قال الراوي بعد تماثلي للشفاء من أثر وعكة صحية ألمت بي طيلة ما يزيد عن الثلاثة أسابيع….خرجت صبيحة يوم الجمعة الى أحد الجيران لتقديم التهاني له بمناسبة زفاف أحد أبنائه ، فوجدت جمعا غفيرا من الجيران وغيرهم من سكان القرية كلهم جاؤوا مهنئيين للجار بمناسبة العرس ، فبعد تقديم التهاني والجلوس وتناول الشاي والحلويات ، تجاذبنا أطراف الحديث بخصوص القرية ومحاسنها…ثم قمت مع أحد الزملاء الذي ألح علي بأن أرافقه لزيارة أحد أصدقائنا القدامى في منزله فقبلت ورافقته ، ولما دققنا الباب خريج إلينا الصديق وسلمنا عليه وسلم علينا وفرح بنا وأدخلنا الى صحن الدار وأحضر الحليب والتمر والشاي ، وبقينا نتحدث في أمور الدين وما شاهدناه خلال الأسبوع في الفضائيات الدينية الملتزمة ، ثم إلتفت الي صاحب الدار وسألني عن غيابي عن الساحة طيلة هذه المدة، فقلت له بأني كنت مصابا بوعكة صحية والان الحمد لله ، فقال لي : أين أنت من قول الرسول محمدا صلاواة الله وسلامه عليه :::: داووا مرضاكم بالصدقة:::::::: فقلت له إني ذهبت الى الطبيب …، فقال لي : خذ الحكمة وسوف أحكي لك حكاية واقعية وقعت عندنا هنا في القرية وصاحبها لا زال موجودا على قيد الحياة ، فقلت له تفضل يا أخي إحكي وأفدننا يرحمك الله ، فطفق يقول : أن فلانا وذكره لنا باسمه مرضت له بنتا وأخذها الى المركز الصحي بالعالية ، بعد الفحص أمرالطبيب نقلها الى مستشفى الحجيرة رفقة والدها ، ونفس الشيء أمرالطبيب نقلها الى مستشفى تقرت على جناح السرعة ، فكان الأمر كذالك ، وبعد المعاينة الطبية في تقرت ، تم الأمر بنقلها رفقة والدها الى مستشفى بوضياف بورقلة فباتت ليلة واحدة تحت العناية المركزة وفي صبيحة الغد حضر والد المريضة الى المستشفى لعيادة إبنته ، وكان الطبيب في إنتضاره وأبلغه بأن مرض إبنته مستعصي وغير معروف ، ولهذا تم الإتفاق على إرسالها الى مستشفي بني مسوس بالعاصمة وأن الإجراءات الإدارية كلها جاهزة وسيارة الإسعاف جاهزة للسفر وهاك الأوراق أمضيها وجهز نفسك لمرافقة إبنتك ، وكان الأب عنيدا ورفض السفر الى العاصمة ، فراوده الطبيب وحاول معه مرارا ولكن دون جدوى ، فقال له الطبيب أمضي هذه الأوراق بأنك ترفض سفر ابنتك الى العاصمة كي لا نتحمل نحن الطاقم الطبي مسؤولية ما قد ينجر عن رفضك وعنادك ، ولما أمسك الولي الأوراق لإمضاء الرفض إستوقفه الطبيب وقال له أمامك مهلة أسبوع لا أكثر للتفكيرثم نعاود الكرة معك من جديد أخد الولي إبنته واستأجر سيارة وعاد الى بلدة العالية وكان حائرا في أمر إبنته أثناء الطريق ، ومن خلال مراجعة شريط أحداث بعض مراحل حياته ، تذكر في يوم من الأيام وفي درس من دروس يوم الجمعة بجامع - لاسيليس - بورقلة كان يلقيه الشيخ صالح محجوبي وكان فحوى هذا الدرس ، الطب النبوي ومن جملة بعض الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما دائما أبدا :::: لكل داء دواء ، إلا السام ليس له دواء ، قيل وما السام يا رسول الله ؟ قال : الموت :::::: وحديث آخر فحواه ::: داووا مرضاكم بالصدقة :::::: فابتهج الأب فرحا وسرورا لأن هداه الله الى ما يفيد إبنته بعد أن خرج من بحر أحلامه وتأملاته .
وما هي إلا ساعتين أو أقل من المسير ركن السائق سيارته أمام الدار بالعالية ، فتناولوا جميعا وجبة الغداء ورجع صاحب سيارة الأجرة الى ورقلة ، سألت أم البنت زوجها عن حال البنت وعلاجها فكتم الزوج الخبر وقال أن البنت إن شاء الله بخير وليس بها ما يتطلب كل هذه المتاعب وستشفى إن شاء الله خلال الأيام القليلة القادمة ، قليل من الصبر فقط وسنرى …. صلى الأب صلاة العصر في أحد مساجد القرية ثم توجه نحو أحد أصحاب الحوانيت الذين يثق بهم وطلب منه بأنه هو الذي سيتولى دفع مصاريف ذوي الحاجة من الفقراء والمحتاجين لمدة شهر كامل دون أن يذكر إسمه ، وفعلا كان ذلك وتم تنفيذه بحذافره مهما كانت قيمة المصاريف ، سبحان الله العظيم ، ولله في خلقه شؤون
وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى , ومنذ الشروع في العملية والبنت تزداد راحة وعافية يوم بعد يوم الى أن خفت وشفيت تماما فكأنما نشطت من عقال والحمد لله
ولم يهنأ بال الوالد حيث أخذ إبنته الى ورقلة والى الطبيب الذي كشف عنها في الوهلة الأولى ، وكشف عنها مرة ثانية ولم يجد للمرض أثرا أبدا فاحتار والتفت الى الوالد سائلا إياه عند من عالجتها ؟؟ فسكت الولي ولم يرد كشف المستور ، ولكن بعد إلحاح شديد تحدث الولي عن مجريات كل الأحداث….وهذه عبرة ، وأية عبرة لمن يعتبر، وعليه فإني قررت أثناء سماع القصة أن أنشرها للإفادة والإستفادة… وها قد وفقني الله لنشرها والحمدلله رب العالمين…..تركت أنا وزميلي صاحب الدار بعد أن ودعناه في حدود الساعة:12.10 من نفس اليوم والتاريخ 29/10/2010 ، وكأنما قدم لنا أجمل هدية مادية ومعنوية لا تقدر بثمن ، وبدوري أنا أهديها الى كافة القراء الكرام .