(( وصف الحور ))
هن الأزواج المطهرة والعين الغنجات بريط, النور معتجراتبوشح الكرامة متزينات، بالمسك ملتفات ، حدق أعينهن كاحلات ، وأطرافهن خاشعات وفروقهن مكللة بالدر مركبة بالياقوت ينادين بأصوات غنجة رخيمة لذيذة يقلن : نحن خالدات فلا نموت أبدا، ونحن الغانجات فلا نبأس أبدا، ونحن المقيمات فلا نرحل ابداً، ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا ، ونحن الحور الحسان أزواج أقوام كرام ، ونحن الأبكار السوام للعباد المؤمنين ، طوبى لمن كان لنا وكنا له.
فذلك قوله عز وجل (( إنا أنشأنهن إنشاء فجعلنهن أبكارا عربا أترابا ))
عاشقات لأزواجهن (( أترابا)) مستويات في الآسنان (( وحور عين )) حسان جميلات (( كأمثال اللؤلو المكنون)) كأنهن الياقوت والمرجان. مشيها هرولة، ونغمتها شهية بهية فائقة وامقة لزوجها عاشقة، وعليه محبوسة وعن غيره محجوبة فذلك قوله عز وجل: (( فيهن قاصرات الطرف )) يقول قصرت أطرافهن عن الرجال فلا ينظرن إلى غير أزواجهن وقال تعالى (( لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان )) وكل ما أصابها زوجها وجدها عذراء عليها سبعون حلة مختلفة للوشي والألوان ، حملها أهون عليها وأخف من شعرها في نحرها مكتوب : أنت حبي وأنا حبك لست أبغي بك بدلا ولا عنك معدلا . كبدها مرآته وكبده مرآتها يرى مخ ساقها من وراء لحمها وحليها كما ترى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء، وكما يرى السلك الأبيض في جوف الياقوتة الصافية.
روي عن الحسن رضي الله عنه أنه قال: بينما ولي الله في الجنة مع زوجته من الحور العين على سرير من ياقوت أحمر وعليه قبة من نور، إذ قال لها: قد اشتقت إلى مشيتك، قال: فتنزل من سرير ياقوت أحمر إلى روضة مرجان أخضر، وينشي الله عز وجل لها في تلك الروضة طريقين من نور أحدهما نبت الزعفران ، والأخر نبت الكافور فتمشي في نبت الزعفران وترجع في نبت الكافور ، وتمشي بسبعين ألف لون من الغنج
وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يسطع نور في الجنة فيرفعون رؤوسهم فإذا هو نور حوراء ضحكت في وجه زوجها )) .
فبينما هو معانقها لا تمل منه ولا يمل منها والمعانقة أربعين عاما فإذا رفع رأسه فإذا هو بأخرى متطلعة عليه تناديه: يا ولي الله أما لنا فيك من دولة ؟ فيقول: حبيبتي من أنت فتقول : أنا من اللواتي قال الله فيهن (( ولدينا مزيد ))
قال: فيطير سريره، أو قال كرسي من ذهب له جناحان فإذا رآها فهي تضعف على الأولى بمائة ألف جزء من النور فيعانقها مقدار أربعين عاما لا تمل منه ولا يمل منها ، فإذا رفع رأسه رأى نورا ساطعا في داره فيعجب فيقول : سبحان الله أملك كريم زارنا ، أم ربنا أشرف علينا ؟ فيقول الملك وهو على كرسي من نور بينه وبين الملك سبعون عاما ، والملك في حجبته في الملا ئكة : لم يزرك ملك ولم يشرف عليك ربك عز وجل ، فيقول : ما هذا النور ؟
فيقول الملك: لزوجتك الدنيوية وهي معك في الجنة، وإنها طلعت عليك ورأتك معانقا لهذه فتبسمت، فهذا النور الساطع الذي تراه في دارك هو نور ثناياها ، فيرفع رأسه إليها فتقول : يا ولي الله أما لنا فيك من دولة ؟ فيقول: حبيبتي من أنت ؟
فتقول له: يا ولي الله أما أنا فمن اللواتي قال الله عز وجل فيهن (( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين )) السجدة : 17 ) الآية . قال: فيطير سريره إليها فإذا لقيها فهي تضعف عن هذه الأخرى بمائة ألف جزء من النور لأن هذه صامت وصلت وعبدت الله عز وجل ، فهي إذا دخلت الجنة أفضل من نساء الجنة ، لأن أولئك أنبتن نباتا ، فيعانق هذه مقدار أربعين عاما لا تمل منه ولا يمل منها