ العلم النَّافعِ، كمَا كانَ أجدادُنَا مِنَ العلماء السَّابقِينَ، الَّذينَ كانَ لهمُ السَّبقُ فِي كلِّ ميادينِ العلم والمعرفةِ، فِي شتَّى العلومِ، فكانَ منهمُ الإمامُ مالكُ بنُ أنسٍ، والشَّافعيُّ وأبُو حنيفةَ ، وأحمدُ بنُ حنبلٍ، والبخاريُّ ومسلمٌ، فِي علومِ الشريعةِ، وابنُ سينَا وابنُ النَّفِيسِ، فِي الطبِّ، والخوارزميُّ وجابرُ بنُ حيَّانَ، فِي الرياضياتِ، ومئات العلماء الَّذينَ برعُوا فِي كلِّ العلومِ، وملأُوا أطباقَ الأرضِ نوراً وعلماً نفعَ اللهُ بهِ النَّاسَ أجمعينَ.
فيَا أبناءَنَا ارفعُوا رؤوسَكُم فخرًا واعتزازاً بأجدادِكُمْ ، وكونُوا مثلَهُمْ، فإنَّ التَّشبهَ بالعلماء فلاحٌ.
لا تكثروا السهر حول الفيس بوك والتويتر، ولكن اسهروا في حل التمارين والبحث في أبواب العلم، لا تنشغلوا كثيرا بكرة القدم والأفلام المدبلجة ، ولكن انشغلوا بما يسألكم عنه ربكم يوم القيامة ،
يا طلاب العلم،اليوم نحن في أشد الحاجة إلى أمثال ابن باديس،والإبراهيمي، كما نحن في أشد الحاجة إلى ابن سينا،وابن حيان. نسأل الله تعالى أن ينور قلوبنا بالعلم والمعرفة ، وأن يفتح على أولادنا ليكونوا خير خلف لخير سلف ، آمين.