لقد عاد من البقاع المقدسة بحفظ الله وعونه أحد أعيان أولاد سيدي بالطيب التابعين لسيدي المبارك بن الولي الصالح سيدي محمد السايح من الحي الجديد بلدة العالية بعد أسبوعين من عيد الفطر، الأخ خمري عبد الله والذي قدم برا من أراضي تونس الشقيقة حيث كان أبناؤه وإخوانه وأقاربه في استقباله بمدينة تقرت والتي وصلها في ساعة متأخرة حيث عمت الفرحة ، وسرعان ما تم التوجه الى بلدية العالية مسقط رأسه في موكب بهيج تطغى عليه معالم الفرحة ووصل في الصباح الباكر الى مقر سكناه بالسلامة فعلت أصوات الزغاريد وزيت مداخل أبواب المسكن بجريد النخيل تيمنا وتبركا بعمتنا النخلة وهي عادة من العادات العريقة عندنا في القرية بالمناسبات الطيبة ، وهيأت الفرش والزرابي والورود لاستقبال الوفود المهنئة ، وما إن طلعت شمس هذا اليوم الميمون المبارك حتى بدأت الوفود وحدانا وزرافات يلتحقون بمكسن العامر والذي يعلو سطحه العلم الجزائري ، جاؤوا مهنئين من كل حدب وصوب ، يهنؤون العامر ويتمنون له الحج المبرور والذنب المغفور والسعي المشكور ، يجلسون قليلا يتناولون الشاي والحلويات وماء زمزم ، ثم يطلبون من العامر أن يعطيهم الفاتحة والتي تتضمن طلب كل خير لحاضرين والغائبين وما الى ذلك من كل الدعوات الصالحات ، ثم يغادرون وتاتي جماعة أخرى وهكذا الى مدة حوالي أسبوع كامل وربما حتى الزيادة ، ولقدا جاء المهنئون من كل القرى المجاورة والمدن من الحجيرة والآقراف والطيبين والشقة وتقرت وبلدة عمر، وبالمناسبة حضرنا عملية ختان بعض أولاد أحفاد العامربالطريقة التقليدية والتي يفضلها أصحاب القرية عندنا عن الطريقة الحديثة والتي يسبقها وأثناءها تلاوة القرءان الكريم تيمنا وتبركا بأصوات عالية متناسقة ومعبرة الى أن تنتهي العملية وفي الختام يطلوبن من الله العلي القدير أن يحفظ أهل البيت والمختونين من كل مكروه ويدعون لهم بالتوفيق والخير واليمن والبركات وبعد ذلك يتجمع الحضور في جماعات صغيرة لا تتجاوز الستة أفراد لتناول ما يسمى بالمناسبة - الشخشوخة - والتي يعلوها اللحم والدراجي تسقى بالمرق وهي عبارة عن خبز من رقاق مقطع لذيذ الطعم ، هذه الأكلة الشعبية هي من العادات والتقاليد العريقة التي ما زالت القرية تحافظ عنها ، ومن محاسن القرية أن الإنسان لا يشعر بأنه فردا وحيدا منفصلا بل جماعة في السراء والضراء وإنه لتماسك عظيم يشعر المرء فيه بالقوة والوحدة واللحمة والتماسك وهي السمة المميزة والباقية في القرية .