النساء يبكين أكثر بأربعة أضعاف ويتمتعن بفوائد الدموع
قال علماء إن الدموع الأصلية سواء كانت دموع فرح أم ترح تساعد على إعادة التوازن لكيمياء الجسم، كما أنها تساعد على العلاج النفسي، إلا أن نوعية الدموع التي تذرف نتيجة لموقف عاطفي انفعالي تكون مختلفة من حيث التركيبة والوظيفة؛ فهي عبارة عن تفاعلات كيميائية تأتي استجابة لدوافع وحالة انفعالية مشبوبة بالعاطفة وبالتالي فهي أغنى بالبروتينات.
وأشار العلماء إلى أن النساء يعرفن بالغريزة فوائد البكاء؛ إذ تشير إحدى الدراسات إلى أنهن يجهشن بالبكاء بصوت مسموع نحو 64 مرة في السنة، بينما يبكي الرجال حوالي 17 مرة فقط في السنة حيث يعتقد الدكتور بيل فري من مركز أبحاث الدمع وجفاف العين في ولاية ميناسوتا الأمريكية أن البكاء مفيد، فقد تبين أن 85 في المائة من النساء و73 في المائة من الرجال الذين شملتهم الدراسة شعروا بالارتياح بعد البكاء.
ويرى فري أن الدموع تخلص الجسم من المواد الكيماوية المتعلقة بالضغط النفسي، ولدى دراسة التركيب الكيميائي للدمع العاطفي والدمع التحسسي الذي يثيره الغبار مثلاً وجد أن الدمع العاطفي يحتوي على كمية كبيرة من هرموني البرولاكين وآي سي تي أتشن اللذين يتواجدان في الدم في حال التعرض للضغط.
وعليه فإن البكاء يخلص الجسم من تلك المواد، مشيراً إلى أن هذا الاكتشاف سبب بكاء النساء بنسبة تفوق بكاء الرجال بخمسة أضعاف فالبرولاكين يتواجد لدى النساء بكميات أكبر مقارنة بالكمية لدى الرجال لأنه الهرمون المسؤول عن إفراز الحليب.
الجدير ذكره أنه أثناء البكاء تزداد كمية الدمع المنهمر بمقدار يفوق المعدل الطبيعي بخمسين إلى مائة ضعف في الدقيقة وتسكب العين وسطياً 5 ملليمترات من الدمع يومياً وإن فتح وإغماض العين بشكل لا إرادي بمعدل 20 مرة في الدقيقة هي الحركة التي تحافظ على مرونة العينين.
أقسام الجهاز الدمعي:
الدموع من أهم الوظائف الفسيولوجية للعين.. وقد وضعها العلماء والباحثون موضوع دراستهم وبحثهم. واستطاعوا بالتالي تصنيفها إلى ثلاث طبقات، الأمر الذي سهل عليهم معرفة الأمراض التي تصيب بعض أجزاء العين وطرق معالجتها..
وعليه قسموا الجهاز الدمعي إلى قسمين:
الأول هو جهاز الإفراز الدمعي.. ويتألف من الغدة الدمعية الرئيسية والغدد الدمعية المساعدة.. والأولى تتواجد في محجر العين عند الزاوية الخارجية العليا للعين وتحت المنطقة العظمية الأمامية العليا، ويتصل بهذه الغدة الرئيسية 12 قناة.. تنقل الدموع من الغدة لتصب في العين مباشرة.
أما الغدد الدمعية المساعدة وعددها 48 غدة 40 منها في الجزء العلوي من العين و8 تسكن في الجزء السفلي، وتكون مزروعة في جذور الرموش وفي أطراف الجفون والقبوة العلوية والسفلية للملتحمة.. (والقبوة: هي أسفل الجفن العلوي أو السفلي من الداخل). والفرق بين الغدة الرئيسية والغدد المساعدة كبير وأساسي على الرغم من أنها جميعاً تفرز الدموع.. فالغدة الرئيسية تفرز الدموع الناتجة عن الانفعالات العاطفية والمؤثرات الخارجية "الأجسام الغريبة".. وهي تتلقى أوامرها الطارئة من الدماغ مباشرة.. بمعنى أنه لا تعمل إلا بحدوث أمر ما يترجمه الدماغ إلى أمر بذرف الدموع.. أما الغدد الطبيعية المساعدة فإنها تعمل بشكل تلقائي ورتيب ومهمتها تغذية العين بالرطوبة اللازمة.. على مدار الساعة وبشكل مستمر.
