بسم الله الر حمن الر حيم اللهم صل على سيدنا محمد وآله
خطبة الجمعة لـ 22 جمادي الأول 1433 = 13 / 4/ 2012
الموضوع : حول العلم والعلماء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحــمد لله رب العالمين , الحمد لله الــذي خلق الإنسان علمه البيان , الحمد لله الـــذي علم بالقلم علم الإنـــسان مــــالم يعلم [ حمــــدا لمن زين الإنسان * بالعلم والآداب حيث كـــــان ]
واشـــــــهد أن لا اله إلا الله وحـــده لاشريك له أرســـل نبيه إلــى كافة الثقلين بشيرا ونذيرا , وهاديا إلى الله بإذنه وسرجا منيرا , وخــاطبه بـــــقوله سبحانه ( فاعلم انه لا اله إلا الله )
واشــــــهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورســـوله , دعا أمته إلى العلم والتعلم , وحث عـلى التعليم والمعرفة , وجعل العلم من غايات رسالته حيث قال (وإنما بعثت معلما ) فاللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الــــــــــــــــــــــدين ,
أما بعد : / فيا عباد الله المومنين , أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله تعالى وطاعته وامتثال أوامره , (ومــــن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )
وها نحن يــا عباد الله فـــي هذه الأيام المقبلة سنستقبل مناسبة جليلة , من أعظم المناسبات , وذكرى من أعظم الذكريات , ألا وهــي مناسبةُ عيد العلم , هـذه المناسبةُ تذكّرنا بعاِلم جليل القدر , مـــن علماء الجزائر , ذلكم هو الشيخ عبد الحميدِ بنِ بأديس رحمه الله , هذا الرجل الجليل وهذا العالمِ الفذ , الـذي جاهد في سبيل الله عز وجل بعلمه وفكره وقلمه ولسانه , مع مجموعةٍ من رفاقه العلماء , أمثال الشيخ البشير الإبراهيمي, والطيب ألعقـــــبي , ومـــبارك ألميلي , والــــعربي التبسي , وغيرهم كثير .... هؤلاء العلماء الأجلاء لهم فضل كبير على هــذه الأمة الجزائرية , كيف لا ؟ وهم الذين جاهدوا بألسنتهم وأقلامهم وأرواحهم , وبكل مــا أوتوا مــن علم ومعرفة , في سبيل ترشيد هـــذه الأمة , وتوعيتها وتنويرها ورفع الـــجهل عنها , وفـــي سبيل نشر العلم بين أبناء هذا الشعب الأبي الذي قـــال عنه ابن باديس :
شعب الجـــــزائر مـــسلم ::: والـــى العـروبة ينتسب
مــن قال حـا د عـن أصله ::: أو قــال مـــات فقد كذب
أورام إدمـــــاجـــا لــــــه ::: رام المحال مـــن الطلب
يــا نشء أنـــت رجــاؤنا ::: وبك الصباح قــد اقترب
إنهم كانوا ُيعلّمون الناس الخير, ويُبصرونهم ويُرشِّدونهم عن طــريق الـــدروس والمحا ضرات , والــــخطب والـندوات, والصحف والمجلات , وجاهدوا الاستعمار الفرنسي الحاقد , وكشفوا نواياه الخبيثة , وحاربوا الــدجل
والبدع والخُــرافات والشعوذة , وجمعوا الشعب الــجزائري المسلم عـــــلى كلمة التوحيد , وها هي آثارهم تذل عليهم , فهذا كتاب في مجالس التذكير: في الحديث والتفسير, وكـــتاب العقائد الإســلامية , وكــــتابُ الشرِك ومظــــــــــاهرُه , وكتـــــــــــاب البصائر, وغــــــيرهم مــن الكتب والمجلات والمقالات , فرحمة الله عليهم أجمعين , وجزاهم الله عنا وعــــــن الإسلام كل خير .
