عيدنا.. وتصفية النفوس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العيد مناسبة كريمة , وميقات سعادة , فيه تجدد معانٍ , وتعاد ذكريات
تُرسل مع إقباله رسائل التهاني ، وتعلو الابتسامات يومه وجوه المحبين
تتصافح فيه الأيادي البيضاء ، وتُقال فيه عثرات الأقربين وتعفو النفوس عنده
عن ذنوب المخطئين كل صديق بصديقه فِرح , وكل محب بحبيبه سعيد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كم كان ميقاتاً لزوال خصومة , وتلاقي بُعداء , وتواصل منقطعين , فهو بحق يوم المحبة والصفاء .
وتبقى نفوساً قد علاه ألم خطيئة الغير في حقها , وسكن فؤادها جرح قريبها أو صديقها الذي لم يراع
حرمة الميثاق , فيقرر كل متخاصم أن هذا جرح لا يندمل , وخطأ لا يمكن أن يغتفر , فـتكون القطيعة
ويحل الهجران , وتمر السنوات , وتتوالى الأعوام ما بين تلك القطيعة وذلك الهجران , فلا النفوس
تهدأ , ولا الآلام تنقطع . ليتدبر ذلك المقاطع في زمانه الفائت , يوم رأى الخصومة علاج لذاك الخطاء
, وجفوته لقريبه أو صديقه بلسماَ لذاك الذنب , فإذا الزمن يمضي بلا علاج , وإذا الأيام تُنمّي ذاك
الخصام , والأشد والأنكى توارث الأجيال لخصومات الآباء , وزيادة الجفاء بين أبناء العمومة وأحفاد
الإخوان ، فيأتي العيد حاملاَ معه السعادة لكل من كان بينه وبين أخيه خصومة , وتقبل هذه المناسبة
لتغسل القلوب من آثار ذاك التنافر , فيتذكر عظيم الأجر من الرحمن حين يقرأ قول الكريم المتعال
( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) فيرجو الأجر من ربه , ويتلو قوله تعالى
( ولْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم ) فيُحب أن يغفر الله له , وربما
نادته فطرة الخير في نفسه للقاء من خاصمه , فيأتيه شيطانه ويُوهمه أن هذا ذلة , فيصحح له هذا
الوهم حديث نبيه عليه الصلاة والسلام " وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا "مسلم فيعقد العزم على
اغتنام هذه المناسبة للقاء قريبه , ومصافاة خليله , فتجتمع النفوس بعد شتاتها وتقرب القلوب بعد
نفرتها , فيفرح له كل قريب , ويسعد بهذا كل حبيب .
إن خلق الرحمة في النفس مِنِّةٌ من الله تعالى يجعلها في قلوب من شاء من عباده الرحماء وللنفوس
حظوظها في التشفي , ولكن لم يجعل الإسلام لها أمداً إلا ثلاثة أيام وبعدها يكون المرء ظالمٌ لنفسه
ومتعدٍ لشرع ربه , ومقصراً في حقوق إخوانه , ومن ابتدأ بالسلام كان خير المتخاصمين , ففز أيها
المتاجر مع ربك لتنال هذه الخيرية وتفوز بهذا العطاء .
العيد حضر أيها المتخاصم , ومناسبة الفرح حلت يا من لازلت مهاجر , وكلنا على يقينٍ بطهارة نفسك
, وسمو خلقك , وأنك راغب ٌ في التواصل , فهل تجعل هذه المناسبة فرصة لنيل رضا ربك , وسعادة
إخوانك ومن حولك , ومناسبة كريمة للقاء كل قريب لك .. ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رحم الله قلباً تطهر اليوم .. ونفساً عفت وسامحت ..
ويداً للمصافحة مُدت ورجالاً ونساءً سعوا في الإصلاح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وما الحياة سوى كلمة طيبة و عملٌ صالح
وكل عام و أنتــــم لله أقرب
مع التقديــر