أنواع الدمع
ومن أبرز أنواع الدموع التي تسيل من العين:
الدموع المطرية: وهي تحافظ على رطوبة العين وصحتها، فهي تساعد العين على التحرك بسهولة في التجويف، كما أنها تحتوي على أملاح وإنزيمات تقتل الكائنات الدقيقة.
الدموع التحسسية: تحتوي على مواد الدموع المطرية ذاتها، وهنا تزيد الغدد الدمعية من إفراز الدموع لحماية العينين من الأوساخ والملوثات وأشياء مثل أبخرة البصل.
جموع العواطف: وهي تنهمر كرد فعل على أحداث عاطفية، وتحتوي هذه الدموع على هرمونات وبروتينات والأندروفين، وهي عبارة عن مسكن ألم طبيعي، وتساعد هذه المواد على طرد المواد السامة من الجسم لتخفيف حدة الضغط النفسي.
أثناء البكاء تزداد كمية الدمع المنهمر بمقدار يفوق المعدل الطبيعي بخمسين إلى مائة ضعف في الدقيقة وتسكب العين وسطياً 5 ملليمترات من الدمع يومياً، وجدير بالذكر أن فتح وإغماض العين بشكل لاإرادي بمعدل 20 مرة في الدقيقة هي الحركة التي تحافظ على مرونة العينين.
ومن جانب آخر عندما قام العلماء بتحليل الدموع وجدوا أنها تحتوي على 25% من البروتين وجزء من المعادن، خصوصاً الماغنيسيوم وهي مواد سامة يتخلص منها الإنسان عند البكاء.
كما تبين في أحد البحوث للدكتور وليم فراي بإنجلترا عن الدموع أن المرأة تبكي 65 مرة في العام بينما يبكي الرجل 15 مرة ولكنهما أي الرجل والمرأة يبكيان في وقت واحد عند الخروج من رحم الأم ويربت عليهما الطبيب ليدفعهما إلى البكاء سواء أرادا أو لا.. فما سر البكاء والدموع؟
نحن لا يمكننا التسليم المطلق بأن البكاء يعتبر نوعاً من أنواع العقاقير أو بديلاً عنها وذلك لأن تعاطي العقاقير النفسية يكون عادة له شروطه المرضية الخاصة بكل نوع من أنواع تلك العقاقير، وقد تكون للبكاء فوائد كثيرة، على سبيل المثال قد يحمي من الإصابة بالأمراض النفسية فالشخصية التي تفرغ شحنات الانفعال أولاً بأول قد لا تصاب بمرض مثل الشخصية الأخرى التي تكبت انفعالاتها ولا تعبر عنها بالبكاء، أما بكاء الفرح الذي يعبر عن انفعالات السرور والبهجة وهو ظاهرة صحية تساعد على الراحة النفسية كذلك فالبكاء عند بعض حالات الأمراض النفسية أو في مراحل «معينة» من علاج تلك الأمراض قد تكون له دلالة علاجية جيدة لدى هؤلاء المرضى ومنها الحالات النفسية المصاحبة بأعراض تحويلية مثل الإصابة بعدم القدرة على الكلام أو المشي بعد التعرض لضغوط نفسية شديدة أو إنسان يبكي دون أسباب ظاهرة وهي في حالات الاكتئاب النفسي أو حالات الحزن الشديد وبدون أن يكون لفقدان هذه القدرة تفسير عضوي وغالباً عن علاج تلك الحالات.
فوائد الدموع:
فوائد الدموع كما يقول د. محمد بلطية عديدة فهي تساعد على مرونة حركة الجفون العلوية والسفلية كما تساعد أيضاً على حمايتها كأداة لتطهيرها بصورة مستمرة وحمايتها من الإصابة بالجفاف، كما تساعد على طرد أي مواد مهيجة للعين مثل الفلفل والشطة والدخان أو مواد صلبة كالأتربة، وتقوم عن طريق الغدة الدمعية بإدرار الدموع وطرد هذه الأجسام الغريبة لتعود إلى شفافيتها وتنظيفها كما تقوم الدموع على شفافية القرنية وحمايتها من الجفاف، وهي من العوامل التي تساعد على وضوح الرؤية وقوة ودقة الأبصار.
ويضيف د. بلطية أن الجهاز الدمعي يتشكل من غدة أساسية ومجموعة أخرى من الغدد الثانوية لإفراز الدموع المبللة لسطح العين وكيس دمعي لتصريف الدموع الزائدة وتتكامل وظيفة الجهاز الدمعي بفرز طبقة دمعية مع الملتحمة أعلى التجويف العظمي للعين ويتم التخلص من الدموع الزائدة عن طريق فتحة تصريف القنوات الدمعية الموجودة على جانبي الجفن العلوي والسفلي.
