•°o.O منتديات ورقلـة المنـوعة ترحب بكم ،، O.o°•OUARGLA

منتدى عربي جزائري تعليمي ثقافي خدماتي منوع ،،
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

إستمع للقرآن الكريم
TvQuran
المواضيع الأخيرة
»  ***عودة بعد طول غياب***
مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Icon_minitimeالجمعة سبتمبر 25, 2020 10:29 pm من طرف نورالوئام

» لأول مرة اعتماد اكاديمي بريطاني و توثيق حكومي لشهادة حضور مؤتمر تكنولوجيا الموارد البشرية
مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 18, 2018 4:04 pm من طرف ميرفت شاهين

»  منتدي الجامعات العربية البريطانية
مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Icon_minitimeالثلاثاء أغسطس 07, 2018 6:06 pm من طرف ميرفت شاهين

» الشاعر المسعود نجوي بلدية العالية ولاية ورقلة.
مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Icon_minitimeالسبت أبريل 07, 2018 10:42 pm من طرف تيجاني سليمان موهوبي

»  الجامعات الذكية بين الجودة والرقمنة مارس 2018
مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Icon_minitimeالسبت فبراير 17, 2018 2:15 pm من طرف ميرفت شاهين

»  الجامعات الذكية بين الجودة والرقمنة مارس 2018
مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Icon_minitimeالسبت فبراير 17, 2018 10:50 am من طرف ميرفت شاهين

»  الملتقى العربي الرابع تخطيط مالية الحكومات ...النظم المستجدة والمعاصرة - شرم الشيخ
مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Icon_minitimeالخميس يناير 18, 2018 2:32 pm من طرف ميرفت شاهين

» شرم الشيخ تستضيف المؤتمر العربي السادس تكنولوجيا الاداء الاكاديمي مارس 2018
مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Icon_minitimeالسبت يناير 13, 2018 4:29 pm من طرف ميرفت شاهين

» وحدة الشهادات المتخصصه: شهادة الإدارة التنفيذية (( الشارقة - القاهرة )) 4 الى 13 فبراير 2018م
مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Icon_minitimeالخميس يناير 04, 2018 7:28 pm من طرف hamzan95

»  شهادة مدير تسويق معتمد Certified Marketing Manager باعتماد جامعة ميزوري الأمريكية
مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Icon_minitimeالأحد نوفمبر 26, 2017 1:42 pm من طرف ميرفت شاهين

» المؤتمر العربي الثامن تكنولوجيا الموارد البشرية
مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Icon_minitimeالخميس سبتمبر 28, 2017 2:56 pm من طرف ميرفت شاهين

» التفاصيل الكاملة لدرجة الماجستير الاكاديمي فى ادارة الاعمال MBA من جامعة نورثهامبتونUniversity of Northampton البريطانية والتي تاسست عام 1924
مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Icon_minitimeالسبت يوليو 22, 2017 5:15 pm من طرف ميرفت شاهين

» نتائج شهادة التعليم المتوسط 2017
مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Icon_minitimeالإثنين يونيو 26, 2017 10:56 pm من طرف يـاسيـن

» هاجر ، عزوز ، حمود ، بدر الدين ؟؟ ووووو
مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Icon_minitimeالسبت يونيو 17, 2017 4:48 pm من طرف Belkhir cherak

» اربح أكثر من 200 دولار من خلال رفع الملفات
مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Icon_minitimeالسبت يونيو 17, 2017 12:36 am من طرف alfabeta1

جرائد وطنية
أهم الصحف الوطنية
 
 
 
اليوم والتاريخ
ترتيب المنتدى في أليكسا
فايسبوك
عداد الزوار
free counters
أدسنس
CPMFUN 1
xaddad
propeller

شاطر
 

 مقالات فلسفية للنظام القديم 2

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mahmoudb69
عضو ماسي
عضو ماسي


عدد الرسائل : 2700
العمر : 55
الموقع : houda.houdi@gmail.com
المدينة التي تقطن بها : ورقلة
الوظيفة : telecom
السٌّمعَة : 16
تاريخ التسجيل : 25/02/2012

مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Empty
مُساهمةموضوع: مقالات فلسفية للنظام القديم 2   مقالات فلسفية للنظام القديم 2 Icon_minitimeالخميس أبريل 19, 2012 1:24 am

تابع :

