هذه وصايا أحدالشيوخ
لابنته التي تدرس للمرة الأولى في الجامعة بعيدة عن البيت, يعرضها للتدارس لعلها تعتمد فرديا أو حتى جماعيا وتتخذ بشكل رسمي وسيلة من وسائل التحصين التربوي في خضم أمواج القيم الوافدة وما ينتج عنها من أخلاق وممارسات مخيفة ...
أي بنيتي..هذه وصايا في عشرة أبواب، إليك كطالبة تعيش أول مرة الحياة الجامعية، خارج البيت وبعيدة عن البيئة التي ترعرعت فيها، من أب يعمل ما استطاع ليكون ملتزما بدينه ويعرف الجو الجامعي من زمن غير بعيد..، والهدف منها مساعدتك على مرضاة الله والتوفيق فيما تسعين إليه، وهذا أسمى ما يطلبه كل عاقل في حياته، فاستوعبيها واعملي بها ما استطعت، وهي:
1- النية: احرصي على إخلاص النية في طلب العلم لله تعالى حتى يتحقق في عملك الحديث الشريف:"من سلك طريقا يبتغي فيه علما سهّل الله له طريقا إلى الجنة."، وتذكري أن كل عمل حلال يجد له صاحبه نية صالحة يعد عبادة لأنه (إنما الأعمال بالنيات).
2- الصلاة: حافظي على الصلاة في وقتها ما تهيأت لك أسبابها رغم الصعاب، وإذا منعك مانع فليكن أول ما تنشغلين به عند الفراغ منه هو الصلاة، ولك في رخصة الجمع بين الظهرين والعشائين فسحة عند الحاجة ولا تتحرجي من التيمم عند فقدان الماء أو عدم إمكانية استعماله سواء للطهارة الصغرى أو الكبرى، ولا تهملي النوافل وخاصة قراءة القرآن والمأثورات وقيام الليل ولو بركعتين من حين لآخر.
3- الستر: الستر قيمة دينية وليس لباسا شكليا، فلا تتخلي عنه مهما كانت المبررات، وضرورات التخلي عنه تقدّر بقدرها ولها أحكامها فاسألي عن كل حالة تعترضك.
4-العِرض: في التعامل بين الجنسين ، مع وجود الحجاب،إنما تحرم: النظرة بشهوة والخلوة والتلامس والخوض في الحديث الفارغ، فإذا أمنت من هذه فلا تكوني معقدة في التعامل مع الذكور، ولكن لا تنبسطي فيما لا ضرورة له واستعيني بمصاحبة زميلاتك ما أمكن، ولا تقبلي في الأسفار الطويلة الجلوس إلى جنب رجل أجنبي ، وتذكري وجوب "اتقاء الشبهات" وقد طبقه الرسول-صلى الله عليه وسلم- على نفسه حتى وهو يمشي مع زوجته حيث قال للصحابة «..على رسلكم إنها صفية.»، فالحفاظ الحفاظ على العرض وما أدراك ما العرض؟ الذي إذا خدش لا يداوى وإذا كسر لايجبر..مع العلم أنه في حالات الطوارئ والمخاطر على المرأة أن تكون مثل الرجل تماما في تصرفاتها ومواقفها من أجل النجاة من المهالك.
5- الدراسة :لا تنسي أن هدف وجودك في الجامعة هو الدراسة فلتكن اهتماماتك مركزة فيها، ومعظم أوقاتك مخصصة لها، وتحمّلي في سبيلها المشاق وخاصة مشاق الغربة التي تزول بالتعوّد لأنها مجرد حالة نفسية، وتحلي بأخلاق طالب العلم التي حددها العلماء في كتبهم ومنها الصبر والتضحية والتواضع...
