مقدمة : خطة البحث
الفصل الأول : مستويات السياسة العامة
المبحث الأول : مستويات السياسة العامة ضمن الإطار
المطلب الأول : السياسة العامة الكلية
المطلب الثاني : السياسة العامة الجزئية
المطلب الثالث : السياسة العامة الفرعية
المبحث الثاني : المستوى العقيم
المبحث الثالث : مستويات السياسة العامة ضمن إطار هرمية البناء المؤسسي للدولة
المطلب الأول : السياسات العامة على المستوى التشريعي
المطلب الثاني :السياسات العامة على المستوى الحكومي
المطلب الثالث :السياسات العامة على المستوى التنفيذي
المطلب الرابع : السياسات العامة على المستوى الفني الإجرائي
الفصل الثاني : تصنيفات السياسة العامة
المبحث الأول : تصنيف السياسة العامة في ضوء الأهداف الكبرى
المطلب الأول : السياسة العامة المتخذة لأجل تحسين المعيشة للمجتمع
المطلب الثاني :السياسة العامة المتخذة لأجل الحفاظ على نمو وتطوير المجالات الإق
المطلب الثالث : السياسة العامة المتخذة لأجل الحفاظ على الأمن القومي
المبحث الثاني : تصنيف السياسة العامة ضمن أداءات الحكومة
المطلب الأول :أداءات إستخراجية
المطلب الثاني : أداءات توزيعية
المطلب الثالث : أداءات تنظيمية
المطلب الرابع : أداءات رمزية
المبحث الثالث : تصنيف السياسات العامة قس ضوء القوى السياسية المتنافسة
المطلب الأول :السياسات العامة تمثل الأغلبية
المطلب الثاني :السياسات العامة تمثل جماعة المصلحة
المطلب الثالث : السياسات العامة تمثل العميل أو التابع
المطلب الرابع :السياسات تمثل صاحب الاهتمام العام
المطلب الخامس : السياسات العامة تمثل الأحزاب السياسية
الخاتمة
مقدمة
إن بعض الحكومات على اختلاف مستوياتها الاتحادية ،ولاية ،المحلية تعد نشطة في تطوير
وبلورة السياسات ففي كل سنة تصدر أعداد كبيرة من القوانين واللوائح والمراسيم عن
السلطة التشريعية والتي تعقبها تلال من التعليمات والإجراءات المفسرة والموضحة من قبل
الإدارة التنفيذية والتوسع في إصدار السياسات العامة الذي يحصل بصورة خاصة في مجالات
مهمة مثل السياسة الخارجية التجارة الداخلية ،التعليم والنقل والعمل والرفاهية وتنفيذ القوانين
إضافة إلى المجالات الجديدة مثل حماية البيئة والاستقرار الاقتصادي والمساواة في الفرص
ويمكن تلخيص السياسات العامة للدول والمقارنة بينها وفقا للمخرجات أي وفقا لأنواع الأفعال
والأعمال التي تقوم بها الحكومة من أجل تحقيق أهدافها وغاياتها وتعدد مستويات وأصناف
السياسة العامة وفقا لكونها ذات سمة متغيرة ويحكمها الطابع التعددي في ضوء أهداف السياسة
العامة واهتمامات صانعيها والجهات المعنية بمخرجاتها وآثارها ومنه حق لنا طرح الإشكال
التالي :
ـ هل أنماط السياسة العامة يربطها هدف تحقيق المصلحة العامة ؟
التساؤلات الفرعية :
1- في إطار ماذا يمكن تحديد مستويات السياسة العامة ؟
2- ما هي محددات تصنيف السياسة العامة ؟
الفرضيات :
1- يمكن تحديد مستويات السياسة العامة ضمن الإطار العام من جهة وضمن إطار هرمية
السلطة من جهة أخرى .
2- تصنف السياسة العامة على أساس الأهداف والأداء الحكومي والقوى السياسية
المتنافسة .
* وقد استعملنا خطة البحث كالآتي وهذا راجع إلى طبيعة الموضوع .
الفصل الأول : مستويات السياسة العامة
المبحث الأول :مستويات السياسة العامة ضمن الإطار
المطلب الأول : السياسة العامة الكلية
لقد استطاع بعض علماء السياسة تطوير عدد من الأسس التي تصنف بموجبها السياسات العامة،
وهذه تساعدنا على فهم بعض الاختلافات بين السياسات وإصدار التعليمات بشأنها.
هي تلك السياسات العامة ،التي تحظى باهتمام جماهيري واسع النطاق،وتجتذب إليها ،شرائح
وقطاعات كبيرة من أبناء المجتمع ،بحيث تصبح القضايا التي تعالجها هذه السياسات العامة
،مثارا لانتباه الجميع ،ويتجلى عنها تباين في وجهات النظر والجدال والنقاش في بدايتها حتى
تنتقل من مستواها الجزئي إلى مستواها الكلي الواسع ،الذي يضفي عليها سمة من التعقيد
والتشابك ،واشتراك الأقطاب المتعددة فيها ن كالأحزاب السياسية ،وأعضاء البرلمان والإدارات
الحكومية ووسائل الإعلام والجماعات المصلحية ،بالشكل الذي يعبر كل منهم عن رأيه وموقفه
إزاء القضايا التي تمثل السياسة العامة الكلية ،كتلك مثلا المتعلقة بتصعيد الحرب ضد الفتنام،
وتتميز هذه السياسات العامة الكلية ،بالآتي من السمات المشتركة بينها وهي :
أ - أنها سياسات عامة ،تتسم بالوضوح النسبي لموضوعاتها ،وبسهولة التباحث حولها .
ب- تعدد الجهات الرسمية الداخلة في مناقشتها الحكومية .
