منذ اللحظة الأولى التي نزل فيها الوحي على قلب الحبيب محمد – صلى الله عليه وسلم-: { إقرأ} , أدرك عليه الصلاة و السلام ضخامة المسؤولية وفداحة التكليف , وجسامة المهمه ..
ادرك منذ اللحظة الاولى ان المطلوب منه تغير وجه الارض , وليُّ عنق تيار الحياة باتجاه ما يرضى الله عز وجل . أدرك أن الارض كلها ستتنكب له وتحاربه وتقف في وجهه.
أدرك – صلى الله عليه وسلم- إذا منذ اللحظة الاولى حجم الرسالة التي كلف بها , وفهم حقيقة الدور الذي انيط به , فعاد فداه ابي وامي – صلى الله عليه وسلم- الى زوجه الحنون ينوء كاهله بثقل المهمة الجديدة والدور القادم , مستشعرا ضخامة العبء الذي حمله اياه رب العالمين , فعاد مرتجفا مروعا :دثروني....دثروني ....زملوني....زملوني..... . إنه حمل
وأي حمل !! وإنه لعبء وأي عبء !!ويالها من مسؤولية !!
فرفع عنه جبريل الغطاء : يا محمد – صلى الله عليه
وسلم-:
ابعد ان فهمت وأدركت وعزمت وعلمت :
تنام؟!قم..{ قم فأنذر } ...
يا محمد – صلى الله عليه وسلم- : لا ينبغي لمثلك بعد اليوم ان ينام ..
قم ...{ قم الليل الا قليلا نصفه او انقص منه قليلا أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا } ....
يا محمد – صلى الله عليه وسلم- : قم ...{ إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا }
فقام حبيبكم محمد – صلى الله عليه وسلم- يلبي نداء مولاه قائلا لخديجة : لقد مضى عهد النوم يا خديجة .
ووصل – صلى الله عليه وسلم- الليل بالنهار : جهادا ودعوة وتبليغا وعملا وتربية وبناء . كان نهاره جهادا ودعوة , وكان ليله سجودا وبكاء وخلوة ...تشفق عليه عائشة رضي الله عنها وقد ورّم اللقيام قدميه: يا رسول الله ألم يغفر لك الله ما تقدم من ذنبك ؟ فيقول لها : يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا ..؟؟؟
أما نهاره فقد اضنى فيه جسده الشريف وهو يغير وجه الارض ووجه التاريخ ووجه البشرية . احيلك لأية صفحة من صفحات سيرته , أو مرحلة من مراحل دعوته , أو بقعة من ارض رسالته , لتدرك من خلالها أنه – صلى الله عليه وسلم- ما نام ولا عرف الراحة حتى لقي ربه عز وجل ..
وحمل الراية من بعده رجال ..
وصفهم ربهم عز وجل : { يبيتون لربهم سجّدا وقياما } وقال عنهم { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } فهاهو ابو بكر وعمر وخالد ما ناموا وما تركوا اعداءهم ينامون ...
وبعد : فيا جندي الدعوة :
بقد حمل الراية اليك من يد يد المصطفى – صلى الله عليه وسلم- جيل ما نام , لأنه علم أن عهد النوم قد مضي منذ لحظة : { إقرأ }
فكيف تنام ؟! ... لا ينبغي لمثلك أن ينام !
" ذلك الذي ينام ملء جفنيه ويأكل ملء ماضغيه، ويضحك ملء شدقيه، فهيهات هيهات ان يكون من الفائزين او يكتب في عداد المجاهدين "
كيف تنامون ؟! : ودين الله عز وجل يحارب احبابه فوق كل ارض , وتحت كل سماء ؟
وكيف تنامون ؟! : واعداؤكم لا ينامون واصلين ليلهم بنهارهم مكرا وتخطيطا : { بل مكر الليل والنهار }
وكيف تنامون ؟! : والمستضعفون من الرجال والنساء والولدان يقولون : ربنا , يستصرخونكم بالله فماذا انتم
فاعلون ؟
وكيف تنامون ؟! : وهذه الارض المجدبة بالمحتلين والطغاة والاقزام ترجوكم ليوم الخلاص والتحرير ؟!
يا ورثة محمد – صلى الله عليه وسلم-: كيف تنامون ؟
يا حملة لواء الصديق والفاروق وابن الوليد : كيف تنامون ؟؟
لا ينبغي لمثلكم ان ينام ...
إنها صرخة يتردد صداها الآن :
حيطان دين محمد تتواقع , اساساته تتهدم , هيا يا قوم نبني دين محمد .
انها سباحة عكس التيار ...نعم هو حمل ثقيل ...نعم لكنه والله عز الدنيا وسعادة الاخرة ...