,"","مقصود
من كلمة الوطن هو البيئة التي نعيش فيها،
فإذا كان أي فرد منا يعتني ببيته
الذي يسكن فيه وما يحيط به ولا يرضى أبداً أن يكون هذا المسكن قذراً غير صالح للعيش
فيه فما بالك ببيتنا الكبير ألا وهو وطننا الغالي، هل نرضى بأن يكون قذراً. هل نرضى
أن تدمر بيئتنا التي نعيش فيها؟.
الملاحظ لحياتنا اليومية يجد أن توسع
المدن بسرعة هائلة والانفجار السكاني في جميع أنحاء العالم للمجتمعات المتقدمة أو
النامية، كما يحدث في بلادنا وفي غيرها صاحبه تغيير أساسي في حياة الشعوب، هذا
التغيير الأساسي أسعد بعضهم وأشقى بعض الآخر. هذا التغيير كان تغيرا في القيم
وتغيرا في الأوضاع، وتغيرا نحو صحة أفضل أو نحو تدهور في الصحة من جهة أخرى نتيجة
تدهور في البيئة.
وكما يعلم الجميع أن تنمية المجتمعات المختلفة نتجت عن
تنمية الإنسان للموارد الطبيعية المختلفة، والتنمية كما تعرفون ما هي إلا تفاعل بين
البيئة والإنسان، ينتج عنه الخير والضر معا. وأصبح صراع الإنسان مع البيئة هو كيف
يزيد من خيرات الأرض مع عدم تعريضها للخطر، وكيف نحا فظ على بيئة صالحة للأجيال
القادمة.
لكن إذا نظرنا لمشكلات المجتمعات المتقدمة نجد أنها تختلف عن
مشكلات المجتمعات النامية والمتخلفة، كما سنجد أن صلة المواطن بوطنه ومشكلات
المجتمعات المختلفة يتطرق لها المتخصصون كل في اختصاصه. وعادة يتم حصر تلك
المشكلات، وتشكل اللجان، وترسم السياسات، وتوضع القوانين وطرق التنفيذ لتلك
السياسات وترصد الميزانيات، وفي بعض الأحيان تكون هناك تجاوزات قد تصل في بعض
الأحيان لدق ناقوس الخطر، ويكون الفأس قد وقع في الرأس كما تقول الأمثال.
لذلك فموضوع المحافظة على البيئة من الموضوعات المهمة لاستمرار الحياة
الإنسانية. والخطر الحقيقي الذي يواجه البشرية جمعاء هو مشكلة تناقص المخزون
الاستراتيجي من الموارد الطبيعية وخاصة تلك الدول الصحراوية التي تتوقف حياة شعوبها
على بعض مواردها الطبيعية مثل المياه الجوفية وغيرها.
كما نلاحظ تزايد
مشاكل التلوث والتدهور البيئي وخطر انقراض أنواع كثيرة من الحيوانات والنباتات
الفطرية التي تحدث التوازن البيئي.
لذلك فمن الواجب علينا في المملكة
العربية السعودية أن نحافظ على بيئتنا، وأن نحدد علاقتنا بمواردنا الطبيعية وكيفية
التعامل معها واستخدامه ا الاستخدام الأمثل في الوفاء باحتياجاتنا الحالية فقط دون
أن نظلم الأجيال القادمة بألا تجد ما يلبي احتياجاتها.
وبما أن المسؤولية
تقع على عاتق الجميع لذلك نجد أن صلة المواطن بوطنه تختلف من شخص إلى آخر، فهناك
مواطن غيور على وطنه يحب أن يعطي للوطن مثل ما يحب أن يأخذ منه، بينما هناك مواطن
يحب أن يأخذ فقط ولا يعطي للوطن شيئا، دائما يحب أن يهمل ويدمر ويلتهم كل شيء بدلا
من أن يعطي ويحافظ، وهو بذلك لا يعطي للوطن مثقال ذرة.