ج- تستدعي اهتمام رئيس الحكومة وتدخله ،كطرف مشارك في حسمها ،نظرا لأهمية القضية
المتجسدة فيها ،ولارتباطها بالمصلحة العامة أو القومية التي يمثلها هذا الرئيس.
د- أنها سياسات عامة تتطلب نوعا من إحلال التوازن أو التوفيق بين الخيار العام الذي يمثل
رغبة وتوجه غالبية شرائح المجتمع من جهة ،وبين خيار السياسة الذي يمثل التعبير الفعلي
لرغبة وتوجهات صانعي السياسة العامة ،بوصفه ذلك الخيار العلمي المتوقع من حيث نتائجه،
لغرض التعامل الكافي مع المتناقضات والقضايا الأخلاقية ،بطريقة تبرر الاستفادة من الجهود
والمصادر المتاحة وتحليل انعكاساتها بصورة منتظمة ،استنادا إلى النتائج المتوقعة عن ذلك
الخيار.
المطلب الثاني :السياسة العامة الجزئية
هي تلك السياسات العامة ،التي تحظى باهتمام محدود يتمثل في جهود الفرد أو الشركة معينة
لاستحصال امتياز خاص بهما ،بعيدا عن اتصافها بطابع العمومية والشيوع ،مثل السعي
للحصول على قرض لإدامة أعمال مشاريع أهلية ،أو مثل قرارات الحكومة بإعفاء المستثمر
الأجنبي أو الصناعي ،من ضريبة الدخل لمدة زمنية معلومة ،مما يجعل مثل هذا المستوى
من السياسة العامة الجزئية ،محدودة من حيث درجات المشاركة فيها ،ومن حيث نطاقها،
ومن حيث طبيعة موضعها ،وبالتالي تكون سماتها على عكس سمات السياسة العامة الكلية،
حيث أن أغلب السياسات العامة الجزئية المتخذة ،بعيدة عن الجمهور والمواطنين والرأي
العام ،ولا تشكل محاورها عناية شاملة من لدن عموم المجتمع ،وما دامت تلك السياسات العامة
الجزئية ،غير مضرة ولا معيقة لمتطلبات المصلحة العامة ،ولا تتعارض مع وسائل تحقيقها.
وقد توضع معايير طوعية من قبل الموظفين الرسميين كما فعلت إدارة المواصفات والمقاييس
بوضع موازين ومؤشرات كمية تعد مقبولة رغم أنها ليست إجبارية .
ومما يجعل الاهتمام متناولا لهذه السياسة العامة الجزئية ،هو احتمالية اتساعها ،وتحولها
إلى سياسة عامة كلية ،ونشاطاتها في المجتمع ،ونجم عنها تزايد في المنافع والآثار وفي
والالتزامات الواقعة على عاتق الأفراد والجماعات والمناطق والمشروعات الأهلية ،كلما توسعت
حدود السياسات العامة الجزئية ،واتسعت دائرتها ،من حيث درجات المشاركة فيها وتنوع
موضوعاتها .
المطلب الثالث : السياسة العامة الفرعية
هي تلك السياسات العامة ،ذات الطبيعة الوظيفية التنظيمية ، التي تركز على القطاعات
المتخصصة ،كالموانئ والملاحة النهرية والجوية وغيرها وتشتمل على طبيعة العلاقات
والتفاعلات المتبادلة بين الأجهزة الإدارية ،وبين لجان البرلمان والجماعات المصلحية .
ومثل هذه السياسات العامة الفرعية ،تتصف بسماتها الحقيقية في التعبير عن الواقع أو
تصويره ،فيما يختص بكيفية حدوث الأشياء وبلورة المصالح العامة والخاصة ،والتعرف على
نوعيات المشكلات من حيث دوامها وفجائيتها .كما وتشمل هذه السياسات العامة الدلالة على
طبيعة النظم الفرعية أو الوحدات الحكومية المتعددة ،وبالتالي على محصلة السياسات الفرعية أو
السياسات التحالفية ،من حيث كون هذا المستوى الفرعي من السياسات العامة ،يتضمن علاقات
مماثلة له ـ فرعية ،فضلا عن علاقات أخرى تحالفية جانبية ،يندفع نحوها جراء تأثيرات ممارسة
القوة والضغط والتبادل المصالح ،مثل تلك العلاقات الفرعية أو الجانبية الحاصلة بين اللجان
البرلمانية ،أو بين اثنتين من الدوائر التنفيذية أو أكثر ،أو بينها وبين الجماعات المصلحية
المرتبطة بقضايا نوعية من المهام والمشروعات المتخصصة ،ومثال على ذلك ،فحول طبيعة
العمل الأدائي المتخصص للطيران المدني ،وهناك لجنة برلمانية تتابع وتراقب نشاطات الطيران
،وهناك لجنة حكومية ـ فرعية أخرى تتولى مهمة التخصيصات المالية والتجهيزية ،ثم هناك
الاتحاد الوطني أو القومي للطيران المدني ،فضلا عن وجود الجمعيات والجماعات المصلحية ،
المعنية بالنقل الجوي وبمنظمة الطيران ،وبالموانئ والمطارات والأعمال العامة والهندسة
المتعلقة بها ،بالإضافة إلى دائرة الرصد الجوي والملاحة الجوية .وهذه الجهات كلها تشكل
نسيجا من العلاقات والتأثيرات المباشرة ،في الطبيعة السياسية العامة الفرعية المنحصرة في
قضايا الطيران المدني ،والمندرجة للنظر في قضاياها ومشكلاتها .
