نقول في الشأن العراقي وفي وثائق ويكيليكس: صدقوا الشيخ المجاهد حارث الضاري فيما جرى ويجري هناك على أرض بلاد الرافدين من محارق ومذابح جماعية، وعمليات تدمير منهجي للعراق الدولة والعروبة والتاريخ والحضارة.
فما جاء في الوثائق الويكيليكسية على أهميته القانونية والأخلاقية أقل بكثير من الحقيقة الصارخة التي تخيم على المشهد العراقي برمته في كافة مدنه وبلداته وقراه ..وعلى كل بيت وكل عائلة عراقية.
فنحن أمام سبع سنوات من الاحتلال والمحارق والدمار والخراب والتهجير والتفكيك والشطب والإلغاء يتوجونها اليوم بما يطلقون عليه"الفجر الجديد" في العراق...! فأي فجر جديد هذا...؟. وما مضامينه...؟. وما هو حصاده على امتداد سنوات الاحتلال السبعة التي مهدت له...؟
يلقي الكاتب الأميركي" توم إنجلهارت" الضوء على جانب من الحصاد قائلا:"إن العراق شهد العنف والفوضى في ظل الاحتلال الأميركي"، داعيا الى "الاعتراف بأن العراق غارق في الفوضى في الوقت الراهن، وأن البلاد تحطمت واحترقت، وأن الولايات المتحدة عجزت عن تلبية حتى الاحتياجات الأساسية للشعب العراقي في بعض الأنحاء الهامة من العراق مثل تزويده بالماء والكهرباء/الجزيرة نت-11/ 03/ 2010".
وريتشارد كلارك يقول: نحن في العراق أمام جريمة اغتيال للوطن العراقي كله.. وأمام "صليبيين جدد"-.
وتحقيق أمريكي يوثق:"الانتهاكات المخالفة لاتفاقيات جنيف باتت روتينية ومن حقائق الحياة العسكرية الأمريكية لدرجة أن الجنود لم يشعروا بالحاجة إلى إخفائها".
ولكن- لعل شهادة الشيخ حارث الضاري في مجمع النقابات الأردنية يوم 22/ 03/ 2010 تكون أبلغ الشهادات حول حجم ومساحة الجريمة الاحتلالية في العراق، فقال:"وقع العراق فريسة للاحتلال، ومنذ ذلك الوقت وهو يمر في دوامة، الكل يقتل الكل، وينهب ويدمر ويعيث في أرض العراق فسادا..
سبع سنوات والعراق من سيء الى أسوأ، ومن حلقة سوداء الى حلقة أكثر سوادا.."، مضيفا: "فقد العراق أكثر من 1,5 مليون شهيد وأكثر من مليون معتقل دخل سجون العراق في ظل الحكومة الحالية، ولم يخرج منهم الا العدد القليل.. فأين هم: هل انتقلوا الى رحمة الله نتيجة التعذيب..؟!"، مردفا:"هناك جيش من الأرامل.. وملايين من اليتامى، وملايين من المهجرين خارج العراق.. وملايين أخرى من المهجرين داخل العراق في الخيام منذ اكثر من خمس سنوات... يفتقدون الى كل مقومات الحياة في دولة هي من بين أغنى دول العالم.. عشرات الآلاف يسكنون اليوم في بيوت من القش في جنوب ووسط العراق على النفايات.."، مشيرا إلى وجود "نحو 160 سجنا كبيرا وصغيرا"، مستخلصا:" هذا هو العراق الجديد الحر المثالي..العراق الجريح القتيل المدمر المنهوب المسروق الذي تجري أنهار من دماء أبنائه يوميا.. إن الوضع أسوأ مما كان عليه في أي وقت مضى.. والأيام القادمة تحمل في طياتها أحداثا جساما..".
وأكد الشيخ الضاري لاحقا: "إن فترة حكم المالكي الأكثر دموية في تاريخ العراق، حيث قتل خلالها مليون ونصف المليون عراقي بينما اعتقل مليون عراقي/".
أما الأمين العام للمؤتمر القومي العربي د. خير الدين حسيب فتحدث مشيراً إلى أنواع مختلفة من جرائم الحرب التي يواجهها العراق منذ الاحتلال وهي:
"• جريمة الاحتلال غير القانوني من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، وجريمة بعض الأنظمة العربية في تسهيل الاحتلال.
• جريمة تدمير الدولة العراقية، بمؤسساتها المختلفة.
• جريمة نهب الكثير من آثار العراق وتهريب معظمها.
• جرائم قتل وتشريد الكثير من المدنيين العراقيين داخل العراق وخارجه.
• جرائم تعذيب وقتل الكثير من الموقوفين من قبل قوات الاحتلال.
• جرائم تبديد أموال العراق".
إذن ففي العراق، ووفق شهادات امريكية وغربية وعراقية، تكرست وتبلورت جرائم الحرب الأمريكية اليومية لتغدوعقلية ونمطية يومية هيمنت على جنرالات وجنود الاحتلال هناك، بالضبط كما هي مهيمنة على جنرالات وجنود الاحتلال الصهيوني.
الجميع في العراق كانوا على علم بالأمر حسب التحقيقات والشهادات، بدءا من القيادات العليا مرورا بالاستخبارات العسكرية ووكالة التحقيقات المركزية، وصولا الى مقترفي أعمال التعذيب..
