التوصيات والنتائج :
في نهاية المطاف يمكن استخلاص عدة توصيات من خلال البحث المقدم ، لعل فيها الفائدة لمن أراد معالجة مثل هذه الموضوعات من شتى جوانبه ، وهي كما يلي:
التوصية ( 1 ): حث جميع الدول على المشارك والانضمام في أي تجمع يهدف إلى حماية البيئة وعدم التواني في ذلك ، والتصديق على الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي تصب في مصلحة البيئة.
التوصية ( 2 ): مناشدة الدول بسن القوانين والتشريعات الداخلية المتسمة بالصرامة في ملاحقة ملوثي البيئة وعدم التراخي في توقيع العقوبات عليهم ، وملء الفراغ التشريعي في بعض البلدان النامية.
التوصية ( 3 ): توجيه الإعلام ووسائله الفعالة إلى نشر الوعي البيئي ، وتكثيف برامجه الداعية للمحافظة عليها ، وإطلاع الأفراد على مخاطر التلوث ، وكذلك زيادة النشرات و والبحوث والدوريات المتخصصة والتي تحمل طابع التوجيه والإرشاد للتعامل مع البيئة ، لإخراج جيل مشبع بالتربية البيئية وداعياً لها.
التوصية ( 4 ): إتباع آلية أفضل لتبادل المعلومات بين الدول والمنظمات الدولية الحكومية منه وغير الحكومية بشأن المشاكل البيئية تتصف بالسرعة والدقة وبعيدة عن الجوانب الإجرائية والشكلية ، وذلك للإنتفاع بها واستخدامها في مواجهة أي خطر يهدد البيئة.
التوصية ( 5 ): لابد أن يتدخل القانون ويفعل بالتطبيق على المتسببين في أخطر ما يلوث البيئة من كوارث نتيجة الحروب والنزاعات المسلحة ، أو حتى المناورات والتدريبات العسكرية التي تستغل الطبيعة أسوأ استغلال وعدم التساهل في ملاحقة من يهدد بيئة الإنسان الآمن.
قائمة المراجع
1. القرآن الكريم
2. بدرية عبدالله العوضي. دور المنظمات الدولية في تطوير القانون الدولي البيئي ،بحث منشور في مجلة الحقوق الكويتية،كلية الحقوق،السنة التاسعة-العدد الثاني-1985م
3. حازم محمد عتلم, المنظمات الدولية الإقليمية والمتخصصة, دار النهضة العربية, القاهرة, 2002م
4. خالد محمد القاسمي و وجيه جميل البعيني, حماية البيئة الخليجية من التلوث الصناعي وأثرة على البيئة, المكتب الجامعي الحديث الأزاريطية, الإسكندرية, 1999م
5. روبيرت لافون جرامون, (ترجمة: نادية القباني ومراجعه جورج عزيز), التلوث شركة ترادكسيم, جنيف, 1977م
6. سعيد سالم جويلي – مواجهة الأضرار بالبيئة بين الوقاية والعلاج ،جامعة الإمارات،1999م
7. عاشور عبد الجواد عبد الحميد – حماية الخليج العربي من التلوث بالزيت ،جامعة الإمارات،1999م
8. عامر محمود طراف،إرهاب التلوث والنظام العالمي،المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر،2002م
9. علوي أمجد علي, الوجيز في القانون الدولي العام, كلية شرطة دبي, دبي, 1999م
10. كمال شرقاوي غزالي – التلوث البيئي العقدة والحل ،الدار العربية للنشر،1996م
11. لائحة تنظيم استصدار الموافقات البيئية والتصريح البيئي النهائي ،سلطنة عمان،وزارة البلديات الاقليمية والبيئة وموارد المياه- المديرية العامة للشؤون البيئية-2001م
12. لسان العرب ، ابن منظور ، ج1 +ج12،دار إحياء التراث العربي،1999م
13. ماجد راغب الحلو, قانون حماية البيئة:في ضوء الشريعة, المكتبة القانونية لدار المطبوعات الجامعية, الإسكندرية, 1999م
14. محمد إبراهيم حسن, البيئة والتلوث: دراسة تحليلية لأنواع البيئات ومظاهر التلوث, جامعة الإسكندرية- مركز الإسكندرية للكتاب, الإسكندرية, 1997م
15. محمد إسماعيل علي،الوجيز في المنظمات الدولية، -دار الكتاب الجامعي بالقاهرة- 1982م
16. محمد أمين عامر ومصطفى محمود سليمان, تلوث البيئة مشكلة العصر:دراسة علمية حول مشكلة التلوث وحماية صحة البيئة, دار الكتاب الحديث, القاهرة, 1999م
17. محمد حسام محمود لطفي ،الحماية القانونية للبيئة المصرية دراسة للقوانين الوضعية والاتفاقيات الدولية النافذة ،القاهرة،2001م
18. محمد سعيد الصباريني, رشيد حمد الحمد, الإنسان والبيئة, (بدون دار النشر) , (بدون مكان النشر), 1994م
19. محمد خليل الموسى،الوظيفة القضائية للمنظمات الدولية ،دار وائل للنشر،2003م
20. محمد السيد أرناؤوط, الإنسان وتلوث البيئة, الدار المصرية اللبنانية, القاهرة, 1993
21. محمد عزيز شكري وماجد الحموي،الوسيط في المنظمات الدولية، ،منشورات جامعة دمشق -2000م
22. المصباح المنير، احمد بن محمد المقري، ،الجزء الثاني،دار الكتب العلمية،بيروت،1994م
23. مصطفى أحمد فؤاد ،قانون المنظمات الدولية(دراسة تطبيقية)،ص108-دار الكتب القانونية-2003م
24. مفيد محمود شهاب،المنظمات الدولية،–دار النهضة العربية-1994م
25. نبيل أحمد حلمي, الحماية القانونية الدولية للبيئة, دار النهضة العربية للطبع والنشر والتوزيع, القاهرة, 1991م.
26. وائل أحمد علام ،المنظمات الدولية(النظرية العامة)، -جامعة الزقايق-1994م
المنظمات الإقليمية
وبخصوص المنظمات الإقليمية التي تهتم بالشأن البيئي فهي عديدة وليس المقام هنا لحصرها لكن سنقتصر على مثالين فقط في منطقتنا العربية بحكم القرب والدراية بها أكثر من غيرها.
المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية:
في الواقع أن أول محاولة جادة في منطقة الخليج العربي لمحاربة التلوث كانت عام 1979م ،حين أنشئت في الكويت المنظمة الإقليمية لحماية البيئة البحرية . والتي ضمت كلا من البحرين ،الكويت ، عمان،قطر،المملكة العربية السعودية،الإمارات العربية المتحدة ،العراق وإيران . وقد قامت سكرتارية هذه المنظمة منذ عام 1982م بإنجاز عدة برامج لحماية البيئة البحرية من التلوث، كما نظمت دورات تدريبية جماعية ،وورش عمل وندوات للدول الأعضاء بهدف زيادة القدرات العلمية والتقنية لدى شعوب المنطقة . وقد تدرب مئات الأشخاص في مجالات عدة مثل اخذ العينات الملوثة بالنفط وغير الملوثة وتحليلها،ومثل تداول المعلومات وصيانة المعدات ، علاوة على مكافحة التلوث البحري وضبطه ومعالجته ،وعلي تشغيل معدات مكافحة التلوث بالنفط وصيانته وتخزينها.