إن وجود مثل هذه النظم الفرعية راجع إلى كون موضوعات السياسة العامة ليس بالضرورة
وعلى الدوام مثيرة لاهتمام غالبية أفراد المجتمع ،فالتنوع الحاصل في الاهتمامات والتخصصات
هو المحور الأساسي لوجود مثل هذه السياسات العامة الفرعية ،لبلورتها من خلال تواجد
المنظمات الإدارية المتخصصة بكل موضوع أو مجال مهني أو وظيفي هام ورئيسي ،
وبطبيعة الحال ، فإن تلك المنظمات تتشاطر مع الجماعات المصلحية بموضوعاتها ومجالاتها
التخصصية ،بعلاقات فاعلة ومتينة ونشطة بفعل الاهتمام القائم بتلك الموضوعات والتأثر
بطبيعة المطالب والمواقف المجسمة لها .
وتحوز المنظمات بناءاً على السمة التخصيصية في تأديتها للمهام ،على نمط معين من
الاستقلال وممارسة سلطتها ،في جمع المعلومات وصياغة السياسات العامة وتبنيها في ضوء
تخصيصها وحيث يبدو موجه للسلوك الإداري الحكومة بالاستناد إلى التخصص الميداني ،غير
أن تلك المنظمات ليست متمتعة بالاستقلال الكلي ،وعليها أن تعزز سعيها لإصدار لائحة أو
تشريع سياسة معنية من البرلمان ،بالدعم الكافي والتأييد والحيازة على الخبرة وتقديم معلومات
مقنعة ،حالما تبدأ المناقشة لموضوعات المعتمد في البرلمان .
وغالباً ما يتضمن وضع السياسات الضابطية التناقض بين جماعتين بحيث يحاول كل فريق أن
يفرض سيطرته وتحكمه بالفريق الآخر الذي يقاوم ذلك عادة إما بحجة أنه خطأ أو أنه غير
ضروري .
المبحث الثاني : المستوى العقيم في السياسة العامة
إن تقصينا للواقع العالمي والدولي ،ورؤيتنا لما يجري على صعيد السياسة والعلاقة بين
الدول ،وبين المنظمات الدولية ،بين أساليب حلول الأزمات والمشكلات الكبرى ،يجعلنا أمام
مواجهة السؤال الذي ،يفرض حتمية قيامه والإجابة عليه وهو:
ـ هل ثمة مستوى عقيم للسياسة العامة ؟
وللإجابة على هذا السؤال ،نقول :نعم هناك مستوى للسياسة العامة ،وهذا المستوى يقف
على مفترق الطرق ،ولا يتوافق مع المستويات الثلاثة التي تم توضيحها للسياسة العامة من حيث
أنها تمثل مستويات داخلية ( داخل الدولة الواحدة ـ ضمن حدودها الإقليمية ـ وسيادتها الشرعية ـ
وخياراتها المجتمعية ) ،في حين أن هذا (المستوى العقيم ) يمثل مستوى خارجيا ـ مفروضا ـ
شاذا عن طبيعة المستويات الأخرى المعروفة للسياسة العامة ،أملته المعطيات الراهنة على
الواقع السياسي والاجتماعي دوليا وإقليميا ووطنيا ،كنتيجة مخزية من تلك النتائج ،التي استحدثتها
مفارقات القوة والهيمنة ،كما يرى (ألموند ،وباويل الآبن ) تصف نظاما دوليا يتميز بعدم تماثل
قوة الأمم ،وتأخذ الاعتمادية شكل أمة مسيطرة ،وأخرى تابعة لها .
من هذا التبرير اللامتوازن ،نقول : إن هناك مستوى عقيم للسياسة العامة ،وهو نتاج
متحصل ،من جراء الأوضاع ،التي تجعل من الذئب حارسا ومسؤولا عن القطيع .فما هي طبيعة
هذا المستوى ؟ وما هي آلياته ؟ وخصائصه ؟ذلك ما نسعى إلى ترسيخه الآن ،خاصة وأنه يمثل
مستوى جديدا ـ محدثا ـ دخيلا ـ على منظومة الفكر والتأصيل المعرفي للسياسة العامة ولتقاليدها
المستساغة .
ففي ظل التشبيهات للعلاقات والأحلاف ،مثلما هو عليه حال الدول إزاء (الفيل) أو
(الذئب) في وقتنا المعاصر ،بحيث تغدو تلك الدول وكأنها ضمن أوضاع مستباحة ليصبح عند
ذلك كل شيء زائفا في الحقيقة ،وكل حالة غير شرعية مدعاة للشرعية ،وتتداخل القناعات ،وفي
النهاية تتوحد ليس من تلقاء نفسها ،وإنما بفعل الهيمنة ،التي يمتلكها ذلك الفيل أو ذلك الذئب .
وعليه فطبيعة هذا المستوى قائمة على اللاتوازن ،وعلى حالة التبعية ،وآلياته تكمن في
مظاهر الشرعية والأصول القانونية ،وبالتالي فإن خصائصه مرتهنة بالمجتمعات الذرائعية
والمسلمات التهكمية ،الراجعة إلى أخلاقيات الهيمنة وبسط النفوذ الأحادي الجانب ،وجعل المشهد
السياسي مصابا بقحالة أهدافه .
إن جميع السياسات العامة سواء ما يسمى منها بالتنظيمية أو المانعة أو التوزيعية لابد أن
تتضمن عنصر السيطرة والرقابة ،فهي بطريقة أو بأخرى تصاغ لتلزم الناس بفعل معين أو للكف
عن عمل معين،وهذا ينطبق على السياسات الداخلية والخارجية على حد سواء،والمهم في
السياسة العامة هو الأداة التطبيقية أو التقنية التي تسهل الرقابة على التنفيذ .
المبحث الثالث : مستويات السياسة العامة ،ضمن إطار هرمية البناء المؤسسي للدولة
المطلب الأول :السياسات العامة على المستوى التشريعي
وتمثل تلك السياسة العامة ،التي يتم اتخاذها في ( البرلمان ـ مجلس الشعب ـ الكونغرس ـالجمعية
الوطنية ـ المجلس التشريعي ) ،والمعنية بسن القوانين الجديدة ،أو إصدار اللوائح القانونية التي
تعدل أو تلغى بعض القوانين السابقة ،المعمول بها .
