تمر السنون على مدينة جانت التاريخية بولاية ايليزي وتبقى القصور القديمة بالمدينة والتي تمثل أهم شاهد مادي على عراقتها يتجه نحو التلاشي والاندثار يوما بعد آخر، ليصبح أحد المراجع التاريخية والثقافية للمدينة الآيلة للزوال مهددة بفعل الظروف الطبيعية والجوية من أمطار ورياح وحتى أيدي الإنسان.
أتت الظروف الطبيعية القاسية على جزء معتبر من بنية تلك القصور بسبب الانهيارات المتتالية التي تسجلها السكنات المتواجدة بهذه القصور وجدرانها وأزقتها الضيقة، بل وأكثر من ذلك تحولت بعض أجزاء تلك القصور إلى مرمى للنفايات ومكان لقضاء الحاجة.
وتعتبر قصور "الميهان" و"زلواز" و"جاهيل" المتواجدة على التوالي بوسط وشمال وجنوب المدينة، أول نواة عمرانية لمدينة جانت المعروفة بكونها اعرق مدن الجنوب الجزائري على الإطلاق، وهي فضلا عن ذلك تحاكي التاريخ البشري الذي يعود إلى ألفي سنة من خلال الرسومات الحجرية التي تزخر بها الطاسيلي التي تعتبر اكبر متحف مفتوح على الهواء في العالم وفق تصنيف منظمة اليونسكو.
ورغم أن ولاية ايليزي بادرت في 2002 في تسجيل عملية ترميم هذه القصور، إلا أن تلك العملية لم تصل إلى نهايتها، حيث كانت المبادرة بترميم قصر "الميهان" القديم وتوقفت العملية قبل أن تكتمل في ترميم هذا القصر، فيما لم تمس العملية باقي القصور، حيث أدرجت عملية الترميم في إطار مشروع يخص ترميم كامل قصور الولاية ومواقعها الأثرية، ولم يستفد بصورة كاملة منها سوى ما يعرف بحصن ايليزي أو "فور بولينياك" سابقا، وبعض الترميمات لموقع اثري ببلدية برج الحواس.
ويعود سبب توقف العملية حينها إلى تحفظ مقدم من طرف وزارة الثقافة التي أمرت بتجميد العملية لأسباب تتعلق بنوعية الترميمات التي تمت بهذه المواقع وكذا نوعية ونجاعة مكاتب الدراسات التي كلفت بالمتابعة، حيث يتطلب الأمر، وفق ذات الوزارة، مكاتب دراسات خاصة واستعمال نوعية ومواد خاصة في عمليات الترميم.
ويضاف إلى تلك المبادرة استفادة قطاع الثقافة بولاية ايليزي خلال العام الماضي من عمليتين تتعلقان بدراسة لإنجاز مخطط دائم لحماية وتثمين المواقع المحمية لقصري "زلواز" و"الميهان" الواقعين بشمال ووسط المدينة، ولم تشمل العملية قصر "جاهيل"، حيث رُصد للعمليتين مبلغ ملياري سنتيم في إطار برنامج دعم النمو الاقتصادي شطر 2011 تستهدف حماية هذه المواقع التي بلغت درجة متقدمة من التدهور والإهمال بفعل الظروف الطبيعية وحتى العوامل البشرية، لكنها تبقى مجرد دراسة.
وإلى أن يتحقق حلم ترميم قصور جانت العتيقة ميدانيا، فإن عاتيات الزمن وظروف الطبيعة وأيادي الإنسان ستفعل فعلتها بأهم شواهد عاصمة الطاسيلي.