وفي عام 1982م ،انبثق عن المنظمة مركز المساعدة للطوارئ البحرية في البحرين ، الذي راح يقوم بإجراءات يتم بموجبها نقل الكوادر البشرية والمعدات والمواد المطلوبة في الحالات البحرية الطارئة من الدول واليها وعبرها، كما ويشجع برامج التدريب الخاصة بمكافحة التلوث . ويعد المركز كذلك قوائم بالهيئات والمواد والسفن والطائرات المتوافرة وغيرها من المعدات المتخصصة اللازمة في الحالات البحرية الطارئة.(1)
ولان دول الخليج عرفت نقلة تطورية وتنموية مميزة في العقود الأخيرة من القرن العشرين ،كان لابد من أن تتعرض لعوامل وآثار التلوث ،وإزاء هذا الوضع كان لمجلس التعاون الخليجي دوره في التعرض لمشاكل التلوث البيئي .ففي 16/4/1994م، عقدت لجنة التعاون البيئي بدول مجلس التعاون الخليجي في الدوحة اجتماعها الأول لمواجهة التحديات البيئية المستجدة في المنطقة، وقد توصلت اللجنة إلى القرارات التالية:
- وضع نظام أساسي لحماية البيئة يتضمن القواعد الأساسية للمحافظة على البيئة وحمايتها وتلتزم به كافة الدول الأعضاء.
ــــــــــــــــــ
(1) محمد سعيد الصباريني ورشيد حمد الحمد – الإنسان والبيئة – ص 156(بدون دار نشر)- 1994م
- وضع سياسة واضحة المعالم لمعالجة المشاكل البيئية تستهدف حماية البيئة من التلوث والمحافظة على الموارد الطبيعية ،والبشرية وتنمية ودعم الإمكانيات الوطنية الأزمة لحماية البيئة وضمان سلامتها ،مع الاهتمام بالتقنيات الموروثة المتلائمة مع البيئة.
- إنشاء واستكمال الأجهزة التشريعية والتنسيقية ودعم الاجهزه التنفيذية المناط بها تنفيذ أنظمة ومقاييس وقواعد حماية البيئة وتوفير ما تحتاجه من إمكانيات للرصد والملائمة والمحافظة على البيئة.
- مراعاة الاعتبارات البيئية وإعطاؤها أولويات متقدمة , ودمج هذه الاعتبارات في جميع مراحل ومستويات التخطيط,وجعل التخطيط البيئي جزءا لا يتجزأ من التخطيط الشامل للتنمية في جميع المجالات الصناعية والزراعية والعمرانية, لتفادي الآثار السلبية التي تنجم عن إهمال هذه الاعتبارات، مع الأخذ بالحسبان التوازن بين العوامل الاقتصادية والبيئية بما يضمن تحقيق التنمية الشاملة.
- اعتماد مبدا التقييم البيئي للمشاريع, وإعداد دراسات القيم البيئية وتقدير جدواها ،وربط ترخيص المشاريع والمرافق بموافقة الجهة المسؤولة عن حماية البيئة على نتائج هذه الدراسات.
- وضع القواعد والتشريعات والمقاييس اللازمة المتعلقة بحماية البيئة وتقديم الإرشادات لاستخدام الموارد الطبيعية ولأحياء الفطرية.
- تنسيق الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء لمنع التأثيرات السلبية لمشروعات التنمية والتصنيع التي تقوم بها إحدى الدول على البيئة بالدول المجاورة.
- الاهتمام بحصر وجمع وتبادل المعلومات البيئية الإقليمية والدولية واستخدامها في عملية التخطيط.
- التنسيق بين الدول الأعضاء وتشجيع البحث العلمي وإجراء الدراسات للتعرف على المشكلات البيئية التي تعاني منها المنطقة مع تحديد الأولويات والمجالات لتفادي التكرار والازدواجية ،وإعداد دليل بالخبرات المتوفرة في مجالات حماية البيئة في الدول الأعضاء على أن يتم تحديث هذا الدليل بصورة دورية.(1)
بيد أن حرب الخليج تجاوزت كل التقديرات والتشريعات ،إذ أدت إلى تلويث بيئة الخليج بصورة لم يسبق لها مثيل وما زالت آثارها قائمة حتى اليوم.
ــــــــــــــــــ
(1) محمد خليل الموسى،الوظيفة القضائية للمنظمات الدولية، ص51،دار وائل للنشر،2003م
جماعة الخط الأخضر في إقليم الخليج العربي و شبكة الإعلاميين البيئيين لحوض البحر المتوسط :
الخط الأخضر هي أول جماعة خضراء في إقليم الخليج العربي ، لها نفس أهداف الجماعات الخضراء في جميع أنحاء العالم حيث تعتبر نموذجا للعمل البيئي النشط والحيوي ،ووسيلة من وسائل نشر الوعي البيئي ومواجهة أية تعديات تتعرض لها البيئة.(1)
أسس النواة الأولى للخط الأخضر شابين كويتيين هدفهما إنقاذ المجتمع من التلوث الذي بدأ يفتك به ،ورغم الصعوبات والعراقيل التي واجهتهم إلا أن الإصرار على إنقاذ المجتمع بكافة أفراده من التلوث والرغبة في حماية البيئة كانت تهون عليهم الصعوبات والعراقيل التي واجهتهم وقد استطاعا ان يقوما بأول تجمع بيئي سياسي في تاريخ الشرق الأوسط ،وذلك عبر تجمع نفوق الأسماك الذي أقيم أمام البرلمان الكويتي أثر كارثة نفوق الأسماك، للتعبير عن الرفض الكامل لأساليب معالجة الكارثة ،ولخلق ضغط سياسي على النواب للتوقيع على عقد جلسة طارئة لبحث أسباب تلك الكارثة ونجحت الخط الأخضر في ذلك.
تتمتع الخط الأخضر بالاستقلالية الكاملة وحرية التحرك البيئي بكافة أشكاله في المجتمع، ولا تخضع لأية ضغوط من أية جهة ،وتعتبر خلق قوة سياسية واجتماعية ضاغطة تهتم بالبيئة هدفا من أهدافها، هذا وتعتمد على الدعم المقدم من محبي البيئة في تغطية تكاليف نشاطاتها.