وغالبا ما تكون سياسات هذا المستوى ،متصفة بالعمومية والشمولية ،وتشكل منطلقا
مرجعيا للسياسات العامة متنوعة ضمن المستويات الأخرى الأكثر تخصصا وعملية .كما وتعكس
السياسات العامة التشريعية ،توجهاتها المجتمعية والإنسانية ،التي تربطها بالمجتمع وجمهور
الناخبين والبيئة المحلية ،تسعى في إقرارها لتلك السياسات ،على خلق التوازن بين المطاليب
الاجتماعية ،وبين القدرة التنفيذية للحكومة ،والتوفيق بين الضغوطات والمصالح المتبادلة ،ذات
التأثير في عملية صنع السياسة العامة ،من خلال أعضاء البرلمان ورئاسة جلساتهم ولجانهم
المتخصصة بالقضايا .
ويمكن للسياسات العامة التشريعية ، أن تكون مستوعبة في مضامينها وأهداها ،لتلك
البرامج ووجهات النظر الهامة والتفصيلية ،لأحزاب السياسة القائمة في المجتمع ،بشكل الذي
يجعل منها ،مؤثرة ومؤدية إلى تقديم الأطر العامة والخطوط الموسعة والعريضة ،التي يمكن
أن تتخذها عملية صنع السياسات التنفيذية والتطبيقية ،دليلا في ترجمة مشروعاتها و برامجها
الفعالة ،فضلا عن كون تلك الأطر والخطوط الموسعة ،بما تضمنه من أبعاد إيديولوجية
وسياسية ومجتمعية ،منصبة على بلورة مثل عامة ،غير مقننة أو محددة ،فضلا عن كونها غير
ملزمة أحيانا .
المطلب الثاني : السياسات العامة على المستوى الحكومي
وتمثل هذه السياسات العامة ،بمختلف توجهات الحكومة وقراراتها الصادرة ،من خلال مؤسساتها
القائمة ،والتي تجسد الأطر السياسية وبرامج الخط المرحلية والتنموية ،فضلا عن تلك السياسات
العامة التي تسعى إلى ترجمة منطلقات وقوانين السياسات العامة التي أصدرها المشرعون في
البرلمان والقضاء .
ويتجلى هذا المستوى من السياسات العامة ،من خلال دواوين الوزارة القائمة في الحكومة
وتوجهات الوزراء ،وكذلك من خلال مجلس الوزراء الذي يرأسه رئيس الحكومة حيث ينزع
هذا المستوى الهام في صنع السياسات القابلة للتحقيق ،والتي تجسم خيارا توازنيا بين الاعتبارات
التشريعية للمشرعين في البرلمان ،وبين الاعتبارات السياسية للنظام السياسي في الدولة ،وبين
الاعتبارات التنفيذية المحققة لتك السياسات العامة عبر إمكانية توظيف الموارد المتاحة ماديا
وبشريا وزمنيا إلى جانب الاعتبارات المصلحية والمنفعة للمجتمع العام وللجماعات الحزبية
والفصائل السياسية والجماعات المصلحية القائمة في ذلك المجتمع .
بالإضافة إلى ذلك تضمن تلك السياسات أيضا كل ما من شأنه بلورة العلاقات الخارجية،
والعمل على صنع السياسات العامة التي تكفل ضمن هذا الإطار ما يدعم المصلحة الكلية للدولة
والمجتمع في علاقاتها مع الدول والبلدان الأخرى الخارجية .
المطلب الثالث : السياسات العامة على المستوى التنفيذي الإداري
وتتمثل بالسياسات العامة ،التي تتخذها وتصدرها الأجهزة الإدارية والمنظمات الرسمية
البيروقراطية القائمة في الحكومة ،فيما يختص ويتعلق بتنفيذ السياسات العامة التي نتجت عن
المستوى الحكومي التنفيذي الأعلى .
ويتجلى هذا المستوى من السياسات العامة ،بمراكز وكلاء الوزارات ،وبالمدراء العاميين
في الدوائر المركزية والمؤسسات العامة الكثيرة ،وبالمسؤولين عن الدوائر في الولايات والأقاليم
والشؤون المحلية ،وبرؤساء الدوائر الإدارية والمحاكم القائمة على تقديم الخدمة المباشرة
للمجتمع في إحلال النظام وتطبيق السياسات العامة .
وقد حظي هذا المستوى من السياسات العامة بالجدل الواسع ،من لدن المفكرين والعلماء
والمختصين ،حول فيما إذا كان دور الجهاز التنفيذي يقوم على تنفيذ السياسات العامة فقط،أم أن
بمقدوره الإسهام في صنع السياسات العامة أيضا ؟
لقد تلاشت أسطورة الفصل لأن الإدارة العامة بمختلف أجهزتها الإدارية المعنية بالتنفيذ قد
أثبت الواقع العملي حضورها ودورها وفعاليتها في التأثير وفي بلورة السياسة العامة ،من خلال
تقديم المقترحات ورفع التوصيات اللازمة إلى الجهات العليا ،ومدها بالنصائح والإرشادات
والحجج المقنعة إزاء التوجه أو الالتزام بمسلك معين أو موضوع محدد عند صنع السياسات
العامة ،نزولا عند متطلبات الخبرة الفنية والمستلزمات التطبيقية التي تقتضيها ظروف إنجاح
السياسات العامة في الميدان الواقعي ،وتسمى مثل هذه السياسات باسم السياسات الإدارية
الرئيسية .