وتقويما لهذا الموقف يمكن القول على وجه الخصوص أنه لا يجب أن ننكر الأهداف السامية التي ترمي إليها الماركسية والشخصانية وروح العدالة،فماركس يدعو لتغيير العالم وتغييره وتحويله تحويلا ثوريا إلا أن التاريخ يخضع لحتمية مطلقة وفي نظره أن المجتمع الشيوعي هو الذي سيغير التاريخ و بالتالي إنكاره كل محاولة أو مبادرة حرة،أما الشخصانيون رغم أنهم اعتبروا الحرية جهدا فرديا مستمرا إلا أن ندائهم يبقى نداءا مثالياً كذلك أن ربط الحرية بالتحرر قد يجعل المرء يتجاوز الكثير من الحدود ظنا منه أنه يتحرر فتنقلب أفعاله إلى نوع من الفوضى قد يشكل خطرا عليه وعلى من حوله لذا لابد من الوعي الدقيق.
وأخيرا فالحرية ليست مجرد شعور نفسي بل هي عمل مستمر للتحرر يتجلى كلما برزت أمام المرء العوائق والحواجز التي تجعله يبذل جهودا ملائمة لتجاوزها فيتحرر من ضغوطها وبهذا فليست الحرية شيئا جاهزا نجده أو نقتنيه بل هي ممارسة يومية على المستوى النفسي والاجتماعي والفيزيائي وقد صدق من قال ينال المرء دائما الحرية التي هو أهل لها والتي هو قادر عليها).
الطريقة:جدلية. الدرس:المسؤولية والجزاء.
الإشكال:هل العقاب وحده كاف لتقويم سلوك الإنسان والحد من الجريمة؟
تعد المسئولية قبل كل شيء إنسانية إذ لا يعقل أن يتحمل غير الإنسان أي مسئولية لذلك لم ينحصر النظر فيها في دائرة الفلاسفة وحدهم بل شاركهم في ذلك ذوي الاختصاص من علماء النفس و الاجتماع و رجال القانون و المنشغلين بعلم الإجرام , و منشأ هذا الاهتمام علاقة المسئولية بالجزاء و أثر هذا الأخير في نفوس الأفراد و في تحقيق التنظيم الاجتماعي و من هنا فقد اختلف جمهور الفلاسفة في إبراز دور العقوبة و مدى تنظيمها لسلوك الأفراد و من هنا يتبادر إلى أذهاننا الإشكال التالي هل العقاب أسلوب ناجع في تنظيم المجتمع ؟ أو بعبارة أصح هل العقوبة تحد من الجريمة و تقوم سلوك الأفراد ؟
يرى أنصار النزعة العقلية أن الجزاء ضروري لتقويم سلوك الفرد لأن هذا الأخير حر و عاقل و بإمكانه الاختيار و اختياره لفعل ما تنتج عنه مسئوليته فهو مسئول باختياره و بهذا الصدد يرى أفلاطون في الكتاب العاشر من جمهوريته في صورة أسطورة فحواها
أن (آر) الجندي الذي قتل في ساحة الشرف يعود إلى الحياة من جديد بصورة لا تخلو من المعجزات فيروي لأصدقائه الأشياء التي تمكن من رؤيتها في الجحيم حيث أن الأموات يطالبون بأن يختاروا
ء و هم المسئولون عن اختيارهم الحر) و في نفس التيار يرى كانط بأن صاحب السوء هو الذي يكون قد اختار بكل حرية تصرفه منذ الأزل بقطع النظر عن الزمن و الطباع فشرور الفاشية في العالم إنما هي نتيجة حرية اختيار يقول كانط إن الشرير يختار فعله بإرادته بعيدا عن تأثير الأسباب و البواعث فهو بحريته مسئول ويجب أن يجاز على أفعاله) ولقد أخذ الوجوديون بموقف مماثل إذ أن وجود الإنسان في رأيهم سابق لماهيته أي أن الفرد يولد أولا ويكون ما يريد بعد ذلك ما يريد وقد نضرت الديانات السماوية في إشكالية العقاب و من بينها الإسلام الذي مثلته فرقة المعتزلة التي تؤكد على قدرة خلق الإنسان لأفعاله لأنه قادر بعقله على التمييز بين الخير و الشر و بالتالي هو مكلف و مسئول عن أفعاله وترى هذه النظرية بدورها أن الغرض من الجزاء و العقاب عن فعل ما ليس تحقيق منفعة للمجتمع أو بتقليل عدد المجرمين بقدر ما هو التكفير عن الذنب الذي لوث به المجرم قيمة العدل و عكر صفوها و هو أيضا تطهير للنفس من الدنس الذي لحق بها نتيجة الأفعال السيئة و في هذا يقول لايبنتز هناك من العدالة ليس غرضه إصلاح الشعور و إنما التكفير عن الفعل السيئ)،ويقول كذلك مالبرانش إن الذي يريد من الله أن لا يعاقب الظالم لا يحب الله) وفي هذا الصدد نذكر المرأة التي جاءت إلى رسول الله (ص) قائلة يا رسول الله إني زنيت فطهرني و إني أريد أن ألقى الله و أنا طاهرة بريئة من ذنبي) وهي تقصد هنا أن يطهرها بإقامة الحد عليها (الرجم) العقاب هنا هو نتيجة للماضي لا إلى ما عسى أن يحدث في المستقبل ونجد أن هذه النزعة تدعو إلى وجود قوانين وعقوبات صارمة تجزر المجرم حتى لا يكرر فعلته في المجتمع بالإضافة إلى إقرار الديانات السماوية بتنفيذ العقوبة بشكل علني وقد انتشرت هذه الفكرة في المجتمعات البدائية و المعاصرة فهي إذا مطلب حضاري .
بالرغم من كل هذه الحجج و الأدلة إلا أن هذا الرأي لم يصمد للنقد ذلك أن حرية الفرد تخضع لبعض الحتميات كذلك أنها اعتبرت المسئولية فردية بطبيعتها و هذا ليس صحيحا لأن الأبحاث الاجتماعية أكدت أن المسئولية بدأت جماعية ثم تحولت إلى فردية بعد تطور طويل في حياة البشر الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية فالفرد قديما كان ذائبا في قبيلته و حين يقوم بفعل شيء ضد قبيلة أخرى لا يعاقب وحده بل تعاقب القبيلة أما الآن فالعقاب فردي يسلط على الفاعل مباشرة كذلك أنها تربط الجزاء بالماضي و هذا لا يؤكد إلا نصف الحقيقة فالجزاء لا بد أن يكون موجها أيضا للمستقبل لحماية المجتمع كذلك أن هذه النظرية تتجاهل الدوافع و الأسباب التي تحد من تصرفاتنا و مسئولياتنا و في هذا يقول لاشونهي إن الفعل الذي يحدث عن حرية مطلقة يعد فعلا مستقلا عن أي أسلوب فطري أو مكتسب و على هذا يعد غريبا عن كل ما يؤلف طبعنا الشخصي و ليس لنا أي مبرر لننسبه إلينا أو لنعتبر أنفسنا مسئولين عنه) كذلك غيو يقول هل نحن نمحي السيئات التي ارتكبها المذنب بتعذيبه؟ إنما ما حدث قد حدث!! )
و على عكس الرأي السابق نجد أنصار النزعة الوضعية الذين يرون بأنه لا يمكننا معاقبة المجرم لأن العقوبة في نظرهم وسيلة تقليدية غير مناسبة فالإجرام حسبهم فعل لا يتعلق بالإرادة بل ينشأ آليا إما بتأثير العوامل الوراثية أو الاجتماعية أو النفسية و أبرز رواد هذه النزعة الإيطالي لومبروزوا و مواطنه فيري و عالم النفس النمساوي فرويد ؛ أما لومبروزوا فيرى أن الإجرام له علاقة بصفات المجرم الوراثية و يقدم إحصائيات لأسر معظم أفرادها من مجرمي المافيا و يعدد تلامذته (50)خمسين مطلوبا للعدالة في أسرة الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون و لومبروزوا يصنف المجرمين إلى أصناف هي كالتالي:مجرمين بالفطرة>بالطبع<, مجرمين مجانين ,مجرمين بالعادة , مجرمين بالعاطفة,و هؤلاء يستهويهم الإجرام,و مجرمين بالمصادفة و يؤكد لومبروزوا أن كل هذه الأصناف قابلة للإصلاح ما عدى الأول الذي يجب مساعدته على الفناء و لو كان طفلا لأن في إفنائه وقاية