من الأهداف الرئيسية للخط الأخضر إنقاذ المجتمع من التلوث الذي يحاصره واستقطاب شباب وشابات المجتمع للاهتمام بالبيئة ،وذلك من اجل خلق رأي بيئي ضاغط يساعد في صنع قرارات تحمي البيئة والمجتمع، كما تعمل الخط الأخضر على دمج المجتمع في الساحة البيئية وجعله على إطلاع كامل بالوضع البيئي حوله، وتعمل الخط الأخضر على الدعوة للمشاركة الجماعية وتكامل الجهود الذاتية لمجابهة أخطار التلوث الذي بدء يدمر صحة المجتمع.
الخط الأخضر تشمل كافة أفراد المجتمع المحبين للبيئة والراغبين في منع التلوث الذي بدء ينشر الأمراض السرطانية والصدرية بين الأطفال والأسر.
ويشترط للإنضمام للخط الأخضر وجود الرغبة الصادقة والحقيقية في ان يكون الفرد ناشطا بيئيا اخضر ، فليس هناك أية رسوم يتم تقاضيها نظير الإنضمام للخط الأخضر، حيث بإمكان المنضم أن يستفيد من موقع الجماعة وذلك عبر التزود بالمعلومات والأخبار البيئية منه ،كما يمكنه ان يعبر عن رأيه البيئي ، وكذلك هناك العديد من الميزات والحوافز التي تقدم للمنظمين للخط الأخضر مثل تزويدهم بالمجلات والنشرات والدوريات البيئية وإشراكهم في العديد من النشاطات والندوات والتجمعات البيئية.
ويمكن ذكر عدة مشاكل وصعوبات تصدت لها جماعة الخط الأخضر خلال الفترات الماضية منها:
حقوق الإنسان البيئية ، نفــوق الأسمـاك، تلوث البيئة الهوائيـة ، تلوث البيئة البحريـة ، التلوث الناتج عن مرادم النفايات ، التلوث الناتج عن مداخن المطاعــم ، التلوث الإشعاعـي والكهرومغناطيســي، التلوث والأضرار الناتجة عن مادة الاسبستوس ،التلوث النفطي الناتج عن مؤسسة البترول الكويتية ، التلوث النفطي الناتج عن منشأة شركــة نفط الكويت ، التلوث النفطي
ــــــــــــــــــ
(1) محمد حسام محمود لطفي ، الحماية القانونية للبيئة المصرية دراسة للقوانين الوضعية والاتفاقيات الدولية النافذه,ص 131 ،القاهرة،2001م
الناتج عن منشأة شركة البترول الوطنيــة و التلوث النفطي الناتج عن شركة صناعـة الكيماويات البترولية.
دور الهيئات والمراكز المهتمة بشؤون البيئة في الإمارات العربية المتحدة:
أقر مجلس الوزراء في اجتماعه يوم 7 يناير 2002 الإستراتيجية الوطنية للبيئة وخطة العمل البيئي الوطنية لدولة الإمارات، وذلك تجاوباً مع نداء مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية الذي عقد في البرازيل في العام 1992.(1)
وتتضمن خطة العمل البيئية لدولة الإمارات أكثر من 90 مشروعاً مقترحاً تغطي مختلف القطاعات تبلغ تكلفتها التقديرية 430 مليون درهم. ومن أهم هذه المشروعات المقترحة إنشاء محطة مركزية لمعالجة النفايات الخطرة، دراسة مصادر ومستويات الضوضاء، وإنشاء شبكة لربط خطوط المياه بالدولة، ودراسة لبناء خط رئيسي للمياه لربط إمارات الدولة، ووضع خطة طوارئ لتغطية نقص المياه في الإمارات مثل مشروع تكثيف الرطوبة وقطرات الندى والضباب، ودراسة إنشاء سكة حديدية بين المدن، ووضع خطة للإستفادة من الطاقة الشمسية والرياح بالدولة، وإنشاء مركز للبحوث المائية للاستخدامات الزراعية، ومجلس وطني للطاقة، ومشروع انتاج الوقود النظيف والبنزين الخالي من الرصاص. كما تشمل المشروعات مسح التنوع البيولوجي للحياة الفطرية والمحافظة على الأنواع المهددة بالانقراض، ووضع التشريعات الوطنية لحماية المياه البحرية من التلوث، وانجاز مشروع خطة إدارة المخزون السمكي.
وتهدف الاستراتيجية الوطنية للبيئة وخطة العمل البيئي اللتين استغرق إعدادهما ثلاث سنوات، إلى تعزيز التزام الدولة للبيئة، وتبني مبادئ التنمية المستدامة عن طريق إدخال الاعتبارات البيئية في عمليات التخطيط الوطنية للتنمية، ورفع القدرات الإدارية والتنظيمية وامكانيات موظفي الهيئة الاتحادية للبيئة بصفة خاصة، والجهات العاملة في المجال البيئي بصفة عامة، وذلك عن طريق التعرف على أولويات العمل البيئي، وعلى القدرات البيئية الموجودة لدى الدولة .
وانتهت الهيئة الاتحادية للبيئة من إعداد اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم (24) لسنة 1999 في شأن حماية البيئة وتنميتها، والذي أصدره صاحب السمو رئيس الدولة الراحل الشيخ زايد – رحمه الله- في الأول من شهر فبراير 2000 والتي تتضمن المزيد من الإجراءات والضوابط والمعايير للعديد من القضايا من أهمها مشروع نظام حماية البيئة البحرية، ومشروع نظام تداول الموارد والنفايات الخطرة والنفايات الطبية التي تشكل خطراً على صحة الإنسان والبيئة، ومشروع نظام مبيدات الآفات والمصلحات الزراعية والأسمدة، ومشروع نظام تقييم الأثر البيئي الذي يحدد المشاريع التي يمكن أن يكون لها تأثير على البيئة وضرورة الحصول على تصريح بيئي بها قبل البدء بإقامتها أو توسيعها والشروط الواجب توافرها في دراسة تقييم الأثر البيئي وإجراءات الرقابة على المشروعات المرخص لها، وإلزام المشروعات القائمة والجديدة بتوفيق أوضاعها مع قانون حماية البيئة وتنميتها .
كما انتهت الهيئة الاتحادية للبيئة في مطلع العام 2002 من إنجاز مشروع نظام حماية الهواء من التلوث، ومشروع المواصفات والمعايير والمقاييس البيئية العامة، ومشروع نظام المحميات الطبيعية. وانتهت كذلك بالتعاون مع المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا في شهر ابريل 2000 من إعداد التقرير الوطني للبيئة لدولة الإمارات العربية المتحدة .
واهتمت الهيئة الاتحادية للبيئة بإجراء العديد من الدراسات حول القضايا المتعلقة بالوضع البيئي في الدولة، من بينها دراسة تقييم بيئية حول أوضاع الصناعات في الدولة، والتي شملت 333 منشأة صناعية في مختلف
ــــــــــــــــــ
(1) خالد محمد القاسمي ووجيه جميل البعيني ، حماية البيئة الخليجية التلوث الصناعي وأثره على البيئة العربية والعالميه صـ11 المكتب الجامعي الحديث الأزاريطية, الإسكندرية, 1999م
إمارات الدولة للتعرف على أنواع الصناعات التي ينتج عنها مخاطر بيئية مثل صناعة الأصباغ، ودراسة حول أثر بطاريات وإطارات السيارات والزيوت المستهلكة في البيئة.
