يقع حي الدبدابة شمال شرق النسيج العمراني لبلدية العالية بحوالي كيلومتر ونصف وهو غير مأهول حاليا ، هاجر منه سكانه بعد الإستقلال وآخرهم هاجر في السبعينيات منهم من رحل الى الأغواط ومنهم من رحل الى ورقلة ومنهم من رحل الى تونس ثم العاصمة ثم الى تقرت ومنهم من حول فقط الى مقر البلدية ، سكان الحي من آل موهوبي التابعين لسيدي بالطيب دفين دمد بمسعد ولاية الجلفة فصيل من أولاد سيدي المبارك بن سيدي أحمد بن سيدي محمد السايح ، وكان يقيم معهم آل محجوبي من أولاد محمد السايح دفين القرية الأثرية طزيزوة وبجانبهم آل قوال التابعين لهم وكان يقيم معهم لقب الرقيبات والدوادي وبلعور ولقب مايو ولقب خمري وكلهم من أصل سائحي ، هذا الحي الكبير الذي يضم عدة عائلات يقع في وسط غابات النخيل وكان أهله يقيمون به صيفا ويتركونه في باقي الفصول حيث يتنقلون بحثا عن الكلأ في الصحاري مثل العريفجي ورمادة والأبرق وصحاري مسعد والجلفة وقرب بلدة عمر وتماسين وتقرت حيث كانوا يملكون الماشية والإبل والخيول قبل اللجوء الى الإستقرار النهائي ومن أعيان هذا الحي العريق الموهوب بن الموهوب ، العلامة الشيخ سي محمد محجوبي ، العلمي بلعور، عراب محجوبي أحمد بن التجاني قوال ، الشيح محمود موهوبي ، بلقاسم موهوبي ، سليمان موهوبي ، التجاني موهوبي … وكل أهل الحي يعتنقون الطريقة التيجانية وتسمع لهم في الصباح الباكر دوي كدوي النحل أثناء تأديتهم لأورادهم الصباحية والمسائية ، وكان جلهم يحضرون دروس العلامة الشيخ سي محمد محجوبي ويأتون كذلك من مختلف الأحياء المجاورة ولقد إستفادوا فائدة عظيمة وكونوا هذا المجمع العلمي والذي يرجع الفضل فيه لشيخنا سي محمد محجوبي بعد أوبته من جامع الزيتونت بتونس الشقيقة ، وسمي هذا الحي بالدبدابة لأن أرضه بيضاء تتكون من الحجارة الصلدة الجبسية وكان الماء تحت هذا الحي كله مالح غير صالح للشرب ، وذات مرة لما جاء الولي الصالح سيدي محمد بلعلمي الى الحي لزيارة صديقه الموهوب شكا إليه ملوحة مياه هذا الحي ، فخط بجرجله مكانا وسط الحي وطلب من سيد بلعلمي أن يصلي فيه ركعتين لله ويطلب بأن يجدوا عند الحفر الماء العذب وفعلا تحققت الأمنية وجاء الماء عذبا حلو المذاق فوق ما يتصور وأضحى سكان الحي كلهم يروون من هذه البئر المباركة ، فهذه إحدى كرامات أولياء الله الصالحين ، كان أهل الحي يعتمدون في معيشتهم على ما تدره عليهم مواشيم وإبلهم من ألبان ولحوم وصوف وشعر ووبر وجلود وعلى منتجات نخليهم من تمور في بلدة العالية وفي بلدة عمر حيث كانوا يملكون هناك النخيل منذ زمن بعيد والى اليوم ، مصادر الطاقة كانت من حطب النخيل وحطب البراري من خشب الزيته والقرينة والبلبال…وكانت الإنارة مستمدة من الفوانيس الزيتية والكوانكي التي تشتغل بمادة الكاربيل التي تعطي السيتلان ، بنت الدبدابة كانت دائمة مشغولة وليس لها وقت فراغ ولا وقت ضائع فهي بين الطهي والغسيل وصناعة الصوف بجانب إنجاب الولاد وعملية التربية ، وهي عنصر نشط تقف الى جانب زوجها وتسهر على راحة كافة أفراد الأسرة , ولقد لقي سكان الحي من التنكيل من طرف القوات الفرنسية في بداية الثورة النوفمبرية ما لقي ، وكانوا في كل مرة يأخذون رجال الحي الى السجون بكل من تقرت والمغير ويتركون النساء وحيدات مع الأطفال الصغار، على غرار ما وقع لكافة أحياء بلدة العالية دون إستثناء ، ومن بين شهدا الحي الشهيد محجوبي الذوادي رحمه الله …ومجاهدون كثر، ومن جملة الأواني التي كانت تستعمل آنذاك : المخفية المصنوعة الطين المحمي على النار والقلال والجرار والحلاب والقنينات المصنوعة من مشتقات النخيل والملاعق الخشبية والقصعة الخشبية والقربة لتبريد المياه والشكوة لتحضير الحليب والحبال المصنوعة من شعر وأوبار الجمال والمكب المصنوع من سعف النخيل بالإضافة الى الطباق هي الخرى المصنوعة من سعف النخيل والمزينة بالرسومات والتي كانت تجلب من بلدة عمر وتماسين وتقرت .
كان الناس يعتمدون في معيشتهم على أنفسهم وعلى ما يملكون من وسال متاحة ، فلم تكن هناك وظائف ولا شركات ولا مصانع ولا حصادات وكانت العيشة أحسن وأحلى وأهلها يعيشون الراحة النفسية بكل هدوء وإطمئنان على عكس ما نرى اليوم رغم توفر كل الإمكانيات .