للمجتمع,أما فيري متأثر بأوغست كونت في العلوم الاجتماعية يرى أن الإنسان لا يولد مجرما و لكن تصنع منه ظروف بيئته الاجتماعية الفاسدة مجرما و لقد أثبت أن العوامل الاجتماعية هي التي تلعب الدور الأساسي في ظهور السلوك الإجرامي و في رأيه أن الإجرام نتيجة حتمية لمجموعة من المؤثرات لا بد عند توفرها من وقوع السلوك الإجرامي , و أخيرا نجد عالم التحليل النفسي فرويد الذي يرى أن بعض السلوكات الإجرامية مردها إلى قوى لا شعورية تتمثل في بعض الدوافع و الميول و الذكريات المكبوتة في لا شعور الإنسان منذ أيام الطفولة فيمكن أن نفسر مثلا السرقة كمحاولة لاسترجاع ما أخذ من الشخص في الماضي , كما يمكن تفسير الخروج عن القانون و مختلف أشكال التمرد و الثورة كثورة الطفل ضد الأب الذي يمثل السلطة عند الطفل أي أنه شكل من أشكال إرضاء الغريزة العدوانية التي استحال تصعيدها و من هنا رصده سلطة الأب القاهرة التي تمنعه من إشباع رغباته كلها و بهذا الصدد يقدمون كذلك إحصائيات لعدد كبير من المجرمين المتخلفين عقليا و المرضى نفسيا و قد دعا هؤلاء إلى ضرورة إصلاح الفرد لا معاقبته و مساعدته على الاندماج في المجتمع,و إلى ضرورة التخلص من المجرمين غير القابلين للإصلاح و الجزاء عندهم هو وقاية للمجتمع من تكرار أفعال الإجرام وهذا يتطلب إصلاح المجرم .
هذا الرأي هو الآخر لم يصمد للنقد ذلك أنهم يرفعون المسئولية عن الفرد ذلك أنه خاضع لعوامل و دوافع أخرى و قي ذلك تشجيع للإجرام,أما بالنسبة للومبروزوا الذي يرى أن للجريمة صبغ خاص بها و هذا أمر لم يثبته العلم بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون العمل الإصلاحي مكملا للعقوبة لا بديلا لها كذلك أن الملاحظة البسيطة تؤكد أنه ليس كل المرضى النفسيين مجرمين بل أن معظمهم مسالمين و إنطوائيين .
ما من إنسان على وجه المعمورة إلا و له عيوب و مساوئ و ما من مجتمع إلا و يعاني ظواهر الشذوذ و الانحراف و في كل الأحوال ما دمنا نعاقب فإننا نعترف بحرية المجرم و بالتالي مسئوليته عن أفعاله و عليه يجب أن يكون الألم الناتج عن العقاب أكبر من اللذة الحاصلة بالجريمة حتى لا يعود إليها في المستقبل و ليس الغرض من العقاب هو الانتقام من المجرم بل ردعه و المحافظة على أمن و سلامة المجتمع , يقول عز وجل و لكم في القصاص حياة يا أولي الألباب ) و إذا رأينا في الموقفين السابقين بعض العيوب و النقائص فالموقف الإسلامي يبقى هو الأمثل حيث يحافظ على نقاء النفس و طهارتها و ضمان أمن المجتمع و سلامته دون أن ينسى ظروف الفاعل و ألا يهمل الفعل ذاته.
و هكذا يمكننا أن نستنتج أن العقاب لا يكون وحده دائما هو العلاج الأمثل لأمراض النفوس و عللها إنما يجب النظر في وسائل الوقاية و هذا لا يكون إلا بتوفير كل الشروط الصالحة لتكوين الفرد فبالقضاء على البطالة و أسباب الظلم و الجهل و التخلف نقضي على مصدر الجريمة و بالتالي يصبح المجتمع الإنساني فاضلا لا يحتاج لا لقضاء أو قضاة و هذا ما حدث بالفعل في الدولة الإسلامية الأمر الذي جعل عمر بن الخطاب يقدم استقالته من منصب القضاء في عهد الصديق قائلا يا أمير المؤمنين ...لي عامين في سدة القضاء و لم يتقدم إلي متخاصمين ).
يقول عباس محمود العقاد لا يكفي أن تكون في النور لكي ترى بل ينبغي أن يكون في النور ما تراه )
الطريقة:جدلية. الدرس: المشكل الأخلاقي 2.
الإشكال:هل يمكن أن نتصور فعلا أخلاقيا يكون فاعله مجبر عليه؟.
لقد اختلف فلاسفة الأخلاق في تأطير هم للسلوك و كل ذلك ابتغاء تأطيره و الحكم عليه ساعين من خلال عمليهما إلى تحديد العناصر التي تجعله ذا قيمة و دلالة أخلاقية , و هذا من خلال ما يضفون عليه من قيم إنسانية ينشدها الفرد في فعله فإذا كان الإنسان من خلال قيامه بالفعل الأخلاقي يلتزم بمعايير و قيم أخلاقية معينة فهل أساس هذا الفعل و قوامه أن يكون فاعله مجبرا عليه ؟.
يرى النفعيون و على رأسهم أرستيب القورينظي والذي يعتبر المؤسس الأول لمذهب اللذة الفردية فهو يرى أن اللذة هي مقياس العمل الخلقي , فالعمل خير بمقدار ما فيه من لذات و شر بمقدار ما فيه من آلام و اللذة عي الباعث للعمل و في هذا يقول أي عمل لا يخضع للذة و الألم و أي شيء غير اللذة لا يمكن أن يكون باعثا على العمل , اللذة هي الخير الأعظم و هي مقياس القيم جميعا هذا هو صوت الطبيعة فلا خجل و لا حياء و ما القيود و الحدود إلا من وضع العرف ) _ ثم إن هذه اللذة التي تحملنا متع الدنيا و القناعة باللحظة الحاضرة تجعلنا في مستوى واحد مع الحيوان ـ و لعل هذا ما جعل أبيقور يطور هذا المذهب من اللذة إلى المنفعة لكنه مع ذلك يبقى مخلصا للمذهب السابق فهو يرى أن الإنسان يوجه أعماله للحصول على اللذة غير أنه يختلف معه في القول بأن هناك لذات أفضل من لذات عكس أرستيب الذي لا يفرق بين لذة وأخرى، إذن فما دامت هناك لذات أفضل فإنه يجب أن نمسك بزمام شهواتنا فنرفض اللذة إذا كانت متبوعة بألم أكبر منها، ونتحمل الألم إذا كان متبوعا بلذة أكبر منه فاقتلاع الضرس المسوس على الرغم مما فيه من ألم أفضل من تركه ولكي يسهل علينا اقتناء اللذات الأنفع يمدنا ببعض القواعد أولها أن إلى اللذات التي لا يعقبها أي ألم،وثانيها أن نبتعد عن الألم الذي لا يولد شيئا من اللذات،وثالثها أن نجتنب اللذة التي تفقدنا لذة أعظم منها،وأخيرا أن نقبل بالألم الذي يضمن لنا لذة أرجح من ذلك الألم أو يخلصنا من ألم أعظم منه،وقد ذهب وعلى شاملة هذا الطرح وبعد عشرين قرنا هوبز(1588-1697م) فهو يرى مثل أبيقور أن اللذة الشخصية هي المقياس الخلقي،وأن الإنسان الطبيعي لا يعرف إلا أنانية محضة فإن أي إنسان بطبيعته لا يبعثه على الفعل إلا حبه لنفسه وليس له أي باعث آخر إنه أناني بطبعه لا يطلب إلا خيرا لنفسه،ونجد كذلك الفيلسوف الإنجليزي بينتام (1748-1832) أنه يجب أن يكون في المنفعة العامة لا الشخصية فاللذة التي نسعى إليها ليست لذة العامل وحده بل لذة كل من لهم علاقة بالعمل لذلك يجب علينا أن نحكم على الأعمال بالخيرية أو الشريرة أن ننظر فيما ينتجه العمل من اللذات و الآلام لا لأنفسنا فحسب بل للنوع البشري كله فالقاضي مثلا عندما يقبل الرشوة تعد رذيلة حتى وإن انتفع بها هذا الأخير لأنها تؤدي إلى حالة من الفوضى فتكثر المظالم وتضيع حقوق الناس يقول بينتام المنفعة خاصية الشيء الذي تجعله ينتج فائدة أو لذة أو خيرا أو سعادة وخاصية الشيء التي تجعله يحمي السعادة من الشقاء والألم والشر والبؤس بالنسبة للشخص الذي تتعلق به المنفعة)،ولقد وضع بينتام صفات محددة للمنفعة هي كالتالي: الشدة، الخصب ،الدوام ،الصفاء ،القرب و الاتساع . وأخيرا جون ستوارت ميل (1806-1873) الذي يختلف مع أستاذه بينتام فهو يرى أن تقدير اللذات يجب أن يعود إلى مشورة أناس خبراء لا إلى الفرد و قد أقام ميل قاعدة السلوك الأخلاقي هي أن نعمل من أجل الآخرين ما ينبغي أن يفعلوه من أجلنا .
