السادة القراء الكرام ، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
ترجع القصة المنطلقة من الواقع المعيش الى الخمسينيات من القرن التاسع عشر الميلادي بعد مكوثي في بطن أمي ثلاث سنوات وأنا إبن سبعة أشهر في حي - الدبدابة - بلدة العالية التابعة للحكم العسكري الفرنسي بمدينة تقرت آنذاك ولقد إستعملت الوالدة جميع الأدوية التقليدية التي تعرفها والتي سمعت بها لغرض إخراجي من مكمني بطن أمي الذي وجدت فيه راحتي النفسية والدفء والطمأنينة بدل مصائب الدنيا ومسواوئها ومخازيها لكن دون جدوى ولم يجد والدي بدا من نقل والدتي الى مستشفى مدينة تقرت عن طريق البر بواسطة الإبل ، فجهزوا هودجا وركبت فيه أمي وجمل آخر وصاحبه مرافقا وجمل ثالث لجدي لأمي رفقة أحد إخوته وأحد ابنائه أبنائه يحمل الضروريات من ماء وزاد لقد أخذوا قسطا من الراحة حيث تكأكؤوا حول النار واحضروا الشاي وهيِؤوا خبز الملة وتناولوا نصيبا من التمر وصلوا صلاة الظهيرة ثم واصلوا المسير وفجأة ظهر جمل في حالة هيجان والزبد يخرج من فيه وجاء يجري قاصدا الجمل الذي تركبه والدتي ودخلا في عراك عنيف ووالدتي وسط الهودج تتمايل ذات اليمين وذات الشمال والرجال يضربون الجمل الهائج المعتدي بالهرواي الى أن إستسلم وانسحب من الميدان مهزوما والحمد لله على نجاة الوالدة من السقوط من الهودج وإلا كانت تكون الكارثة موت الأم وجنينها الذي هو أنا...إن لم تكن تعرفني أيها القاريء الكريم ، باتت القافلة في الطريق وفي الصبيحة تناولوا الخبز والشاي باكرا بعد أن أدوا صلاة الصبح ثم واصلوا المسير الى وقت صلاة العصرثم حطوا رحالهم وتناولوا الخبز والشاي والتمر وصلوا صلاواتهم وواصلوا السير ثم باتوا وفي الغد ةاصلوا المسير الى أن توقفوا بعين الصحراء المطلة على مدينة تقرت بعد صلاة العصرثم واصلوا المسير الى أن دخلوا مدينة تقرت وبالضبط دار الشيخ محمود رحمه الله القريبة من المستشفى ومكثت والدتي في مدينة تقرت أسبوعا كاملا تحت الرعاية الطبية وتلقي العلاج المناسب وفي اليوم الثامن رحل والدي رفقة الوالدة الى بلدة عمر عبر سيارة الحاج محمد بن الحاج العيد الخضري المكني ب بولحية حيث كان الوالد يملك مسكنا متواضعا وكذلك جدي محمد الغزال رحمه الله كان يملك مسكنا وغابة نخيل سيما أن الفصل فصل الخريف وكذلك الوالد شرع في عملية جني التمور لنخيله الذي كان يشرف عليه - حم عميرة - حيث مكثوا ببلدة عمر ما يزيد عن العشرة أيام ، الوالدة وبعد أن تماثلت للشفاء نوعا ما أخذها خالها المرحوم محمد الأخضر بن المسعود غبايشي على بعير يحمل جحفة وبداخلها الوالدة وكان برفقة المرحول المرحوم محمد الغزال مشري جدي لأمي وكان اليوم أغبربعاصفة رملية هوجاء وكان الهودج يتلاطم يمينا وشمالا مما إضطر المرحول الى حط الرحال بمكان يسمى - بالجبس - محط اولاد سيدي لمبارك بالقرب من الولي الصالح سيدي محمد السايح حيث باتوا ليلتهم تلك وفي الصباح الباكرإستأنفت القافلة المسير ووصلت الى بلدة العالية بعد ثلاثة أيام حيث حطوا الرحال بالحي الفلاحي - طويجين -
مقر إقامة جدي وجدتي حيث مكثت الوالدة ما يزيد عن العشرين يوما كفترة نقاهة ثم عادت الى حي - الدبدابة - حيث عش الزوجية ، وأخيرا وبعد كل هذه المدة التي كنت بها نائما في بطن أمي في سبات طويل كاد يكون أبديا ، ويا ليته كان أبديا حتى أعفى من كل المسؤوليات تجاه نفسي وتجاه من أوكلت لي مهمة الإشراف عليهم إنطلاقا من الأسرة المصغرة الى الأسرة الكبيرة من إصلاح للمجتمع وغيره ، وشاء الله سبحانه وتعالى أن أسستيقظ بفعل المواد الكمياوية التي تناولتها أمي وأصبحت كل أجهزتي تعمل عملها بصفة منتضمة الى أن حان موعد خروجي من بطن أمي في يوم من أيام فصل الربيع الحار بعد الزوال مباشرة .... وما هي إلا سويعات حتى تلبدت السماء بأنواع من السحب الكثيفة الممطرة التي دامت ما يزيد عن الأسبوع إحتفالا بمقدمي وبخروجي الى الدنيا الفانية .
الوالدة لم يكفن حليبها مما جعل والدي يشتري لي عنزة من نوع - شركي محلاب - التي أصبحت اتزود بحليبها الى جانب القليل من حليب أمي بحيث أصبح لي أمين أم بشرية وام حيوانية من الرضاع وجديانها واحفادهم كلهم إخوة لي أيضا من الرضاع تربطني بهم صلة القرابة فهم يقدرونني ويحترمونني وشعوري معهم متبادل ، ورب أخ لك لم تلده امك والحمد لله على النسل الطيب
الكدون تيجاني سليمان موهوبي
mouhoubi51blogspot.com