بعد تسجيل الجزائر لأزيد من 10 آلاف اعتداء جنسي على الأطفال سنة 2011، طالبت 150 جمعية ناشطة في مجال حماية الطفولة نهاية الأسبوع الجاري تسليط عقوبة الإعدام على كل من يثبت تورطه في الاعتداء الجنسي المباشر على الأطفال بدل الحبس لمدة 05 سنوات كأقصى حد، وذلك بهدف وضع حد لتسونامي الاعتداءات التي تسببت في دمار آلاف الأسر وإصابة آلاف الأطفال بعقد نفسية واجتماعية يصعب علاجها.
أكد رئيس الشبكة الجزائرية للطفولة "ندى" التي تظم أزيد من 100 جمعية السيد عبد الرحمان عرعار، أمس في تصريح خاص بالشروق اليومي، أنه يؤيد تسليط أقصى العقوبات "الإعدام" لكل من يثبث تورطه في الاعتداء الجنسي المباشر على الأطفال، ولو كان المتورط من عائلة الضحية، لأن 80 بالمائة من هذه الاعتداءات -حسبه- تحدث داخل الوسط الأسري، وانتقد بشدة الأحكام القضائية في حق المتورطين في هذه الجرائم والتي لا تتجاوز 5 سنوات سجنا كأقصى حد، مضيفا انه شهد العديد من المحاكمات التي كان الحكم فيها سجنا لأشهر مع وقف التنفيذ، مما يشجع على هذه الظاهرة التي تحولت إلى كابوس اجتماعي، وهذا ما يتطلب تشديد العقوبة إلى الإعدام بهدف ردع ضعاف النفوس، وأضاف السيد عرعار أن شبكته تلقت خلال سنة ونصف 13 ألف شكوى تتعلق بالعنف ضد الأطفال، معظمها تعلق بانتهاكات وتحرشات جنسية ضد أطفال اتصلوا بالهاتف "الرقم الأخضر" للتبليغ عما تعرضوا له من انتهاكات وأضاف أن الشبكة قامت ب"التكفل بـ 700 حالة من مجمل الشكاوى المسجلة من طرف خلايا الاستماع للخط الأخضر ضمنها 103 حالة اعتداء جنسي، وأفاد انه سيتم وضع الخط الأخضر تحت التصرف عبر جميع ولايات الوطن بحلول سنة 2015، وأبرز المتحدث في السياق نفسه انه من خلال تقييمه لنتائج العمل الميداني الذي قامت به الشبكة خلال سنة 2011 وتناول قضية الانتهاكات الجنسية كنموذج "توصل فريق العمل إلى أن الاعتداءات الجنسية التي طالت حتى الأطفال دون الخمس سنوات أضحت هاجسا يقلق المواطنين الجزائريين، ودعا رئيس الشبكة الى ضرورة وضع تصور مستقبلي حتى لا يصبح "العنف بشتى أشكاله نمط عيش" في المجتمع الجزائري.
الاعتداء الجنسي على الأطفال بمثابة القتل العمدي للبراءة
أكد الأستاذ مصطفى تماني، محام مختص في النزعات الأسرية، أنه عالج أكثر من 10 قضايا لأطفال تعرضوا لتحرشات وانتهاكات جنسية، مبينا أن هذا الفعل من الجانب الأخلاقي والإنساني بمثابة القتل العمدي للبراءة، فالطفل الذي يتعرض إلى اعتداء جنسي مباشر يعيش كوابيس مرعبة ويفقد الرغبة في الحياة، كما يعاني من عزلة اجتماعية وفقدان الثقة في أقرب الناس لديه، وبهذا يكون هذا الفعل الممارس ضده بمثابة القتل النفسي والاجتماعي له.
وفي ما يتعلق بمطالبة الجمعيات بتسليط عقوبة الإعدام على مرتكبي هذا النوع من الجرائم الجنسية، قال محدثنا إن عقوبة الإعدام في الجزائر هي عقوبة معنوية بالدرجة الأولى، لأنها لا تنفذ وتعوض بالسجن المؤبد، وأنه شخصيا مع تسليط أقسى انواع العقوبات على منتهكي حرمة الطفولة لوضع حد لهذا الانزلاق الأخلاقي الخطير، مبينا أن عقوبة 05 سنوات سجنا المعتمدة حاليا في المحاكم غير كافية للعقاب وبحاجة الى اعادة النظر والتماشي مع المتغيرات الأخلاقية في المجتمع، فمن غير المعقول ان يتساوى سارق الهاتف النقال وسارق حرمة وحياة طفل بنفس العقوبة.
نقلا عن الشروق