المربي الحيشري…
…. في الأسبوع الماضي وبينما كنت أتجول في شوارع بلدية العالية لفت إنتباهي مجموعة من الشباب يتحاورون فيما بينهم ، فقلت في نفسي لماذا لا أشاركهم حوارهم هذا الساخن ، إنظممت إليهم بعد التحية والإكرام فرحبوا بي محاورا بينهم فسألت أحدهم عن مساره الدراسي وحياته التعليمية منذ نعومة أظافره الى أن تخرج فقال : مررت في دراستي بمحطات أذكر من بينها معلمي وأساتذتي الذين درسوني بصدق وإخلاص وأكن لهم كل التقدير والإحترام والتبجيل أما البعض فليسوا لا بمعلمين ولا مدرسين ولا أساتذه ولا مربين فهم حيشريين حشروا أنفسهم في سلك هذه المهنة الشريفة فدنسوها وأساؤوا إليها وأساؤوا الى المجتمع من خلال فلذات أكباده ، فهم محسوبون على التربية والتعليم التي هي منهم بريئة براء الذئب من دم يوسف عليه السلام ، فالكثير منهم لا يهتم بهندامه تجده يجيء الى المؤسسة بنعالة وضوء ويقف بها على المسطبة بحيث نراه كلنا ، وتجد من بينهم من سرباله غير مكوي به تجاعيد بكل مفصل من مفاصله تتخللها ماده بيضاء كسحب بداية فصل الخريف تسمى عندنا بالحوييو نتيجة التعرق حيث يتبخر الماء وتبقى المادة الملحية وتجد شعر رأسه غير ممشوط كالعهن المنفوش ممزوجا ببقايا البطانية ، وتجد منهم من يتمخط ويتفل في ساحة المدرسة ولا يحمل في جيبه منديلا وبأمرنا نحن بإقتناء المناديل ، عجبا له ؟؟؟؟ ومن بينهم من يتركنا داخل القسم ويذهب ليدردش مع زملائه على حسابنا… ومن بينهم من يحمل في محفظته ملابس داخلية نسوية يعرضها للبيع على المعلمات والأستاذات ، ومن بينهم من تراه في السوق يبيع الماعز والحشيش وبعض أنواع الخرد….شكرا لك يا أحمد ، وأنت يا عمر أحكي لنا عن بعض محطاتك فقال : أنا رأيت مدرسا سليط اللسان يؤذي طلابه ويشهر بهم ولا يقبل اللحوار ولا السؤال وكل من أراد أن يسأل أو يستفسر يتهمه بالبلادة وعدم الفهم…ولهذا كرهناه وتركناه لحاله لكن هو لم ينته بعد حيث أنه ذات يوم لاحظ أن أحد الطلاب يلبس حذاء من قماش فقال له : هذا صباط الطبة ما بقي أحد يلبسه إنه منتن الرائحة وأخذ يذله ويشهر به الى أن أصيب الطالب بالخجل وأخذ يتعرق حتى كاد يغمى عليه….ذلك الطالب المسكين هو من عائلة فقيرة وله إخوة كثيرون وأبوه مريض وعاطل عن العمل..وذات مرة وفي نفس الفصل كان أحد الطلاب يلبس قبعة في القسم ، فقال له المدرس إنزعها حالا….تظاهر الطالب بعد سماع المدرس ولم ينزع القبعة…فأخذ المدرس يسب ويشتم ويقول ألفاظا نابية وجاء يجري وخلع القبعة من على رأس الطالب ووجد تحتها حبوبا مختلفة اللأوان والأحجام ، فخجل الأستاذ وأرجع القبعة على رأس صاحبها وسكت ولم يعتذر…. وذات مرة أستاذ آخر طلب من الطالبة الفقيرة أن تحضر كراريس جدد بينما هي جمعت من عند زميلاتها أوراقا بيضاء وخاطتها الى بعضها البعض وصنعت منها كراريس وكتبت عليها دروسا من مختلف الأساتذة ولم يرفضو لها عملها هذا والذي يعد إبتكارا عند الحاجة لكن هذا الأستاذ عمد الى تمزيق كل الكراريس ورماها من النافذة ولم يكتف عند هذا الحد بل مزق أيضا المحفظة ورمى بها خارج القسم وقال للبنت الفقيرة المسكينة سوف أمزقك وأرمي بك خارج القسم من النافذة إن لم تات في المرة القادمة بكراريس جدد…..فسكتت البنت وكظمت غيظها في نفسها ولم تعقب….وبعد عودة هذه الأخيرة الى منزلها حكت قصتها مع الأستاذ لأمها وأبيها ..ومن ذلك الوقت كانت أخر حصة بالنسبة لها وأضحت ماكثة في البيت الى يومنا هذا وغادرت المدرسة نهائيا وحرمت من التعليم لفقرها وفاقتها نتيجة ظلم المجتمع لها والحساب يوم غد إن شاء الله أمام قاضي القضاة رب السماوات…..هذه قصص من الواقع المعيش ، ونترك التعاليق للسادة القراء الكرام….الى الحلقة القادمة إن شاء الله..