التركة تعريفها و حقوقها
المطلب الأول: تعريف التركة
التركة لغة هي ما يتركه الشخص و يبقيه ، يقال: ترك الشيء تركا خلاه و رفضه قصدا و اختيارا أو قهرا و اضطرارا، و تركة الرجل الميت ما يتركه من التراث و هي موضوع الإرث.
أما اصطلاحا: هي ما يتركه الميت بعد موته من أموال و حقوق مالية أو غير مالية .
و سواءا تعلقت بعين التركة كالديون الموثقة كالرهون مثلا أو بذمة الميت كديونه الخاصة .
المطلب الثاني : حقـوق التركة
و قد نص عليها المشرع الجزائري في المـادة 180 من قانون الأسرة ، كما جمعها الفقهاء في كلمة :" تــدوم " وهي :
أولا: تجهيز الميت
و هو التكفل بالميت من ماله الخاص و فعل كل ما يحتاج إليه الميت من وقت وفاته إلى حين دفنه من غير إسراف و تقتير: و تتضمن هذه النفقات ما يلي :
- نفقات غسله و كفنه و حنوطه و دفنه و كل ما يتعلق به إلى أن يوضع في قبره . و يختلف هذا باختلاف حال الميت يسرا أو عسرا و باختلاف كونه ذكرا أو أنثى.
و قد بين المشرع الجزائري ذلك في الفقرة الأولى من المادة 180 قانون الأسرة "....مصاريف التجهيز و الدفن بالقدر المشروع..."
ثانيا : قضاء ديـونه
قد يترك الميت ديونا تتعلق بالعباد و ديونا له من جهة ربه . و قد اختلف الفقهاء في تقديم الوفاء : هل تقدم ديون العباد عن ديون الله أم العكس.
ذهب الحنفية إلى عدم الوفاء بديون الله المالية كالزكاة و الكفـارات و النذر، و حجتهم في ذلك أن العبادة تسقط بالموت لأن مناطها النية و الاختيار و لا يتصور ذلك في الميت هذا إذا لم يوص بآداءها ، أما عند جمهور الفقهاء فإن ديون الله تقضى كديون العباد إذ يجب إخراجهـا و إن لم يوصي بهـا الميت و يجب إخراجها قبل ديون العباد عند الشــافعيــة و تخرج بعد الوفاء بديون العباد عند المالكية و يتساوى إخراجها عند الحنابلة.
و عليه بعد تجهيز الميت ، فإن بقي بعد ذلك شيء أخرج منه جميع الديون، فإن لم يف ما بقي جميع الديون فإن أصحابها يتحاصون في الموجود .
و قد ذهب البعض للقول بقضاء الديون التي تتعلق بذمة الهالك للآدميين الثـابتة بالبينة أو بالإقرار في الصحة مطلقا أو في المرض لمن لم يتهمهم عليه و يخرج من رأس المال و إن أتت على جميعه ، فإن لم يكن فيه وفاء بجميعها تحاص أربابهـا فيما وجد .
وأما دين غير الآدميين فهو مؤخر عن دينهم فإن فضلت خرج منها حقوق الله تعالى المفروضة عليه من زكاة العين و الكفارات و النذور.
هذا و قد استلزم المشرع الجزائري الوفاء بهذا الحق من حقوق التركة وفقا لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 180 من قانون الأسرة : " الديون الثابتة في ذمة المتوفي...."
ثالثا: تنفيذ الوصية
بعد سداد ديون الميت يتم إخراج وصيته ، و في ذلك تسمى بالوصية الجائزة حيث تنفذ هذه الأخيرة في حدود ثلث المال على عكس الديون التي تخرج من رأس المـال و إن أتت على جميعه، فالثلـث للوصية و الثلثان الباقيان للورثة و إن تعددت تحاص أصحابها للوفـاء بجميعها و إلا قـدم الآكد و الراجح .
وقد قُدمت الوصية على الدين في قوله تعالى: " ".لأجل الاعتناء بها.
ففي حكم البلاغة أن يقدم ما يجب الاعتناء بشرحه و بيانه و أداء الدين معلوم و أمر بين لأنه حق الغرماء و منعهم منه ظلم، فبدئ بما يحتاج إلى بيانه .
كما أن الوصية فعل خير و قربة بحصول النفع بها للميت في الدار الآخرة و حصول المال للمسكين الموصى له، فيقيم به ما يصلح فأداء الدين واجب و الوصية مندوب إليها .
فأهل الوصية يطالبـون الورثة بلين و رفق و قدمت الوصية للاعتنـاء بأهلها ليكونوا على بـال و يمتثلوا مقصد الميت بخلاف أرباب الديون فإن لهم القوة على طلب حقوقهم بكل ما يمكن لو بالحكام .
هذا ، و تنفذ الوصية في حدود الثلث و ما زاد يتوقف على إجازة الورثة و هذا لحديث سعد بن أبي وقاص لقوله صلى الله عليه و سلم : " الثلث و الثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" .
و قد نص المشرع الجزائري على الوصية كحق من حقوق التركة ضمن الفقرة 3 من المادة 180 قانون الأسرة ، إلا أنه لم يُبّين أحكامها في التركة ضمن هذا النص ، في حين بينت المادة 185 من نفس القانون حكما خاصا بالوصية ، بأن تنفذ في حدود ثلث التركة و ما زاد على الثلث توقف على إجازة الورثة :" تكون الوصية في حدود ثلث التركة و ما زاد على الثلث تتوقف على إجازة الورثة ".
أما إذا تعلقت الوصية بوارث فإنها لا تنفذ ، و هذا على أساس قاعدة لا وصية لوارث إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي و هذا ما نصت عليه المادة 189 من قانون الأسرة :
" لا وصية لوارث إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي ".
لاتنسوا أخوكم محمود بالدعاء والله للتوفيق.