وفي مقالة نشرت في جريدة البيان ذكر فيها أن فـوائـد البكـاء الصحيـة:
فوائد البكاء، وعملها في الإنسان من الناحية الفيزيولوجية فهي محط نقاش واكتشاف، وأما من الناحية النفسية فهي جلاء للهموم والتماس للراحة ورقة للقلب ونقاوة للنفس وهي بالنهاية ملجأ كل مصاب يسلو إليها ويرى عزاءه فيها.
يقول الدكتور عادل الشافعي: البكاء هو نعمة من الله. لأنه أصدق تعبير عن المشاعر الإنسانية فالطفل الصغير يبكي ونلبي حاجته فهنا البكاء أداة تعبير وحيدة تعوضه عن الكلام والحركة حتى يتمكن من التواصل مع الآخرين.
أما بالنسبة للكبار فالأمر يختلف، عندما نحزن نبكي، وعندما نفرح نبكي.. فما هو البكاء؟
من الناحية الطبية هو خروج ما تفرزه الغدد الدمعية لوسط العين ويصاحبه سيلان مائي بالأنف والبلعوم وتقلص للعضلات العينية مع قبض عضلات الوجه والبطن وارتفاع بالحجاب الحاجز.
وأحياناً يرافقه سعال خفيف.
هذا ما يحدث للجسم فهل له فائدة طبية؟..
نعم ـ البكاء كالمطر ـ لأن البكاء يحدث نتيجة شحن العواطف بالانفعالات النفسية فتعمل على حث المراكز السمباثوية بالجهاز العصبي فترسل إشارات للغدد الدمعية بالتحضير والانقباض وارتخاء القنوات الدمعية فتندفع الدموع خارج الغدة للعين فتغسلها وتنقيها تماماً من أي ميكروبات أو إفرازات أخرى وبعض من هذه الدموع يصل للأنف عن طريق قناة توصل بينهم مما يساعد على تطهير الأنف ونزول السائل منها، فالسائل الدمعي يحتوي على سائل نقي به بعض الأملاح والمواد التي تفرز من الغدد الدمعية لذا فهو ذو طعم مالح قليلاً مما يساعده على تعقيم العين والملتحمة.
وهذا ما يحدث للمطر حين تحتقن السماء بالغيوم والسحاب فتأتي الرياح فتحركها ليسقط المطر الذي يغسل الأشجار والطرق وكل ما على الأرض فترى الأماكن كأنها غسلت من جديد.. هذا ما يحدث للإنسان بعد البكاء يستلقي ويهدأ ويبدأ من جديد.
ويضيف: أما من الناحية النفسية؛ فالبكاء المخرج الأفضل لكل التوترات النفسية والانفعالات لأنه لو أخفى الإنسان هذه التغيرات النفسية والعصبية بداعي الرجولة والخوف من الضعف أمام الآخرين أو الشعور بالانهزامية، فهنا تكمن الخطورة؛ حيث سيعاني من العقد والمشكلات التي يزخر بها الطب النفسي، أو الطبية، حيث سيؤدي ذلك إلى ارتفاع ضغط الدم المنتشر كثيراً هذه الأيام وربما لإظهار داء السكري إذا كانت عنده ميول أو تاريخ أسري للسكري.
كذلك حبس البكاء والمشاعر كثيراً ما يؤدي إلى تقرح بالمعدة وأمراض القولون العصبي ولهذا نجد أن النساء وهن أكثر قدرة على البكاء بسبب الاختلاف الفسيولوجي والهرموني عن الرجال ولأن البكاء ربما يكون مظهراً مقبولاً من السيدة كتعبير عن الرقة أو الضعف أو الشفافية لهذا نجد أنهن أقل عرضة لكثير من الأمراض التي تنجم عن عدم البكاء، لذلك علينا ألا نحرم أنفسنا رجالاً ونساءً من البكاء إن طاب لنا ترطيباً للنفس وحرصاً على الصحة حتى ولو من وراء حجاب.
حمـايـة القرنيـة
ومن جهته يقول الدكتور سمير جمال (طبيب عيون): لا يشكل البكاء غسولاً للعين فقط وإنما للنفس أيضاً ولفهم فوائد البكاء بتفصيل أكبر لابد من التحدث قليلاً عن ماهية الدمع ووظائفه، حيث إنه يشكل المادة الأساسية للبكاء وهو سائل كالبلازما الدموية (المصورة) دون وجود كريات دم وهو غني بالبوتاسيوم (أربعة أضعاف تركيزه في الدم) ويحتوي على عناصر مناعية دفاعية وهي الجلوبولينات المناعية وبخاصة Iga 200 ملغ/ل، وكذلك Igm وige ودورها معروف في الدفاع عن الجسم ضد الأخطار الخارجية كالجراثيم والفيروسات وكذلك على خميرة إنزيم الليزوزيم (15جراماً/لتر) وهي خميرة ذات قدرة كبيرة مضادة للبكتيريا وذلك بحلها للغلاف الخلوي لبعض الجراثيم «موجبة الجرام» لاحتوائها على مورامينيدايز.