الواقع أن بناء الأخلاق على الطبيعة البشرية يلغي كل إلزام وكل مشروعية لها لأنه ما دام من طبيعة الفرد أن يسعى إلى ما يسره وينفعه فإنه لا يمكن أن نطلب منفعة غيره وإن كانت هذه الأخلاق تدعي الواقعية فإنها فقدت وظيفتها في تقييم السلوك و السمو به نحو المثل العليا يقول غولبر إن تقدير قيم اللذات على الرغم من اختلاف طبيعتها و نوعها وقربها بالإسناد إلى حساب شدتها وامتدادها وقربها وقد يوصلنا إلى قائمة طويلة من الأرقام لكنها أرقام تعسفية لا تخضع إلاّ للعبث و الأهواء).
وعلى عكس الرأي السابق يرى أنصار الاتجاه العقلي أن هذا الأخير هو مصدر القيمة الأخلاقية فهو تلك الماهية الخالدة التي لا تتأثر لا بالزمان و لا بالمكان فبه نحكم على الأشياء و نقومها وبه نهتدي في تصرفاتنا يقول ديكارت العقل هو أعدل الأشياء توزيعا بين الناس) ،فالعمل الأخلاقي هو كل ما يصدر عن اقتناع واختيار ومعرفة لذلك فإن أحكامه ضرورية تصلح لتقويم السلوك فالعقل هو أداة الإدراك و التبرير ولا يتم التمييز بين الخير و الشر إلاّ بالعقل فإنه ينطوي على مبدأ عدم التناقض يقول الدكتور محمد بدوي في كتابه (الأخلاق بين الفلسفة وعلم الاجتماع) هناك قوة كامنة في نفس الإنسان لا تهيئ له النصح و تضيء له السبيل فحسب بل إنها تحدد له ما يجب عمله وما يجب تحاشيه ،هذه السلطة الكامنة التي تسيطر على قدراتنا وعلى غرائزنا السفلى وهي أسمى جزء في نفوسنا هي العقل فخارج ما يأمرنا به العقل لا تكون هناك قاعدة أو سلوك له ما يبرره وسلطة العقل هي السلطة الشرعية الوحيدة). وعلى شاكلة هذا الطرح نجد كانط يجعل من العقل مصدرا للحياة الأخلاقية ليقطع به الطريق أمام العواطف المندفعة فيحتكم الناس إلى صرامته ونزاهته فهو يصدر من الإرادة خيرا فالإرادة الخيّرة هي التي تعمل بدافع الواجب لا طبقا للواجب فقط لأن هناك بعض الأعمال يمكن أن تتمة طبقا للواجب لكن بدافع المنفعة لا بدافع الواجب إذا فالإرادة الخيرة هي التي يكون الدافع إليها هو شعور الاحترام الذي يولده فينا مجرد تصور القانون ،إذاً فالإنسان الأخلاقي يؤدي فعله كممثل للإنسانية برمتها.
بما لأن الفعل الأخلاقي لا يمكن أن يكون أخلاقيا وهو خال من الأهواء خاضعا للعقل و للإرادة الخيرة فإن السلوك الأخلاقي هو السلوك الصادر عن الإنسان الواقعي الذي تتجاذبه الأهواء و الرغبات و الذي بإمكانه أن يؤدي أن يؤدي فعلاً خلقيا يكون ناتجاً عن حكمة في التصرف قوامها بناء سلوك ما تكون فيه الأهواء و الرغبات تعمل وفق ما يمليه العقل .
على ضوء ما سبق ذكره نصل إلى أن الجزاء أمر ضروري باعتباره عامل ضغط خارجي يحدد السلوك و يقيمه لكنه غير كاف يحتاج إلى أمر مقابل يتمثل في الضغط الداخلي أو التأثير الذي يحدثه العقل قبيل وأثناء القيام بالسلوك .
الطريقة:جدلية. الدرس: إشكالية العدل.
الإشكال:هل يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية في ظل الفروق الفردية ؟.
إن مفهوم العدل لم يصبح مفهوما شائعا في عصرنا الحاضر إلا بعد الثورات الكبرى التي أرقيت فيها الدماء و أزهقت فيها الأرواح البشرية و التي بها ثائرون متعطشون إلى الإخاء ضد الاستبداد و الطبقية و الاستغلال و صار مفهوم العدل كثيرا ما يقرن بمفهوم المساواة و يعتقد أن العدل في المساواة و الظلم في التفاوت و لكن أليس المساواة المطلقة ظلما ؟ لقد اختلف المفكرون في الإجابة عن هذا السؤال فمنهم من قال بالمساواة لأنها عدل و منهم من رفضها لأنها ظلم و حتى نصل إلى الرأي الذي يبدو لنا صحيحا و نأخذ به لابد من عرض الموقفين:
يرى أصحاب التفاوت أن العدل يتأسس على احترام الفوارق الموجودة و يوردون حججا تتعلق بالفوارق الطبيعية و الفوارق الاجتماعية فهم يرون أن الأفراد منذ ولادتهم يتميزون عن بعضهم البعض فلكل منهم قدراته و مواهبه الجسمية و العقلية الخاصة به فمنهم الضعيف و منهم القوي , منهم الذكي و منهم الغبي , فمن الظلم أن تمنح الغبي و غير الكفء منصبا إداريا ممتازا , لقد كان هذا رأي أرسطو فهو يزعم أن التفاوت قانون الطبيعة فهو يعترف بأن استغراق البعض للبعض الآخر هو ضرورة طبيعية و مادام الناس مختلفين من حيث الخصائص العقلية و الفيزيولوجية فلا بد فيما يرون من توسيع شقة الاختلاف بينهم يقول كاريل أليكس*عالم فيزيولوجي و جراح فرنسي* فبدلا من أن نحول تحقيق المساواة عبر اللامساواة العضوية و العقلية يجب أن نوسع دائرة هذه الاختلافات و ننشئ رجالا) و هو يوضح القول قائلا إن تقسيم سكان البلاد الحرة إلى طبقات مختلفة لا يرجع إلى المصادفة أو العرف الاجتماعي و إنما هو مؤسس على قواعد بيولوجية صلبة و كذلك على قدرات الأفراد الفيزيولوجية و العقلية) ففي المجتمع الديمقراطي كما ترى *فرنسا , بريطانيا* استطاع كل شخص أن يجد فرصته خلال القرن (19م) ليرتفع إلى المركز الذي مكنته مقدرته من بلوغه , لكن اليوم عامة الشعب يدينون بمراكزهم إلى الضعف الوراثي لأعضائهم و عقولهم بالإضافة إلى هذا الرأي فقد تبنى هذا الموقف بعض الأديان القديمة (الإبراهيمية) و التي بادروها بتقسيم الناس إلى أربع طوائف أعلاها الكهنة و البراهمة و أدناها السفلة و الأنجاس , و حديثا نجد اليهود الذين زاعمو أنهم وحدهم شعب الله المختار بالإضافة إلى الحركة النازية التي قسمت الجنس البشري إلى طبقات أسماها الآري ولقد علل أنصار هذا الضرب من الفوارق الاجتماعية منها و الطبيعية بأنها كحافز يدفع الأفراد إلى السعي و النشاط ذلك بأن الإنسان بطبعه مفطور على أن يسعى وراء آماله الواسعة و محاولة تحقيقها، فحياة بعض الناس في الرفاهية وتمتعهم بالكماليات يثير فيمن هم دونهم رغبة أقوى في العمل قصد الوصول إلى طموحاتهم فهو ينكر وجود تفاوت بين الناس في مكانتهم وقدراتهم وهذا لا يعني عدم مساواتهم أمام العدالة في أن أي تفاوت يتحول إلى ظلم.
