من المقالات التي نُشرت في مجلة " زهرة الخليج " . حزيران 2011
وحدهم الطغاة يقيسون كرامتهم بدم مواطنيهم.. لا بماء وجوههم ، لاعتقادهم أنّهم يساوون الآلاف من تلك " الجرذان " البشريّة. وأنّ مقامهم العالي لا يسمح لهم بأن يُغادروا سدّة الحكم بأبخس ثمن. أيّ عاٍرٍ أن يغادر طاغية السلطة دون دمار ، أن يرحل بتحضّرٍ تاركًا كلّ شيء على حاله ! تتفقّد الملكة إليزابيث غرف قصرها قبل أن تخلد إلى النوم ، خشية أن يكون الخدم قد نسوا إطفاء الأضواء. هي حريصة على مصاريف الكهرباء ، طبعاً ، فهي ملكة بريطانيا العظمى.
وفي بلاد أخرى ، لا يخلد حكّام إلى نومهم الأخير ، حتى يطمئنّوا أنّهم لم ُيبقوا حجرًا على حجر ، ولا قرشًا في خزينة الوطن. وأنّهم مدّدوا حكمهم ، ليبدّدوا ما استطاعوا من ثروة الزمن ، ومعها ثروات الوطن الحاضرة والمستقبليّة.
ولو استطاعوا لأعادوا الأوطان من بعدهم إلى العصر الحجريّ ، ألم يقل أحدهم " من أراد هذه البلاد سيأخذها أرضا بلا بشر". فالطاغية الذي اعتاد على الحبّ الجماهيري الجارف ، يردّ على غضب الجماهير بجرّافات تهدّ البيوت ، وبراجمات وطائرات ، وبتجويع مدن بأكملها قصد تركيع رُضَعِها قبل حتى أن يُفطموا .
إنّه يغضب على طريقة الآلهة الإغريقيّة ، بمقياس حقدٍ يفوق سلّم " ريختر " للدمار. فهو لا يغفر لتلك " الجرذان " و" الكلاب الضالة " أن لا تحارب حتى آخر قطرة من دمها فداء آخر قطرة من دمه .
[center]