المطلب الرابع : السياسات العامة على المستوى الفني والإجرائي
وتتمثل بتلك السياسات العامة التي تتكون من مجموعة القواعد والمعايير التي تعتمد عليها الإدارة
بصورة عامة ، لفرض إرشاد الموظفين والعاملين على تنفيذ السياسة العامة المتخذة من قبل
المستويات الأعلى منها ،بحيث تتضمن سبل العمل الإداري وترشيد خطواته وإخضاعه للأساليب
المنطقية المتكاملة والمتناسقة ،مما يحقق الدرجة المطلوبة من الكفاءة والفاعلية في الأداء ،ويقلل
من حالات الضياع والإسراف في الوقت والجهد والنفقات .
إن هذا المستوى العلمي من السياسات العامة ،يختص بتوضيح الكيفية التي في ضوئها ينبغي
تأدية المهام والأعمال ، وكيفية تتابع العمليات المطلوبة فيها ،والإجراءات اللازمة لها .فضلا عن
أن تلك السياسات ،هي التي تعكس الشخصية المستقلة للمنظمة المعنية ،أو للجهاز الإداري
التنفيذي المتخصص بإجراءات تنفيذ السياسات العامة المقرة .
وبناءًا على هذا الأساس ، تكون السياسات العامة الإجرائية أو الفنية طريقا لرسم الحدود،
والاتجاهات المعتمدة ،التي تمكن المدراء التنفيذيين في أجهزتهم الإدارية ،من اتخاذ القرارات في
إطارها ،كما تكون طريقا يحدد قواعد الأداء الذي يجب على العاملين أو الموظفين الاسترشاد
والالتزام بموجبها الأداء الفردي ،على ضوء اعتبارات التتابع والترابط الزمني لأداء محدد .
إن جميع تلك المستويات للسياسات العامة ،تعبر عن حقيقة ارتباطها على أساس التراتب
الهرمي ،الذي يفصح عن العلاقات الرسمية في البناء المؤسسي للدولة وللحكومة .
إضافة إلى السياسات الإجرائية هناك أيضاً سياسات جوهرية والتي توضح ما ستقوم به الحكومة
كبناء الطرق السريعة أو دفع منافع الرفاهية .
الفصل الثاني : تصنيفات السياسة العامة
المبحث الأول :تصنيف السياسة العامة في ضوء الأهداف الكبرى
المطلب الأول :السياسة العامة المتخذة لأجل تحسين الظروف المعيشية للمجتمع
حيث تسعى الحكومة ،نحو تحسين مستويات الحياة لمجتمعاتها ،بما يلبي حاجاتها وحاجات
أبنائهم،مما يتطلب ذلك وجود الدعم الاقتصادي الكافي ،والحرص على العمل من قبل الحكومات،
لتأمين وضمان حياة لمجتمعاتها .
وهذا كله يجعل الحكومة ويحثها على معرفة الخيار الأفضل الذي يجب أن تبني مفرداته في
السياسات العامة ذات العلاقة بمضمون تحسين الأوضاع والظروف الاجتماعية للمواطنين من
حيث قدرة الحكومة على توفير المناخ الثقافي والإيديولوجي الذي يخدم في تحقيق ذلك ،ومن
حيث قدرتها على معرفة الاختلافات الحاصلة في البناء أو التركيب الاجتماعي والتنوع الحاصل
في الموارد ليتسنى لها تحديد الاختيار الأفضل في صنع السياسة العامة المناسبة لهذا الغرض ،
حيث أن بعض الحكومات ،تسعى إلى التقدم الاجتماعي من خلال دعمها لبرامج الثقافية ،عبر
التعليم والفنون والآداب والموسيقى وغيرها ،تعمل على دمج القيم الاجتماعية مع مقومات
الإيديولوجية ،لضمان أكبر قدر من الفائدة الاجتماعية المتحققة عن هذا الإجراء وتقليل
المساوئ أو الخلافات التي ممكن ظهورها في المجتمع . فمن الطبيعي أن الحكومة التي تحقق أو
تسعى إلى تحقيق السياسات العامة ،التي بدورها الرفاهية الكبيرة لمواطنيها ،ستنجح في الفوز
بقيمة الوطنية ،من خلال تلك السياسات العامة الموجهة للعمل على تحسين البرامج المتعلقة
بالصحة والتعليم ،والخدمات الاجتماعية والنقل والاتصالات وتحسين البيئة وتوفير فرص العمل
وتوزيع الدخل وتحقيق الرفاهية .
المطلب الثاني : السياسات العامة المتخذة لأخل الحفاظ على نمو وتطوير المجالات الاقتصادية
حيث أن غالبية الدول الحديثة الآن ،تواجه القضايا الهامة المرتبطة بالنمو والتقدم الاقتصادي ،
وتفرد لها حيزًا كبيرًا في سياساتها العامة المتخذة ،نظرًا لحاجاتها لخدمات المواد الأولية ،ونظرًا
لندرة الموارد الاقتصادية ،وبالتالي فإن الحكومة تقوم بدراسة إمكانية الإنتاج وإيجاد معايير
مناسبة تتفق مع أكبر مستوى لتوفير السلع والخدمات للمواطنين في المجتمع ،مع حساب النمو
السكاني الحاصل فيها ،إلى جانب حساب كيفية تأمين الحاجات الأساسية من طعام ولباس وأمن
وسكن ورعاية صحية وتعليمية .
وهذا كله يستدعي معدلات عالية من النمو الاقتصادي ،من خلال حسن استغلال موارد
الثروات،والعمل على تشجيع وجذب الاستثمارات وتطوير عمليات التجارة ،والحصول على
معونات اللازمة ،والسعي نحو زيادة الإنتاج والسيطرة على ظاهرة التضخم والبطالة في
المؤسسات الحكومية في المجتمع .