إلاً أن هذه النزاعات تشبه إلى حد ما المبادئ التي انطلق منها التوسع الاستثماري الحديث يدّعون أن القوي له الحق بل ومن العدل أن يحتل الضعيف ويسير شؤونه المختلفة ويثبت العلماء أن العرق الصافي من المستحيل وجوده أي أن كل بلاد العالم مزيج من العروق حتى أن الدم الذي تفتخر به ألمانيا نفسها هو دم هجين إلى حد بعيد أكثر من غيره لا بل إن الواقع يؤكد أن الدم الهجين باعث على التقدم و الحيوية .
وعلى عكس الرأي الأول ظهر اتجاه ثان يرى بأن الناس خلقوا متساوين وفي هذا المعنى يقول شيشرون الخطيب الروماني(الناس سواء وليس أشبه من الإنسان بالإنسان لنا جميعا عقل ولنا حواس وإن اختلفنا في العلم فنحن متساوين في القدرة على التعلم)، وهو يقصد بهذا أن الناس سواسية لا من حيث ملكاتهم العقلية وكفاءاتهم وإنما لهم طبيعة بشرية واحدة أنهم سيختلفون فيما سيحصلون عليه أثناء عملهم وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول تنويها بالمساواة العادلة متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً)، أي متساوين في جميع الحقوق كحق الحرية وحق الحياة و المعاملة ، و أن الناس لم يولدوا منقسمين إلى طبقة أسياد وطبقة عبيد وليس لأحد حق السيادة على الآخرين بسبب ما يجري في عروقه من دم أرستقراطي، إنما خلق الناس طبقة واحدة وكتب توماس جيفرس في إعلان الاستقلال الأمريكي (إن جميع الناس قد خلقوا متساوين) كما يقول أن العدل هو احترام الكرامة الإنسانية مهما كان الأشخاص ومهما كانت الظروف الطبيعية و الاجتماعية التي تتعرض له فلابد من تجاوزها) ، ويرى أيضا (العدل في أسمى معانيه هو تجاوز الحدود و الفوارق الاجتماعية).
بالرغم من أنه لا يمكن إنكار أهمية المساواة و ضرورتها للمجتمع و الأفراد إلاّ أنه لا يمكن من مستوى الحقوق و الواجبات إلى مستوى يتعارض فيه الناس على حسب إمكانياتهم فلكل واحد إمكانياته الخاصة به بالإضافة إلى أنه لو ساوينا كل الناس في جميع المستويات العقلية و الجسدية و العلمية فكيف يحد من بعضهم بعضاً .
إن العدل معناه إزالة الفوارق المصطنعة و المظالم والفروق الواسعة التي نشأت بطرق غير مشروعة ولابد من فتح الطرق أمام الجميع و تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في جميع المجالات وإذا كان لا فضل لعربي عل عجمي إلاّ بالتقوى فإن الله سبحانه وتعالى يقول ورفعنا بعضكم فوق بعض درجات) ولكن هذا لا يعني أن العدل معناه المساواة المطلقة بل إعطاء كل ذي حق حقه وفق جهده و عمله .
وإذا أردنا الخروج بحوصلة فإن العدل ليس مساواة مطلقة و ليس كل تسمى بلا حدود ولا قيود فهناك فروق لا حيلة لنا فيها كالفروق الطبيعية .
إذا فالعدل هو الاحترام الصارم للحقوق لكل ذي كرامة وهو حرب ضد كل العمليات الاحتيالية أي العمليات التي من شأنها أن توفر المساواة .
الطريقة: الجدلية الدرس : الشغل و التنظيم الاقتصادي
الإشكال:هل النظام الرأسمالي كفيل بتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة أم النظام الاشتراكي ؟
تختلف النظم الاقتصادية ماضيا باختلاف موقعها من الملكية وما يصل بها من حيث النوع والحقوق و الواجبات فهناك من حيث النوع قسمان ،ملكية فردية وهي التي يكون فيها المالك معنيا ، وملكية جماعية وهي التي يكون فيها المالك معنويا أي معين في شخص بعينه كالدولة و العشيرة و القبيلة ومن هنا فقد اختلف جمهور الفلاسفة في تحديد النظام الاقتصادي الذي يحقق ازدهاراً اقتصادياً و بالتالي نتساءل : هل النظام الرأسمالي كفيل بتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة أم أن هناك نظاما آخر كفيل بذلك ؟ .
يرى أنصار النظام الليبرالي ـ الرأسمالي ـ أن هذا الأخير كفيل بتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة و يستندون في ذلك إلى حجج و براهين بحيث يعتمد على مبادئ تعد الركيزة الأساسية التي يستند إليها في تعامله ومن أهمها الملكية الفردية لوسائل الإنتاج و كذا المنافسة الحرة التي تضمن النوعية و الكمية و الجودة بالإضافة إلى عدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية و كذلك نجد قانون العرض و الطلب وهو قانون طبيعي يحدد الأسعار و الأجور فإذا زاد الطلب قل العرض و العكس ، ومن كل هذا نستنتج أن فلسفة النظام الرأسمالي تقوم على مسلمة واحدة و أساسية هي أن سبب كل المشاكل الاقتصادية يرجع إلى تدخل الدولة في تحديد الأسعار و الأجور و الإنتاج ، فلا يزدهر الاقتصاد إلاّ إذا تحرر من كل القيود و القوى التي تعيق تطوره وفي هذا يقول آدم سميث أحد منظري الليبرالية دعه يعمل أتركه يمر)، و إذا كان تدخل الدولة يعمل على تجميد وشل حركة الاقتصاد فإن التنافس الحر بين المنتجين يعتبر الوقود المحرك للآلة الاقتصادية فالحرية الاقتصادية تفتح آفاقا واسعة للمبادرات الفردية الخلاقة بحيث أن كل المتعاملين يبذلون قصارى جهدهم لإنتاج ما هو أحسن وأفضل وبكمية أكبر و بتكلفة أقل ولا خوف في خضم هذا النشاط على حركة الأجور و الأسعار لأن قانون العرض و الطلب يقوم بتنظيم هاتين الحركتين و في هذا يرى آدم سميث أن سعر البضاعة يساوي ثمن التكلفة زائد ربح معقول ، لكن إذا حدث بسبب ندرة بضاعة معينة أن ارتفع سعر بضاعة ما فوق سعرها الطبيعي فإن هذه البضاعة تصبح مربحة في السوق الأمر الذي يؤدي بمنتجيها إلى المزيد من إنتاجها فيرتفع العرض و هذا يؤدي بدوره إلى انخفاض ثمنها و إذا زاد العرض عن الطلب بالنسبة لسلعة ما فإن منتجيها يتوقفون عن إنتاجها أو يقللون منه لأنها غير مربحة و هذا يؤدي آليا إلى انخفاض العرض ومن ثمة ارتفاع الأسعار من جديد يقول آدم سميث إن كل بضاعة معروضة في السوق تتناسب من تلقاء نفسها بصفة طبيعية مع الطلب الفعلي ) ، وما يميز هذا النظام أنه لا يتسامح مع الضعفاء و المتهاونين والمتكاسلين ، و الملكية الخاصة و حب الناس للثروة هو الحافز الأول و الأساسي للإنتاج ، لذلك فإن أكثر الناس حرصا على السير الحسن للعمل لأية وحدة إنتاجية هو مالكها ، بالإضافة إلى أن هذا النظام يحقق نوعا من العدالة الاجتماعية على أساس أنه ليس من المعقول ومن العدل أن يحرم الفرد حيازته على شيء شقا وتعب كثيراً من أجله ، فبأي حق نمنع فردا من امتلاك ثمرة عمله وجهده ؟ .