وكان مجلس إدارة الهيئة قد قرر أن تكون الاحتفالات بيوم البيئة الوطني الخامس التي تقام في شهر فبراير من كل عام، حول موضوع المياه تحت شعار " موارد الماء .. استدامة ونماء".
هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها :
حققت هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها منذ إنشائها في العام 1996 بتوجيهات ودعم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ، وبمتابعة سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ، انجازات رائدة على الصعيدين الوطني والدولي في مجال أبحاث البيئة البحرية والبرية والطيور، والحفاظ على العديد من أنواع الحيوانات البحرية المهددة بالانقراض، بالإضافة إلى التوعية البيئية .
وأجريت هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها، على الرغم من حداثة إنشائها، العديد من البحوث العلمية والتطبيقية في مجال البيئة البحرية، تركزت على توفير معلومات أساسية عن البيئة البحرية الساحلية، خاصة في مجال رصد نوعية المياه، ومتابعة التغيرات التي تحدث نتيجة لتأثير المشروعات الصناعية والحضرية كمحطات التحلية والمصانع والمنشآت الإنتاجية الساحلية، وكذلك توفير قاعدة بيانات حول البيئات البحرية والساحلية حيث تمت دراسة مجموعة من العناصر البيئية مثل التربة والماء والطقس، وكذلك العوامل المتصلة بتأثير الإنسان على البيئة.
كما شملت أبحاث الهيئة على دراسة الأنواع المهددة بالانقراض من الكائنات البحرية كأبقار البحر والسلاحف البحرية ،التي يعدها الاتحاد الدولي لصون الطبيعة واحدة من عشرة أنواع تأتي في مقدمة الحيوانات المهددة بالانقراض في العالم، وكذلك الأعشاب البحرية التي تمثل الغذاء الأول للسلاحف وأبقار البحر. كما اهتمت الهيئة بأبحاث الطيور وخاصة الصقور والحبارى.
وانتهت هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية خلال العام 2000 من إعداد الاستراتيجية البيئية لإمارة أبوظبي خلال السنوا ت الخمس القادمة (2000 إلى 2004) والتي تقوم على ستة أهداف رئيسية هي وضع وتطوير التشريعات البيئية، وإنشاء وتطوير أجهزة الرقابة البيئية، وتوجيه إدارة الثروة السمكية، ومصادر المياه واستخداماتها، وإدارة الحياة الفطرية وتنميتها، وتكثيف التوعية البيئية.
مركز بحوث البيئة البحرية :
وأنشأت هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها ،مركز بحوث البيئة البحرية الذي يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة للموارد البحرية والساحلية من خلال إجراء البحوث التطبيقية لحماية الأنواع المهددة بالإنقراض، والتعرف على المناطق التي تحتاج لأي حماية، والتوجيه إلى تنمية تلك المناطق وإدارتها، وإجراء البحوث والدراسات والمسح الشامل للبيئة البحرية، لتحديد العمليات البيئية ووضع المعلومات اللازمة لبرامج التوعية البيئية التي تهدف إلى نشر الوعي البيئي .
وقد نفّذ المركز، برامج عالمية ناجحة لحماية السلاحف البحرية وتكاثرها. وأنشأ المركز منذ شهر يونيو 1999 وحدة متخصصة لتربية السلاحف البحرية في جزيرة "جرنين" التي تعتبر موطناً لتعشيش السلاحف من أنواع "منقار الصقر" و"القمية الخضراء" المهددتين بالإنقراض عالمياً، حيث يكثر تواجدها على شواطئ الجزيرة.
وتقوم هذه الوحدة بإجراء أبحاث علمية وتطبيقية على هذه السلاحف من أجل التوصل إلى أفضل الطرق للمحافظة عليها ومن ثم إكثارها وإطلاقها إلى الطبيعة مرة أخرى.
ويتركز العمل في الوحدة على تربية صغار السلاحف لتصل إلى أحجام معينة يمكنها بعد ذلك أن تقاوم المخاطر التي تتهددها في الطبيعة عندما يعاد اطلاقها مرة أخرى في السنة الأولى من عمرها.
وشارك باحثون من هيئة أبحاث البيئة والحياة الفطرية وتنميتها في شهر أغسطس 2001 مع الصندوق العالمي لصون الطبيعة في باكستان ،في إطلاق برنامج لتعقب السلاحف الخضراء بواسطة الأقمار الصناعية في باكستان، بهدف توفير معلومات أساسية عن هذه السلاحف وخصائصها البيولوجية وعاداتها في التغذية والتكاثر، مما يسهم في تحديد الوسائل التي يجب اتباعها لحمايتها وتكاثرها.
وواصل مركز أبحاث البيئة البحرية الدراسة التي بدأها منذ شهر يونيو1999 بتمويل من شركة "توتال أبو البخوش" لحماية "أبقار البحر" في مياه الدولة، والعمل على توطينها وإكثارها. ويتم تنفيذ هذه الدراسة على مرحلتين تتضمن المرحلة الأولى إجراء مسح جوي لتحديد مستوطنات أبقار البحر ونمط انتشارها في المناطق المختلفة.
ويتم في المرحلة الثانية متابعة تحركات الأبقار عن طريق الأقمار الصناعية بوضع أجهزة بث على بعض منها، وبذلك يمكن تحديد النطاق المكاني الذي تعيش فيه وأنماط حركتها في مياه الدولة، حيث سيتم في ضوء نتائج هذه الدراسة إقامة محمية بحرية في دولة الإمارات، لتوفير الحماية اللازمة للعديد من أنواع الحيوانات البحرية ومن بينها أبقار البحر المهددة بالإنقراض عالمياً. ويتضمن المشروع تدريب مواطنين من دولة الإمارات على إجراء البحوث العلمية في هذا المجال.
وأكدت دراسة أجريت في العام 1986 وجود نحو 5 آلاف من أبقار البحر في منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر، من بينها نحو ألفين في مياه دولة الإمارات، مما يضعها في المرتبة الثانية في العالم بعد استراليا من ناحية تعداد أبقار البحر التي تعيش فيها، حيث توجد في استراليا نحو 5 آلاف بقرة بحر.
وقد تم اختيار دولة الإمارات لمنصب رئاسة جماعة السلاحف البحرية لمنطقة غرب المحيط الهندي والتي تتبع للاتحاد العالمي لصون الطبيعة، وذلك تقديراً لدورها المتميز في هذا المجال. ووقعت الهيئة عقداً مع فريق نيوزيلندي في شهر يناير 2002 للقيام بمسح للمخزون السمكي والموارد البحرية في مياه دولة الإمارات عن طريق المسح الضوئي وعمليات الصيد باستعمال شبكة البحر القاعي.