المطلب الثالث : السياسات العامة المتخذة لأخل الحفاظ على الأمن القومي
إن تحقيق السياسات العامة لأهدافها على الصعيدين الاقتصادي الاجتماعي ،يربط مباشرة،بدرجة
نجاح السياسات العامة الكفيلة بضمان وتحقيق الأمن الوطني ،من خلال قدرتها مثلاً على العمل
سياقً مقبول من التعليمات والقيود التجارية القائمة على رضا المتعاملين معها ،من المواطنين أو
الأجانب .
كما وأن قدرتها تتجلى مثلاً على العمل بتوفير نجاح تحسين الوضع الاجتماعي ،من خلال
استتباب الأمن بين المواطنين ،وتفعيل دور مؤسسات الأمنية القائمة في المجتمع ،على طول
المناطق والمراكز المدنية والمحلية .
وإلى جانب ذلك ،لابد من اتخاذ السياسات العامة ،المؤدية إلى بناء القوة العسكرية النظامية
،ومدها بالوسائل والمعدات والتجهيزات المتطورة ،لكي يتسنى تحقيق الأمن الوطني وحفظه ودوامه إقليميا ودوليا .
فبعض الدول مثل ً في سبيل تحقيق أنها الوطني ،تبنت سياسات عامة كبيرة على المستوى الدولي
وإقليمي ،وأقامت قواعد عسكرية ضمن مناطق جغرافية خارجية بعيدة عنها ،بأساليب كثيرة منها السيطرة على ثروات البلدان الأخرى وحماية مصالحها الاقتصادية كما هو بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية حاليا لقواعدها العسكرية المنتشرة في الشرق الأوسط والخليج العربي وغير ذلك ،وبالنسبة السوفياتي سابقًا .
إن للسياسات العامة المتخذة ضمن هذا المجال دورًا هامًا ،في جعل الدول إما قوية وإما ضعيفة وعلى الحكومة أن تحسن توقع أو تنبؤ بالقوة الخارجية المحيطة بها وبأمنها الوطني والإقليمي والدولي .
المبحث الثاني : تصنيف السياسة العامة ضمن أداءات الحكومة
المطلب الأول :أداءات إستخراجية
وتمثل توجهات الحكومة ونظامها السياسي القائم نحو تعبئة الموارد المالية والبشرية واستخراجها مثل النقود ،السلع ،الأشخاص الخدمات من خلال حسن توظيفها واستغلالها لبيئتها الداخلية أو الدول الخارجية، حيث جميع الحكومات وحتى أبسطها تقوم بإصدار سياسات عامة محققة لهذا الغرض الإستخراجي للموارد مثل تلك الداعية إلى استخلاص الخدمة العسكرية، والاحتياط من الفئات العمرية لأبناء المجتمع، أو العمل الإلزامي المفروض على المسجونين المحكومين بجرائم.
كما وتعتبر الضرائب من أهم الأشكال الإستخراجية للموارد التي يدفعها أبناء المجتمع للحكومة دون أن يتلقوا مقابلها منفعة فورية، أو خدمة مباشرة، ويمكن تقدير الأداء الإستخراجي للسياسة العامة من خلال تقدير الحجم الكلي للموارد المستخرجة، وحساب متوسط حصة كل فرد بالقياس على معدل الناتج القومي الإجمالي .
وهناك نوعان من الضرائب التي تستحصل عليها الحكومة من أبناء المجتمع، وهما الضرائب المباشرة : والتي تتمثل بالضرائب على دخل الفرد والأصول الرأسمالية والتركات والعقارات سنويًا والضرائب غير المباشرة : التي تتمثل بالضرائب على السلع والخدمات كالرسوم الجمركية ورسوم المنتجات الصناعية والضرائب على المبيعات والمشتريات .
وتعتبر الضرائب أداة مهمة في إعادة توزيع الدخل وأنها وسيلة مالية مانعة للتضخم ومفضية إلى ما فيه خدمة المصلحة والنفع العام، فضلاً عن المعونات والقروض والمنح التي تتلقاها الدولة من الدول الأخرى .
كل النظم السياسية حتى البسيطة تقوم باستخراج الموارد من بيئتها ،فعندما يخوض الناس البدائيون الحروب تتم دعوة جماعة عمرية معينة للقتال، وهذا النوع من الاستخراج المباشر للخدمات لا يزال موجوداً في أكثر الدول تعقيداً وتشابكا ،في شكل الخدمة العسكرية والخدمات العامة الإلزامية .
المطلب الثاني :أداءات توزيعية
وتمثل تلك السياسات العامة الهادفة إلى توزيع المنافع والقيم بشكل شامل على عموم المجتمع، بحيث يتم تجزئة وتخصيص تلك المنافع والقيم إلى أجزاء صغيرة يستطيع كل فرد من الأفراد في المجتمع الاستفادة منها، ويتضمن ذلك قيام الإدارات الحكومية والأجهزة البيروقراطية الحكومية بتخصيص مختلف أنواع الأموال، والخدمات، والامتيازات، وتوفير الفرص للأفراد والجماعات داخل المجتمع، ومن أمثلة هذه السياسات العامة التوزيعية ما يقدم من منح زراعية للفلاحين ولإدارات المحافظات المحلية لأجل مواجهة الفيضانات المائية، أو إقامة مطارات محلية، أو ما يمنح لطلبة الجامعة من امتيازات ومساعدات .
ويقصد بالأداء التوزيعي للنظام السياسي قيام الإدارات والأجهزة البيروقراطية الحكومية بتخصيص مختلف أنواع النقود، والسلع ،والخدمات ،والامتيازات والفرص للإفراد والجماعات في المجتمع .
المطلب الثالث : أداءات تنظيمية
وتمثل تلك السياسات العامة ،جميع التعليمات الحكومية المتعلقة بضبط ورقابة الأنشطة والسلوكيات للالتزام بدواعي المصلحة العامة وتطبيق القانون بما يضمن عمل أعضاء المجتمع أو عدم عملهم وفرض العقوبة للازمة عند حصول الانتهاكات والتجاوزات وقد ازدادت الحاجة لمثل هذه السياسات في المجتمع نظرًا لتعقد الحياة وتطور وسبل الأعمال وحصول التنمية وتزايد أنشطة الحكومة في المجتمع التي شملت قضايا المرور والمواصلات والصحة والأمن الصناعي وتلوث البيئة وحماية المستهلك وغيرها .
