عدد الرسائل : 9266 العمر : 35 المدينة التي تقطن بها : ورقلة الوظيفة : ليس بعد (دبلوم ماستر ميكانيك طاقوية) السٌّمعَة : 184 تاريخ التسجيل : 02/02/2008
موضوع: المواطنة سلوك وثقافة الإثنين أغسطس 12, 2013 7:23 am
المواطنة سلوك وثقافة
راشد فهد الراشد
تأكيد معاني الانتماء والمواطنة يأتي عبر ممارستهما سلوكاً وثقافة وقناعات والتزاماً وحرصاً على المنجز الوطني إن في صيانته والمحافظة عليه في المعطى الاقتصادي، أو التحديثي والتطويري، وإن في الالتزام بالنظم والقوانين والتشريعات المنظمة لكل تفاصيل الحياة والتعاملات اليومية، وإن في علاقة المواطن مع مظاهر النمو والتطوير والعمل المجتمعي، وإن في بذل أقصى درجات الاهتمام بالبيئة، وجماليات المدينة في شوارعها وأحيائها ومنشآتها الخدمية، والنظرة لها وإليها على قاعدة أنها حقوق لكل فرد، وأنفق عليها من موارد الوطن المالية مبالغ طائلة ما يفرض الواجب المطلق على المواطنين التعامل معها بنوع من الشفافية والعناية والرعاية لتظل لنا وللأجيال مكسباً ونماء وتحضراً.
الانتماء والمواطنة وممارستهما تأتي سلوكاً، وتتجسد حرصاً، وتتماهى مع ثقافة حب الوطن في تجلياته كهوية وإرث، وما عدا ذلك أو أي مفهوم يغاير هذا المفهوم هو عبث وسفه وتخلف يرفضه المواطن السوي العاقل الذي يعمل على إنتاج وطن متألق وحضاري نقدمه لأجيالنا وللعالم صورةً لوعينا وتفوقنا وفهمنا لمعنى أن يكون لدينا ما نستحقه، أو يستحقنا - على الأصح - وأن نكون أمناء على إرث نضالي كبير وصلت لنا كل فضاءاته ومساحاته وإبهاراته بالكفاح والتعب والجوع والإحباطات في كثير من المواقف الحياتية والتأسيسية، والنجاحات في الكثرة من المفاصل التاريخية، حتى تكوّن شامخاً كهوية متفردة ومتميزة.
والسؤال..السؤال.
هل يمارس بعضنا مواطنته وانتماءاته بالوعي المطلوب، وبالصيغ التي تدلل على رقي المفاهيم التعاملية مع الوطن، ومنجزه التنموي..؟
إن نظرة تأملية عامة تنطلق من موضوعية ستكون نتيجتها في غير صالح بعضنا، إن لم نقل إن علامة الصفر ستكون حاسمة ومحزنة ومؤلمة في التقويم التعاملي، ولعل أكبر الشواهد في هذا هو تعاطينا مع منشآتنا المدنية كالمطارات، ومرافقنا الخدمية كالحدائق والشوارع والمتنزهات إذ تحولت إلى ما يشبه مكب النفايات أو الأماكن المهجورة التي لاتطالها أيدي العناية والاهتمام، والسبب في ذلك تعامل المواطن معها وشراسته في اغتيال جمالياتها، وتشويه بنيتها، وتدمير ما يمكن أن تعطيه للناس.
أما عن احترامنا للأنظمة والقوانين والتشريعات، والتزامنا بحق الآخرين المكتسب في مشاركتنا الطريق والخدمة في الدوائر والمصالح والمؤسسات فهذا أمر نتفوق كثيراً في إهداره وإنكاره والعبث به، بل تصل فينا السلبية وعوامل التخلف الحياتي والتربوي والاجتماعي إلى حد أن نصف ممارسته ب "الشطارة" و"القوة" و"التميز" الاجتماعي أو الوظيفي، نشاهد ذلك واضحاً وصريحاً في علاقتنا مع الطريق وسالكيه وأنظمة المرور، وقوانين السلامة، وحق الناس في طريق آمن هادئ لا يستفز ولا يؤزم مستخدميه، ولا يعرض حياتهم للخطر إن لم نقل الكوارث، والأمر يندرج على علاقتنا بالأجهزة الحكومية وخدماتها ومحاولة أخذ ما هو ليس حقاً لنا، وتطول عناصر ومؤشرات التعاطي باستخفاف مع الوطن والانتماء له لتطال التستر واستقدام العمالة ونشرها في المدن لننهك اقتصادنا ونسلب الآخرين حقوقهم في فرص العمل والتجارة، ونعرض أمن الوطن للمخاطر والخلل..
لنعترف أننا لا نمارس مواطنتنا بالقدر المطلوب، وهذا كارثي..