شكري، عبد الرحمن
شكري، عبدالرحمن (1304ـ 1378هـ ، 1886ـ 1958م). عبدالرحمن شكري شاعر مصري ولد في بورسعيد. تعلّم في المدارس الحديثة ثم التحق بكلية الحقوق، ولكنه تركها ليدرس في دار المعلمين. تخرج عام 1909م، ثم أرسل في بعثة إلى إنجلترا لمدة ثلاث سنوات، حيث حصل على درجة في الأدب الإنجليزي. اشتغل بعد عودته بالتدريس حتى تقاعده عام 1934م. وقد اتسمت شخصيته بالخجل والانطواء، بخلاف صاحبيه المازني والعقاد.
أرسى شكري مع زميليه العقاد والمازني دعائم مدرسة الديوان. انظر: الشعر (جماعة الديوان). التي حملت لواء التجديد في كتابة الشعر، واتخذت من نقدها للشاعر أحمد شوقي ميدانًا للتطبيق. وتقوم دعوتها على تجديد في الشعر يشمل الشكل والمضمون، حتى يكون الشعر أقدر على التعبير عن أحاسيس الشاعر وذاتيته، وهي بهذه الدعوة تخالف منهج شعراء العربية الكبار آنذاك.
كتب شكري أولى قصائده وهو طالب عام 1904م، وبعد عودته من البعثة أصدر بين عامي 1913 و1919م ستة دواوين، ثم مرت بعد ذلك فترة صمت وعزلة في حياته لاتفسير لهما حتى عام 1935م، حيث عاد إلى كتابة الشعر والإسهام ببعض المقالات. ولكن النقاد يرون أن شعره في هذه الفترة أقل جودة عن شعره السابق.
حرص شكري على أن ينبع شعره من وجدانه، كما حرص على مايعرف بالوحدة العضوية في القصيدة. وهي قيمة تعني تلازم أجزاء القصيدة ونموها نموًا يشبه نمو الكائن الحي، بحيث لايمكن الحذف منها أو التقديم والتأخير دون أن تختل، وقد صار لهذه القيمة شأن كبير في كتابة الشعر العربي الحديث ونقده بعد ذلك.
لم يخرج شكري عن عروض الشعر العربي وإن كان يجمع بين التأثر بالشعراء العباسيين مثل: بشار وأبي تمام والمعري من ناحية، وبعض الشعراء الرومانسيين الإنجليز أمثال: شيلي وبايرون. ويلاحظ كثير من النقاد غلبة التشاؤم الشديد على شعره.
جمع شعره عام 1960م في ديوان بعنوان: ديوان عبدالرحمن شكري. وله بعض الأعمال النثرية، غير أنها أقل درجة عن شعره، منها: الاعتراف؛ وحديث إبليس؛ الثمرات؛ والصحائف.
وتعد قصيدته التي يخاطب فيها الريح من أجمل شعره، إذ يصدر فيها عن حزن عميق وتجربة صادقة مفعمة بالكآبة والأسى، يقول فيها:
ياريحُ أيُّ زئير فيك يُفْزعني كما يروع زئير الفاتك الضاري
ياريحُ أيُّ أنين حنَّ سامِعُهُ فهل بُليت بفقد الصَّحب والجار
ياريح مَالك بين الخلق موحشة مثل الغريب، غريب الأهل والدار
أم أنت ثكلى أصاب الموت واحدها تظلُّ تبغي يَدَ الأقدار بالثارِ
وأما شعره الوطني فقد خرج به عن شعر المناسبات إلى لون من التعبير يصدر عن ذاته وانفعالاته الخاصة:
وكم من أمة تخشى الزوالا على الأيام أدركها الزوالُ
تحاذر أن تغيرّها الليالي فيودي حالها ويجيء حالُ
وبين الدهر والدول استباقٌ وبعض الناس يعوزه المجالُ
وأحكامُ الوجود لها مسيلٌ مسيلُ السيل يُهلْكُ إذ يسيلُ
فإن تسْدُدْ طريق السيل تَهْلك ولايُغني البكاءُ ولا العويلُ