السلام عليكم أيها القراء الكرام.....
دائما أمام داري على الرملة الذهبية بحي المستقبل ببلدية العالية أنا وصديقي أحمد في جلسة مسائية حميمة أمامنا صينية الشاي وبعد أن إنتهى من حكاية - الإستصلاح بالإمتياز- بالعالية والذي يعتبر ذرا للرماد في الأعين...حيث أن الشهداء رحمهم الله ما ماتوا وما إستشهدوا من أجل أن يعبث المسؤولون بعواطف الشباب ، بل ما توا من أجل العزة والكرامة لكل الجزائريين من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب...بينما حدث العكس تماما ..فالثورات عادة ما يخطط لها العلماء وينفذه خططتها المتهورون ويجني ثمرتها الجبناء والكسلاء وفعلا هذا ما حدث في الجزائر والكثير من الدول العربية فيها ثلة من المتسلطين والمتسلقين الى سدة الحكم عن طريق التدليس والتزوير هم ينهبون المال العام وينعمون وغيرهم في عيشة ضنكة...وعلى سبيل الحكاية سرد لي صديقي حكاية من الواقع المعيش ببلدة العالية في خلال سنة 1940/م أن واحدا من سكان البلدة من عرش آل تواتي لم يجد ما يقتات به هو وزوجته فإن أكل يوما فلا يأكل عشرا وهكذا هو دأبه وسكان ال البلدة ولهذا قرر أن يفترق مع زوجته هي تروح الى أهلها علها تجد ما تسد به رمق عيشها وهو يهاجر الى البلدات الجوارة بحثا من مأكل وفي الصباح الباكر إصطحب شنته بعد أن ملأها ماء من بئر الحي وعلقها على كتفه الأيسر وبيده عصاه التي يتوكأ عليها مشيا على الأقدام من العالية قاصدا بلدة -أفران - مرورا بوادي النساء والخفيف وغرس سيدي عبد المالك المعلم الحدودي الطبيعي الفاصل بين تراب بلدة العالية وورقلة والخزانة وحاسي الناقة أي ما يعادل مسافة 70 كلم ولقد وصل المسافرالى -أفران- بعد جهد جهيد حيث أن أهل ورقلة عموما يقدرون أولاد السائح ويجلونهم ويحترمونهم لعلمهم وشرفهم ويبذلون لهم العطايا هدية قصد التبرك والتيمن بهم فصادف المسافر رجلا بيده - صكلولا- أي جديا صغيرا يجره بحبل في رقبته ، فقال صاحب الجدي للمسافر تعال يا شريف خذ الصكلول لك مني هدية كله عند الولي الصالح ببلدكم سيدي عبد القادر البوطي أنت وجار الضريح.....ففرح المسافر وبعد أن أخذ قسطا من الراحة عاد راجعا الى بلدته العالية يجر الجدي وطورا يحمله على ظهره ..وبعد مدة وصل منهكا ...وفي المساء أخذ الصكلول وذهب به الى الحاج العلمي بن الأخضر جار الضريح فسلم عليه وقال له هذا الجدي جئت به من ورقلة الى هنا لآكله وإياك وبعد أن أكمل الحاج العلمي سبحته المسائية أي ورده ...تمت عملية ذبح الجدي وسلخه حيث تم طهي كامل لحمه على نار هادئة فأكلوا - الدوارة - وشيء من الجوانب وقسموا الباقي الى عائلاتهم وافترقا بعد أن صليا صلاة العشاء مع بعضهم وكأنهم في عيد إضحى..أنظر أيها القاريء يرحمك الله الى العيشة الضنكة التي كان يعيشها آباؤنا وأجدادنا في سنين المسغبة...سنين الجوع والدمار ولم يتركو دينهم وأذكارهم وجاهدوا في الله حق جهاده وأخرجوا المستدمر الفرنسي من الجزائر التي أصبحت حرة والحمد لله على كل حال ونعوذ به من حال أهل النار.....وقبيل آذان المغرب غادرت أنا وصديقي بعد أن أكمل لي الحكاية واتجهنا الى المسجد لأداء الصلاة .