عباد الله : إن امة الإســـلام هي أمة العلم والتعلم , والــدين الإســـلامي يــدعوا إلى العلم ويحث عـــلى طلبه , والقرآن الكريم كله علمٌ ومعرفةٌ مــن أوله إلــى آخــره , وحسبنا أن أول آية نــزلت فيه , آيةٌ فيها دعوة إلـــى القراءة والــكتابة والتعلم , حيث يقول تــعالى [اقرأ بسم ربك الذي خلق ... ] وحــسبنا أيــضا أن الله عــز وجل جعل أعظم شــهادة بــعد شهادِته وشهادة ملائكته , هي شـهادة أهل العلم , حيث قـال تعـــالى [ شـــــهد الله أنــه لا اله إلا هـــو والملائكة وأولوا الـــــعلم قـــــائما بــالقسط لا اله إلا هــــو العزيز الـحكيم ]
واعـلموا أن الدراجات العلى في الدنيا والآخرة , لم يجْعلْها الله عز وجــل لأهـــل الجهل والضلال , وإنما جعلها لأهل العلم والإيمان , حيث يقـــول الله تعــالى [ يــرفع الله الذين آمــنوا منكم والــذين أوتــوا العلم درجات ] ويقول [ قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألــــباب ]
أمتنا الــيوم أيها الإخوة الكـــرام بحاجة إلـى العلم واكتشاف أسراره , والتنقيب عــن كنوزه , لتثبت وجــودها , وتحمي تاريخها , وتدافع عـن حاضرها وتعمل لمستقبلها , كيف لا وهـي مكلفة بتبليغ رسالتها إلـــى العالمين , لذلك كي نتمكن مــن القيام بواجبنا نحو امتنا التي يتربص بها الأعـــداء من كـل جانب فلا شيء يقوي عزائمنا ويشد أزرنا ويفك أسرنا بعد الإيمان إلا العلم , وصــدق الله إذيقول [ يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات ]
إخــــــــوة الإيمان : إن حـــاجة امتنا إلـــى العلم لتحيا به , كحاجة الجسم إلـى الماء والهواء لتحفظ له الحياة , وشــتان بين الأمم التي تحيا بـالعلم , وبين الشعوب المتخلفة بالجهل
ولله در الإمام علي (ض) حيث قال :
مـــا الفضل إلا لأهـــل العلم إنهم * على الهــــدى لمن استهدى أدلاء
وقيمة المرء مــــا قد كان يحسنه * والجـــــاهلون لأهل العلم أعـــداء
فقم بعــلم لا تطـــلب بــه بـــــدلا * فالناس مـوتى وأهل العلم أحيـــاء
فنســــال الله تعالى قائلين : الله علّمنا ما ينفعنا , وانفعنا بما علـــمتنا , وزدنا علما نافعا , اللهم آمـــين , أقول قولي هذا
الثــــــــــانية
أمـــا بعد :/ فـــــــيا عباد الله المومنين: سأل الشيخ تلاميذه قائلا:لماذا يكون الفاعل مرفوعا؟ فأجابوه على ما يرفع به الفاعل من الجهة النحوية. فأراد الشيخ أن يلفت انتباههم إلى شيء آخر,فقال لهم: الفاعل يكون مرفوعا لأنه فاعل,أما المفعول به يكون منصوبا,فإذا أردت أن تكون مرفوعا فكن فاعلا.افعل ترفع,وفعلك يكون عن طريق العلم,لاعن طريق الجهل.حاول أن تصنع قطع الغيار,لاتركيبها.حاول أن تصنع الدواء,لاتخليط الدواء. حاول أن تكون صانعا للقرار,لاأن تكون آلة يصنع بها القرار.
يامعشر الشباب انتم أمل هذه الأمة ومستقبلها,ولن يتحقق هذا الأمل إلا بالعلم. ولكن للأسف نرى عزوفا عن طلبه,ومما يؤسف له أكثر عندما نرى تفوق البنات على البنين,{هذا ليس ذما للبنات الله يفتح عليهن ويزيدهن علما وعملا}فأصبح اليوم الشاب يفضل الشغب على الدراسة,ويفضل خدمة {لمرمة} على طلب العلم,ويفضل أن يكون مفعولا منصوبا واضعا سلسلة في رقبته وخاتما في يده, على أن يكون فاعلا مرفوعا بعلمه وعمله.
أيها الإخوة الكرام: كما يقول المثال العام,كل بلاد عيبها على رجالها.وشبابها هم عنوانها,بهم يكون الصلاح ,أو يكون الطلاح.
ولذالك يقول الشيخ ابن باديس:يا نشء أنت رجاؤتا وبك الصباح قد اقترب.
فالله الله يا معشر الشباب اجتهدوا في طلب العلم,وحافظوا على وحدة التراب,وكونوا خير خلف لخير سلف.فبالعلم ننال الــرُّقي وسعـــادةَ الحياة , ونفـــوزُ في الآخــرة بالثواب والنجاة .
فنسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدَنا علما اللهم إنا نسألك علما نافعا , ولسانا ذاكـرا وقلبا شاكرا وبدنا على البلاء صابرا محتسبا . ونـعوذ بك من علم لا ينفع , ومن قلب لا يخشع , ومن عين لا تدمع ومن دعاء لا يُرفع , ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا اللـــــهم آمين ,
اللهم أعز الإسلام وانصـر المسلمين , واعل بفضلك كلـــمتي الحق والدين ,
اللهم أصلح شبابنا وحبب إليهم العلم. اللهم أصلح قادتنا وولاة أمـــورنا واهدهم لما فيه خير للـــبلاد والعـــباد ,
اللــــــهم اشف مرضانا ....
ربنا آتنا في الدنيا حسنة .....
ربنا اغفر لنا ولـــوالدينا ....
عبـــاد الله : ....