وشاركت الهيئة في وضع استراتيجية في مجال الثروة السمكية مع فريق عمل يضم ممثلين لوزارتي الزراعة والثروة السمكية، والداخلية، والهيئة الاتحادية للبيئة، وجهات أخرى. وبدأت الهيئة منذ العام 2000 بتنفيذ البرنامج الخاص بتسجيل صيادي الأسماك وقوارب الصيد في إطار جهودها لحماية وتنمية مصادر الأحياء المائية بالدولة.
الفصل الثاني : المسؤولية الدولية عن الأضرار البيئة
من المبادئ العامة في القانون الدولي العام مبدأ المسئولية القانونية وهو يعني أن شخص القانون الدولي يتحمل المسئولية القانونية إذا توافر شرطان :
الشرط الأول : ( العنصر الموضوعي ) والذي يتمثل في ارتكاب الدولة فعلا غير مشروع دوليا ، والذي يعني مخالفتها لأحد الالتزامات القانونية الدولية.
الشرط الثاني : ( العنصر الشخصي ) والذي يتمثل في نسبة هذا القول إلى تلك الدولة أو احد أجهزتها الرسمية ، فإذا توافر هذان الشرطان قامت المسئولية في حق الدولة ،ويمكن مطالبتها بالتعويض في حالة تحقق الضرر على أثر ارتكاب الفعل غير المشروع دولياً .
وعلى هذا الأساس فضلنا تقسيم هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث مستقلة كالآتي :
المبحث الأول : وسنخصصه عن مفهوم المسئولية والاتجاهات المعاصرة فيها .
المبحث الثاني : ويتكلم عن التنظيم القانوني الدولي للمسئولية عن الأضرار البيئية .
المبحث الثالث : وفيه نتحدث عن حماية البيئة عن طريق العقوبات الرادعة .
المبحث الأول : الاتجاهات المعاصرة للمسؤولية الدولية
تعد المسئولية أحد المبادئ الأساسية لأي نظام قانوني سواءاً على الصعيدين الدولي أم الوطني، ويتأثر مفهومها بتطور النظام القانوني للمجتمع ،وكذلك بالتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للعلاقات بين أشخاص القانون. فما هو مفهوم المسئولية الدولية ؟ وما هي الاتجاهات التي ظهرت لمعالجة هذا الموضوع ؟
للإجابة على هذه التساؤلات فإننا نحبذ تقسيم هذا المبحث إلى المطلبين الآتيين :
المطلب الأول : مفهوم المسئولية الدولية
المطلب الثاني : الاتجاهات الحديثة للمسئولية الدولية
المطلب الأول : مفهوم المسئولية الدولية
مر مفهوم المسئولية الدولية بمراحل تطور عديدة منذ المجتمعات القديمة حتى الآن ، وقد تأثر ذلك بتلك التطورات السياسية والإجتماعية والاقتصادية التي تعرض لها المجتمع الدولي وقد شمل هذا التطور الأسس التي تقوم عليها مسئولية الدولة وشروط قيامها، وبالتالي تعرض مفهومها في حد ذاته للتطور والتعديل ،إلا أننا بالرغم من هذا التطور فإننا سنغض الطرف عن المراحل السابقة لتطور هذا المفهوم وسنقتصر على مفهومه المعاصر وذلك رغبة منا في تركيز فكر القارئ على واقعه الذي يعيشه ،دون الرجوع إلى العصور السابقة والتحقيق التاريخي فيها .
إذا اعتبرنا أن القانون الدولي المعاصر هو ذلك القانون المطبق في عصر التنظيم الدولي، والذي ظهرت أولى ملامحه مع بداية القرن العشرين، فقد حدثت عدة تطورات كان لها تأثيرها الواضح في شأن مفهوم المسئولية الدولية في ظل هذا القانون والتي يمكن بلورتها فيما يلي :
(أ) تحريم اللجوء إلى تدابير الانتقام المسلح : إن من أهم مبادئ القانون الدولي العام المعاصر هو مبدأ تحريم استخدام القوة أو اللجوء إلى الحرب أو التهديد بها من أجل تسوية المنازعات الدولية، فالأول حرم في تاريخ العلاقات الدولية تقبل الجماعة الدولية الالتزام بذلك فيما نص صريح تضمنه المادة 2/4 من ميثاق الأمم المتحدة، واستناداً إلى ذلك أصبح اللجوء إلى تدابير للانتقام المسلح عملا غير مشروع دوليا .(1)
(ب) أشخاص القانون الدولي العام : مع ظهور المنظمات الدولية في القرن العشرين ، لم تعد الدول ذات السيادة هي الكيانات الوحيدة المتمتعة بالشخصية القانونية بل أصبحت هذه المنظمات الدولية تتمتع بهذه الشخصية .
وقد عبرت عن ذلك محكمة العدل الدولية في الرأي الاستشاري الذي طلبته منها الجمعية العامة للأمم المتحدة في قضية الكونت برنادرت عام 1949 قائلة : إن هيئة الأمم المتحدة ليست دولة ، ولا تعد دولة فوق الدول، إلا أنها شخص دولي ولها بهذا الوصف الأهلية اللازمة لحفظ حقوقها برفع الدعاوى الدولية على الدول الأعضاء وغير الأعضاء في الهيئة ،وذلك للحصول على تعويض عن الأضرار التي تلحق بها أو تلحق بموظفيها . وأن منظمة الأمم المتحدة حين ترفع هذه الدعوى لا تستطيع القيام بذلك إلا إذا كان أساس دعواها المساس بحق ثابت لها .
وإستناداً إلى ما تقدم فإن أطراف المسئولية الدولية لم تعد قاصرة على الدول فقط كما كان الحال سابقا في ظل القانون الدولي التقليدي ،ولكن أصبح من الممكن أن يكون هناك أطرافا لهذه العلاقة من غير الدول هم المنظمات الدولية ،وقد أنعكس ذلك على تعريف الفقه الدولي للمسئولية الدولية فأصبحت تعني النتيجة التي يرتبها القانون الدولي في حالة ارتكاب أحد أشخاص القانون لمخالفة لأحد الالتزامات الدولية .
(ج) أساس المسئولية الدولية : أدت الاكتشافات العلمية الحديثة واستخدام البخار والكهرباء والآلات على نطاق واسع إلى تزايد المخاطر والأضرار التي قد تصيب الغير نتيجة هذه الاستخدامات ،ونظرا لجسامة هذه
ــــــــــــــــــ
(1)سعيد سالم جويلي – مواجهة الأضرار بالبيئة بين الوقاية والعلاج صـ12،جامعة الامارات،1999م
الأضرار من جهة وصعوبة إثبات وقوع الخطأ من جهة أخرى ،فقد اتجه الفقه في الدول المختلفة منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى تأسيس المسئولية على مجرد التسبب في إحداث الضرر بصرف النظر عن الخطأ أو الفعل غير المشروع ،ويعرف هذا النوع من المسئولية على أساس المخاطر أو المسئولية المطلقة. وقد دخلت هذه النظرية في كثير من التشريعات الوطنية كضرورة تتطلبها ظروف التقدم الصناعي الحديث .
