ب- النظرية الحيوية / ان الهيجان سلوك ناجح يمّكن المرء من التكيف مع المواقف الطارئة ، فمن الناحية النفسية و العقلية نجد أن الهيجان ينشط الفكر و يحيي العاطفة و يثير الحماس الذي يدفع إلى الإبداع و الإنتاج في ميدان الفن و الادب و العلم يقول الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون H.Bergson " الهيجان قوة خلاقة مبدعة " و يرى أن العلماء الذين يكتشفون قوانين الطبيعة و الأبطال المصلحين الذين يبدعون المفاهيم الخلقية لا يبدعونها في حالة جمود الذم بل يبدعون في جو حماسي تتلاطم فيه الأفكار
و يرى كانون Canon أن في الهيجان تقوم بعض الغدد بإفراز كمية من الأدرينالين في الدم حيث تقوي الجسم و تنشط العضلات فيزول التعب و يستفيد الشخص من هذه القوة الإضافية التي تمكنه من التكيف و في نفس السياق يرى الفيلسوف الانجليزي داروين Darwen أن الهيجان وسيلة فعالة للحفاظ على حياة الكائن ، فالقط مثلا عندما يصادف خطرا يتقوس ظهره ، و تنكشف مخالبه ، وينتصب شعره فذلك لإنذار خصمه و دفع الخطر عن نفسه . أما الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر J.J.Sartre يعتبر الهيجان سلوك سحري و بنية منظمة تربط الانسان بالعالم الخارجي ، فلا خوف بدون خائف و شيئ مخيف ، و لا حزن بدون حزين و شيئ محزن...فكل انفعال يدلنا على شيء و هذا ما يجعلنا نعيش الاحداث و نفهم ما يدور حولنا ، انه سلوك سحري لأن بواسطته نغير وجه العالم اذا كان هذا العالم ليس في صالحنا فمثلا يصادفنا دب تتخاذل ساقي و يشحب وجهي و تضعف نبضات قلبي فأسقط و يغمى علي و هكذا أكون قد أزلت المنظر المخيف من أمامي بطرية سحرية .
النقد / إذا كان الهيجان وسيلة للتكيف كما يرى هذا الموقف فهذا لا ينفي أن يكون أيضا انحرافا اذا لم يتمكن الفرد من تملك نفسه و التحكم في أفعاله ، اما الحلول السحرية التي يراها سارتر في الهيجان هي حلول وهمية لأنها لا تغير الواقع في شيء
ب -النظرية اللاتوافقية/ ان الهيجان سلوك فاشل و حالة انفعالية مهدمة و الدليل على ذلك كما يرى الفيلسوف الفرنسي بيار جاني P.Jannet مايلي.إن الهيجان يعبر عن فشل الفرد في التكيف مع المواقف الطارئة ، يبدد فيه طاقته دفعة واحدة بلا فائدة و لا يجد الحلول المناسبة لتلك المواقف ،فيقع في الانحراف إما انحرافا عن المبادئ الخلقية أو القوانين الاجتماعية و في كلتا الحالتين آثار سلبية و الهيجان يشل النفس ويؤدي إلى تفكك بنية الشعور حيث تضطرب الأفكار و ينعدم التركيز فلا يكون صاحبه قادرا على التحكم في ما يصدر عنه من أفعال أو أقوال ، ففي لحظة الغضب مثلا نرى الشخص كيف يبدي تصرفات طائشة و سلوكات اندفاعية تنزل به الى المستوى الطفولة أو الجنون العقلي و قد أثبت العلماء ذلك فيزيولوجيا ، ففي حالة الهيجان تتحول الموجات الكهربائية للدماغ آلفا الخاصة بالسلوك السوي الى موجات دلتا الخاصة بالسلوك المضطرب و المتواجدة عند المجنون أو الطفل الصغير . كما يمكن للهيجان أن يكون سببا في أمراض بدنية مزمنة مثل داء السكري ،القرحة المعدية ، ارتفاع ضغط الدم .....الخ ، ومصدرا للعقد السيكولوجية و التي تؤثر بلا شك على توازن الشخصية ، أما من الجانب الاجتماعي يمكن للهيجان أن يؤثر سلبا على العلاقات الاجتماعية بين الافراد ، يدفعهم الى التخاصم والشجار فكم من شخص فقد زميله بسبب تصرفات طائشة أو أقوال فاحشة نتجت عن حالة انفعال لذلك يقال " أول الغضب ثورة و آخره ندم "
النقد / لا ينكر أحد أن الحالات الهيجانية كثيرا ما عادت بالضرر على أصحابها ، لكن ما يعاب على هذا الموقف أنه نظر الى الهيجان من جانبه السلبي فقط و لم ينظر إلى جانبه الايجابي كما تجاهل بيار جاني أن الهيجان يؤثر سلبا على من كانت له إرادة ضعيفة فقط بينما البعض نجدهم يتحكمون في انفعالاتهم بطريقة جيدة فالمشكلة اذن ليست في الهيجان بقدر ما هي في طبيعة المنفعل