تحزم عديد العائلات البسكرية أمتعتها للهجرة نحو الشمال بمجرد غلق المؤسسات التعليمية لأبوابها وانتهاء امتحانات نهاية السنة الدراسية ، حيث أن البقاء في هذه المنطقة في هذه الأيام أمر صعب ومستحيل بفعل الحرارة الشديدة التي تحول ''عروس الزيبان'' إلى مدينة ميتة تدفع قاطنيها إلى البحث عن زرقة البحر، أما من أجبرته الظروف على البقاء فسيجد نفسه في مواجهة مشاكل انقطاع الكهرباء و الماء و انعدام وسائل الترفيه.
تعتبر فترة الصيف من أصعب المراحل التي يجتازها مواطني الجنوب الذين تنتابهم الحيرة و القلق بمجرد اقتراب هذا الموعد، الذي يستقبلوه بالاشمئزاز والتشاؤم نظرا لأنه يحمل معه الحرارة الشديدة التي تصل إلى حدود 50 درجة، والروتين القاتل الذي يزداد وقعه بفعل انعدام وسائل الترفيه والاستجمام، وهو ما يجبر العديد من العائلات إلى التفكير في الهجرة بحثا على نسمات منعشة، حيث تلجأ بعض الأسر التي لها ارتباط بمناطق الأوراس إلى كراء مساكن بنواحي بلديات باتنة وخنشلة، ليفضل موظفيها الغدو والرواح شبه اليومي ، لأن المهم بالنسبة لهم أن ينعم بقية أفراد العائلة وخاصة كبار السن و الأطفال بالنسيم العليل، كما هو الحال بالنسبة للسيد محمد الذي يؤكد انه يفضل قطع المسافة يوميا من ''تكوت'' إلى ''بسكرة'' من اجل الظفر بنومة هادئة بعيدا عن مشكل انقطاع الكهرباء والناموس، في حين يتجه البعض إلى مدن الشمال القسنطيني، فيما تفضل عائلات أخرى الذهاب إلى المدن الساحلية ولو لبضعة أيام حيث عادة ما تكون قبلتهم مدينة جيجل أو القالة أو القل ، في حين حالت الظروف دون التوجه إلى تونس للعائلات التي تعودت على ذلك مثلما أكده لنا السيد عبد الكريم الذي تحسر لما يقع للجارة تونس مشيرا انه تعود كل صيف على قضاء نحو 20 يوما هنالك، إلا أن تخوفه من الجانب الأمني ادخله في حيرة و لم يعد قادرا على تحديد وجهته، و التي قد تكون في نهاية المطاف إحدى المدن الساحلية من اجل أولاده الذين تعلقوا بالبحر وتعودوا عليه كل صيف. أما عن شباب المنطقة فبالتأكيد لن يفوت فرصة الاستمتاع بالبحر مهما كانت الظروف، حيث عادة ما يتوجهون إلى هذه الأماكن في مجموعات وتكون القبلة بجاية وعنابة ووهران، مثلما يجمع عليه توفيق وسمير اللذان وصفا البقاء في بسكرة بالجحيم. وإذا كان هذا حال من سمحت له ظروفه المادية بهجرة منطقة بسكرة، فان من أرغم على المكوث فيها سيكتفي بمشاهدة الأفلام التركية أو التسوق في محلات زقاق بن رمضان والبخاري بالنسبة للنسوة، في حين يتوجه الرجال إلى المقاهي خاصة الشعبية التي تقع وسط المدينة أو في الأسواق اليومية، كما أنه لرد الحرعادة ما يلجا المواطن البسكري إلى الاستعانة ببعض الألبسة التقليدية ''كالقندورة '' التي عادة ما تكون بيضاء اللون حتى ترد أشعة الشمس، ومع حلول وقت القيلولة يخلد الجميع إلى النوم لساعات طويلة مع التمني بأن لا ينقطع التيار الكهربائي الذي يحرمهم من خدمات المكيفات الكهربائية.