وهناك بعض الممارسات في العمل الدولي المعاصر تقيم المسئولية الدولية استنادا إلى مبدأين هامين هما :
مبدأ تحريم إساءة استعمال الحق ، ومبدأ حسن الجوار، وهما مبدأين يلعبان دوراً ملحوظا في المشاكل الخاصة بالقانون الدولي للبيئة . (1)
(د)تدوين قواعد المسئولية الدولية : لا يوجد في فقه القانون الدولي موضوع أثار من الخلاف مثل ما أثارته المسئولية الدولية، فلا يوجد مجال يكتفه ما يكتنف المسئولية الدولية من غموض وإبهام من الناحية النظرية ،لذلك اتجهت الجهود إلى ضرورة تدوين قواعد المسئولية الدولية لاستقرار العلاقات السلمية بين الدول ، ولقد بدأت محاولات تدوين هذه القواعد من العشرينات من هذا القرن ،ولازالت مستمرة حتى الآن سواءاً على مستوى الهيئات العلمية الخاصة أو المنظمات الإقليمية أو عصبة الأمم المتحدة أو منظمة الأمم المتحدة إلا أنها لم تصل حتى الآن إلى اتفاق دولي عام حول هذا الموضوع .
المطلب الثاني : الاتجاهات الحديثة للمسئولية الدولية
الأسلوب التقليدي : لقد وضع القانون الدولي بصورة تقليدية قيودا قليلة على حق دولة من الدول أو حق أفراد تكون الدول مسئولة عنهم من ناحية الاشتراك في أنشطة تهدد بإلحاق الضرر بالبيئة وللدول مصلحة مشتركة في الاحتفاظ بأكبر قدر من التعقل عند استخدام الموارد الطبيعية الموجودة داخل أراضيها، وقد اعترفت هذه الدول بطريقة ضمنية بقيمة حفظ المناطق الواقعة خارج نطاق سيادتها القانونية مفتوحة كي توضع فيها نفايات المواد التي لا يمكن التدخل في شئون الدول يمكن أن تؤدي إلى أضرار غير مقبولة بالمصالح الهامة للدول ،ومن ثم تصبح مصدرا للمنازعات بين الدول ولتفادي ذلك أمكن الوصول إلى معايير محددة يمكن أن تخرق سلطة الدولة الخالصة والمطلقة . وثمة أسلوب تقليدي للسيطرة على النشاط الذي يخرق صور التلوث المرسومة هو أن يحمل الدولة التي يسبب لها هذا النشاط مسئولية أي ضرر يحدث ولكن سوءا كان النشاط في حد ذاته غير قانوني أو قد يؤدي إلى آثار قانونية هامة فإنه لا يجلب مسئولية قانونية إلا بعد أن يتم النشاط أو تظهر هذه الآثار قد يكون الهدف هو الحيلولة دون فساد البيئة ولكن لا يمكن اتهام الدولة بمسئوليتها إلا بعد أن يحدث التلوث .
ــــــــــــــــــ
(1) المرجع السابق صـ13
المسئوليات المستحدثة للمسئولية الدولية: إن إحدى المسائل المتناهية الأهمية التي برزت في مناقشات مسئولية الدولة عن التلوث من وجهة النظر التقليدية هي ما إذا كان الخطأ ضروريا قبل مساءلة الدولة عن الضرر الذي يقع خارج أراضيها أم لا ؟ وفي مقدورنا أن نعيد صياغة المشكلة حتى تتمشى مع الطريق الذي انتهجته لجنة القانون الدولي بأن نسأل ما إذا كانت التزامات الدول الأساسية التي تفرض قواعد الالتزام بعمل يتوقف على قيام الدولة أو عدم قيامها بعمل من الأعمال أو يتوقف على قواعد الالتزام بنتيجة وفي هذه الحالة تكون مشاهدة الحادث المحظور هو أساسي مسئولية الدولة . ولاحظنا أن الالتزام نتيجة ما زال يحتاج إلى بعض الربط بين سلوك الدولة المسؤولة واثر التلوث وإن الأثر يحد من أهمية الخطأ كعنصر مطلوب من أجل فرض مسئولية الدولة وبهذه الطريقة تزيد من فاعلية نظم المسئولية القانونية سواءا كوسيلة لتحديد تكاليف التغيير التكنولوجي والاقتصادي والاجتماعي وأيضا كرادع للنشاط الملوث . (1)
الإصلاح : بغض النظر عن المعيار القانوني المستخدم فإذا ثبتت المسئولية القانونية على الدولة أو أي طرف آخر وفقا لقواعد القانون الدولي فإنه يعتبر مسئولا من الناحية القانونية لتعديه حدود الحد الأدنى للتلوث على خرق القواعد القانونية الدولية فإننا نطبق القاعدة العامة التي أشارت إليها محكمة العدل الدولية الدائمة في قضية مصنع كروزو، تقول هذه القاعدة "أن أحد مبادئ القانون الدولي أن أي خرق الاتفاق يستتبعه التزام بدفع تعويض " أن واجب دفع تعويض هو قاعدة ثانوية تترتب عندما تفشل الدولة في الوفاء بالتزاماتها الأساسية ،وإذا كان القيام بعمل أو عدم القيام بهذا العمل – لا يخرق في حد ذاته القانون الدولي يظل الطرف المسؤول مطلوباً منه أن يفي بالتزامه الأساسي عن طريق القيام بعمل إيجابي الإصلاح الضرر الذي وقع (2).
منع الأضرار التي تصيب البيئة : يتطلع خبراء القانون الدولي إلى فرض مجموعة من القواعد السلوكية الاولية التي تحمل الدولة المسؤولية قبل وقوع الضرر ،وعلى خلاف الاتجاه الموجود في نظم المسؤولية القانونية التي تضع قواعد لتحديد مسؤولية الدولة على أساس نتائج العمل الذي تقوم به الدولة ،فأن هذه المعايير الجديدة تحاول أن تحدد بوضوح الخطوات الإجرائية التي ينتظر من الدول أن تتخذها للوفاء بالتزامها الأساسي ألا وهو منع الأنشطة التي تحت سيطرتها من إلحاق الضرر بالمناطق الخارجية عن نطاق ولايتها الإقليمية.
ويمكن أن نفرق بين هذه القواعد التي تحكم "كبح الضرر الذي يهدد البيئة" و"منع ضرر البيئة" حيث أن المضمون الذي سيتم تطبيقه في كل من الحالتين يختلف اختلافا بيناً ، ففي الحالة الأولى يكون التهديد ،وغالباً ما يكون نتيجة حادث غير منظور، مثل عاصفة تجعل ناقلة بترول تجنح ،وقد يطلب عملاً إيجابياً حتى من جانب من ليست لهم صلة مباشرة به، أما بالنسبة للسفينة أو للشواطئ التي قد تتلوث وذلك إذا أردنا تجنب
ــــــــــــــــــ
(1)نبيل أحمد حلمي : الحماية القانونية الدولية للبيئة من التلوث صـ116. دار النهضة العربية للطبع والنشر والتوزيع, القاهرة, 1991م.