أن قيمة النظام الرأسمالي إذا نظرنا إليها من زاوية النجاح الاقتصادي لا يمكن أن توضع موضع الشك و التقدم الصناعي و التكنولوجي و العلمي الذي حققته الدول الرأسمالية دليل على ذلك ، ولكن هذا الرأي لم يصمد للنقد وذلك من خلال الانتقادات التي وجهها الاشتراكيون بقيادة كارل ماكس التي يمكن تلخيصها فيما يلي : أولاها أن النظام الرأسمالي لا إنساني لأنه يعتبر الإنسان مجرد سلعة كباقي السلع وثانيها أن النظام الرأسمالي يكثر من التوترات والحروب من أجل بيع أسلحته التي تعتبر سلعة مربحة و الدليل على هذا دول العالم الثالث وفي هذا يقول جوريسكا إن الرأسمالي تحمل الحروب كما يحمل السحاب المطر) ، كذلك يقول تشومبيتر الرأسمالية مذهب وجد ليدمر) ، وثالثها أن النظام الرأسمالي أدى إلى ظهور الطبقية ـ برجوازية وكادحة ـ كما أه نظام لا يعرف فيه الإنسان الاستقرار النفسي بسبب طغيان الجانب المادي على الجانب الروحي كما أن هذا النظام أدى إلى ظهور الإمبريالية العالمية بالإضافة إلى أنه يوجد ظاهرة البطالة وكذا التمييز العنصري في شكل لا يعرف حداً وهذا النظام بدوره يقضي على الرأسماليين الصغار ، وأخيرا فإنه لا يوجد تناسب فيما يخص الأجور وساعات العمل يقول ماركس إن الرأسمالية تحمل في طياتها بذور فنائها) .
وعلى عكس الرأي السابق نجد أنصار النظام الاشتراكي الذي ظهر على أنقاض الرأسمالية وأهم رواده كارل ماكس وزميله انجلز في كتابه ـ رأس المال ـ ويرى ماركس أن المادية الجدلية هي المحرك الأساسي للتاريخ فالنظام الاشتراكي يسعى من خلال توطين الشروط المادية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وحياة اقتصادية مزدهرة وهذا من خلال مبادئ و أسس أهمها : الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج ـ الأرض لمن يزرعها والمصانع للعمال ـ وكذلك التخطيط المركزي بالإضافة إلى اعتماد نظام التعاونيات في الإطار الفلاحي وفتح المجال أمام النشاط النقابي لحماية حقوق العمال وحل مشكلة فائض الإنتاج والصراع الطبقي وكذا اعتماد مبدأ تكافؤ الفرص ، فالنظام الاشتراكي يعتمد كلية على الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج وذلك للقضاء على الظلم و استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وبث الروح الجماعية والمسؤولية الجماعية في العمل وتعتبر الدولة هي الرأس المدبر و المخطط الأول و الأخير وهذا للقضاء على التنافس الذي يؤدي إلى الصراع وتحكم الفئة الثرية في المؤسسات الاقتصادية بحكم تعارض المصالح كما فتحت الدولة المجال أمام نظام النقابات وذلك لحماية حقوق العمال وللاشتراكية صور متعددة ما هو شبيه بالرأسمالية ومنها من يقترب من النظام الشيوعي ومنها ما هو وسط بين الطرفين .
لاشك أن النظام الاشتراكي استفاد من بعض عيوب الرأسمالية لكنه لم يستفد من نقاطه أو جوانبه الإيجابية بل رفضه جملة وتفصيلاً وهذا الخطأ الذي ارتكبه المنظرون الاشتراكيون ضف إلى ذلك أنه بالرغم من الغايات الإنسانية التي يسعى إليها النظام الاشتراكي فقد أوجد جملة من السلبيات أهمها أنه فشل في إيجاد حلول لظاهرة التسيب و الإهمال و اللامبالاة وروح الاتكال كذلك أنه أوجد نوعا من التسيير البيروقراطي الإداري بالإضافة إلى ظهور المحسوبية و الرشوة وضعف الإنتاج في ظل غياب المنافسة وكثرة البطالة هذا بالإضافة إلى الخيال النظري الشيوعي الذي أدى إلى سوء تقدير الواقع و النتائج الاقتصادية ، كما أن توجه الدول الاشتراكية في انتهاج سياسة اقتصاد السوق و الانفتاح على العالم وهذا ما يؤكده الواقع المعاش ـ الجزائر ـ .
إن النظامين الاقتصاديين السابقين وإن اختلفا في المبادئ و الغايات الاقتصادية إلاّ أنهما مع ذلك لهما أساس علمي واحد يجمع بينهما فكلاهما ينظر للحياة الاقتصادية نظرة مادية ويقيمها على شروط موضوعية وهذا لا يعني أنهما تجردا من القيم الإنسانية ، غير أن فلسفة الاقتصاد في الإسلام تنظر إلى الحياة الاقتصادية نظرة أكثر شمولاً و تعتني بالنواحي الإنسانية عناية خاصة فقد تضمنت فلسفة الاقتصاد في الإسلام مبادئ وقواعد عامة لتنظيم الحياة الاقتصادية تنظيما أخلاقيا من أجل تحقيق حياة متوازنة بين الفرد و المجتمع وعلى هذا الأساس منحت الإنسان الحرية من الملكية لقوله من عمر أرضا ليست لأحد فهو أحق بها )، وقوله أيضاً من أحي أرضا ميتة فهي له)، ولكن قيدها بالمصلحة العامة حتى لا تكون أداة لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وجعلها ملكية نسبية(حيث كل شيء لله)، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الإسلام حرم كل أنواع الربا و الغش و الاحتكار وكل ضروب الاستغلال .
وفي الأخير وكحوصلة لما سبق فإن الاقتصاد الحر لا يحقق لا الحياة المزدهرة ولا العدالة الاجتماعية لأنها منبع المصائب والأزمات أما الاشتراكية فإنها رغم فضحها لعيوب الرأسمالية لم يتسن لها تحقيق روح العدل ومن هنا فالنظام الذي يحقق الحياة المزدهرة إنما هو النظام الذي يجمع بين عنصري الاقتصاد و الأخلاق في آن واحد ألا وهو النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يجعل من المال كوسيلة وليس كغاية يقول تعالى المال و البنون زينة الحياة الدنيا و الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا )
الطريقة: الجدلية الدرس : الشغل و التنظيم الاقتصادي
الإشكال: هل يعمل الإنسان لإشباع حاجاته البيولوجية فقط؟ يعد الشغل بالنسبة للإنسان نشاط فعال يسمح له بتغيير الطبيعة وإعطائها صورة مرغوب فيها فهو خاصية وامتداد للفكر وفاعلية إنسانية موجهة لإنتاج أثر نافع وباعتبار أن الإنسان يشترك مع غيره من أنواع الحيوان في جوانب عديدة ولأن هذا الكائنات نشأت كلها في الطبيعة ومن ثمَّ فهي ثمرة من ثمراتها وإذا كان هناك فرق بين الإنسان والحيوان فهل يكون هذا الفرق في الدرجة أم في النوع؟وسواء أكان الاختلاف في هذا أو ذاك فلماذا يكد الإنسان ويشقى ولا يعرف الراحة والسكون ؟ هل لحاجة بيولوجية أم هناك مبررات أخرى لذلك؟ .
يرى أصحاب الاتجاه الطبيعي أن جذور الإنسان متأصلة في الطبيعة وأن ظروف الحياة هي التي ألجأت الإنسان إلى الكد والعمل لسد الحاجات الحيوية من أكل وشرب وملبس ومسكن فالإنسان في نظرهم كالحيوان يخضع لمنطق الحياة العضوية ،وضرورات الغرائز الحيوانية فهو لا يخرج عن كونه >مخلوقا طبيعيا< أو موجودا بيولوجيا صرفا يعمل على تسخير الطبيعة والسيطرة عليها وكل هذا من أجل تحقيق الوجود والعمل من أجل الاستمرار على وجه هذه المعمورة وهم يدعمون رأيهم بأدلة فهم يرون بأنه لو كانت المنتجات الطبيعية كافية لما اشتغل كما هو الحال بالنسبة للإنسان الأول وتاريخ الحضارات القديمة يثبت أن الشغل في بعض المجتمعات كانت تنهض به فئة أخرى فالعمل الجسمي بصفة عامة في الفلسفة اليونانية يحط من قيمة الفرد وقد جاءت العقيدة المسيحية تؤكد على هذه النظرة إلى حد ما على أساس أن العمل نوع من العقاب الذي يعانيه المذنب.
