اتهم مربو الإبل بولاية ورڤلة الشركات البترولية العاملة بحقول النفط بحاسي مسعود، بتعمد قتل عشرات النوق بسبب "المخلفات السامة" التي تتركها المؤسسات دون ردمها أو تسييجها بعد الانتهاء من الأشغال، حيث فتكت البرك النفطية في المدة الأخيرة بعدد كبير من الإبل أمام مرأى الجهات المعنية في مشاهد مأساوية بفعل مواد سامة ومياه ملوثة.
تحرك عدد من مربي الإبل وجمعيات مهتمة بهذه الثروة الحيوانية، في اتجاه المطالبة بمقاضاة الشركات التي تتعمد ترك إفرازات المواد الكيمياوية المستعملة في عمليات استخراج البترول، التي عادة ما تسبب تسممات معوية للإبل، وهو ما كشفته تقارير عدة لأطباء بيطريين، علما أن عشرات النوق عثر عليها خلال الشهور الماضية في حالات مزرية بعد هلاكها في أكثر من موقع صحراوي، يضم أبار تنقيب تديرها شركة سوناطراك.
وقال عدد من مربي الإبل في تصريح "للشروق" إن العديد من النوق نفقت بفعل السموم التي تخلفها المؤسسات النفطية، حيث يظل هذا الحيوان يتخبط على الرمال من شدة المغص قبل موته، مؤكدين وجود وثائق تشريح طبية بحوزتهم تحدد أثار التسمم، وأشار ذات المتحدثين إلى أن ثروة الإبل باتت مهددة بالانقراض في ظل تزايد ما نعتوها بالأخطار المحدقة بالإبل التي يعثر عليها أحيانا ميتة في أماكن متفرقة بسبب مفعول السم القاتل دون تحرك أي جهة لحماية هذا الحيوان الذي أتى ذكره في القرآن الكريم.
وحمّل مالكو النوق شركة "سوناطراك" مسؤولية ما تكبدوه من خسائر جمة تقدر بالملايين دون تعويضهم، في وقت يؤكد المرسوم التنفيذي رقم 06 ـ 198 في 2006 الذي يضبط التنظيم المطبق على المؤسسات أنه يجب على كل مؤسسة تقوم بعمليات التنقيب وعمليات استغلال الآبار اتخاذ الإجراءات اللازمة والضرورية من أجل التكفل بالأحواض الناتجة عن هذه العمليات ومنه إنجاز "سياجات" تحيط بها، وتخصيص غطاء بلاستيكي ملائم ومطابق للمواصفات التقنية قصد منع تسرب المواد السائلة الصناعية واحتكاكها بالمياه الجوفية، وهو ما لم يتم، إذ لازالت قطعان أخرى من هذه الثروة الحيوانية الهامة مهددة في عمق الصحراء، وتنص المادة الثانية من نفس المرسوم على التزام هذه المؤسسات بضمان العمل وإزالة النفايات على حسابها الخاص بطريقة عقلانية بيئيا وفقا للتشريع المعمول به، حيث يكفل كل من والي الولاية وكذا عدة هيئات عمومية، فضلا عن رئيس أمن الولاية وقائد المجموعة الولائية للدرك الوطني ورئيس الدائرة وأعضاء المجلس البلدي بتنفيذ هذا المرسوم.
ومعلوم أن عددا من المربين رفعوا الشارة البيضاء وعزوف البعض منهم عن تربية الإبل، بينما سبق للجنة البيئة التابعة لمصالح الدرك الوطني بورڤلة وأن فتحت أزيد من تحقيق أمني يتعلق بالنفايات البترولية المهملة في الصحراء وتسربات مواد كيميائية إلى مياه غير معالجة، والتي سرعان ما تعجل "بنفوق" النوق فور شربها، غير أن السلطات المحلية ورغم مطالبة المربين بتدخلها لإنقاذ ثروتهم، إلا أن نداءاتهم لم تجد أذانا صاغية في الوقت الذي يتواصل فيه نزيف هذه الثروة الحيوانية بفعل المعضلة المطروحة وإرهاب الطرقات، الذي يحصد هو الآخر سنويا مئات الرؤوس، مع العلم أن قيمة هذا الحيوان تقدر بأكثر من 100 ألف دج.