على امتداد خمسين عاما الماضية عرفت الجزائر ثمانية رؤساء كلهم من جيل ثورة أول نوفمبر وهم: أحمد بن بلة، هواري بومدين، رابح بيطاط، الشاذلي بن جديد، محمد بوضياف، علي كافي، اليمين زروال وعبد العزيز بوتفليقة.
لم يبق من هؤلاء الرؤساء على قيد الحياة الآن سوى رئيسين أطال الله أعمارهما، وهم زروال وبوتفليقة، بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى هذا العام الرئيسان أحمد بن بلة والشاذلي بن جديد و علي كافي، رحمهم الله.
وقبل ذلك كانت الثورة قد جاءت بكل من الراحل فرحات عباس ليكون أول رئيس للحكومة المؤقتة في التاسع عشر من سبتمبر 1958، ثم كُلف من جديد بتولي رئاسة الحكومة الثانية قبل أن يخلفه في أوت 1961 بن يوسف بن خدة ليكون ثاني رئيس لثالث حكومة مؤقتة في عهد الثورة.
واللافت للنظر أن هؤلاء الرؤساء العشرة إذا احتسبنا أن رئيسيْ الحكومة المؤقتة يدخلان ضمن قائمة رؤساء الجزائر، فإننا نجد أن نصف هؤلاء الرؤساء قد تم بالتعيين، بينما النصف الثاني قد تم بالانتخاب، اللهم إلا إذا استثنينا فترة الرئيس الراحل هواري بومدين التي كانت في أعوامها الأولى عن طريق الانقلاب، وفي الثانية عن طريق الانتخاب المباشر من طرف الشعب بعد تقديم رئيس مجلس الثورة والحكومة العقيد هواري بومدين كمرشح وحيد للانتخابات الرئاسية التي جرت بعام واحد قبل انتقاله للرفيق الأعلى عام 1978، كما أن ستة من هؤلاء الرؤساء كانوا قد خرجوا من عالم السياسة، وأربعة منهم كانوا عسكريين.
وفيما يتعلق بالسن، فإن ثلاثة منهم كانوا قد تجاوزوا الستين عاما عندما تولوا الرئاسة أكبرهم بوضياف الذي كان بلغ سن الـ 73 عام 1992، بينما لم يكن باقي الرؤساء السبعة قد وصلوا إلى سن الستين عندما أصبحوا على رأس الحكم، وكان أصغرهم هواري بومدين، إذ كان عمره 33 عاما عندما أطاح بالرئيس بن بلة عام 1965.
بدأت عملية التعيين أثناء الثورة المسلحة بـ فرحات عباس من قبل مجلس التنسيق والتنفيذ في فترته الأولى في سبتمبر 1958، ثم من طرف المجلس الوطني للثورة في فترته الثانية في جانفي 1960، وبن يوسف بن خدة الذي عينه المجلس الوطني للثورة في أوت 1961 إلى غاية الاستقلال.
أما بعد استعادة الاستقلال الوطني، فإن الرئيسين المعينين هما محمد بوضياف وعلي كافي.
فقد جاء تعيين الرئيس المغتال محمد بوضياف بعد استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد في جانفي 1992، وكان من المفترض حسب دستور 1989، أن يتولى رئيس المجلس الشعبي الوطني في تلك الفترة عبد العزيز بلخادم رئاسة الدولة حسب ما ينص على ذلك الدستور، مثلما كان عليه الأمر بالنسبة لدستور 1976 حيث أصبح المرحوم رابح بيطاط رئيسا للدولة بعد شغور المنصب إثر وفاة الرئيس هواري بومدين في الـ 27 من ديسمبر 1979.
ونظرا لعوامل ربما ترجع لتخندق بلخادم في حلف سانت إيجيدو، فقد تم إبعاده من هذا المنصب الهام في تلك الفترة حيث يكون بعض الفاعلين قد رأوا كذلك أن منصب الرئيس أكبر من الرجل، وخاصة أن الجزائر في تلك الفترة العصيبة من تاريخها كانت في حاجة إلى شخصية كاريزمية لإخراجها من الأزمة التي راحت تلوح في الأفق، إذ جرى حل المجلس الشعبي الوطني، وتم تكوين مجلس أعلى للدولة أصبحت بموجبه الرئاسة جماعية بقيادة محمد بوضياف، وضم المجلس إضافة إلى ذلك كلا من زير الدفاع الوطني الرجل القوي آنذاك الجنرال خالد نزار والعقيد علي كافي والمحامي علي هارون والوزير الأسبق المرحوم التيجاني هدام.
وبعد اغتيال المرحوم محمد بوضياف في جوان 1992 وهو يلقي خطابا له في عنابة بعد فترة وجيزة لرئاسته لم تتجاوز خمسة أشهر خلفه علي كافي في المنصب نفسه إلى غاية تاريخ إجراء انتخابات رئاسية في 1995 والتي جاءت بالجنرال اليمين زروال رئيسا للجمهورية بعد فترة تعطيل المؤسسات الدستورية.
أما بالنسبة للرؤساء المنتخبين، فهم أحمد بن بلة الذي جيء به إلى الحكم بعد أن فرضه العقيد هواري بومدين ورفاقه في قيادة أركان جيش التحرير الوطني إثر إزاحة رئيس الحكومة المؤقتة بن يوسف بن خدة الذي كان قد دخل إلى الجزائر العاصمة وسط احتفالات شعبية ابتهاجا بالنصر وسعيا لتولي السلطة بعد اندحار القوة المحتلة، ولكن سرعان ما انتهى الأمر بإزاحة الرجل وجماعته من أعضاء الحكومة المؤقتة ومن بينهم رجل المخابرات القوي أثناء الثورة الراحل عبد الحفيظ بالصوف من طريق الحكم إثر دخول جيش التحرير بقيادة بومدين، داعما بذلك بن بلة الذي تم انتخابه في 1963 أول رئيس للجمهورية بعد استعادة الاستقلال.
أما الرئيس المنتخب الثاني فهو بومدين، حيث كان انتخابه شعبيا في المرحلة الأخيرة من حكمه.
ويعتبر الرئيس الشاذلي بن جديد الرئيس المنتخب الثالث عام 1979.
أما الرئيس المنتخب الرابع فهو اليمين زروال عام 1995.
ويعد الرئيس بوتفليقة خامس رئيس منتخب من قبل الشعب وثامن رئيس منذ الاستقلال، إذ انتُخب في عهدته الأولى في ربيع 1999، وجرى تجديد عهدتيه في 2004 و2009.