إن هذا الموقف ينطوي على مغالاة فلو كان صحيحا لأقتصر الشغل على تلبية الحاجات البيولوجية وما تجاوز العمل الإنسان إلى المستوى الحضاري والاجتماعي هذا من جهة ومن جهة أخرى لو كان ذلك صحيحا لسمينا نشاط الحيوان شغلا رغم أنه لا ينطوي على عقل .
وعلى عكس الرأي الأول السابق يرى الاجتماعيون أن الشغل ضرورة اجتماعية ونجد أول من نظر في العمل نظرة فلسفية هيغل في أوائل القرن التاسع عشر 19م بإقامته جدليته الشهيرة بين السيد والعبد وهو يرى أن العمل منبثق للحرية أما عند برغسون فهو منبثق للعقل لأن الإنسان الحكيم هو قبل كل شيء إنسان صانع إذ ليس العقل-كما يرى برغسون- إلا (القدرة على صنع أشياء صناعية ولاسيما الأدوات التي تستخدم في صنع أدوات وفي تنويع الصنع تنويعا غير محدود) كذلك نجد ماركس يرى أن العامل عندما يؤثر في الطبيعة الخارجية ويغيرها فإنه يغير بذلك أيضا طبيعته هو نفسه وينمي ملكاته الذهنية الكامنة فيه بالإضافة إلى كل هذا فقد حاول بعض المفكرين أن يعطوا لعمل معنى ميتافيزيقيا وبالتالي معنى أخلاقيا إذ العمل في نظرهم هو تجسيم للقيم في الواقع وقد قال ماركس (بالعمل يحقق الإنسان إنسانيته) كذلك أن العمل ينتزع من نفسه ويحرره من الدائرة الذاتية التي كثيرا ما تأخذ شكل الاجترار الذاتي وقد دلت التجارب على أن كثيرا من المصابين بالأمراض العقلية تخف اضطراباتهم عندما يكلفون ببعض الأعمال الخفيفة مما يثبت أن العمل يعد إحدى دعائم الصحة العقلية فالذي لا يعمل لا يعرف للوجود نظاما ولا للوقت انتظاما واتصالا ولا للحياة اتزانا هذا من الناحية السيكولوجية أما من الناحية الاجتماعية فإن الكسل والبطالة غالبا ما تكونان مطيتين للانحراف والإجرام وقد حثت الديانات السماوية على العمل ومن بينها الإسلام وقد جاء في الأثر (ما أكل أحد طعام قط خيرا من أن يأكل من عمل يده ) وقوله تعالى (فإذا قضيتم الصلاة فانتشروا في الأرض واذكروا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون)
على الرغم من كل هذه الحجج إلا أن هذا الرأي لم يصمد للنقد ذلك أن من الناس ممن يزالون يعملون لسد حاجاتهم الضرورية فقط كالأكل والمسكن والملبس كذلك أن البعد الاجتماعي للشغل غير كاف لأنه لم يكن دائما ضرورة اجتماعية وواجبا على جميع الأفراد بل اقتصر في حقبة من التاريخ على العبيد.
إن الشغل بالنسبة للإنسان كالقلب للجسم أو بمثابة الجسد للروح فلا يمكن أن يستغني عنه فمن الناحية البيولوجية فهو يسد حاجياته الحيوية ومن الناحية الاجتماعية فالإنسان كائن اجتماعي حضاري يعمل ليحقق وجوده في وسط المجتمع بكل قيمته وكرامته .
وأخيرا وكحوصلة فأن الشغل وسيلة لا غنى عنها لسد ضرورات العيش لكن الإنسان ليس كائنا بيولوجيا فقط بل له أيضا كرامة وقيمة وروح التسامي تقتضي منه أن يشتغـــل .
الطريقة: الجدلية الدرس: المشكل الأخلاقي 3
الإشكال:يقول الأشاعرة : إرادة الله مطلقة ولا اختيار لإرادة الإنسان أمام إرادة الله ؟ .
تعتبر الديانات السماوية عموما أهم منابع القيم الأخلاقية ومن بينها الإسلام الذي تنص تعاليمه على ضرورة الالتزام بالقيم الأخلاقية مستمدين ذلك من القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة، ولذلك فإن لكل فريضة غاية أخلاقية فالدين معاملة ، ومن ثم وجب علينا أن نبحث عن أسس مفارقة تتجاوز المنفعة والعقل والمجتمع، وقد كان لعلماء الكلام دورا هاما في هذا المجال وخاصة المعتزلة والأشاعرة، و التساؤل المطروح ما هو الاتجاه الأصح ؟ .
يرى الأشاعرة أن الأعمال الأخلاقية مصدرها الشرع فهم يرون أنه لا شيء حسن ذاته أو قبيح ذاته وإنما الحسن ما حسّنه الشرع و القبيح ما قبّحه الشرع ولذلك فالعقل عندهم لا يملك القدرة على التمييز بين الخير والشر، فالخير والشر مصدرهما الدين عن طريق ما أمر به الله أو نهى عنه ، ولهذا يرى الأشعري أن الواجبات كلها مسموعة ويستدلون بآيات من القرآن الكريم في قوله تعالى افعل ما تؤمر) ، ومما استدل به الأشاعرة أيضاً لو كان الحسن والقبيح ذاتيين لكانا دائمين في الأشياء والأفعال دون أي شرط في حين أننا نرى الشيء الواحد قد يكون حسنا في موضع ويكون قبيحا في مواضع أخرى فالقتل يكون حسنا إذا كان قصاصاً ويكون قبيحا إذا كان ظلما والشيء قد يكون حسنا في زمن ولا يكون كذلك في زمن آخر ، كما قد تأتي شريعة بتحسين شيء ثم تأتي شريعة أخرى فتجعل الشيء نفسه قبيحا) ، فالنسخ دليل على تعبئة الحسن القبح لأمر الشرع ونهيه .
لا يمكن إنكار ما ذهبوا إليه إذ بينوا أن حدود العقل لا يمكن تجاوزها ولكن رأيهم لم يصمد للنقد ذلك أنهم أهملوا دور العقل في معرفة الفعل الأخلاقي عن الفعل اللأخلاقي ويتضح هذا في اتجاهات العلماء في تمييز الفضائل عن الرذائل والعكس تبعا للمستجدات التي تطرأ في الحياة .
وعلى عكس رأي الأشاعرة نجد المعتزلة الذين ينادون بالعقل فهم يرون أن جميع الأعمال التي نعدها حسنة كالعدل والصدق والإحسان ذلك أننا نحكم عليها بالحسن بالاعتماد على إدراكنا لها وإذا حكمنا كذلك على بعض الصفات من ظلم وكذب وبخل فلأننا اعتمدنا على إدراكنا لها ، ومعنى هذا أن العقل قادر بذاته على اكتشاف ما في الأشياء و الأفعال من حسن أو قبح ومن فساد أو صلاح ، وأمر الشرع بأشياء كالأمانة والعدل ونهيه عن أشياء كالسرقة والقتل تابع لما فيها من حسن وقبح وهو بهذا يخبر عن القيمة ولا يثبتها و العقل يدركها ولا ينشئها ، وللمعتزلة حجج شتى على هذا الموقف فمن الثابت تاريخيا أن الناس قبل وجود الشرائع كانوا يحتكمون للعقل فيما ينشأ بينهم من خلاف وسند العقل في ذلك ما يراه بذاته في الأفعال من حسن وقبيح ذاتيين دون استناد إلى الشرع إذ لم توجد بعد أي شريعة وكان العقلاء آنذاك يستحسنون مثلاً الحفاظ على الأنفس ويستقبحون العدوان، ومن الحجج المنطقية قولهم لو لم تجب المعرفة إلاّ بالشرع للزم إفحام الرسل ولم تكن لبعثتهم فائدة إذ قال لأحد: أنظر في نبوتي ومعجزتي كي يظهر صدقي لديك ،ووجه اللزوم إلى الرسول فله أن يقول : لا يجب علي النظر في نبوتك ومعجزتك إلاّ بالشرع ولا يثبت الشرع ما دمت لم أنظر أن ثبوت الشرع نظري لا ضروري وبهذا يفحم الرسول وتبطل دعوته وهذا غير صحيح ، ويثبت بهذا أن القبح والحسن ذاتيان في الأشياء يدركهما العقل قبل ورود الشرائع بالإضافة إلى هذا يوردون هاته الحجة التي مفادها أنه لو كان الحسن والقبح مكتسبين من الشرع لما أمكن استعمال العقل في المسائل التي لم يرد فيها نص شرعي ولأمتنع التعليل لأن التعليل قائم على ما في الأشياء و الأفعال من صفات قائمة فيها وفي امتناع التعليل سد لباب القياس وتعطيل للأحكام على الوقائع المستحدثة .
