د.مقداد :الأصل إغلاقه وقد يصل الحكم الشرعي للتحريم وهناك وسائل للقضاء عليها
خاص/ فلسطين:
"كنا نصلي العصر في المسجد بخشوع بينما رنّ الهاتف المحمول الخاص بالشخص الذي يقف بجانبي، وإذ بها أغنية ماجنة وصاخبة إلا أنه لم يحاول إيقافه، وحينما أتممنا الصلاة التفت إمام المسجد إلينا وبدا على وجهه الغضب، وقال: إن ما حصل يفقد صاحبه أجر الصلاة ويجب عليه إعادة الوضوء والصلاة مجددا "، هذا الموقف حدث مع "أحمد" عندما ذهب للصلاة في مسجد قرب عمله حتى لا تفوته كونه يصل بيته متأخراً.
"أحمد" لم يقتنع كثيرا بالفتوى "المتعجلة" التي أطلقها إمام المسجد لكنه بقي في حيرة من أمره حول الحكم الشرعي في مسألة رنين "الجوال" داخل المسجد، الأمر الذي بات يقلق المصلين ويشتتهم.. "فلسطين" تابعت الموضوع وطرحته على د. زياد مقداد المحاضر في كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية، وناقشت معه سبُل إنهاء هذه الظاهرة والدور المطلوب لتحويل "إغلاق الجوال" عند دخول المسجد إلى ثقافة عامة:
مكانة المساجد
وأشار د. مقداد إلى أن المساجد تحتل مكانة مميزة وكبيرة في الشريعة الإسلامية، وأنها مظهر اختص الله به المسلمين فقط، وتأكيدا على فضلها نبه القرآن الكريم لذلك بقول المولى (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)، فالإعمار هنا يكون مادياً وتعبدياً، وفي السنة النبوية عندما قال رسول الله الكريم: "من بنى لله مسجدا ولو مثل مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة" ومفحص قطاة: أي بيت العصفور.
آداب ارتياد المساجد
وعن الآداب الإسلامية المستحبة التي أرشد الإسلام المصلين إليها عند التوجه للمساجد والدخول والجلوس فيها وحتى الخروج منها ، قال د.مقداد: "الإسلام شامل ووضع آدابا للمسلم تنظم أموره في المساجد منذ الخروج إليها وحتى مغادرتها، وأولها الدعاء الذي يقوله المسلم عند خروجه من بيته بنيّة الذهاب للمسجد (اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي )
ودعاء آخر (اللهم اجعل في قلبي نورا وفي لساني نورا واجعل في سمعي نورا واجعل في بصري نورا واجعل من خلفي نورا ومن أمامي نورا واجعل من فوقي نورا ومن تحتي نورا اللهم أعطني نورا) ".
وواصل الحديث عن الآداب المستحبة وذكر منها الدعاء المستحب عند دخول المسلم إلى المسجد وهو (اللهم اغفر لي ذنوبي .. اللهم افتح لي أبواب رحمتك)، ومن ثم يدخل بقدمه اليمنى إلى المسجد.
وذّكرَ المحاضر في الجامعة الإسلامية من يدخل المسجد بأداء تحية المسجد وهي أداء ركعتين لقوله – صلى الله عليه وسلم (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين) ، مبيناً أن على المسلم الحفاظ على نظافة المساجد وهو ما أمر به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعدما أمر ببناء المساجد بأن تنظف وتطيّب، وكذلك يصونها من الأوساخ أو الروائح الكريهة، وكذلك أدب صيانتها من الصخب بالمحافظة على الهدوء والسكينة وما أدل على ذلك من قول رسول الله (لا يشوش قارئكم على مصليكم) حتى لو كان ذلك في قراءة القرآن الكريم، وهذا ينسحب على الكلام نفسه، فإن كان من الكلام المباح فلا بأس لكن الذي يخرج عن حدود الأدب من النميمة والغيبة وما شابه فلا داعي له.
أصوات غريبة !
وأما عن الخلاف حول رنين جهاز الهاتف المحمول في المساجد ، فقال:"من مظاهر التشويش الحديثة هي أصوات ونغمات "الجوال" التي نسمعها في كل حين داخل المساجد للأسف، وظاهرة فتح ا"لجوالات" وصدور النغمات منها من أناشيد أو قرآن أو أغنية أو موسيقى، وجميعها مخالفة لآداب دخول المسجد، لأن الأصل أن يدخل الإنسان بسكينة ووقار ليحافظ على قدسية المكان ولا يشوش على المصلين" ، موضحاً أن من الآداب المستحدثة عند دخول المسجد في وقتنا الحاضر إغلاق الهاتف المحمول قبل الدخول ليغلق هذا الباب ولا يشوش على الآخرين وعلى حامله أيضا، "فإذا رن الهاتف حتى حامله يفسد خشوعه ويوسوس الشيطان له بأفكار وأسئلة تنسيه حالة الخشوع المطلوبة في الصلاة ".
وعن بعض الفتاوى التي صدرت عن بعض العلماء وقالت بأن فتح الهاتف المحمول داخل المسجد حرام شرعاً، أضاف د. مقداد: "يكره ذلك، ويمكن أن يصل إلى درجة التحريم إن صدرت من نغمات هاتف المصلي أصوات مخلة كالموسيقى أو الأغاني الماجنة، وتعمّد ذلك، ولم يكن ناسيا، وهو بذلك ارتكب محرما لأنه يعلم بأنه في أي لحظة قد يرن هاتفه".
للضرورة فقط
وتابع حديثه: بالإشارة إلى أن الأصل إغلاق "الجوال"، ولكن إن كانت هناك مكالمة ضرورية استثنائية لا تنتظر وعليه فالأولى أن يضع جواله في وضع "صامت" أو "رجاج" ،" لكن المشكلة هي أن البعض عندما يرن جواله وهو في الصلاة، فيقوم بالرد على الاتصال، وهذا أمر يترتب عليه مفسدة لذلك الأولى إغلاقه إلا في الضرورات فقط والأصل أنه مكروه"، مشيراً إلى أنه لا بأس إن أغلق المصلي جواله أثناء الصلاة إن كان ناسيا ذلك ولا يؤثر على صحة صلاته.
حلول للتطبيق
وعن طرق محاربة هذا السلوك الخاطئ المنتشر في المساجد، دعا د. مقداد إلى تعليق اللوحات التذكيرية الإرشادية على مداخل المساجد، وفي داخلها لتذكير المصلين بإغلاق الجوال، وكذلك من خلال وجود بعض برامج الجوال الحديثة التي تهيئه وتنقله لوضع الإغلاق أو الصمت خلال فترة الصلاة المعتادة للمسلم مثل برنامج "خاشع"، مطالباً الدعاة والخطباء بضرورة زيادة وتيرة تذكير المصلين لإغلاق الجوالات.
وبيّن أن الوقت الذي يقضيه المسلم في المسجد للصلاة محدود، وقال مبدياً استغرابه: "فلا بأس إن ترك الجوال مغلقا لساعة خلال اليوم بينما يتركه بقية اليوم، متمنيا أن يتحول سلوك إغلاق الجوال قبل دخول المسجد إلى عادة مستحكمة في النفس عن قناعة ويقين وثقافة عامة مثلما يخلع المسلم حذائه خارج المسجد، "وهي من أبسط الآداب التي يجب مراعاتها عند دخول المساجد"[/SIZE]