(2)المرجع السابق صـ128.
وقوع أضرار بالغة ،أما "منع ضرر البيئة" فيشير إلى مجموعة من الالتزامات الإجرائية من جانب الدولة التي يكون النشاط قد جرى فيها بما يهدد بأن تكون له أثار ضارة للبيئة ولكن بشكل غير فوري وفي معظم الحالات تتطلب القيام بعمل قبل أن يبدأ النشاط الذي يمكن أن يهدد البيئة (1).
المبحث الثاني : التنظيم القانوني الدولي للمسؤولية عن الأضرار البيئية
يرى بعض الفقهاء صعوبة في تطبيق القواعد التقليدية الخاصة بالمسؤولية الدولية على الأضرار التي تصيب البيئة ، ويفضل هؤلاء الفقهاء اللجوء إلى وسائل إدارية أو فنية أو وسائل قانونية غير تقليدية من أجل تحقيق حماية فعالة للبيئة في ظل التطورات التي يمر بها المجتمع الدولي، وقد عبر عن هذه الحقيقة المبدأ رقم (22) من إعلان استوكلهم الخاص بالبيئة في عام 1972م ، وكذلك المبدأ رقم (13) من إعلان ريودي جانيرو عام 1992م ، وذلك بتشجيع التعاون الدولي من أجل العمل على تطوير قواعد المسؤولية الدولية عن أضرار التي تلحق البيئة .
وفي إطار التنظيم القانوني الدولي للمسؤولية عن الأضرار البيئية سنقسم هذا المبحث إلى المطلبين التاليين :
المطلب الأول : الصعوبات التي تعترض تطبيق القواعد التقليدية للمسؤولية الدولية في مجال حماية البيئة.
المطلب الثاني : إيجاد الحلول المناسبة للصعوبات السابقة . أنواع المنظمات الدولية :-
كان لانتشار المنظمات الدولية واتساع أوجه النشاط لكل منها ،وما يترتب على ذلك من تنوع أهدافها وتباين وظائفها، أن حاول فقهاء القانون الدولي تصنيف هذه المنظمات كل في وجه النظر الخاصة به حتى وصلت هذه التقسيمات إلى أنماط يصعب حصرها .
ويجدر القول بأن معايير هذ التصنيف قد اختلفت بحسب زاوية النظر إلى المنظمة وسوف نقصر عرضنا على تصنيفات ثلاث فحسب، الأول منها يقسمها من حيث نطاق العضوية ،والثاني ينظر إليها من حيث نوع السلطات ،ويقسمها الأخير وفقا للطبيعة الموضوعية للمنظمة .
ــــــــــــــــــ
(1) وائل أحمد علام ،المنظمات الدولية(النظرية العامة)،ص22-جامعة الزقايق-1994م
(2) محمد اسماعيل علي،الوجيز في المنظمات الدولية،ص 44-دار الكتاب الجامعي بالقاهرة- 1982م
(3) مصطفى أحمد فؤاد ،قانون المنظمات الدولية(دراسة تطبيقية)،ص108-دار الكتب القانونية-2003م
أولا :- تقسيم المنظمات بحسب نطاق العضوية (عالمية- إقليمية ):
يقصد بالتصنيف وفقا لنطاق العضوية عالمية أو إقليمية المنظمة، وتعني المنظمات العالمية تلك التي تسمح بالانضمام الى عضويتها كافة دول المجتمع دون ما حاجة إلى تقيد قبول الدول بشروط معينة تسمح بانضمام دول معينة دون أخرى ،أما المنظمات الإقليمية فهي المنظمات التي تضم عددا معينا من الدول تربط فيما بينهم روابط ومصالح مشتركة (1)
ثانيا :- تقسم المنظمات الدولية بحسب نوع السلطات :
(منظمات استشارية-منظمات ذات سلطات – منظمات فوق الدول)
تتمتع كل المنظمات الدولية – كقاعدة عامة – بمجموعة السلطات اللازمة لادارة عملها الداخلي والمتعلقة بالموظفين، وتمويل المنظمة ،وأساليب تسيير العمل فيها.
على أنه يمكن تقسيم المنظمات الدولية إلى خمسة أنواع وفقا لمدى تمتعها بسلطات أوسع من تلك السلطات الأولية تندرج على النحو التالي :
أ- فهناك عدد كبير من المنظمات لا يتمتع بأي سلطة حقيقية في مواجهة الدول الأعضاء ويقتصر دوره على تبادل المعلومات ونشرها وإجراء البحوث.
ب- وهناك عدد كبير آخر لا يملك سوى سلطات التعبير عن رغبات أو آراء – الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية – أو إصدار توصيات ليست لها صفة الإلزام القانوني (توصيات الجمعية العامة للأمم المتحدة )
ج- وبعض المنظمات- وهي قلة – تملك سلطة إصدار القرارات القانونية الملزمة (قرارات مجلس الأمن في أحوال تهديد الأمن ووقوع العدوان – أحكام محكمة العدل الدولية – قرارات السلطة العليا للجماعة الأوروبية للفحم والصلب).(2)
د- وبعض المنظمات الأخرى وهي قلة أيضا تتمتع بسلطات ذاتية يحل بها محل الأجهزة المختصة بالتشريع أو القضاء أو التنفيذ العسكري في الدول الأعضاء، ومثال ذلك سلطات مجلس الأمن في اتخاذ إجراءات عسكرية في حال وقوع عدوان وهي سلطات مازالت حتى اليوم نظرية أكثر منها عملية .
هـ- وهناك أخيرا منظمات أخرى وتتمتع بسلطات ذاتية تباشرها دون أن تحل محل الأجهزة المختصة في الدول الأعضاء وأهم هذه السلطات سلطة الرقابة وسلطة العمل المباشر .(3)
ــــــــــــــــــ
(1) المرجع السابق،ص108 .
(2) محمد سامي عبد الحميد،قانون المنظمات الدولية ،ص49-منشأة المعارف بالاسكندرية -2000م
(3) مفيد محمود شهاب،المنظمات الدولية،ص49-دار النهضة العربية -1999م
المطلب الثاني:دراسة تطبيقية لدور بعض المنظمات الدولية في مجال حماية البيئة.
( الأمم المتحدة UN )
انتشرت فكرة المنظمات الدولية خلال القرن العشرين بشكل كبير ،وهي تعتبر وفقا للقانون الدولي كيانا نشأ بالاتفاق بين الدول التي تمثل الأعضاء الأساسية في المنظمة الدولية .
وتختلف المنظمات الدولية وتتباين من حيث : الاختصاص والأهلية والعضوية ومثال ذلك الأمم المتحدة التي تعتبر منظمة عالمية، حيث العضوية فيها عالمية ، بينما جامعة الدول العربية أو منظمة الوحدة الأفريقية أو الجماعة الاقتصادية الأوربية فهي منظمات دولية إقليمية .