وبالجملة فإن هذه السياسات العامة تشتمل على مختلف الأنشطة والمجالات التي تقوم عليها الإدارة العامة في المجتمع .
المطلب الرابع :أداءات رمزية
متمثل تلك السياسات العامة التي توليها الحكومة اهتمامًا ملحوظاً عند اتخاذها بما يضفي عليها من التغطية الإعلامية ضمن مناسباتها بعداً قيمياً وأخلاقياً سامياً يرقى بالحدث المشار إليه ليشكل اهتماماً في عقول أبناء المجتمع .
ويتركز الهدف الحكومي من إصدار مثل تلك السياسات العامة في تصاعد الحس الوطني وتعبئة الجماهير بالقيم السياسية المحبذة وبالاعتزاز والفخر بالهوية المجتمعية وبالدولة القائمة عبر مآثر البطولات والانتصارات المسجلة في تاريخها وصفحاتها .
إن السياسات العامة الرمزية على خلاف الأنواع الأخرى لا تتطلب توزيع موارد كما لا تستلزم جزءاً من جهود العملية التشريعية في إصدارها لكنها تعبر عن حاجة قيمية ومعنوية تظل الحكومات مهتمة بها إلى جانب المجتمعات .
كما أنه يمثل النوع الرابع من مخرجات النظام السياسي،فكثير من الاتصالات التي يقوم بها السياسيون تأخذ شكل مناشدة تاريخية أو الشجاعة والجراءة والحكمة والشهامة أو الحرية،أيضاً مناشدة للقيم والأيديولوجيات مثل المساواة والحرية والديمقراطية .
كما أن التمييز بين السياسات المادية والرمزية يظل مفيداً للتذكر عندما نحلل أثار السياسة لكونها توجه الانتباه لما هو خلف العبارات والمقولات الرسمية .
المبحث الثالث :تصنيف السياسات العامة في ضوء القوى السياسية المتنافسة
المطلب الأول :السياسات العامة تمثل الأغلبية
وتعبر السياسات العامة لهذا النوع عن الفرضية التي ترى أن السياسة العامة الأجدى و الأكثر حضوراً وفعالية، وهي تلك السياسة الواسعة الانتشار التي تظلل على الأغلبية الكثيرة بعوائدها ونتائجها المفيدة، مثل تلك السياسات العامة التي أسفرت عن وضع قوانين الأمن الاجتماعي والرعاية الطبية، وتثبيت الأسعار الاستهلاكية، وتوفير العمل، وغيرها حيث أن غالبية أعضاء المجتمع تحبذ أن تكون في الصورة والحسبان وأن يحظى اتجاها العام ضمن اعتبارات صناع السياسة العامة وقيمهم، وهذا يعني أن توجهات الأغلبية وأدائهم تفوق وينبغي لها أن تفوق الاعتبارات الحزبية والأيديولوجية خاصة وأن تدارس أي فكرة جديدة في مناقشات البرلمان لأجل تحولها إلى سياسة عامة لابد أن يكون قائماً على مرتكز سياسة أغلبية التصويت المستندة أصلا إلى غالبية المجتمع .
المطلب الثاني : السياسات العامة تمثل جماعة المصلحة
وتمثل السياسات العامة لهذا النوع المنطلق القائم على الفرضية التي تقول :" عندما تكون تكاليف السياسة العامة المعينة متركزة على مجموعة صغيرة محددة، وإن فوائد هذه السياسة ستتركز وتعود لصالح مجموعة أخرى مختلفة فإن سياسة مجموعة المصلحة هي التي تسيطر على عملية صنع السياسات العامة عند ذلك .
حيث أن جماعة المصلحة تعكس قواعد المساومة، والتوفيق والتفاوض وهي آليات معتمدة وهامة في السياسة العامة، وأن جماعة المصلحة تمكن الفرد من خلال تأثيراتها في تسليط قوتها وضغطها للتأثير على سياسات الحكومة العامة، فضلاً عن كونها رافداً يمكن توجيهه نحو التعبير عن مصالح فئات أو قطاعات اجتماعية ومهنية قائمة في المجتمع .
حيث يوجد مثلاً في أمريكا غرفة التجارة الأمريكية وهي تضم 1300 جمعية مهنية وكذلك تضم 68000 شركة، وتحصل هيئات الأعمال وإدارات الشركات على تأييد ودعم من اتحاد الصناعة القومي، فضلاً عن وجود جماعات تمثل مصالح العمل في 50 نقابة حصراً في واشنطن وهناك الإتحاد العام للعمال الأمريكيين .
المطلب الثالث : السياسة العامة تمثل العميل أو التابع
وتتجسد السياسات العامة لهذا النوع من خلال الفرضية التي ترى : بأن الفوائد المتحققة عن سياسة عامة معينة تتركز وتعود لصالح مجموعة صغيرة منتظمة بينما تكون تكاليف تلك السياسة العامة موزعة على العامة بشكل واسع، وفي هذه الحالة تظهر السياسة العامة لصالح الزبون أو التابع ومثالها حينما يتلقى تاجر ما معونة حكومية، أو عندما يحصل المحترفون ضمن أنشطة معينة على منافع خاصة بهم، أو عندما تحوز بعض الحرف المتعددة أو الأشغال على التراخيص القانونية لتحكم ذاتها وأعمالها من قبلها .