لذلك أحب أن أذكركم
بما قاله الرئيس الراحل كنيدي وهو: (انظر ماذا يمكن أن تعمل لبلدك ولا تنظر ماذا
يمكن أن يعمل بلدك لك).
لذلك المواطنة الحقيقية لأي فرد منا هي مجموعة
الأعمال التي يقوم بها نحو الوطن وتقدمه ونحو المحافظة عليه مما قد يؤثر على مسيرته
نحو الرقي والتقدم، الكاتب بقلمه، والغني بماله، والعالم بعلمه، أي بما تستطيعون.
أي أن نعطي الوطن من وقتنا وجهدنا ومما يتوفر من مالنا حتى نحافظ جميعاً على بيئتنا
وهي وطننا المملكة العربية السعودية التي تعتبر منزلنا الكبير.
والحديث عن
المواطنة وعن شرور العلم والتقدم الصناعي والمشاكل البيئية للمجتمعات المتقدمة
والنامية والتنمية المست مرة لتلك المجتمعات حديث ذو شجون.
ولا تنسوا أن
موضوع البيئة قفز إلى قائمة أولويات دول العالم لأن البيئة سوف تكون الهاجس خلال
القرن القادم، فسلامة البيئة لا تؤثر على جودة الحياة وإنما تؤثر على الحياة نفسها
فبدون بيئة سليمة لا حياة سليمة لبشر ولا لحيوان ولا لنبات على هذه الأرض.
وتذكروا أن المحافظة على البيئة بمختلف مكوناتها من موارد طبيعية وأحياء
فطرية تحتاج إلى تضافر جهود الجميع، فالبيئة أمانة في أعناقنا علينا أن نسلمها
للأجيال القادمة لتنعم بخيراتها، ومن المؤمل أن يقوم كل منا بواجبه حتى يتحقق
الهدف. ولذلك يجب ألا نستنزف جميع المصادر الطبيعية في بلادنا مثل الماء والبترول
والمعادن والغابات والمراعي.
وكل منا في هذا الوطن الغالي عليه واجب فاليد
الواحدة لا تصفق. كلمة الجميع تعني الدولة بجميع مؤسساتها وموظفيها وكذلك القطاع
الخاص بشركاته ومؤسساته ومديريه وأفراده وكذلك بقية أفراد الشعب من مواطنين رجال
ونساء شيوخ وشباب وأطفال.
ولذلك يجب أن يكون هناك إدارة أمثل لمواردنا
الطبيعية عن طريق ترشيد استخراجها وتعظيم كفاءة استخدامها.
لكن الأحلام شيء
والواقع شيء آخر، لأن ذلك يتطلب العناية بالم وارد البشرية وتطويرها والارتقاء بها
أي يجب العناية بالأفراد وتنظيف عقولهم. لأن المشكلة الكبرى تكمن في أن بعض البشر
تفكر فقط في الأرباح وتفكر في زيادة الملايين ولا تفكر في المحافظة على البيئة،
وذلك نتيجة قلة الوعي المعرفي والبيئي عند بعضهم، ولذلك يجب أن تتغير تلك النظرة
لمفهوم التنمية في بلادنا التي تنحصر في المؤشرات المالية فقط. أغلقوا المنشآت
المخالفة، شهروا بمن يعبث بالوطن، كونوا صارمين، حازمين، ليس هناك استثناءات، مصلحة
الوطن فوق الجميع، لا تهدموا ما بناه عبدالعزيز وأبناؤه من بعده، بل ساعدوا في جعله
أقوى وأجمل تضرب به الأمثال في كل شيء.
وأخيراً أذكركم بأننا في حاجة لوضع
إستراتيجية واضحة للبيئة بها قوانين واضحة وصارمة وعقوبات تطبق على الجميع وأكرر
على الجميع، ليست هناك استثناءات، فالبيئة أمانة في أعناقنا علينا أن نسلمها
للأجيال القادمة لتنعم بخيراتها كما ذكرت.