وقبل أن تمارس المنظمة الدولية نشاطها على المسرح الدولي ،لابد من الاعتراف لها بقدر من الشخصية الدولية ،وتختلف بطبيعة الحال قدر الشخصية الذي تتمتع به المنظمة الدولية, وعليه تجد أن بعض المنظمات الدولية تتمتع بمجموعة من الحقوق لا تتمتع بها منظمات أخرى, بينما نجد أن كافة الدول تتمتع بقدر واحد من الشخصية الدولية وهذا الوضع لا يتحقق بالنسبة للمنظمات الدولية.(1)
ونجد أن الجهود الدولية على المستوى الدولي للمحافظة على البيئة قد بدأ خلال وقبل الحرب العالمية الثانية, عندما قامت عصبة الأمم بالتعاون مع بعض الحكومات بإبرام اتفاقية دولية للحد من تلوث البيئة البحرية بواسطة السفن, ومع بداية الأربعينيات والخمسينيات, أبرمت عدة اتفاقيات دولية للمحافظة على الأحياء المائية والحياة البرية, لكنها لم تحظ بأية فاعلية نتيجة عدم تصديق الدول عليها، مثال ذلك الاتفاقية الدولية لتنظيم صيد الحيتان لعام 1946م.
هذا وقد اعتبرت بداية الستينيات, نقطة الانطلاق في ظهور مجموعات من الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية بشأن مواضيع البيئة, بهدف أيجاد حلول للمشاكل البيئية, من خلال القوانين المحلية والاتفاقيات الدولية التي تبين كيفية حماية البيئة والنهوض بها.
إلى جانب استخدام أساليب الإدارة البيئية والتوزيع العادل وغير الضار بالمصادر والثروات الطبيعية.
هذا الاتجاه في القوانين الوطنية أو الاتفاقيات الدولية, عرفت فيها بعد بالقوانين البيئية الدولية أو الوطنية, بالنظر لعلاقتها بمواضيع البيئة, والهدف الأساسي من إبرامها تحسين الوضع البيئي من خلال هذه القوانين.(2)
فعلى المستوى الدولي اهتمت المؤتمرات ببحث مشكلة التلوث. ففي عام 1972م عقدت مدينة أستوكهولم بالسويد مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة البشرية وتتابعت بالمؤتمرات الدولية والعالمية والإقليمية الهادفة إلى حماية
ــــــــــــــــــ
(1) علوي أمجد علي. الوجيز في القانون الدولي ص133 كلية شرطة دبي, دبي, 1999م
(2) بدرية عبدالله العوضي. دور المنظمات الدولية في تطوير القانون الدولي البيئي ص49،بحث منشور في مجلة الحقوق الكويتية،كلية الحقوق،السنة التاسعة-العدد الثاني-1985م
البيئة من أخطار التلوث, بل والى تربية الناس تربية من شأنها الحفاظ على البيئة التي يعيشون فيها، مثال ذلك المؤتمر الدولي للتربية البيئية الذي عقد عام 1977م بمدينة يبليس بالاتحاد السوفيتي المنهار.
كما أقيمت الهيئات والأجهزة الدولية المكرسة لحماية البيئة, وعلى رأسها برنامج الأمم المتحدة للبيئة الذي أقيم في أعقاب مؤتمر أستوكهولم كأداة للأمم المتحدة في مجال النهوض بالتعاون الدولي لحماية البيئة, ومنها الأقسام والفروع التي خصصتها كثير من المنظمات الدولية للعناية بالبيئة, وتعمل هذه الأجهزة على أجراء البحوث ورصد الملوثات, وتبادل الخبرات والمعلومات, وتنسيق الخطط والمشروعات, وإعداد التوصيات والاتفاقيات المتعلقة بحماية البيئة حتى في المناطق الغير الخاضعة لسيادة أي دولة من الدول كأعالي البحار والمناطق القطبية.(1)
تتعاون الأمم المتحدة مع الكثير من المنظمات الأخرى في مجال حماية البيئة ففي عام 1993م أنشئت منظمة الصليب الأخضر الدولي في جنيف لتعمل بالتعاون مع الأمم المتحدة على حماية البيئة من الكوارث والملوثات, وكان أول رئيس لها هو ميخائيل جوربا تشوف رئيس الاتحاد السوفيتي الأخير.
مؤتمر قمة الأرض:.في النصف الأول من شهر يونيو عام 1992م وفي مدينة ريوديجانيرو بالبرازيل أنعقد مؤتمر "البيئة والتنمية" الذي أشتهر بمؤتمر قمة الأرض ،وهو أكبر اجتماع عالمي في التاريخ, حيث ضم ممثلي 178 دولة, وحضره أكثر من مائه من رؤساء الدول والحكومات, وأستهدف حماية كوكب الأرض وموارده ومناخه, ووضع سياسة للنمو العالمي والقضاء على الفقر مع المحافظة على البيئة.
وقد بدأ المؤتمر بدقيقتي صمت إحتراما لمتاعب الكوكب المريض, ثم ألقى الأمين العام للأمم المتحدة كلمة افتتاح المؤتمر، أكد فيها أن الأرض مريضة بالتخلف والتقدم معا, وأن الدول الأغنى تتحمل النصيب الأكبر من مسؤولية تلويث الأرض, وأن الجميع معنيون, أهل الشمال الغني وأهل الجنوب الفقير, لأن الأرض بيتهم المشترك، وأضاف أن التنمية يجب أن لا تتم على حساب البيئة. وأن إنقاذ الأرض من أجل الأجيال المقبلة يستلزم جهدا دوليا موحدا ،وتعاونا عالميا منسقا بين جميع أبناء الجنس البشري.(2)
وأصدر المؤتمر في ختام أعماله "إعلان ريو" الذي تبنته كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة, وتضم 27 مبدأ يجب الاستناد إليها في إدارة الكرة الأرضية باعتبارها "دار الإنسانية " من أجل الحفاظ على البيئة في عملية التنمية, ومن أهم هذه المبادئ المبدأ الثاني الذي يوجب على الدول " أن تضمن الا تخلق أنشطتها أضرار بيئية لدول أخرى" والمبدأ الثامن الذي يوجب على الدول أن تتخلى عن وسائل الإنتاج والاستهلاك التي تتعارض مع تحقيق نمو دائم ورفع مستوى معيشة جميع الشعوب.
ــــــــــــــــــ
(1) ماجد راغب الحلو – قانون حماية البيئة – ص 20، المكتبة القانونية لدار المطبوعات الجامعية, الإسكندرية, 1999م
(2)نفس المرجع السابق.ص19.
والمبدأ رقم (16) الذي يقضي بأنه "يتعين على الهياكل الإدارية الوطنية أن تناضل من أجل تدويل التكاليف البيئية، وإجبار المتسببين في التلوث على الدفع". والمبدأ رقم (25) الذي يقضي بأن" السلام والتنمية وحماية البيئة هي مسائل متداخلة