هناك من الناس من هو عنيد في طبعه لا يقبل الرأي المخالف حتى ولو تبين أمام عينيه عدم صحة إدعاءاته ويكون في قرارة نفسه عالماً لخطأه متيقناً من عدم صحة إدعاءاته فيبقى مصمماً على رأيه أو يبدأ بالتهرب من الرد ومن المفترض أن يكون موضوعياً واعياً لا هم له صحة أو خطأ رأيه بل المهم هو الوصول إلى النتيجة للفائدة ولعدم تغييب الحقائق ...
فيعطي إنطباعاً سيئاً عن نفسه لدى الجهة المقابلة لأنه لا يقبل الحقيقة ولا يفهمها ... فكل ما يفهمه هو أن يكون دائماً على حق بغض النظر عن آراء الاخرين مدى صحتها ومدى قوة الدليل لديهم ...
من خلال التجربة الشخصية هناك أصناف من هؤلاء الناس الذين يتسمون بصفة الإصرار على الاخطاء والذنوب وعدم تقبل وجهة نظر الاخر :
منهم من يكون مكشوفاً في تعصبه يرفض الرأي الاخر الموضوعي علناً وتبجحاً ... وهذا واضح في سذاجته ...
ومنهم من يتبين له خطأه وعدم صحة رأيه ثم يلجأ لأسلوب المراوغة بكلام معسول وديباجات طويلة لا نهاية لها ... وربما يناقض نفسه ويدخل في مفارقات عجيبة غريبة الاطوار ...
ومنهم من يتبين له خطأه فلا يرد ولا يعترف بل يذهب برأيه منقاداً إليه كما الاغنام التي تسير بالفلاة دون هدف أو مغزى ولا يكون مستعداً بالاعتراف بذنبه فيثبت لمن حوله مدى الانحطاط النفسي الذي وصل اليه ...
شخصية المتعصب لرأيه والمصر على خطأه شخصيه سلبيه تحب أن تسلط عليها الاضواء دون الاخرين وتحب أن تظهر بمظهر الناصح والفاهم العالم وصاحب الرأي السليم ونفسيته لا تقبل النقاش الايجابي ولا تقبل المرونه وعليه فالتصرف السليم معها هو تبيين هزالة رأيه بالحجة القوية والدلائل الدامغة والخطوات الموضوعية ... التي تسكته ضمن نطاق المنطقية وحتى لو رد تكون ردوده بائسة ومفلسه من تعدي على الآخرين بتجريحهم أو سبهم وعندما يصل إلى هذه الحالة وهذا المآل يكون قد خلص إليه أنه في حالة إفلاس شديدة وفاقد الشيء لا يعطيه ...
وبهذا يخسر ما كان يريد أن يبنيه لنفسه من سمعه أو أضواء مسلطة من لا شيء ...
ومن هنا دعوة لمن يريدون الحوار والنقاش الناجح أن يكون متعاطياً مع جميع النقاط المطروحة والرد عليها والاقرار إذا كان الرأي الاخر محقاً في ما يقول ...
وليس عيباً أن يقول شخص : فعلاً أنت محق في ما تقول ولم أكن منتبهاً لهذه النقطة ...
فمجرد الاعتراف بالذنب أو التعاطي مع الرأي الآخر يضفي إيجابية للحوار تمنح المصحح ثقة فيما يقول وترفع المعترف بخطأه إلى مكانة أسمى وتزده إقتراباً من قلوب الناس ...
أما العقول الهمجية التي لا تقبل أن تعترف بأخطائها ولا تقبل إحترام الرأي المخالف عندما يكون مصححاً لأفكار مغلوطة لديهم فلن تلاقي من الاطراف الاخرى سوى إمتهانها وعدم الدخول معها في حوارات أو حتى عدم دعوتها للمجالسة مرة أخرى فالجلوس معهم لا فائدة منه لأن الحوار الايجابي يخلص إلى نتيجة ... أما الحوار السلبي فلا يخلص لنتيجه والسبب في العقلية الجامدة.
أقول أن الشخص الذي لا يعترف بذنبه ولا يقبل الاراء المدعمه بشواهد وأدلة تدل على صحة ما جاء فيها ؛ قد حرم نفسه فضيلة بل ووضع نفسه موضع الرذيلة وموضع الانعزالية والانطواء عن الاخرين فهو غير مرحب به جراء عقليته اليابسة الغير مرنة ...