6-الوقت: نظمي أوقاتك، واعلمي أن المذاكرة في الصباح الباكر أفضل من السهر ليلا لقول الرسول-صلى الله عليه وسلم-:«بورك لأمتي في بكورها» وخصصي وقتا يوميا لغير الدراسة والمذاكرة، ولا تكثري من النوم فيه واشغليه بعد الراحة بما هو مفيد ونافع مثل:
*المسامرة والتزاور في الأوقات المناسبة دون إحراج الغير.
*المطالعة الحرة والإطلاع على الأخبار ومتابعة ماهو نافع في مختلف وسائل الإعلام.
*المشي والتفسح في الأماكن والأوقات الآمنة.
*العمل الدعوي والنشاطات الثقافية الطلابية المباحة.
7- الدعوة: الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة من الفرائض العينية فلا تهمليها وتحيني لها الفرص فرديا وجماعيا،واعلمي أن العمل الجماعي ضرورة لتحقيقها على الوجه الكامل فلا تفرطي في الانخراط فيه مع العاملين في الحركة ولا تخجلي من انتمائك وتوجهاتك الفكرية والسياسية بل دافعي عنها لكن بكل وعي وتحفظ ، ولا بد من الموازنة في كل ما سبق مع الهدف من وجودك في الجامعة وهو الدراسة.
8- القيم: كوني قوية الشخصية معتزة بالمبادئ والقيم الدينية التي تربيت عليها وذلك يقتضي - كحد أدنى- عدم التأثر بما عند الغير من المخالفين إلا بما هو مفيد ونافع في إطار علمي وحضاري وفي حدود الشرع، لأنها من أسوأ الطباع الانبهار وسرعة التأثر وأن يتنكر الإنسان لأصوله وببيئته الأولى.
9-الأخلاق: حسن الخلق أثقل شيء في الميزان يوم القيامة وأفضل زاد في الدنيا،وملخصه ''حسن المعاشرة'' ولذا جاء في الحديث الشريف:'' الدين المعاملة'' ،وهو مالا يتحقق إلا بالصبر على أخطاء الغير والتنازل لهم ،فاجتهدي في امتلاك هذا الفضل مع من تخالطين،ولا تنسي أن الحياء خلق الإسلام وأنه زينة المرأة ولكنه لا يعني الخجل وسلبياته.
10-الاقتصاد : اقتصدي في إنفاق ما عندك من مال فإن مواردك محدودة وما تميل النفس إلى اقتنائه واستهلاكه غير محدود وأخص بالذكر المكالمات الهاتفية وغيرها كثير مما قد يدخل فيه التبذير أو الإسراف اللذين نهينا عنهما شرعا،واعلمي أن صبر ساعة قد يوفر إنفاق شهر.ولتكن تكاليف سفر العودة دائما في احتياطك ، ودفتر الصكوك في حوزتك لاستعماله عند الحاجة، وفي الاقتراض عند الضرورة مخرج.
أي بنيتي،لا شك أن في تربيتك وتكوينك مايغنيك عن هذه الوصايا وأكثر، لكن حرصي على أداء الواجب اتجاهك ـ لعلني أظفر بالجنة من خلالك ـ يدفعني إلى أن أضع بين يديك من التوجيهات ما يعوض ما كنت أقوم به و أنت معي ، وإني لعلى يقين من أنك ستكونين في مستوى ثقتي فيك ، و سوف لن نسمع عنك إلا ما يشرف أهلك ، ومهما كانت نصائحنا فلن تكون مثل '' ضميرك ودينك'' فوعي الضمير والوازع الديني هما أفضل رقيب للإنسان وأقوى حام له من نفسه والشيطان لاسيما في هذا الزمان وفي جو الجامعة المفعم بكل وسائل الغواية والضلال. وآخر ما أريده منك هو الدعاء لي ''بالمغفرة والتوفيق'' كلما توجهتِ إلى الله جل وعلا، ولك ولجميع إخوتك وسائر الأسرة مثل ذلك منّي.. ودمت في رعاية الله وحفظه.
اتمنى ان تنال اعجابكم