إن السياسات العامة لهذا النوع لا تحتاج إلى وجود منظمات اقتصادية، والزبون المعني بها يكون بعيداً عن الرأي العام ومعرفة المجتمع به والتخصص الدقيق هو الذي يحكم مثل تلك السياسات العامة .
إن مثل هذه السياسات العامة أيضاً وجدت في المجتمع وفي برامج عمل الحكومة، وسميت هذه السياسات العامة بما يتفق وآلياتها باسم سياسات الضبط الذاتي، وتشكل مضموناً إقناعياً حيال المنفعة المتوخاة من جراء اتخاذها .
المطلب الرابع : السياسات العامة تمثل صاحب الاهتمام العام
ويتمثل هذا النوع من السياسات العامة توجهاً معاكساً يتعارض مع السياسات العامة المعنية بالتابع أو العميل، وينطلق من الفرضية التي تؤكد بأنه : إذا كان هناك تهديد حقيقي أو افتراضي مشار إليه، ويستهدف السعادة العامة لمجتمع فإن على غالبية أعضاء البرلمان السعي نحو التوصل إلى سياسة عامة فضلى تفرض التكاليف الجوهرية والحقيقية على القلة المعنية التي تشكل مصدر ذك التهديد .
ومثال ذلك النوع من السياسات العامة ما يصدر عن البرلمان من سياسات عامة تتضمن غرامات قاسية على المتسببين بتلوث الهواء و أو الماء أو أولئك المتسببين في إحداث الفوضى بين الأوساط العامة كما ويعبر هذا النوع من السياسات العامة نحو محاولة المنظمين وذوي الاهتمام والمتخصصين بالأبحاث العلمية والطبية إلى لفت أنظار الرأي العام والمسؤولين وصناع السياسة العامة، ونحو البؤر المحدودة في المجتمع مثل المراكز المتخفية التي تساهم في انتشار العقاقير، والمخدرات بين الناس، وقد استقطبت هذه المحاولات كثيراً من الأنصار والدعاة إليها مثل جمعية الأمومة والحريات العامة بوصفها جهات معنية ومهتمة بالقضايا العامة التي تهم مصالح المجتمع والمواطنين .
المطلب الخامس :السياسات العامة تمثل الأحزاب السياسية
إن السياسة العامة قد تكون قائمة من خلال بروز دور الأحزاب السياسية وتجليها بشكل واضح حينما يبدأ البرلمان في تبني سياسة عامة معينة من خلال مناقشتها .
إن علاقة الأحزاب السياسية مع السياسة العامة يعتمد ويتضح من خلال التفرقة المميزة بين طبيعة النظم الحزبية على أساس معيار الفروق القائم بينها حيث هناك نظم حزبية تنافسية ونظم حزبية غير تنافسية مع العلم أن عنصر التنافس هو الذي يحدد مدى القدرة التي يتمتع بها الحزب في تجميعه للمصالح والتعبير عنها وبالتالي يتضح دور هذا الحزب في طرح بدائل السياسة العامة وإن كان هدف جميع الأحزاب تقريباً هو السعي للوصول إلى السلطة السياسية والتأثير عليها من خلال البديل وتكمن العلاقة بين الأحزاب السياسية والسياسات العامة من خلال الصور والأشكال التي عليها هذه العلاقة كالآتي :
1- الأحزاب السياسية في النظم الديمقراطية (غرب أوروبا أمريكا ) حيث تقوم الأحزاب بتعبئة المطالب والتعبير عن المصالح ليصبح صانع القرار في السياسة العامة على وعي تام وعلم أكيد بها .
2- الأحزاب السياسية في النظم الشمولية (الإتحاد السوفيتي سابقاً ) حيث تصبح الدولة نفسها أداة في يد الحزب الواحد ذي الأيديولوجية الواحدة التي توجه وتحث على تبني سياسات عامة في إطار ما يرسمه الحزب ويسعى إلى تحقيقه .
3- الأحزاب السياسية في النظم السلطوية (العالم الثالث )حيث العلاقة تتصف بالغموض بين الأحزاب والسياسة العامة وتحكمها اعتبارات كثيرة متعددة بالشكل الذي يجعل من المحدودية سمة غالبة في تلك العلاقة .
وعليه فإن تصنيف السياسة العامة على أساس القوى المتنافسة ضمن البناء التعددي فإن تلك القوى ليست الوحيدة التي لها القوة في التأثير في السياسة العامة فهناك أيضاً الجمعيات الخاصة والطوعية وغرف التجارة واتحادات العمل والتي تعرف بالسم الجماعات شبه السياسية .
الخاتمة
بصفة عامة فإن أي سياسة عامة تتضمن عناصر رئيسية في مقدمتها الأهداف ثم تخصيص
الموارد وتحديد الآليات والأساليب والأدوات فيأتي في مقدمة أهداف السياسة العامة تحقيق
المصلحة والمصلحة هنا تحمل معناها الواسع بحيث تنطوي على الفوائد المادية كما تتضمن
أيضا الأفكار والمبادئ والقيم المعنوية .
فالعلاقة بين المصلحة العامة والسياسة العامة علاقة ترابطية متلازمة انطلاقا من أن مهمة
الحكومة كما يجب أن تكون دائما هي خدمة وحماية الصالح العام أو المصلحة العامة .
قائمة المراجع :
1/ ألموند جبرائيل وآخرون ،السياسة المقارنة إطار نظري . بدون طبعة ،(ترجمة محمد زاهي بشير)، بنغازي : منشورات جامعة فار يونس ،1996.
2/ أندرسون جيمس ،صنع السياسات العامة . الطبعة الأولى ،(ترجمة عامر الكبيسي)، عمان : دار المسيرة للنشر والتوزيع،1999.
3/ خليفة الفهداوي فهمي ،السياسة العامة منظور كلي في البنية والتحليل . الطبعة الأولى ،ب ب ن ، دار المسيرة للنشر والتوزيع ،2001.