وكذلك يحتوي الدمع على اللاكتوفيرين وهي مادة بروتينية ذات خاصية جذب عالية لعنصر الحديد الضروري لنمو البكتيريا، وبالتالي تلعب دوراً أساسياً في مقاومة البكتيريا وكذلك دوراً في تعديل الجذور الحرة وبخاصة جذر الهيدروكسي الضار لخلايا الجسم، وأيضاً تلعب دوراً مثبطاً للمتممة وهذا يمنح الدمع دوراً مضاداً للالتهابات أيضاً.
وكذلك الشوارد المغذية الأخرى والأوكسجين والجلوكوز، والإفراز الدمعي نوعان أساسيان يمثلهما الشريط الدمعي (بسمك 8 ميكرونات) المؤلف من ثلاث طبقات من الخارج إلى الداخل، دهنية.. مائية.. مخاطية ويلعب رفيف الأجفان دوراً أساسياً في تكوينه ويفرز من قبل غدد الدمع الملحقة بالأجفان وهو ثابت وموجود دائماً لحماية القرنية والملتحمة.
والنوع الثاني للإفراز الدمعي هو الانعكاسي وهو ناجم عن إفراز مائي غزير للغدة الدمعية الأساسية الموجودة في أعلى وخارج جوف الحجاج أو مركزي وذلك بتنبيه العصب الدمعي المفرز للغدة الوارد عن طريق العصب السابع، ويجري الدمع من الزاوية أعلى وخارج العين (اللحاظ) إلى الزاوية الداخلية (الموق)، حيث يزول ثلاثة أرباعه عن طريق نقطتين صغيرتين في الأجفان نحو قنينتين دمعيتين فكيس الدمع ثم القناة الدمعية الأنفية نحو تجويف الأنف بآلية فاعلة لوجود مضخة ماصة للدمع.
ويواصل: أما ربع الدمع فيطرح عن طريق التبخر وفي الحالة الطبيعية تستوعب العين الرتوج الملتحمة وسطح القرنية الملتحمة والطرق المفرغة بحدود (30 ميكرولتر) من الدمع وكل ما يزيد على ذلك يفيض ويسيل خارج الأجفان وهو ما نسميه بالدماع، وهذا ما يخلص العين من الأجسام العالقة كالغبار في حال تخريشها، إذن نستطيع أن نلخص فوائد الدمع بأشكال الحماية المختلفة التي يؤمنها للعين كالحماية الميكانيكية والبصرية وهو يشكل حاجزاً مقاوماً وسطحاً انزلاقياً ممتازاً أو مرطباً دائماً للعين وحافظاً للحرارة السطحية يحميها من الجفاف ويؤمن سطحاً بصرياً منتظماً.
وبوجود المخاطية في الشريط الدمعي يلتقط الجزيئات الغريبة والبكتيريا العالقة، حيث يؤمن رفيف الأجفان طرحها خارجاً، ومن الحمايات أيضاً حماية مضادة للبكتيريا وحماية فيزيائية بتغيير درجة حمض الدمع مما يجعلها وسطاً غير ملائم لنمو الجراثيم الممرضة وحماية كيميائية كوجود عناصر ليزوزيم والاكتوفيرين معدلة الديفانات المفرزة من قبل بعض الجراثيم، وحماية مناعية دفاعية وحماية علاجية، حيث يشكل الشريط الدمعي وسطاً ممتازاً لاستقبال الأدوية الموضعية وحماية غذائية حيث يغذي القرنية والملتحمة باستمرار فهو وسط تبادلي فعال للأوكسجين والجولوكوز والشوارد وبقية العناصر.
