زيارة رئيس الجمهورية لولاية ورفلة تزامنت مع تعليمة الوزير الأول إلى الولاة تنظم الاقتطاع من الأراضي الزراعية لفائدة المشاريع العمومية المحلية. في الشريط الساحلي حيث يتكدس سكان الجزائر، نفدت الأراضي التي يمكن تخصيصها لإنجاز مشاريع ومنشآت عمومية.
وأصبح لزاما على الحكومة أن تمد يدها إلى الأراضي الزراعية، أو ما بقي منها في الواقع، لأن أيادي النهب والسلب قد زرعت مساحات واسعة بالإسمنت المسلح، وأنبتت الفيلات الفخمة والقصور، لأصحاب ''الأكتاف'' العريضة والبطون المنتفخة، على مرأى ومسمع الحكومة، التي تشتكي، اليوم، نفاد الأراضي لإنجاز المشاريع العمومية.
ضاعت الأراضي الزراعية وغير الزراعية، وذهبت أدراج الرياح في مشاريع وهمية، وفي صفقات مشبوهة. تحولت أراضي الدولة إلى ملكيات خاصة، تستقبل البحر وتعطي ظهرها للجزائر، التي لا تنتهي جنوبا. فالجزائر كأنها عملاق يعيش في جحر ابن آوى.
وفي بلاد أخرى من العالم لابد أن تكون مدينة مثل ورفلة، النائمة على بحر من الثـروات، مركز جذب خارق للعادة، لا ولاية داخلية معزولة، يزورها المسؤولون في المناسبات الانتخابية والأعياد. ورفلة هي في الواقع العاصمة الاقتصادية للجزائر. ولماذا لا يكون مقر شركة سوناطراك الرئيسي في مدينة ورفلة، وكل مؤسسات الأشغال البترولية وشبه البترولية، التي لا عمل لها في الشمال إلا المكاتب الفخمة والسكرتيرات.
من العبث أن ينتقل أغلب العمال والموظفين والفنيين في حقول البترول من الشمال إلى الجنوب ثم يعودون، وكأنهم مهاجرون في بلادهم. لا يمكن أن تبقى الطائرات تقلهم على مدار السنة، في رحلات غير مبررة، وغير اقتصادية للشركة، ولا هي في صالح العمال أنفسهم. لابد أن يستقروا حيث يعملون، ولذلك لابد أن تعطى ورفلة إمكانيات العاصمة الاقتصادية بحق، لأنها كذلك