توجت اللقاءات الماراطونية التي قام بها المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي عبر كافة مناطق الوطن في إطار التشاور حول تحديد أهداف التنمية المحلية وتكييفها مع تطلعات السكان، بجملة من التوصيات الجوهرية سترفع إلى رئيس الجمهورية تتعلق بالاختلالات والمصاعب التي تعيق قطاع التنمية بالولايات الجنوبية للبلاد تحديد، فضلا عن عوائق جمة أصيغت في شكل 6 محاور تخص مناطق الجنوب.
سلط تقرير الهيئة ذاتها والذي جاء في 48 توصية، الضوء عن معاناة سكان الجنوب من بينها درجة الحرارة الملتهبة صيفا وعلى الرغم من ذلك يفرض عليهم الخضوع للمواقيت المدرسية، بالإضافة إلى غياب التكييف في أغلب المؤسسات التربوية وكذا الإدارات العمومية بمناطق الجنوب التي لا تراعي في مواقيتها الظروف الجوية القاسية خصوصا خلال فترة الصيف، كما أشارت التوصيات إلى مشكل النقل سيما بعد المسافات، حيث وصفت حالة نقل المرضى بالمأساوية في غالب الأحيان، وحتى الطلبة الجامعيين للالتحاق بالشمال، وهو ما يطرح استفهامات بخصوص الأجهزة والإعانات الموجهة للنقل بإسم آلية التوزيع العادل بمناطق الجنوب، ناهيك عن البرامج الحالية للرحلات الجوية المبرمجة في اتجاه العاصمة تحديدا، إذ اعتبرت التوصيات أن الجوية الجزائرية لم تعر أي إهتمام لظروف المسافرون من المرضى والعائلات والأطفال القادمين من الجنوب.
هيئة "الكناس" تطرقت في تقريرها كذلك إلى قطاع السكن، مؤكدة أنه ورغم المجهودات المبذولة في هذا المجال، إلا أن النموذج السكني بالمنطقة لا يراعي الاختلالات المرتبطة بالعوامل الاجتماعية والثقافية والظروف المناخية لولايات الجنوب، حيث أوضحت أنه لا يمكن بناء شقق من غرفتين أو ثلاث شقق على غرار ما هو واقع بالشمال لاعتبارات تخص الظروف المناخية للجهة، بينما تضمن ذات التقرير مطلب رفع إعانة منح البناء الريفي إلى 100 مليون سنتيم بدلا عن 70 مليونا، واقع العقار كان من بين الانشغالات التي شملتها التوصيات المذكورة التي خلصت إلى أن الجنوب لا يعاني مثل الشمال من نفس الضغوطات فيما يخص العقار، وهي الملاحظة التي رفعت بشأنها توصية بضرورة تكييف السياسات الخاصة بتسيير العقار وفقا للظروف الطبيعية والجغرافية والاقتصادية للمنطقة، فيما ألح تقرير "الكناس" على ضرورة تجديد وسائل تسيير والابتعاد عن الرؤى المحدودة الخاصة بشمال البلاد والتي تطبق بحذافيرها على ولايات الجنوب.
معضلة الطاقة خلال فترة الصيف كانت ضمن توصيات هيئة "باباس"، التي رأت أن الاستهلاك الكبير يفرض تقليص التزويد بالتيار الكهربائي، وهو ما يدعو إلى ربط الجهة بالشبكة الوطنية أو الاستثمار لزيادة العرض والرفع من قدرة إنتاج المحطات الحالية والمحدودة القدرة، زيادة على الأزمة المتكررة حول تزويد سكان الجهة بالوقود بسبب قلة المحطات والتشتت الكبير لمراكز الحياة، كما تحدثت التوصيات نفسها عن مسألة تموين سكان الجنوب بالمواد الضرورية، مشيرة إلى مشكل بُعد المسافة فاقم الأزمة الحاصلة بسبب المستوى العام للأسعار وكذا عدم احترام الإدارة معادلة أسعار النقل.