إن العقل قادر على التمييز بين الخير و الشر والإرادة تختار الفعل الممكن لكن قد يخطأ أي شخص مثلاً فلا يدفع تذكرة سفر إلاّ إذا أدرك أن هذا الفعل سرقة والسرقة حرام إذاً هذا ما يقوله المعتزلة ، إذاً هل يمكن أن تحل عاطفة الخوف من الله محل عاطفة الاحترام وهل يخاف الله جميع الناس ؟ .
أن الخلاف القائم بين هاتين الفرقتين لا يقتصر فقط على الجانب الأخلاقي بل يعتبر خلافا مذهبيا عاما يتعلق أساسا بمسألة الترجيح بين العقل والنقل ولتفادي الوقوع في هذا الخلاف نعتبر أن الأخلاق الإسلامية تجمع بين الجانبين بحيث يجب الالتزام بالنصوص من القرآن و السنة مع إمكانية عرضها على العقل لنعرف ما وراء المحرم من مضار وما وراء الحلال من منافع ويتم ذلك بإدراك المعاني و المقاصد .
وإذا أردنا الخروج بحوصلة لما سبق فإن الإسلام راع في مسألة الأخلاق ثنائية الإنسان (العقل والطبيعة البشرية) بحيث نجد الإسلام يرفع بالأخلاق ولم يعتمد في بنائها على مبدأ واحد كاللذة أو العقل أو المجتمع واتخاذها كقاعدة عامة توجه أفعالنا فالإسلام يدعونا إلى طاعة أوامر الله واجتناب نواهيه وفي نفس الوقت التوفيق بين متطلبات الواقع والجانب الخلفي للإنسان فالإنسان ليس ملكا كما أنه ليس بشيطان .
الطريقة: الجدلية الدرس: اللغة و التواصل
الإشكال:إذا كانت اللغة تشكل عائقا للفكر فهل يجب رفضها ؟ يتبادل الناس الأفكار كما يتبادلون الأشياء ،ووسيلة هذا التبادل وطريقة هذا التواصل هي اللغة التي يعرفها الجرجاني (هي كل ما يعبر به قوم عن أغراضهم)فلا ينحصر الفكر في الكلام فقط.والفكر في جوهره نشاط عقلي يعتمد في أداء وظيفته على استخدام المعاني وما يقابلها في اللغة من رموز والتفكير كما يقول كوندايك (يرتد إلى فن إتقان الكلام) وهذا يعني أن اللغة والفكر مرتبطان أشد الارتباط غير أن بعض المفكرين والفلاسفة يشكون من تقصير اللغة وعجزها عن التعبير عن كامل أفكارنا وبعبارة أصح :هل نستطيع أن نفكر فيما نعجز عن قوله؟
يرى أصحاب الاتجاه الثنائي أن اللغة باعتبارها أداة عامة للتواصل بين الأفكار لا تخرج عن كونها ألفاظا عادية ساكنة تقف في وجه الفكر وتقيم له عقبة فاللغة كما يلاحظ جيسبيرسن(بمفرداتها وصيغتها الثابتة قد أجبرت الفكر على أن يسلك سبلا مطروقة حتى أنهم اضطروا إلى اقتفاء أثر الأولين وآل بهم الأمر إلى أن يكون تفكيرهم أشبه بتفكير من سبقهم)،وقد ذهب على شاكلة هذا الطرح برغسون ،حيث يرى بأن الفكر مستقل عن اللغة وأن اللغة تقيد الفكر وتستعبده ،كما يرى أيضا أنه لا يوجد تناسب بين ما نملكه من أفكار وما نملكه من ألفاظ ،فالألفاظ محدودة ،والأفكار غير محدودة فكيف يمكن للمحدود أن يستوعب اللامحدود يقول برغسون(إن كلماتي من جليد فكيف تحمل بداخلها النيران وإن المعاني تموت عند سجنها في القوالب اللغوية)؛وفي هذا يقول ( الألفاظ قبور المعاني)،ويرجع أصحاب هذا الموقف عدم التناسب إلى كون اللغة واحدة منذ القدم لم تتطور بينما الأفكار تتطور كل يوم ،بالإضافة إلى كل هذا فإن الفكر تتجاوز دلالة الألفاظ ؛ حيث أن اللفظ لا يعبر إلا عما اصطلح وتعارف عليه المجتمع كذلك أننا في حياتنا اليومية يستعصي علينا التعبير عن بعض المعاني (كما كان يحدث مع الصوفية الذين يرون صعوبة التعبير عن تجاربهم النفسية >من ذاق عرف<يطلبون منا أن نعاني تجربتهم لنذوق ما ذاقوا) وكذلك أن الفكر متصل والألفاظ منفصلة حيث تتدفق المعاني ككل متصل يجعل الألفاظ عاجزة على أن تسعه وقد جاء هذا في القرآن الكريم في بعض الآيات في قوله تعالى (ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ) ،وقوله أيضا (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا) بالإضافة إلى كل هذا يمكن التعبير عن الألفاظ والمعاني دون استخدام اللغة مثل الرسم والموسيقى و إشارات الصم والبكم .
إن هذا القول بهذا الرأي لم يصمد للنقد ذلك أننا لا نستطيع أن نجزم باستغلال الفكر عن اللغة إذ كيف يمكن أن نتمثل في الذهن تصورات لا اسم لها ، ومهما ألح برغسون على عجز اللغة ومخاطرها فهو يطالب بإخضاع اللغة هذه إلى تعديلات عميقة وشاملة حتى تؤدي دورها يقول(إن اللغة يجب أن تكون على درجة من السيولة والمرونة مما يجعلها قادرة على متابعة الفكر الحي في سيولته وتدفقه المستمر) وكيف تتمايز الأفكار فيما بينها لولا اندراجها في قوالب لغوية .
إن هذا الموقف السلبي يوحي بأمرين :1-إن الفكر قد يوجد في صورة عالية عن الألفاظ .2-أن اللغة يجب ألا تستعبد الفكر الحر .
وعلى عكس الرأي الأول نجد من يقول بالتلاحم بين الفكر واللغة وبين المعاني والألفاظ فمعظم الفلاسفة اللغويين يؤكدون وجود وحدة بين اللغة والفكر وشبه هاملتون اللغة بورقة وجهها الفكر وظهرها الصوت ويشبه ماكس موليير ذلك التداخل بين اللغة والفكر بقطعة نقد الفكر وجهها واللغة ظهرها يقول (ليس ما ندعوه فكرا إلا وجها من وجهي قطعة النقد والوجه الآخر هو الصوت المسموع والقطعة شيء واحد غير قابل التجزئة فليس ثمة فكر ولا صوت ولكن كلمات). وقد شبهت اللغة بالقلم والفكر بالمداد أو الجسد والروح ،فالفكر واللغة شيء واحد ذلك أننا نفكر باللغة ونتكلم بالفكر وأن الكلام غير المنظم فكريا ليس لغة بل ثرثرة لا طائل منها ونجد دو لاكروا يقول (إن الفكر يصنع اللغة وهي تصنعه) ،ويقال أن ما ندركه جيدا نعبر عنه بوضوح كذلك يقول واطسن ( التفكير ضرب من الكلام الصامت ) ويؤكد ذلك كوندياك حيث يرى أن فن التفكير يرتد إلى فن إتقان الكلام ،إذا فلا تمييز بين الفكر واللغة ويقول هيغل (إن الرغبة في التفكير بدون كلمات محاولة عديمة الجدوى لأن الكلمة تعطي للفكر وجوده الأسمى ) ويقول ستالين (مهما كانت الأ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://http:/اhouda.houdi@gmail.com
 

مقالات فلسفية للنظام القديم 2

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» مقالات فلسفية للنظام القديم 1
» مقالات فلسفية للنظام القديم 3
» مقالات فلسفية لكل الشعب
» مقالات فلسفية لطلاب البكالوريا
» مقالات متوقعة في البكالوريا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
•°o.O منتديات ورقلـة المنـوعة ترحب بكم ،، O.o°•OUARGLA :: المنتـدى التعليـمـي :: قـسـم طـلبـات البـحـوث-