غير أن الجميع في العراق أيضا بدءا من القيادات العليا وكبار الجنرالات مرورا بـ... ووصولا الى جنود المارينز قاموا بأعمال وممارسات تعتبر انتهاكا سافرا لاتفاقيات جنيف ولكل المواثيق والمرجعيات الدولية لاي احتلال اجنبي.. والجميع بالتالي اقترفوا هناك جرائم حرب بشعة ضد الشعب العراقي.
الجميع علم "والتزم الصمت"، بأن قصة وحقيقة فظائع المحرقة في الفلوجة ليست في الحقيقة سوى غيض قليل من فيض هائل ومرعب من المقارفات وجرائم الحرب الامريكية/ البريطانية ضد الشعب العراقي.. فالجريمة تحولت هناك الى عقلية ونمطية.. والى تطبيقات إرهابية دموية تدميرية مروعة ضد كل مكونات الوطن العراقي...؟!
واذا جاز لنا ان نكثف عناوين المشهد العراقي نقول:
- إن"الهولوكوست العراقي"يتدحرج ويتضخم اليوم بعد سبع سنوات ونصف بأبشع صورة أمام العرب والعالم..؟!
- البلدوزرات الأمريكية- الإسرائيلية عملت وتعمل على تجريف عروبة العراق على مدار الساعة...!
- ما يجري على أرض العراق هو ذروة العجرفة الأمريكية الشاملة.. وذروة إرهاب الدولة الأمريكية.. وذروة المجازر وجرائم الحرب..
- الوطن العراقي بأرضه وشعبه وسيادته وحرمته ومقوماته وتراثه وحضارته وراهنه ومستقبله يتعرض الى أوسع وأقذر وأبشع مجزرة عبر التاريخ..
- ما نشاهده في العراق هم "برابرة العصر والقتل والذبح والإبادة والحرق والتدمير ...
فالجريمة في العراق إذا.. أكبر.. أكبر..؟! والمسؤولية أشمل وأوسع وتمتد لتطال جنرالات البيت الأبيض..؟! فنحن في العراق أمام جريمة اغتيال للوطن العراقي كله.. وأمام "صليبيين جدد"...!
وإذا ما أضفنا لكل ذلك شهادات ويكيليكس الموثقة، فإننا نغدو أمام روتين يومي من جرائم الحرب التي يشارك فيها الاحتلال وتفريخاته من "بلاك ووتر" وعصابات وميليشيات مسلحة وحكومات طائفية وفرق الرعب التابعة لها وغيرها. فيا للعدالة الحديدية الامريكية..! ويا له من فجر عراقي جديد...!
فالعدالة والحرية والديمقراطية الأمريكية انصبت ليل نهار وعلى مدار الساعة وبلا توقف منذ غزو العراق: صواريخ وقذائف على رؤوس العراقيين أطفالا ونساء وشيوخا... وترجمت على الأرض في بغداد والفلوجة وتكريت وبعقوبة والرمادي والصدر والنجف والكوفة وغيرها بحملات اجتياحات واعتقالات وتجريفات وهدم وقتل وفتك وتدمير مكثف واسع النطاق بالجملة والمفرق.. ولم يسلم من كل ذلك حتى الشجر والحجر، حيث الدبابات والجرافات العملاقة اجتاحت البيوت وهدمتها على رؤوس أطفالها ونسائها وشيوخها، في الوقت الذي جرفت واقتلعت فيه المزارع والبساتين وما فوق وما تحت الأرض على حد سواء وبلا رحمة وعلى الطريقة الإسرائيلية تماما وأكثر...؟!
هذه هي العناوين الرئيسية الصارخة للعدالة والحرية والديمقراطية الأمريكية.. فالوطن العراقي برمته بأرضه وشعبه وسيادته وحرمته ومقوماته وتراثه وحضارته وراهنه ومستقبله تعرض ويتعرض الى أوسع وأقذر وأبشع مجزرة عبر التاريخ.. إنه "الهولوكوست العراقي" ما زال يتدحرج ويتضخم بأبشع صورة أمام العرب والعالم..؟!
أطلقوا علي وثائق ويكيليكس:كشف المستور...! ولكنه المستور المكشوف، فمن لا يرى ولا يسمع ولا يتابع ما جرى ويجري من مجازر جماعية على مدار الساعة...؟! فما يجري هناك شاهدناه وتابعناه بالبث الحي والمباشر...!
قال الشعب العراقي كلمته الفاصلة وأسمع صوته للعالم كله.. ويبقى الأجدر والأشرف في هذا المشهد أن تقول الدول والشعوب العربية بدورها كلمتها.. وأن تتحمل مسؤولياتها القومية والتاريخية...!
وأن يقول المجتمع الدولي أيضا كلمته الصريحة في وجه الطغيان الأمريكي..؟! ثم..ألا تستدعي مشاهدة كل هذه البلدوزرات الاستعمارية التي تصول وتجول هدما وتدميرا وتقسيما في جسم العراق ووحدته وعروبته وقفة عربية عروبية قومية وتاريخية مسؤولة حقيقية من العرب على كل المستويات...؟!!!.