بكـاء الأحشـاء
ويقول الدكتور عدنان فضلي استشاري الطب النفسي: نعم، نحن ننصح المريض أو أي فرد يتعرض لمواقف محزنة أو مؤلمة أن يعبر عن شعوره بالبكاء، فمن خلال البكاء يشعر الإنسان بالارتياح من ثقل يتعب كاهله، وإن الكبت قد يؤدي إلى نتائج وخيمة، والمصابون بالاكتئاب هم أكثر الناس عرضة للبكاء حيث يجد المريض متنفساً لهمومه، غير أنه في حالات الاكتئاب الشديدة تستعصي الدموع، حيث يتمنى المريض لو أنه يستطيع البكاء.. حتماً إن البكاء يخفف من حدة التوتر والضغوط النفسية والنساء هن أسرع في البكاء من الرجال بحكم تكوينهن البيولوجي، فكثير من الرجال «يبكون بصمت»! فطالما سألت رجالاً يعانون من الاكتئاب، هل تنتابهم نوبات بكاء؟.. فأجابوا بإباء وشمم كما يقولون: «عيب على الرجل أن يبكي»!
عندما فجعت شاعرتنا العربية الخنساء بأخيها صخر ملأت الدنيا صراخاً وبكاء، وهي التي قالت لولا هذا البكاء سواء منفردة أو مع الآخرين لحاولت الانتحار!!
ومن الناس ممن يتألمون أو يحزنون يلجئون لتناول المهدئات أو الخمر للتغلب على مظاهر الأسى والحزن وهذا نوع من الكبت، والذي قد يظهر فيما بعد على شكل اضطراب نفسي شديد ولو بعد حين.
إن كبت مشاعر الحزن وعدم التعبير عنها قد يؤدي إلى ظهور مجموعة من الأمراض العضوية كتقرح الأمعاء أو قرحة المعدة، وذلك بسبب التوترات والضغوط المتواصلة ويمكن تلخيصها بمقولة أحد الأطباء النفسانيين: إن الدموع التي لا تجد لها منفذاً من العيون تجعل الأحشاء تبكي!!
ويقول الدكتور يوسف عبد الفتاح طبيب نفسي: بكاء الأطفال أحد مظاهر الطفولة النمائية فقد ارتبط البكاء بالطفولة، حيث شاع القول لمن يبكي من الكبار إنه يبكي مثل الأطفال.
ويؤدي البكاء وظيفة سيكولوجية مهمة بالنسبة للطفل فهو بمثابة التنفيس الانفعالي والتعبير السلوكي عن مشاعر الغضب أو الحزن أو الرفض لما يتعرض له ويشعر به وهذا أمر لازم وضروري لإخراج هذه الطاقة الانفعالية المكبوتة، ويرى علماء النفس أن البكاء شأنه شأن سلوكيات أخرى تستخدم للتنفيس الانفعالي أو تفريغ الشحنة الانفعالية الكامنة في الشخصية، فالبكاء والصياح والصوت الحاد المرتفع وتخريب الألعاب أو الممتلكات والتململ كلها وسائل تعبيرية عن حالة انفعالية مرتبطة بالغضب أو الحزن، ولما كان الإحباط الذي يتعرض له الطفل يولد شحنة نفسية عدوانية فإن البكاء يعد بمثابة التعبير عن هذه الشحنة والتخلص منها، وكف البكاء أو عدم البكاء قد يكون مؤشراً لكبت هذه الشحنة الانفعالية في النفس، وقد تنتقل إلى اللاشعور، حيث ينساها الطفل لكنها لا تختفي تماماً وتبقى لتعبر عن نفسها في الكبر بأساليب رمزية أو مرضية كالقلق والعدوان المدمر الظاهر كلما أتيحت الفرصة للطفل.
وقد وجد حديثاً أن هناك علاقة وثيقة بين الوظائف الفسيولوجية والسيكولوجية للانفعالات عموماً، ووسائل التعبير عنها، سواء بالبكاء أو غيره من الأساليب، فقد تبين مثلاً أن البكاء ينشط الغدد الدمعية ويغسل مقلة العين ويطهرها ويقلل من الضغط الذي نتعرض له، كما تبين أنه يؤثر على الأجهزة الفسيولوجية الأخرى مثل الشرايين والأعصاب التي تصبح متوترة في حالة الانفعال، كما تزداد ضربات القلب ومعدل النبض والتعرق ويزيد إفراز الأدرينالين من الكليتين، وهي من المؤشرات الفسيولوجية للقلق والاضطراب الانفعالي لدى الطفل الذي لا تلبث أن تخف حدتها بعد نوبة البكاء وتفريغ الطاقة والشحنة الانفعالية التي لدى الطفل، لذلك يجب ألا ينزعج الآباء والأمهات من بكاء أطفالهم باعتباره إحدى وسائل التنفيس كما ذكرنا وبالتعلم الاجتماعي تقل نوبات البكاء لدى الطفل حين يعرف أن البكاء وحده ليس كافياً لتحقيق ما يريد وتغيير العالم المحيط به.
منقول